لا أحد يجهل القيمة الغذائية الكبيرة للحليب. يحتاجه الطفل الرضيع، المراهق، الشخص البالغ والمُسن. يعتبر الحليب ومنتجاته من الاغذية شبه الكاملة لاحتوائه على العناصر الغذائية الضرورية التي يحتاجها جسم الانسان.

الحليب مصدر ممتاز للفيتامينات والمعادن مثل البوتاسيوم,، الفسفور، الصوديوم، الكبريت، الألومنيوم، النحاس، اليود, المنجنيز، الزنك، فيتامين A, D, E، K. بالإضافة إلي الأحماض الدهنية التي لا يستطيع الجسم إنتاجها. وكذلك يحتوي الحليب على توازن جيد بين الدهون-البروتين-الكربوهيدرات. يوصي خبراء التغذية بشرب الحليب يوميا باعتباره جزء مهم من نظام غذائي صحي, متوازن.

بعض الاشخاص عندما يتناولون الحليب او المنتجات المصنوعة من الحليب، تظهر عليهم اعراض مثل الم في البطن ،انتفاخ ، والاسهال، الغثيان. خاصة عند الاطفال اللذين يعتبرونه سبب لتجنب شرب الحليب نهائيا قد تكون هذه الاعراض خفيفة ولكن احيانا تكون شديدة. وتسمى هذه الحالة بعدم تحمل اللاكتوز او عوز اللاكتوز أو نقص اللاكتازية.

عدم القدرة على هضم وامتصاص اللاكتوز يسبب تهيج الغشاء المبطن للأمعاء. مما يؤدي التهيج إلى ضعف الجهاز الهضمي مما يعرضه لاضطرابات في المستقبل. بالإضافة إلى عدم القدرة على امتصاص العناصر الغذائية اللازمة، كذلك يجعل الجهاز الهضمي أكثر عرضة للهجوم من قبل الطفيليات، الخميرة والبكتيريا المسببة للأمراض، والذي من الممكن ان يزيد من تفاقم المشاكل في الأمعاء والتعرض لأمراض مزمنة.

الاسباب

السبب الرئيسي لحالة عدم تحمل اللاكتوز هو انخفاض مستوى انتاج انزيم اللاكتيز. والذي تنتجه الخلايا المبطنة للأمعاء الصغيرة, وظيفة انزيم اللاكتيزهي هضم وتحليل اللاكتوز( سكر ثنائي) الى الجلوكوز والجالاكتوز(سكر احادي). عندما ينخفض مستوى انتاج انزيم اللاكتيز, لا يهضم كل اللاكتوز ويتحرك نحو الى القولون، حيث تتغذى عليه البكتريا الموجودة في القولون مما ينتج غاز ثاني اوكسيد الكاربون الذي يسبب الانتفاخ والالم وكذاك الاسهال نتيجة لتكاثر البكتريا. هناك اربعة اسباب لنقص انتاج انزيم اللاكتيز:

1.النظام الغذائي

في مرحلة الطفولة يعتمد النظام الغذائي على الحليب مما يدفع الامعاء الصغيرة لإنتاج كميات كافية من انزيم اللاكتيز لهضم الحليب, لكن في مرحلة البلوغ تقل نسبة مساهمة الحليب في النظام الغذائي للشخص، عندها تصاب الخلايا المسؤولة عن انتاج الانزيم بالكسل او الضعف مما يقل انتاج الانزيم..

2.الحالة الصحية

عند اجراء عملية جراحية للأمعاء الصغيرة، بسبب اصابة المعدة او الامعاء بالتهابات او الاصابة بمرض كرون, تنخفض قدرة الامعاء الصغيرة على انتاج انزيم اللاكتيز. وقد تعود لمستوياتها السابقة لكنها تأخذ وقت طويل..

3.العامل الوراثي

في حالات معينة العامل الجيني يكون مسؤول عن مشكلة انعدام او قلة انتاج انزيم اللاكتيز عند بعض الاشخاص، على سبيل المثال عوز اللاكتوز ينتشر بين الاشخاص المنحدرين من اصول افريقية وهندية.

4.اسباب اخرى

الولادة المبكرة: الولادة قبل الاوان ربما تكون سبب في مشكلة عوز اللاكتوز، وذلك لان انزيم اللاكتيز ينتج بغزارة في الجنين في وقت متأخر من الربع الثالث من فترة الحمل.

