يعتبر مرض كوفيد-19 (بالإنجليزية: Covid-19)، الذي يسببه فيروس كورونا المستجد مرضاً خفيفاً قصير الأمد بالنسبة لمعظم المصابين به.

وعلى الرغم من ذلك فإن بعض المصابين قد يستمر شعورهم بالأعراض مثل التعب، والإرهاق، والآلام، وضيق التنفس، لأشهر عديدة بعد إصابتهم.

ويطلق على هذه الحالة اسم "كوفيد طويل الأمد"، وقد يكون لها تأثير متعب على حياة المصابين بها، حيث أن المصاب قد يشعر بإرهاق شديد حتى بعد المشي لمسافات قصيرة جداً

وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي كان إنقاذ أرواح المصابين أثناء تفشي وباء فيروس كورونا (بالإنجليزية: Corona)، ولكننا أصبحنا ندرك الآن أن المصابين بالفيروس قد يواجهون عواقب طويلة الأمد، رغم أن التفاصيل الأخرى (مثل سبب الحالة ومدى استمراريتها) ما زال يكتنفها الكثير من الغموض.

ما هي أعراض حالة كوفيد طويل الأمد؟

حتى الآن لا يوجد أي تعريف دقيق لهذه الحالة، ولم يستطع الأطباء وضع قائمة محددة للأعراض التي يعاني منها المصابون بها، حيث أن كل شخص قد يشعر بها بطريقة مختلفة.

ولكن يبقى العرض المشترك الأكثر شيوعاً هو الشعور المستمر بإرهاق شديد.

ومن الأعراض الأخرى التي قد يعاني منها المصابون:

  • ضيق في التنفس.
  • سعال مستمر.
  • آلام في المفاصل والعضلات.
  • مشاكل في السمع والبصر.
  • صداع.
  • فقدان حاستي الشم والتذوق.
  • أضرار في القلب والرئتين والكليتين والأمعاء.
  • مشاكل نفسية من بينها الاكتئابوالقلق وصعوبات في التفكير.

وفي حال اجتمعت هذه الأعراض معاً، فقد تعكر صفو حياة الذين يعانون منها.

ما هي نسبة الأشخاص يعانون من هذه الحالة؟

تابعت دراسة أجريت في أكبر مستشفيات العاصمة الإيطالية روما، ونشرت نتائجها في دورية الجمعية الطبية الأمريكية، حالة 143 مصاباً فيروس كورونا بعد خروجهم من المستشفى.

ووفقاً لنتائج هذه الدراسة، فإن 87 ٪؜ من هؤلاء المرضى كانوا لا يزالون يعانون من عرض واحد على الأقل بعد نحو شهرين من خروجهم من المستشفى، وكان هذا العرض هو الإرهاق في نصف هؤلاء.

ولكن لا يمكن اعتبار نتائج هذه الدراسة نهائية؛ كونها تركز على المرضى الذين يحتاجون إلى العلاج في المستشفى.

ومن خلال تحليل النتائج الواردة في تطبيق تتبع أعراض كوفيد (بالإنجليزية: Covid Tracker App) الذي يستخدمه نحو 4 ملايين شخص في بريطانيا، إلى أن 12 ٪؜ من المصابين بفيروس كورونا استمر شعورهم بأعراض بعد مضي 30 يوماً.

وتشير الأرقام التي تم الحصول عليها من خلال التطبيق إلى أن مصاباً واحداً من كل 50 يعانون من أعراض بعد مضي 90 يوماً.

هل من الضروري أن تكون الإصابة شديدة ليصاب المريض بحالة كوفيد طويل الأمد؟

كلا، فحتى المرضى الذين يصابون بشكل خفيف من المرض قد يتعرضون لهذه الحالة ويظلون يواجهون مشاكل خطيرة وطويلة الأمد.

ولم يتمكن الأطباء حتى الآن من الاستدلال على وجود أي علاقة بين شدة الإصابة بالفيروس والإرهاق الذي يستمر المصابون بالشعور به.

ولكن من الضروري الانتباه إلى أن الإرهاق ليس عرضاً خاصاً بحالة كوفيد طويل الأمد، بل قد يكون له أسباباً أخرى.

ويعتقد كريس برايتلينغ، الأستاذ في جامعة ليستر، والذي يرأس مشروعا لتتبع المصابين بكوفيد-19، أن الذين يصابون بذات الرئة (بالإنجليزية: pneumonia) جراء إصابتهم بفيروس كورونا أكثر عرضة للاصابة بكوفيد طويل الأمد بسبب الأضرار التي تلحق برئتيهم.

كيف يتسبب الفيروس بالإصابة بكوفيد طويل الأمد؟

حتى الآن لا توجد أي إجابات محددة على هذا السؤال، على الرغم من وجود بعض المقترحات.

فقد يعود الأمر إلى بقاء الفيروس في جيوب صغيرة رغم اختفائه من معظم أجزاء الجسم.

ويقول تيم سبيكتور، الأستاذ في جامعة كينغز كوليج في لندن: "إذا كان المريض يشتكي من إسهال طويل الأمد، فغالباً ما تجد الفيروس في أمعائه، وإذا كان يشتكي من فقدان حاسة الشم، يكون الفيروس ما زال موجوداً في أعصابه، إذاً فمن الممكن أن يكون بقاء الفيروس هو أساس المشكلة".

وبسبب قدرة فيروس كورونا على إصابة طيف واسع من الخلايا في الجسم، فإن ذلك ينتج عنه رد مناعي قوي يسبب بدوره أضراراً تصيب الجسم بأسره.

ويعتقد بعض الخبراء أن جهاز المناعة لا يعود إلى حالته الطبيعية بعد الإصابة بفيروس كورونا، وأن هذا هو سبب الاعتلال الذي يشعر به كثير من المصابين بعد تماثلهم للشفاء.

كما قد تؤدي الإصابة بالفيروس إلى تغييرات في عمل أجهزة الجسم المختلفة، وهذا يظهر بوضوح في حال إصابة الرئتين بالتليف، وقد شوهدت أيضاً مشاكل طويلة الأمد عند المرضى المصابين بالسارس والميرس اللذين تسببهما فيروسات من نوع كورونا أيضاً.

ولكن فيروس كورونا قد يسبب أيضاً تغييرات في عملية التمثيل الغذائي، إذ حصلت حالات يواجه البعض فيها صعوبات كبيرة في السيطرة على مستويات السكر في دمهم بعد أن أصيبوا بداء السكري جراء إصابتهم بكوفيد-19، كما تسببت الإصابة بالسارس بتغييرات في طريقة تمثيل الجسم للدهون تستمر لـ 12 سنة على الأقل بعد الشفاء.

كما أنه ثمة مؤشرات أولية على وقوع تغييرات في بنية الدماغ، ولكن هذا الموضوع ما زال خاضعاً للبحوث.

كما يسبب كوفيد-19 تغييرات غريبة في الدم، بما فيها تغييرات في التخثر وأضرار في الأوعية الدموية.

وقال الأستاذ ستراين: "النظرية التي أعمل عليها تتلخص في احتمال إصابة الأوعية الدموية الصغيرة التي توصل الأوكسجين والأغذية إلى أنسجة الجسم المختلفة بالهرم والشيخوخة قبل وقتها". ولكنه يحذر من أنه ما لم نتوصل إلى المسبب الحقيقي لكوفيد طويل الأمد، سيكون من الصعوبة التوصل إلى علاج فعال له.