عندما يتعرض شخص ما لجهد فيزيائي ثابت أو متزايد، يدرك أنه يتنفس، وأن شدة التمرين اللازمة لإثارة شعوره هذا تعتمد على لياقته البدنية، وإذا ازداد مقدار الجهد المقدم أكثر من ذلك فإن إدراكه لتنفسه يزداد ويصبح أكثر ازعاجاً. وعند التوقف عن التمرين فإن هذا الشعور الذي ينتاب الأشخاص سرعان ما يختفي.
والأشخاص الطبيعيون يصفون هذا الشعور بعد جهد فيزيائي بأنه قصر بالنفس، وليس زلة تنفسية، لذلك فتعبير زلة تنفسية يدل على أن الإدراك والشعور بالتنفس لا يتناسب مع المرض، أو المنبه له، وأن الشعور مزعج وغير مريح. ويصفون هذا الشعور المزعج بانقطاع النفس أو احساس بالضيق أو احساس بالاختناق، أو عدم القدرة على أخذ نفس عميق. أو بتعبير آخر عدم القدرة على أخذ هواء كافي. لذلك من الصعب وضع تعريف دقيق لعبارة الزلة التنفسية، فأخذ قصة مرضية مفصلة مهم في إزالة كل الملابسات حول هذا المرض المحير.
اسباب الزلة التنفسية
الزلة التنفسية أو صعوبة التنفس أو ضيق التنفس هي حالة خطرة بعض الأحيان تنجم عن أحد الأسباب المتعددة التالية:
- انسداد المجاري الهوائية عبر القصبات كما يحدث في كثير من الحوادث الرضية، أو دخول الدم أو القيء في المجاري الهوائية، أو وجود جسم غريب في الحنجرة أو في المجاري الهوائية.
- صعوبة امتصاص الغازات عبر جدران الحويصلات الهوائية في الرئتين، كما يحدث في حالات الربو أو في الارتكاسات التحسسية الأخرى.
- انخماص الرئة وفقدانها القدرة على التمدد.
- فقدان الأكياس الهوائية مرونتها وعدم استجابتها لحركات التنفس الطبيعية (الانتفاخ الرئوي).
- القصور القلبي يسبب أحياناً امتلاء الرئتين بالسوائل.
قد يخاف المريض من الزلة التنفسية التي تحدث بشكل مفاجئ فيجهد نفسه من أجل التنفس، وعلىضابط الإسعاف في مثل هذه الحال أن يتواصل مع المريض بطريقة ما لتوضيح الأمر له وتهدئته. وقد يكون الاسترخاء والتهدئة عند بعض المصابين بالزلة هو كل ما يحتاجونه.
يمكن التدخل بشكل ملائم في مثل هذه الحالات باتباع الخطوات التالية:
- التأكد من خلو المجاري الهوائية من الدم، القيء، أو المواد الغريبة.
- تثبيت لسان المريض الغائب عن الوعي حتى لا يؤدي إلى انسداد المجرى الهوائي.
- إمداد المريض بالأوكسجين باستعمال القناع.
- مساعدة المريض لاتخاذ وضعية ملائمة للتنفس وأفضلها نصف الجلوس.
- الانتباه لحدوث القيء.
- تحري الأسباب التي تسبب الزلة التنفسية كالربو، أو الأزمة القلبية، أو الألم الصدري، أو الرضوض.
ما هي الارتكاسات التحسسية؟
يمكن أن تعرف أيضاً بالصدمة التحسسية بفرط الحساسية لدى بعض الناس لمواد يستنشقونها أو يبتعلونها أو نتيجة الحقن أو لحالات فيزيائية معينة. في بعض الأحيان قد تحدث الارتكاسات التحسسية للسع الحشرات أو لبعض الأطعمة بشكل شديد جداً ومفاجئ وهي ما تدعى بالصدمة التحسسية. وأكثر الارتكاسات التحسسية شيوعاً هو الربو والمعروف بالأزمة.
