(نَقْصُ الضَّغْطِ -انخفاض ضغط الدمّ الشِرْياني)

(Hypotension-hipotensión arterial)

تعريف

حالة فيزيولوجيَّة تتصف بإنخفاض ضغط الدم خاصة في شرايين الدَّوَران المَجْموعِيُّ دون المستوى الطبيعي,مما يُؤدي إلى حالة إقفار وحرمان الأعضاء الحيوية المختلفة من التزود بالكميات اللازمة من الأوكسجين والمواد الغذائية، و قد يُشكل أحياناً حالة صحية خطرة، كما هو الحال في الصدمة.

وعموما نَقْص الضَّغْطِ يعتبر موجوداً عندما يكون الضغط الانقباضي أقل من 90 ملم زئبقي, أو الانبساطي أقل من 60 ملم زئبق أو كلاهما لدى الشخص البالغ. ولكن من الناحية العملية لا يعتبر منخفضا إلا إذا تسبب انخفاضه في ظهور أعراض.

الأسباب:

1-نقص حجم الدم هو أكثر الأسباب التي تسبب انخفاض ضغط الدم، الذي قد ينتج فقد الدم بسبب نزف، أو نقص مدخول السوائل بسبب الجوع والعطش، أو بسبب فقدان السوائل كما في الإسهال والقيء. أو بسبب تناول مدرات البول وأدوية اخرى.

2-انخفاض النِّتاج القَلْبِيّ رغم الحجم العادي للدم، نتيجة لفَشَلُ القَلْبِ الاِحْتِقانِيّ الشديد، واحْتِشاء عَضَلِ القَلْب الواسع أو بسبب بُطْء القَلْب. حيث غالباً ما يتطور انخفاض في صغط الدم بسرعة إلى صدمة قلبية المنشأ. ويؤدي اضْطِراب النَّظْم غالباً إلى انخفاض ضغط الدم بهذه الآلية, قد تؤدي بعض الأدوية مثل حاصرات بيتا سواء بتقليل نسبة النبض أو بتقليل قدرة الإنقباض لعضلات القلب.

3-التوسع المفرط للأوعية، أو فشل إنقباض الأوعية الدموية المقاومة وخاصة الشرينات، قد يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم. وقد يكون هذا ناجماً عن إنخفاض نتاج الجملة العصبية الودية، أو لزيادة نشاط جانب الودي الحاصل نتيجة لرضح في المخ أو النخاع الشوكي ، أو خَلَل الوَظائِفِ المُسْتَقِلَّةِ، وهو خلل داخلي في الجملة العصبية الذاتية. وقد ينجم توسع الأوعية عن الإِنْتان.

4-الحماض، أو الأدوية مثل مركبات النيترات و محصرات قنوات الكالسيوم، ومثبطات مستقبلات الأنجيوتنزين اا، ومعظم العوامل الإنشاقية.

5-بعض النباتات، كما هو الحال في الكاكاو حيث يحتوي على مادة الثيوبرومين المخفضة للضغط من خلال التوسع الوعائي وتأثيرها المدر للبول.

الفسيولوجيا المرضية

تنظيم ضغط الدم يتم عادة بشكل مستمر من قبل الجِهاز العَصَبِي المُسْتَقل عبر شبكة من المستقبلات والأعصاب والهرمونات لموازنة تأثير الجِهازُ العَصَبِيُّ الوُدِّيّ على الأوعية حيث يميل إلى رفع ضغط الدم، في حين أن الجِهاز العَصَبِيُّ اللاوُدِّيّ يعمل عكس ذلك, وقدرات الجِهاز العَصَبِي المُسْتَقل الكبيرة والسريعة على المُعاوَضَة تسمح للأفراد الطبيعين الحفاظ على مستوى مقبول لضغط الدم خلال نطاق واسع من الأنشطة والحالات المرضية العديدة , ولضمان هذا التوازن في الضغط الشرياني يتطلب ضمان نتاج قلبي، وضغط وريدي ومقاومة وعائية طبيعية وفي حالة حدوث أي خلل في أي من هذه العوامل يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم,وبالتالي فإن انخفاض ضغط الدم غالباً ما ينتج عن أسباب تؤثر في العوامل السابقة, مثل :

-انخفاض الناتج القلب.

