يطلق لقب مشكلة جنسية أو العجز الجنسي، في حالة وجود أي خلل يشوب العلاقة بين الشريكين في أي مرحلة من مراحل دورة الاستجابة الجنسية (بالإنجليزية: Sexual Response Cycle)، والتي تعوق أحد أو كلا الشريكين من الشعور بالرضا عن النشاط الجنسي. تتكزن دورة الاستجابة الجنسية من 4 مراحل هي: الإثارة، والذروة، والنشوة، والانصراف.
تقدر بعض الدراسات بأن المشاكل الجنسية تصيب نحو %50 من النساء، ولكنَّها تصبح أكثر شيوعاً مع تقدم النساء في العمر. ويمكن أن يشمل خللُ الوظيفة الجنسيَّة فقدانَ الرغبة، وفقدان التهيُّج، ومشاكل النَّشوة الجنسيَّة، والألم أثناء ممارسة الجنس.
وللتعرُّف إلى الأسباب الكامنة وراء العجز الجنسي أو خلل الوظيفة الجنسيَّة، تنصح هذه الدراسات بالتفكير بكلّ من العوامل الجسدية والنفسية، بما في ذلك علاقةُ المرأة مع زوجها.
فقدان الرغبة
يصيب فقدانُ الرغبة، أو غياب الدَّافع الجنسي – حسب الأطباء - بعضَ النساء في أوقاتٍ معيَّنة من الحياة (مثل الحمل أو أوقات الشدَّة). لكنَّ بعضهن يعانين من ذلك في جميع الأوقات.
ويمكن أن يكونَ لفقدان الدَّافع الجنسي مجموعةٌ من الأسباب الجسدية أو النفسية، بما في ذلك:
- مرضُ السكَّري.
- الاكتئاب.
- مشاكل العلاقة الزوجيَّة.
- اضطرابات الهرمونات.
- تعاطي الكحول والمخدِّرات.
- التعب والإرهاق.
- التجربة الجنسيَّة المؤلمة سابقاً.
كما قد ينخفض الدافعُ الجنسي إذا كانت المستوياتُ الطبيعيَّة لهرمون التِّستوستيرون عندَ المرأة منخفضة؛ حيث يجري إنتاجُ هرمون التستوستيرون في المبيض والغدَّتين الكظريتين، ولذلك يمكن أن تنقصَ مستوياته بعدَ استئصال هذه الأعضاء أو بسبب عدم قيامها بعملها بشكلٍ صحيح.
ويمكن أن تساعدَ المعالجةُ النفسية المرأةَ على التغلُّب على مشاكل النَّشوة الجنسيَّة، وهي تقوم على استكشاف مشاعرها حولَ الجنس وعلاقتها الزوجيَّة، فضلاً عن استكشاف جسمها.
للمزيد: الجماع والاستجابات الجنسية
مشاكلُ النَّشوة الجنسيَّة
قسم أطباء الاختصاص هذه المشاكل إلى نوعين: أوَّلية (عندما لا تكون المرأةُ قد سبق أن شعرت بهزَّة الجِماع من قبل)، وثانوية (عندما يكون قد سبق للمرأةُ الشعور بالنشوة الجنسيَّة في الماضي، ولكن لا تشعر بها الآن). ولا تحتاج بعضُ النِّساء إلى الحصول على النَّشوة الجنسية للاستمتاع بالجنس، ولكنَّ عدمَ القدرة على الوصول إلى هِزَّة الجماع يمكن أن يكونَ مشكلةً بالنسبة لبعض النساء وأزواجهن.
ويمكن أن تشتملَ الأسبابُ التي تمنع المرأةَ من الشعور بالنَّشوة الجنسيَّة على الآتي:
- الخوف.
- نقص المعرفة عن الجنس.
- عدم القدرة على التفاعل بحرِّية مع الزوج.
- نقص التَّحفيز بما فيه الكفاية من قبل الزَّوج.
- مشاكل العلاقة الزوجيَّة.
- اضطرابات المزاج (مثل الاكتئاب).
- التجارب الجنسيَّة المؤلمة السابقة.
ويجري البحث حالياً عن بعض الحالات الطبِّية التي تؤثِّر في الإمداد الدموي والعصبي للبظر، لمعرفة ما إذا كان ذلك يؤثِّر في النَّشوة الجنسيَّة.
