يذهب أحدنا إلى حجرة النوم ويستلقي على السرير لاستجلاب نوم يملأ الجفون، وللاستمتاع بسبات عميق من الراحة الجسدية والعقلية، فهل تجري الأمور كذلك؟

وبعد ذلك، فإن من آخر الأمنيات التي تمر بأحدهم خلال غلبة النعاس عليه، أن يستيقظ من سريره بهدوء وفي الوقت الذي يرجوه، وهو مفعم بالحيوية والنشاط عند مغادرة السرير. فهل يحصل لنا بالفعل ذلك؟

دعونا من هذه الأسئلة، ولنطرح أسئلة أخرى حينما نذهب إلى السرير لننام، وننجح في الغياب الاختياري عن الوعي، ما الذي يحصل فينا بالضبط؟ وما الذي تمر به أجسامنا وعقولنا خلال تلك الفترة؟ وحينما تغيب عن الوعي بشكل اختياري لفترة مؤقتة، هل ينام جسمنا وعقلنا بالفعل أم إن هناك نشاطا عقليا وجسديا نقوم به؟ وهل كل الناس حينما ينامون تسكن وتهدأ أجسامهم وعقولهم عن أي أفعال يمكن أن يقوم بها المستيقظ؟

نظرة الطب للنوم

مخالفة لما كان سائدا في الأوساط الطبية قبل عقود عدة، وعلى الرغم من الجهود العلمية الواسعة في محاولات فهمه، فإن الطب لا يزال يعترف بأنه يجهل الكثير من أسرار النوم، وتحت عنوان النوم نشاط ديناميكي يشير الباحثون في المعهد القومي الأميركي للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية إلى أن الوسط الطبي، وعموم الناس، كانوا حتى خمسينات القرن الماضي يرون النوم جزءا سلبيا يستغرق المرء فيه في الرقاد والسبات خلال فترة من اليوم، إلا أننا اليوم نعلم أن الدماغ وأجزاءه تعمل بنشاط كبير جدا خلال فترة النوم، وأنه يؤثر في أدائنا العملي بشقيه البدني والذهني، وعلى صحتنا الجسدية والعقلية من خلال كثير من الآليات التي نعلم الشيء البسيط عنها.

خمس مراحل للنوم

النوم هو حالة من الفقد الاختياري للوعي، وخلاله نمر عادة بخمس مراحل. وتتميز المراحل الأربع الأولى منها، بعدم وجود حركة العين السريعة، أما المرحلة الخامسة فهي التي تحصل فيها حركة العين السريعة.

المرحلة الأولى من النوم

هي مرحلة النوم الخفيف، وهي مرحلة نكون خلالها قابلين لكي ندخل أو نخرج من النوم بسهولة، كما يسهل علينا خلالها أن ندخل في المراحل التالية من النوم.

وفي هذه المرحلة يحدث الآتي:

  • تتحرك أعيننا ببطء شديد.
  • تبدأ عضلات الجسم في الاسترخاء، ويكون نشاطها بطيئا.
  • عند إيقاظ المرء خلال هذه المرحلة، فإنه قد يتذكر أجزاء أو بعضاً من مكونات صور بصرية مرت به خلالها.

قد تحصل لدى البعض حركات مفاجئة من الانقباضات العضلية خاصة في الساقين أو اليدين، يعقبها استرخاء عضلي ذو صفة مريحة وشعور بالبدء في الاستغراق والخلود إلى نوم مريح.

المرحلة الثانية من النوم

تتوقف حركة العينين، وتبدأ في البطء حركة الموجات الكهربائية السارية في الدماغ، وتتخللها من آن لآخر، وبشكل مفاجئ، موجات كهربائية سريعة .

مراحل النوم العميق

المرحلة الثالثة من النوم

تصبح موجات كهرباء الدماغ بطيئة جدا، وذات حجم كبير، وتدعى موجات دلتا ولكن أيضا قد تحصل من آن لآخر موجات كهربائية صغيرة وسريعة خلال فترة المرحلة الثالثة من النوم.

المرحلة الرابعة من النوم

يسكن ويهدأ فيها نشاط كهرباء الدماغ، ولا تحصل فيه إلا موجات دلتا البطيئة فقط. ولذا، فإن المرحلة الثالثة والرابعة هي ما تعتبر طبيا مرحلة النوم العميق التي من الصعب جدا إيقاظ النائم خلالهما، وإذا ما أفاق الشخص خلالهما فإنه يمر بفترة من فقد الإحساس بالزمان والمكان والشعور بالترنح، وهو ما يستمر بضع دقائق وصولا إلى الإفاقة التامة من النوم. ومن الناحية البدنية، لا تكون هناك حركة في العينين خلال المرحلة الثالثة والرابعة، كما تكون العضلات مسترخية تماماً ولا نشاط فيها، وخلال هاتين المرحلتين من النوم العميق، قد يحصل التبول الليلي، أو المشي أثناء النوم، أو الرعب الليلي للكوابيس، خاصة لدى الأطفال.

اضطرابات مرافقة للنوم

وهذه الاضطرابات هي أمور غير طبيعية ذات مظاهر سلوكية ذهنية أو وظيفية جسدية، تحدث خلال فترة الاستغراق في النوم. وقد تكون أفعالا حركية أو إصدارات صوتية أو سلوكيات أو ظواهر عاطفية أو أحلاما أو أشكالا أخرى للإدراك الحسي. ولا يزال هناك اختلاف شاسع في تقسيم أنواع الاضطرابات المرافقة للنوم، ومن بين هذه الاضطرابات ما يلي:

  • الكلام أثناء النوم: وفي هذه الحالة يتحدث النائم بصوت مسموع للمحيطين ومن الممكن أن يكون كلام مفهوم أو غير مفهوم وتشير الإحصائيات أن نصف الأطفال تقريباً يتكلمون أثناء نومهم.
  • رعب الاستيقاظ: ويحدث في المرحلة العميقة من النوم وهو حالة من الفزع يصاحبها أحياناً صراخ وحركات دفاعية عضلية قوية ويزداد معها ضربات القلب ويرتفع الضغط ومن الممكن تصاحبها زيادة معدلات العرق.
  • اضطرابات جنسية: كانت بداية الدراسات حول هذا النوع من الاضطرابات عام 1996 في جامعة تورنتو بكندا، وهي حالة تحدث في مرحلة النوم العميق وفيها يقوم الفرد بحركات جنسية معتاد عليها أثناء اليقظة ومن الممكن أن يصاحب هذه الحالة الكلام الخارج مع القيام بهذه الحركات وتعرف هذه الحالة باسم سيكسومانيا.
  • السير نائماً: من الاضطرابات الشهيرة أثناء مرحلة النوم العميق أيضاً، وفيها يقوم النائم بلا وعي بالحركة والتجول ويمكن حمل بعض الأشياء وهذه الحالة حسب دراسات عديدة يصاب بها حوالي 7% من البالغين.
  • طحن الأسنان: تسجل الإحصائيات أن 30% من الأطفال يقومون بجرش أسنانهم أثناء النوم بخاصة من هم دون سن الخامسة، وحتى الآن تعتبر هذه الحالة غير معروفة السبب.