أجرى العلماء أبحاث عديدة لمعرفة هل يوجد علاقة بين حمض اليوريك ومرض باركنسون، وأكدت نتائج تلك الأبحاث وجود علاقة بينهما، فما هي تلك العلاقة؟
هذا ما سنستعرضه في السطور القادمة.
ما هو مرض باركنسون (بالإنجليزية: Parkinson s disease) ؟
مرض باركنسون هو اضطراب حركي يصيب الجهاز العصبي، وتبدأ أعراضه تدريجياً ثم تسوء بمرور الوقت، يتحكم جسم الإنسان في حركات العضلات الملساء من خلال مادة تسمى الدوبامين (بالإنجليزية Dopamine).
في حالة مرض باركنسون يحدث تلف لتلك المنطقة فيقل إفراز الدوبابين، وتبدأ أعراض مرض باركنسون في الظهور برعشة خفيفة في أحدى اليدين وشعور بتصلب في الجسم، وبمرور الوقت تتطور الأعراض وقد يصاب بعض المرضى بالخرف.
ما هو حمض اليوريك (بالإنجليزية: Uric acid)؟
حمض اليوريك هو مادة موجودة في الدم، ويعرف أيضاً بحمض البوليك، ينتج من تكسير مواد كيميائية تسمي البيورينات (بالإنجليزية: Purines) التي تعد أحد نواتج هضم البروتينات، يسير حمض اليوريك في الدم حتى يصل إلى الكلى فيتخلص الجسم منه عن طريق البول.
عند تراكم حمض اليوريك في الدم يمكن أن تتكون بلورات منه في المفاصل، فينتج ما يعرف بمرض النقرس، ويمكن أن تتراكم بلورات حمض اليوريك أيضاً في الكلى، فتنتج حصوات الكلى من نوع اليورات، قد يؤدي ارتفاع مستويات حمض اليوريك إذا لم يعالج إلى تلف دائم في العظام والمفاصل والأنسجة، وأمراض الكلى وأمراض القلب.
العلاقة بين حمض اليوريك ومرض باركنسون
هناك أدلة تدعم أن الإجهاد التأكسدي يزداد في مرض باركنسون، ويساهم في تدهور الخلايا العصبية التي تنتج الدوبامين، حمض اليوريك هو مضاد أكسدة طبيعي موجود في الدم وأنسجة المخ، بالتالي يقاوم حمض اليوريك الجذور الحرة عند مرضى باركنسون، وترتبط أيضاً المستويات المنخفضة من حمض اليوريك بزيادة خطر الإصابة بمرض باركنسون، من هنا تأتي العلاقة بين حمض اليوريك ومرض باركنسون.
دراسات عن العلاقة بين حمض اليوريك ومرض باركنسون
سنعرض فيما يلي مجموعة من الدراسات التي أجراها العلماء للكشف عن مدى وجود العلاقة بين حمض اليوريك ومرض باركنسون:
في عام 2007 استخدم العلماء (Alonso et al.) أبحاث الممارسة العامة لتحديد العلاقة بين حمض اليوريك ومرض باركنسون، واختاروا 1052 حالة من مرضى باركنسون و6634 من الأصحاء، فووجدوا أن المرضى الذين شخصوا مسبقاً بمرض النقرس لديهم انخفاض بنسبة 30 في المائة في الإصابة بمرض باركنسون، وظهر هذا أكثر عند الرجال من النساء.
ظهرت نتائج مماثلة بعد عام تقريباً فيما يخص العلاقة بين حمض اليوريك ومرض باركنسون في دراسة أخرى باستخدام قاعدة بيانات كولومبيا البريطانية الصحية وبيانات من PharmaCare، اختير 11258 مريضاً بالنقرس و56199 شخصاً سليماً، وقدروا الخطر النسبي للإصابة بمرض باركنسون بين مرضى النقرس، فوجدوا انخفاضاً بنسبة 30 في المائة في خطر الإصابة بمرض باركنسون بين الأفراد المصابين بالنقرس، كذلك كان هذا الانخفاض في معدل الإصابة بمرض باركنسون موجوداً عند كل من الرجال والنساء.