ويمكن أن تساعدَ المعالجةُ النفسية المرأةَ على التغلُّب على مشاكل النَّشوة الجنسيَّة، وهي تقوم على استكشاف مشاعرها حولَ الجنس وعلاقتها الزوجيَّة، فضلاً عن استكشاف جسمها.
ألم الجماع
يعتبر الأطباء الألم في أثناء ممارسة الجنس (أو ما يُسمَّى عسرَ الجِماع)، أمراً شائعاً بعدَ انقطاع الطمث (سن اليأس)، وانخفاض مستويات هرمون الإستروجين وجفاف المهبل؛ حيث يمكن أن يؤثِّرَ ذلك في رغبة المرأة بممارسة الجنس، ولكن هناك كريمات (رُهَيمات) قد تفيد، ويُسأل عنها الطبيبُ أو الصيدلاني.
ويحدثُ تَشنُّجُ المَهبِل (بالإنجليزية: Vaginismus)، عندما تُظهِر العَضلاتُ حولَه شدَّاً أو توتُّراً لاإرادياً بمجرَّد محاولة الإيلاج (خلال الجِماع) أو دخول شيء فيه (الإصبع). ويجعل تَشنُّجُ المَهبِل الجماعَ صعباً أو مُتعذِّراً (يمكن أن ينغلقَ المهبلُ تَماماً)، وقد يكون مؤلماً. ولكن، قد تختلفَ الأعراضُ من إمرأةٍ إلى أخرى.
وقد يكون تَشنُّجُ المَهبِل – حسب هؤلاء الأطباء- ناجماً عن صورةٍ خاطئة أو مؤلمة عن الجنس، أو عن رض مهبلي (الوِلادة، بَضع الفَرج)، أو مشاكل العلاقة الزوجيَّة، أو الخوف من الحمل، أو حالات مؤلمة في المهبل والمنطقة المحيطة به.
ويعدُّ تَشنُّجُ المَهبِل حالةً قابلة للمعالجة تماماً؛ فإذا كان السَّببُ نفسياً، يمكن معالجتُه بالمداواة الجنسيَّة، حيث تُجري مساعدةُ المريضة على التغلُّب شيئاً فشيئاً على المشكلة باللجوء إلى وسائِل التَّدريب المهبلي وتقنيَّات الاسترخاء. كما يمكن أن تحتاجَ المريضةُ إلى النُّصح أو المعالجة السُّلوكيَّة المعرفيَّة عندَ الضَّرورَة.
وتَقوم مُعالجةُ تَشنُّج المَهبِل على تحديد السَّبب؛ فإذا وُجِد سَبَبٌ عضوي واضِح، مثل الإصابات والرُّضوض أو العدوى، يمكن معالجةُ هذا السَّبب بالطريقة المناسبَة.
وإذا لم يكن السَّببُ واضحاً كثيراً، ينصح الأطباء بتدريب المريضةُ على بعض طرائق المساعدة الذَّاتية في مُحاولةٍ لحلِّ المشكلة، حيث يحيل الطبيبُ العام المريضةَ إلى الشخص المؤهَّل في الصحَّة الجنسيَّة، والذي يُدرِّب المريضَة على بعض التقنيَّات التي تُعيد إلى المهبل استجابتَه الطبيعيَّة تجاه الإيلاج، فضلاً عن النُّصح أو المعالجة السُّلوكيَّة المعرفيَّة عندَ الضَّرورَة، حيث تُقدَّم للمَريضة مَشورة حولَ التكيُّف مع المسائل النفسيَّة الخفيَّة (مثل الخوف أو القلق)، كما أنَّ المعالجةَ السُّلوكيَّة المعرفيَّة تسعى إلى تغيير أيَّة معتقدات غير منطقيَّة أو غير صائبة حولَ الجنس (تثقيف جنسي)، وقد يُشمَل الزَّوجُ بهذه المعالجات حسب الضَّرورة.