-نقص حجم الدم.

-خلل في إعادة توزيع حجم الدم.

-انخفاض المقاومة الوعائية.

-انسداد الأوعية الدموية (كما هو في السداد الشريان الرئوي).

أنواعه:

هناك ثلاثة أنواع رئيسية من نَقْص الضَّغْطِ:

1-نَقْصُ ضَغْطِ الدَّمِ الاِنْتِصابِيّ، بما في ذلك نقص ضغط الدم الانتصابي التالٍ للأَكْل, حيث نَقْص ضَغْطِ الدَّمِ الاِنْتِصابِيّ هو الذي ينجم عند حدوث تغير مفاجئ في وضع الجسم، خاصة عندما يتحول الشخص من وضع الإستلقاء أو الجلوس إلى الوقوف، وعادة لا يستغرق سوى بضع ثوان أو دقائق. وإذا كان هذا يحدث بعد تناول الطعام، فإنه يُسمى نقص ضغط الدم الانتصابي التالٍ للأَكْل الذي عادة يؤثر بشكل أكبر على كبار السن، الذين يعانون من فرط ضغط الدم والمصابين بـــ داءبَاركِنسون (الشَّلَلُ الرَّعَّاش).

2-غَشْي التَّخْميدِ الوِعائِي( المُنْعَكَسُ الوِعائِيُّ المُبْهَمِي),الذيغالبا ما يحدث لدى البالغين والأطفال الصغار عندما يكون الشخص واقف لفترة طويلة, والأطفال عادة ما يتخلصون منه مع مرور الوقت.

3-نَقْصُ ضَغْطِ الدَّمِ الوخيم الناجم عن فقدان مفاجئ للدم (الصدمة)، أو عن عدوى أو تَفاعُلٌ أَرَجِيّ.

الأعراض:

الأعراض الأساسية تشمل عادة الدوار والدوخة وتَغَيُّمُ الرُّؤْيَة, وقد تصل إلى الإغماء إو حدوث نوبات إذا ما انخفض بشكل حاد أو شديد.

وأحيانا يترافق معه أعراض ترتبط بالأسباب التي أدت إلى الهبوط, ومنها:

ألم الصدر, وضيق التنفس, وعدم انتظام دقات القلب, والحمى, والصداع, ورَقَبَةٌ مُتَيَبِّسَة, وألم شديد في أعلى الظهر, وسعال مع بلغم, وعُسْر التَّبَوُّل, وحرقة في البول, وإرهاق. الإسهال أو القيء لفترات طويلة, وعُسْر الهَضْم, وبِرازٌ قَطِرَانِيّ أسود (في النزف الهضمي العلوي), أو أعراض لمُتَلاَزِمَة إيلَر-دانلوس (مرونة الجلد بسبب وراثي) وقد تشمل الأعراض آثار جانبية لبعض الأدوية أو لسم ما, أو أعراض أرجية حادة وفقاً للسبب.

التشخيص:

عادة يتم من خلال الأعراض المذكورة أنفاً أو بعضاً منها خاصة الاغماء او نوبات الدوخة أو الدوار أو التعب أو أي عرض يترافق مع انخفاض في الضغط الإنقباضي إلى ما دون 90 أو الإنبساطي إلى ما دون 60 ملم زبقي أو انخفاض حاد بمعدل 20 ملم زئبقي عن ما هو طبيعي لدى المريض.

العلاج:

علاج هبوط ضغط الدم يعتمد على السبب وعلى حدته, وفي حالة عدم وجود أعراض لدى الأشخاص الأصحاء عادة لا يتطلب وصف أي علاج, وفي حالات انخفاض ضغط الدم المزمن الذي نادرا ما يتسم بظهور أكثر من عرض واحد أو إثنين وغالباً ما يتم علاجه فقط بإضافة الكَهارِل إلى الغذاء. وفي الحالات الحادة الخفيفة، حيث أن المريض لا يزال قادر على الإستجابة، يتم وضع الشخص في وضعية استلقاء ظهري ورفع الساقين لزيادة العائد الوريدي، مما يجعل الدم متاحاً أكثر للأعضاء الحرجة في الصدر والرأس. ولم يعد يوصى بوضعية تَرنْدِلِنْبورْغ (وضعية استلقائية مائلة مع تدلي الرأس).

