مرض باركنسون هو مرض عصبي مزمن يتطور ببطء عبر السنين، يؤثر على الجهاز الحركي وبعض الوظائف غير الحركية مثل القدرات الإدراكية في المراحل المتقدمة من المرض. عادةً تكون صعوبة الحركة هي العرض الأول لمرض باركنسون.
يتم تنسيق وتسهيل حركة العضلات في الجسم بواسطة مادة تفرز في الدماغ تسمى بالدوبامين، وفي حال الإصابة بمرض باركنسون، تبدأ الخلايا المفرزة للدوبامين بالتلف والموت، مما يسبب انخفاض إفراز الدوبامين.عندما ينخفض مستوى الدوبامين بنسبة 60-80% تبدأ أعراض مرض باركنسون بالظهور مثل الرعشة، وبطء الحركة، وتيبس اليدين والقدمين والجذع، وصعوبة التوازن والميل للسقوط.
حالياً لا يوجد علاج لمرض باركنسون بل تتم السيطرة على الأعراض باستخدام الأدوية، إذ تزداد الأعراض سوءاً مع الوقت، وسنتحدث في هذا المقال عن علاج مرض باركنسون بالطرق الجراحية المختلفة.
العلاج الجراحي لمرض باركنسون
في بعض الأحيان يتوقف جسم مريض باركنسون عن الاستجابة للعلاج بالأدوية، حينها يتم اللجوء إلى الخيارات الجراحية للسيطرة على الأعراض.
فعلياً لا يوجد أي علاج جراحي يعالج مرض باركنسون تماماً، لكن قد تفيد الجراحة في تخفيف الأعراض المستعصية عند بعض المرضى، ولا يتم اللجوء إلى الخيار الجراحي إلا بعد توقف فعالية الأدوية، ويوجد العديد من الخيارات الجراحية التي قد يستجيب لها المريض، نعدد أهمها.
اقرأ أيضاً: الاكتئاب عامل مهم في تحديد حالة مصابي الشلل الرعاش
التحفيز العميق للدماغ
التحفيز العميق للدماغ (بالإنجليزية: Deep brain stimulation) هو أكثر الخيارات الجراحية شيوعاً لعلاج مرض باركنسون، وتتضمن هذه الجراحة زرع أداة في الدماغ ترسل إشارات كهربائية إلى المنطقة المصابة في الدماغ؛ لتخفيف الأعراض الحركية الناتجة عن مرض باركنسون.
يتم اللجوء لجراحة التحفيز العميق للدماغ لعلاج الرعشة، وصعوبة الحركة، وبطء الحركة، وتيبس العضلات، وصعوبة المشي. وتتم مناقشة المريض بخيار إجراء هذه العملية إن مضى على إصابته بالمرض أربعة سنوات أو أكثر، وبعد فشل الأدوية في السيطرة على الأعراض.
قبل إجراء العملية يخضع مريض باركنسون للعديد من الفحوصات والتحاليل الطبية للتأكد من سلامة الجراحة وملاءمتها للمريض. وقد يجري الطبيب تصويراً بالرنين المغناطيسي، أو بالتصوير المقطعي المحوسب للمريض قبل العملية لتحديد المنطقة المراد تحفيزها.
ويعتقد أن التحفيز العميق للدماغ يعترض الإشارات الكهربائية غير الطبيعية في الدماغ، ويستبدلها بإشارات كهربائية تحفز المركز المسؤول على الأعراض الحركية لباركنسون، مما يساعد على تخفيف الأعراض بشكلٍ كبير.
لكن هذه الجراحة ليست علاجاً لمرض باركنسون، بل لتخفيف الأعراض التي لا تستجيب للأدوية، كما أن معظم المرضى يستمرون بتناول أدويتهم لكن بتراكيز أقل، وهذا يعني أن الأعراض الجانبية لهذه الأدوية تخف أيضاً.
تعتبر عملية تحفيز الدماغ العميق آمنة، لكن قد يعاني بعض المرضى من بعض الأعراض الجانبية بعد إجرائها، فقد أبلغ بعض المرضى عن مشاكل في الكلام، ومشاكل إدراكية بعد العملية.
اقرأ أيضاً: علامات وأعراض داء باركنسون (الرعاش)
عملية بضع المهاد
نادراً ما تجرى عملية بضع المهاد في الوقت الحالي، لكنها قد تستخدم لتخفيف الرعشة التي تكون أسوأ في جانب واحد من الجسم عند المرضى الذين لم يستجيبوا للعلاج بالأدوية.
والمهاد (بالإنجليزية: Thalamus) هو جزء صغير في الدماغ يُعتقد أنه مسؤول عن الرعشة التي تصيب مريض باركنسون، وعادةً يتم إظهار المهاد باستخدام طرق تصوير تفصيلية مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي المحوسب.
خلال عملية بضع المهاد يتم تدمير المهاد، وعادةً يؤثر الجزء الأيمن في الدماغ في الجزء الأيسر في الجسم، ويؤثر الجزء الأيسر من المهاد في الجزء الأيمن من الجسم. يتم عادةً تدمير الجزء المسؤول عن الجانب الذي يعاني من رعشة أسوأ في الجسم.
عملية بضع تحت المهاد
نادراً ما تجرى عملية بضع تحت المهاد لعلاج مرض باركنسون حالياً، وقد تستخدم لعلاج الأعراض الحركية المتعلقة بمرض باركنسون، مثل الرعشة، وتيبس العضلات، وبطء الحركة.
تحت المهاد (بالإنجليزية: Hypothalamus) هي جزء صغير من الدماغ يتم تدميرها أثناء عملية بضع تحت المهاد، وعادةً يتم تدمير جزء واحد منها فقط؛ لأن مخاطر تدمير الجزئين كبيرة.
عملية بضع الكرة الشاحبة
الكرة الشاحبة (بالإنجليزية: Globus Pallidus) هي جزء من الدماغ يعتقد بعض الأطباء أن نشاطها الزائد يسبب مرض باركنسون، وتعمل الكرة الشاحبة كمكابح السيارة فتجعل حركة الجسم أصعب.
يساعد تدمير الكرة الشاحبة على تحسين أعراض مرض باركنسون عند المريض، إذ يعمل على تخفيف تيبس العضلات، وتخفيف الرعشة، وتحسين توازن الجسم، وتسهيل الحركة.
كما أن بضع الكرة الشاحبة يحسن من مفعول الأدوية عند المرضى الذين يعانون من مراحل متقدمة من مرض باركنسون.
زراعة مضخة دواء لعلاج باركنسون
وافقت مؤسسة الغذاء والدواء في أمريكا في عام 2015 على علاج جديد لمرض باركنسون، يتمثل بزراعة مضخة في الجسم تفرز الأدوية التي تستخدم عادةً لعلاج مرض باركنسون، وهي ليفودوبا وكاربيدوبا.
في حال قرر الطبيب أن هذه المضخة مناسبة للمريض، يتم إجراء عملية جراحية لزراعة المضخة بالقرب من أمعاء المريض.
عادةً يستغرق المريض وقتاً أطول ليشفى تماماً بعد إجراء عمليات بضع المهاد، أو بضع تحت المهاد، أو بضع الكرة الشاحبة، على عكس عملية تحفيز الدماغ العميق التي يشفى منها بسرعة.
كما أن هذه العمليات لا يمكن عكسها أو التراجع عنها بعد إجرائها، ونادراً ما تجرى هذه العمليات الجراحية في الوقت الحالي وتم استبدالها جميعاً بعملية تحفيز الدماغ العميق.