فحص العلماء (Gao et al) في عام 2007 أيضاً العلاقة بين الأنظمة الغذائية التي تحتوي على نسبة عالية من اليورات ونسبة حدوث مرض باركنسون، اختار العلماء 47406 رجلاً من دراسة خبراء الصحة، وبدأوا حساب مؤشر اليورات الغذائي لجميع المشاركين، وتابعوا المشاركين لمدة 14 عاماً، فكانت النتيجة هي إصابة 248 حالة بمرض باركنسون، ووجدوا أن ارتفاع مؤشر اليورات الغذائي كان مرتبطاً بانخفاض خطر الإصابة بمرض باركنسون.
لوحظ أيضاً انخفاض أكبر من الضعف في خطر الإصابة بمرض باركنسون بين أعلى وأدنى مستويات من اليورات التي تحتويها الأطعمة التي تناولها الأشخاص في أثناء الدراسة، وهذا يؤكد العلاقة بين حمض اليوريك ومرض باركنسون.
في دراسة أخرى أجراها مجموعة من العلماء في قسم طب الأعصاب جامعة كابوديستان في أثينا باليونان على 43 مصاباً بمرض باركنسون و47 شخصاً من الأصحاء، قيست مستويات حمض اليوريك في المجموعتين ثم مقارنتها بحدة الأعراض وتأثيرها على مدة المرض والعلاج. فكانت النتائج هي انخفاض في مستويات حمض اليوريك في دم مجموعة مرضى الباركنسون مقارنة بمجموعة الأشخاص الأصحاء، وأنه كلما زاد تركيز الحمض في الدم قل احتمال التعرض للإصابة بمرض باركنسون، كذلك كانت هناك علاقة عكسية بين مستويات حمض اليوريك في الدم وحدة الأعراض وكذلك الجرعة اليومية من دواء ليفودوبا المستخدم لعلاج باركنسون.
اقرأ أيضاً: وسائل قد تساعد في علاج مرض باركنسون
في الأربعاء 13 يناير عام 2016 في مجلة (HealthDay News)، أشارت دراسة جديدة إلى وجود العلاقة بين حمض اليوريك ومرض باركنسون، إذ نصت الدراسة على أن الرجال الذين لديهم مستويات عالية من حمض اليوريك في الدم هم أقل عرضة للإصابة بمرض باركنسون.
قارن الباحثون في هذه الدراسة حوالي 400 شخص من المصابين بمرض باركنسون وأكثر من 1200 شخص من الأصحاء. وكان الرجال الذين لديهم أعلى مستويات من حمض اليوريك أقل عرضة بنسبة 40 في المائة للإصابة بمرض باركنسون من أولئك الذين لديهم أدنى مستويات وفقاً للدراسة التي نشرت على الإنترنت في 13 يناير / كانون الثاني في مجلة (Neurology).
قالت الدكتور شيانغ جاو التي أجرت الدراسة من جامعة ولاية بنسلفانيا في بيان صحفي من الأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب أن اليورات يمكن أن تحمي من الإصابة بمرض باركنسون أو تبطئ من تقدم المرض في مراحله المبكرة، وهذا يؤكد العلاقة بين حمض اليوريك ومرض باركنسون.
اقرأ أيضاً: عن حصى الكلى.. أسبابها سلوكية
كل هذه الدراسات توضح العلاقة بين حمض اليوريك ومرض باركنسون، والخلاصة هي أن الأبحاث الحديثة تدعم وجود علاقة عكسية بين مستويات حمض اليوريك في الدم واحتمالية الإصابة بمرض باركنسون خاصة عند الرجال.
هناك أيضاً دليل يدعم العلاقة بين ارتفاع نسبة اليورات الغذائية وانخفاض معدل الإصابة بالمرض أيضاً، هذه العلاقة بين حمض اليوريك ومرض باركنسون قد تمكن الأطباء من التحكم في نسبة حدوث المرض وتطوره من خلال اتباع أنظمة غذائية عالية اليورات.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من المخاطر المرتبطة بارتفاع مستويات حمض اليوريك في الدم نتيجة لتناول الأطعمة التي تحتوي على كميات عالية من اليورات، ومن هذه المخاطر النقرس، والسكتة الدماغية، وارتفاع ضغط الدم.