الربو وضيق التنفس
يعد الربو أو الأزمة حالة مرضية تسبب تشنج القصبات الصغيرة للرئتين، وتحدث أزمة الربو نتيجة لارتكاس تحسسي للأطعمة، أو الأدوية، أو حبوب الطلع أو الغبار. قد تسبب بعض أشكال العدوى استجابة تحسسية في القصبات خاصة عند الأطفال، وقد تحدث عند البالغين أيضاً. يتحرك الهواء في الحالة الطبيعية من الشعيرة القصبية والحويصلات الهوائية وإليها، إلا أنه في أثناء أزمة الربو تتشنج القصبات والقصيبات الصغيرة وتتقلص ولا تسمح بمرور الهواء بسهولة، خاصةً أثناء الزفير، فبينما يمكن للهواء أن يدخل إلى الرئتين دونما صعوبة يلاقي خروجه صعوبة قد تضطر المريض إلى أن يدفع الهواء دفعاً ليخرج من رئتيه ومتابعة التنفس.
مثل هذا الاجهاد مع كل نفسيتعب المريض خاصة أنه لا يجدي كثيراً فيتراكم الهواء المتبقي في الحويصلات الهوائية ويمنع المريض من استنشاق الهواء بشكل كامل فيعاني بالتالي من نقص الأوكسجين. وغالباً ما يعاني المريض المصاب بأزمة الربو من الخوفالشديد بسبب تعطشه للهواء، إذ أنه من المرعب أن نعاني شعوراً بالاختناق دون أن نعلم متى سيتراجع وما إذا كان سيصبح أسوأ أم لا.
للمزيد: علاج الربو في خمس دقائق
أعراض الربو
تشمل أعراض الربو كلاً ممّا يلي:
- صعوبة التنفس خاصة عند الزفير، مما يؤدي إلى فرط انتفاخ الرئتين.
- انحزاز الصفيرية خلال الزفير.
- السعال، وغالباً هجمات السعال الطويلة.
- التوتر والقلق.
معالجة أزمة الربو
تختلف معالجة أزمة الربو الحادة بين مريض وآخر، وفي غالب الأحيان يصرح المريض بالأشياء التي تريحه من الهجمة. بعض الطرق الأساسية التي يمكن مساعدة المريض بها في أثناء نقله إلى قسم الإسعاف:
- أن يكون المريض في وضع الجلوس أو نصف الجلوس أو كما يرتاح، أما وضع الكب (الوجه إلى الأسفل) فإنه يسيء إلى التنفس الطبيعي وبشكل خاص لمريض الربو.
- مساعدته على تناول أي من الأدوية التي أعطيت له من قبل.
- تأمين الأوكسجين في حالات الزرقة.
- تهدئة المريض وتشجيعه.
يتناول كثير من المصابين بالربو أدوية موصوفة من قبل أطبائهم، يؤخذ بعضها بشكل منتظم ويؤخذ بعضها الآخر عند النوبة الحادة. من الأدوية التي يعتاد المصابون بالربو استعمالها البخاخات، التي تعتمد على رش المادة الدوائية بشكل رذاذ ليدخل مباشرة إلى الأنابيب القصبية. قد يتناول المصاب بالربو حبوباً وشرابات أو تحاميل شرجية ويجب أن نسمح له بتناول الأدوية الموصوفة له.
عند إعطاء الأوكسجين للمريض الربوي يجب مراقبته عن كثب خاصة إذا كان يعاني من الانتفاخ الرئوي، إذ قد تسوء حالة بعض المرضى عند إعطائهم الأوكسجين، وعادة يعلم المريض أنه مصاب بالانتفاخ كما يعلم أن كان سيستفيد من الأوكسجين أم لا.
يساعد تناول الماء أو غيره من السوائل على تخفيف أزمة الربو وذلك بتمييع الإفرازات القصبية، لذلك يجب أن نشجع المريض على تناول السوائل بقدر استطاعته ودون إسراع لتجنب حدوث القيء الذي يزيد من صعوبة التنفس. يسيء الخوف والقلق إلى الحالة العامة للمريض، ويمكن التخفيف من القلق بتهدئة المريض وتأمين الوضعية المريحة له لما لذلك من الأهمية القصوى لمريض يكافح من أجل الحصول على الهواء.
يجب أن ننقل المريض المصاب بأزمة الربو إلى مركز إسعافي حيث يعطى له مزيد من العلاجات.
الانتفاخ الرئوي وضيق التنفس
انتفاخ الرئة هو مرض رئوي مزمن تصاب به الرئتان بفقدان المرونة بشكل متزايد، وفرط تمدد الحويصلات الهوائية، والقصبيات الصغيرة عند امتلائها بالهواء. يكون المصاب بالانتفاخ الرئوي عادة في المرحلة النهائية لمرض رئوي مزمن كالربو أو أي حال مرضية أخرى تسبب انسداداً مزمناً للمجاري الهوائية في الرئتين، وقد يكون مزمناً لسنوات عديدة خلت.