أما علاج ضغط الدم المسبب للصدمة حيث حياة المريض تكون مهددة وترتبط مباشرة بالسرعة التي يتم فيها تصحيح الانخفاض,لذلك فإنها تتطلب تطبيق الخطوات الأربعة التالية:

-حقن سوائل لتعويض الحجم (عادة عن طريق استخدام بِلَّوْرَانِيَّات).

-دعم ضغط الدم عن طريق استخدام رافِعٌ للتَّوَتُّر الوِعائِيّ.

-ضمان إِرْواء كاف للأنسجة (الحفاظ على تَشَبُّع أُكْسجينِيّ وَريدِيَّ مَمْزُوْج)عن طريق استخدام الدم أو الدُوبوتامِين.

-معالجة المشكلة المُسْتَبْطِنة (مضاد حيوي للعدوى، ودعامات أو طُعْم مَجازَةِ الشِّرْيانِ التَّاجِيّ في حالة الاحْتِشاء، والمنشطات لقصور الغدة الكظرية، الخ)

الأدوية:

الدُوبوتامِين, والكورتيزون والأدرينالين والكهارل, إضافة إلى الأدوية المتعلقة بالسبب كالمضادات الحيوية أو الخصة باضطراب النظم الكهربية القلبية, أو غير ذلك.

التعايش:

المرضى الذين يعانون من نقص ضغط الدم المزمن مضطرون على التعايش مع مرضهم ليتجنبوا حدوث أعراض أو نوبات متكررة, ولذك من الضروري الإلتزام بالعلاج واتخاذ خطوات إضافية تحول دون انعكاسات وإزعاجات أو مضاعفات غير مرغوبة.ومن هذه الخطوات:

-اتباع ما يوصى به للوقاية المذكورة لاحقاً تحت بند الوقاية.

-تجنب المواقف أو العوامل التي سبقت حدوث النوبات السابقة, كالتعرض لحمام ساخن أو جو حار, أو مكان مزدحم أو الوقوف في طابور لفترة طويلة, أو غير ذلك.

-الجلوس أو الإستلقاء فوراً عند بدأ الشعور بأي عرض يذكرهم بالحالة، مع وضع الساقين في مستوى أعلى من مستوى الصدر.

الوقاية:

-تجنب الإفراط بالكحول.

-تجنب الوقوف لفترة طويلة لمن لديه غَشْي التَّخْميدِ الوِعائِي( المُنْعَكَسُ الوِعائِيُّ المُبْهَمِي).

-شرب الكثير من السوائل.

-النهوض ببطء بعد الجلوس أو الاستلقاء, وتحريك الأرجل قليلا قبل الوقوف.

-استخدام جوارب ضاغطة لزيادة ضغط الدم في الساقين.

-تناول وجبات طعام صغيرة متكررة منخفضة الكربوهيدرات.

المضاعفات:

-الأشكال المعتدلة من نقص ضغط الدم تسبب الدوخة وضعف والإغماء وخطر الإصابة بالسقوط.

-الأشكال الحادة والوخيمة تسبب حرمان الأعضاء من الأكسجين الذي يكفي لأداء وظائفها الطبيعية، مما قد يؤدي إلى تلف في أنسجة القلب والدماغ وقد يسبب الوفاة.

المآل:

عادة المآل يعتمد على السبب الكامن وراء هذه الحالة, فالنوع المزمن غالباً لا يشكل خطورة كبيرة ويتم التعامل معه بنجاح. في حين أنه يكون أقل تفاؤلا في حالات أخرى كما هو في الحالات الناجمة عن الضمور المجموعي المتعدد أو عن بعض أنواع السرطان،.

أما انخفاض ضغط الدم الذي يسبب أو يترافق مع صدمة (كما هو في بعض اضطرابات القلب والأوعية الدموية) فهو مهدد للحياة إذا لم يتم الإسراع في العلاج.