الإشعاع: عند تلقي مرضى السرطان العلاج الاشعاعي ربما يصابون بحالة عوز اللاكتوز نتيجة لتاثير الاشعاعات على الخلايا المنتجة لأنزيم اللاكتيز في الامعاء.

التشخيص

تشخص حالة عدم تحمل اللاكتوز من خلال إجراء واحد أو أكثر من الاختبارات التالية:

اختبار التنفس: في هذا الاختبار يطلب منك شرب السوائل التي تحتوي على مستويات عالية من اللاكتوز. ثم يقوم الطبيب بقياس كمية الهيدروجين في هواء الزفير على فترات منتظمة. في الحالات العادية تكون كمية الهيدروجين قليلة جدا. إذا كان الجسم لا يهضم اللاكتوز، فإنه يصل إلى القولون ويتخمر، مما يسبب في انتاج غاز الهيدروجين وجود كميات كبيرة من الهيدروجين في الزفير تشير إلى عدم هضم اللاكتوز..

اختبار حموضة البراز: يجرى هذا الفحص للأطفال الرضع الذين لا يستطيعون الخضوع لاختبارات أخرى، نتيجة لتخمر اللاكتوز في القولون ينتج حامض اللاكتيك (حامض اللبن) والأحماض الأخرى التي يمكن اكتشافها في عينة البراز.

اختبار تحمل اللاكتوز: هو اختبار يقيس رد فعل الجسم على السوائل التي تحتوي على مستويات عالية من اللاكتوز. بعد ساعتين من شرب السوائل، يتم قياس كمية الجلوكوز في مجرى الدم. إذا كان مستوى الجلوكوز لا يرتفع في الدم ،هذا يعني ان الجسم لم يهضم اللاكتوز بصورة تامة.

ماذا عليك ان تفعل؟

ادارة تبعات مشكلة عوز اللاكتوز تعتمد على طبيعة ومدى حدة المشكلة. هذه بعض النصائح التي سوف تساعدك:

تغير النظام الغذائي

احداث تغيرات في النظام الغذائي طريقة ناجحة لمعالجة عدم تحمل اللاكتوز وتعتمد على تقليل كمية من اللاكتوز في النظام الغذائي. وتتم من خلال الاتي:

• تناول منتجات الحليب المخمرة مثل الزبادي, لأنها تحتوي على كمية لاكتوز اقل نتيجة لتحويل جزء من السكر الى حامض اللبن بواسطة خميرة الترويب، كذلك يستغرق هضم الزبادي في المعدة والأمعاء وقت اطول مقارنة بالحليب. مما يسمح لللاكتاز المعوي بمزيد من الوقت لهضم المتبقي من اللاكتوز في اللبن، مما يقلل من كمية اللاكتوز الواصلة إلى القولون.

• تناول الاغذية البديلة التي تحتوي على نسبة عالية من الكالسيوم مثل السمك البيض الموز البرتقال الخضراوات الورقية فول الصويا.

• تناول حليب خالي من اللاكتوز ومنتجاته.

• تجنب تناول الحليب لوحده بل مع وجبات غذائية (وجبات خاصة التي تحتوي على الدهون) لإطالة فترة بقاء الطعام في المعدة والامعاء، مما يوفر الوقت الكافي لهضم اللاكتوز.

تناولانزيم اللاكتاز

تناول انزيم اللاكتاز كمكمل غذائي احد الوسائل التي تعالج بها اعراض عوز اللاكتاز. تؤخذ جرعات الانزيم اما على شكل قطرات ، كبسولات، أقراص. تؤخذ قبل تناول وجبة الطعام التي تحتوي على اللاكتوز.

ملاحظة مهمة: يجب تناول جرعات الانزيم بناء على وصفة الطبيب وبالطريقة التي يوصي بها

تجنب شرب الحليب

الأفراد الذين لا يستطيعون تحمل حتى كميات صغيرة من اللاكتوز، لابد من فرض قيود أكثر شدة على نظامهم الغذائي. هذه تعتبر الوسيلة الأكثر فعالية لإدارة اعراضحساسية سكر الحليب من خلال لتجنب الأطعمة والأدوية التي تحتوي على اللاكتوز. والاستعاضة بتناول مكملات الكالسيوم وفيتامين. D لتعويض النقص الناجم عن عدم شرب الحليب.