وسائلُ التَّدريب المهبلي
تَقومُ هذه الوَسائلُ –حسب أطباء الاختصاص- بهدف إرخاءِ عَضلات المهبل، على استعمال مَجموعةٍ من الأدوات، وهي أربعةُ مَخاريط ملساء بحجم ملائم، ذات حجم مُتَدرِّج في الزيادة والطُّول، يمكن استعمالُها في المنزل لضمان الخُصوصيَّة.
يُدخَل أصغرُها أوَّلاً، باستعمال مُزلِّق عندَ الضَّرورة؛ وعندما تشعر المريضةُ بالارتياح بعد استعمال أصغر المخاريط، يمكنها الانتقال إلى المقاس الثَّانِي، وهكذا (وهي الطَّريقةُ نفسها التي تُستعمَل في حالات تَضيُّق المريء بعد تعرُّضه للحروق بمواد كيميائيَّة). وقد يستغرق الأمرُ فترةً تختلف من حالةٍ إلى أخرى، ما بين أيَّام إلى شُهور.
وبعد أن تُصبحَ المرأةُ قادرةً على تَحمُّل أكبر المخاريط من دون الشُّعور بالقلق أو بأيِّ ألم، يمكنها أن تُحاولَ تجربةَ الجماع مع زوجها.
وينبه هؤلاء الأطباء إلى ضرورة ملاحظةُ أنَّه في حالاتِ تَشنُّج المهبل، لا تستطيع المخاريطُ المهبليَّة تمديدَ أو توسيع المهبل المُصاب بتَضيُّقٍ شَديد؛ فالنساءُ المُصابات بتَشنُّج المهبل لديهن مهبلٌ طبيعي الحجم، ويقتصر دورُ المخاريط ببساطة على تدريب المهبل على تَقبُّل الإيلاج من دون تقلُّص تلقائي لعضلات قاع الحوض.
الاستِرخاء والمداعبة
إذا لم تكن طَريقةُ المخاريط مُناسبةً أو مقبولة للمرأة، يمكن أن تَستفيدَ الزوجة من تمارين الاستِرخاء، والاستِقصاء، أو الاستِكشاف والمداعبة.
ويعدُّ الحمَّام والمسَّاج (التَّمسيد)وتمارين التنفُّس طرقاً جيِّدة لتدريب الجسم. ويمكن أن يُدرِّبَ المعالِجُ المريضةَ على طريقة تُدعى الاسترخاء المتدرِّج (بالإنجليزية: Progressive Relaxation)، حيث تقوم هذه الطريقةُ على توتير وإرخاء مختلف العضلات في الجسم بترتيبٍ خاص، ثمَّ تمارس المريضةُ التَّوتيرَ والارتخاء على عضلات قاع الحوض قبلَ أن تجرِّبَ إدخال إصبعها أو مخروطاً في المهبل.
لكن، من المهمِّ أن تكون المريضةُ مُتَريِّثةً ولطيفة في هذه المحاولات، وأن تبلغَ مُنتَهى الإثارة الجنسيَّة عندما تجرِّب الجماعَ والإيلاج.
ولتحديد سَبب خلل الوظيفة الجنسيَّة، يمكن أن يطرحَ الطبيب، أو المعالِج أسئلةً حول التاريخ الطبِّيالجنسي والاجتماعي للمرأة. كما قد يطلب إجراءَ بعض الاختبارات لمعرفة الحالات الطبِّية الكامنة وراء هذه المشكلة.
وإذا كانت المشكلةُ مرتبطةً بنقص الهرمونات (مثل هرمون التِّستوستيرون أو هرمون الإستروجين)، يمكن علاجُ الحالة بالهرمونات المعيضَة. للمزيد: نقص هرمون الإستروجين
كما أنَّ معالجةَ الحالات الأخرى، مثل مرض السكَّري أو الاكتئاب، يمكن أن تؤدِّي إلى تخفيف أعراض خلل الوظيفة الجنسية أيضاً.
يمكن أن يفيدَ العِلاجُ الجنسي في كثيرٍ من حالات خلل الوظيفة الجنسية، ولذلك، يُفضَّل التحدُّثُ مع الزوج عن المشكلة، ومراجعة الطبيب المعالج معاً إن أمكن. ولا مبرّر للشعور بالحرج؛ فالكثيرُ من الناس يعاني من مشاكل جنسيَّة، وهناك طرق للحصول على المساعدة فيها.