على المسعف أن ينقل المصاب بالانتفاخ الرئوي إلى المستشفى لمعالجته من القصور التنفسي، وتنطبق طرق العناية بمريض مصاب بالربو من تنظيف المجرى الهوائي واستعمال الأكسجين، والسماح للمريض باختيار الوضع المريح له على المريض المصاب بالانتفاخ الرئوي.
الانتفاخ الرئوي قد يكون مزمناً أو رضياً، والانتفاخ الرضي هو الذي يستحوذ على انتباه رجال الإسعاف. أكثر الأسباب شيوعاً للانتفاخ الرضي هي الإصابات الضاغطة للصدر والمؤدية إلى كسور في الضلوع، إذ قد يسبب الانضغاط العنيف الكسور التي تؤدي إلى تمزق رئوي ناجم عن قطع العظام المتكسرة الحادة إضافة إلى انغلاق لسان المزمار، فخلال لحظة الانضغاط الصدري قد يحقن الهواء في جدار الصدر فتتمدد الحويصلات الهوائية بشكل شديد وتفقد قدرتها الوظيفية ويتعطل التنفس. بعد مضي الانضغاط تعود الأضلاع وجدار الصدر بحركة معاكسة إلى الوضع السابق وقد تعود وظيفة الصدر إلى حالتها الطبيعية. ويمكن أن تتمزق الحويصلات الهوائية بسبب الانضغاط، وقد يستمر تسرب الهواء من الرئة المتمزقة وتظهر أعراض ريح صدرية شديدة وعندها يجب نقل المريض إلى المستشفى بأسرع وقت ممكن.
للمزيد: طريقة جديدة لعلاج الانتفاخ الرئوي
الوذمة الهوائية تحت الجلد وضيق التنفس
تحدث هذه الحال المرضية عند تمزق الأكياس الهوائية أو القصبات الرئوية بحيث يندفع لهواء من الرئة إلى الأنسجة تحت الجلد مباشرة، وقد تسبب التورم الشديد للرقبة، والوجه، وجدار الصدر، والبطن، وكيس الصفر فيبدو منظر المريض مرعباً ومزعجاً.
في بعض الأحيان قد يشكو المريض من اضطراب تنفسي قليل وتكون هذه الحال عادة دراماتيكية أكثر منها خطرة ولكن قد تكون شديدة الخطورة. وتحدث هذه الحال عادة بسبب التمزق الرئوي الناجم عن كسر ضلعي ويسمح هذا التمزق بتسرب الهواء إلى أنسجة جدار الصدر الممزقة بالضلع المكسور. يجب نقل المريض بسرعة إلى المستشفى.
استرواح الصدر التلقائي وضيق التنفس
هو وجود الهواء في تجويف الجنب خارج الرئة، وقد يأتي الهواء من الرئتين أو من خارج الصدر. ويمكن أن ينتج استرواح الصدر عن أسباب داخلية غير مرئية. ففياسترواح الصدر التلقائيتنفتح منطقة ضعيفة من الرئة ويتسرب منها الهواء إلى تجويف الصدر ويرتفع ضغط هذا الهواء تدريجياً، فتنخفض الرئة في الجانب المصاب من الصدر حتى قد تنضغط الرئة في الجانب الآخر من الصدر، ومع كل تنفس يدخل مزيد من الهواء إلى التجويف الصدري فتسوء الحال أكثر.
لا يفيد التنفس الآلي ذو الضغط الإيجابي في مثل هذه الحالات كمالا يفيد استعمال الضغط الزائد للأجهزة المختلفة بل قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع سريع في الضغط داخل تجويف الصدر مما يؤدي إلى حدوث ريح صدرية ضاغطة وقد يؤدي مثل هذه الحالة إلى الموت السريع. قد تظهر على المريض المصاب باسترواح الصدر التلقائي أعراض نوبة قلبية (الألم الصدري الحاد المفاجئ وصعوبة التنفس)، ويصعب على ضابط الإسعاف أن يقدر الحالة المرضية ما لم يطلع على ملفه الطبي، وواجبه الأول هو محاولة نقل المريض بأسرع وقت ممكن إلى قسم الإسعاف حيث يفرغ الهواء من جوف الجنب بسرعة.
للمزيد: 10- نصائح لرئتين أكثر صحة