على الرغم من انتشار الأعراض الثانوية لدى النساء الحوامل مثل الرغبة الشديدة ببعض المأكولات (الوحم) وزيادة الانفعال العاطفي، والتحسس من بعض الروائح الا أن الصحة النفسية للمرأة الحامل، بشكل عام، أفضل منها لغير الحامل من نفس الفئة العمرية. وهنالك بعض الخصوصية لفترة الحمل وما يرافقها من تغيرات فيزيولوجية ونفسية ومن الضروري العناية الفائقة بالنساء اللاتي يتناولن الأدوية النفسية خاصةً عند توقفهن عن تناول العلاجات أثناء الحمل. النساء الحوامل اللاتي يعانين من الاضطراب النفسي لا يجرين المتابعة الضرورية أثناء الحمل لدى الطبيب النسائي مما يعرض حملهن الى مشاكل إضافية.

اضطرابات نفسية الاكثر شيوعا في الحمل

  • تكون الاضطرابات النفسية أكثر شيوعا في الثلثين الأول والأخير من الحمل،
  • ففي الأشهر الثلاثة الأولى تكثر اضطرابات القلق والاكتئاب وخصوصاً إذا كان هذا الحمل غير متوقعٍ أو غير مرغوبٍ فيه.
  • أما في الأشهر الثلاثة الأخيرة فيكون قلق المرأة الحامل منصباً في الغالب حول موضوع الولادة وآلامها وحول صحة الطفل.
  • تعاني نصف النساء الحوامل من الغثيان والتقيؤ في بداية الحمل ومن المؤكد أن للعامل النفسي أثراً بالغا في حدّة هذه الأعراض.

الحمل الكاذب

  • من الظواهر النفسية اللافتة للانتباه على ندرة حدوثها الحمل الكاذب وفيه تعتقد المرأة بأنها حامل وهي ليست كذلك وتنقطع الدورة الشهرية ويتوسع التجويف البطني لديها مع مظاهر أخرى مطابقة لما يحدث في الحمل الطبيعي.
  • تتكون كل هذه التغيرات بعامل نفسي محض.
  • من طرائف الحديث عن موضوع الصحة النفسية والحمل بعض التشخيصات التي تنطبق على القلة من الرجال، فمثلا قد يعاني بعض الرجال لمدة أسابيع من الغثيان والإعياء الصباحي وآلام الأسنان في بداية حمل زوجاتهن، وتعرف هذه الزمرة ب Couvada Syndrome.

الاجهاض واثره على النساء

  • لا يستطيع ما يقارب 20% من النساء الحوامل استكمال حملهن بعد الأسبوع العشرين، مما يجعل الاجهاض تجربة شائعةً لدى الكثيرات.
  • تشير الدراسات التي أجريت على نساء بعد شهر من الإجهاض إلى أن نصف هؤلاء النساء يعانين من الاكتئاب، وخصوصاً من تكرر إجهاضهن.
  • قد يكون من الضروري استشارة الطبيب النفسي في حالة اضطرار بعض النساء إلى الإجهاض المتعمد وذلك لتجنب أية تبعات مرضية قد تحدث نتيجة لذلك، وخاصةً لدى النساء اللاتي يشكل لهن الوازع الديني والثقافي الذي يحرّم الاجهاض دوراً كبيراً في تكوينهن النفسي.(إقرأ أيضاً: الاجهاض المتكرر بين الأسباب والعلاج)
  • تُنصح النساء اللاتي ينجبن أطفالاً ميتين برؤية ذلك الطفل واحتضانه وتسميته وتوديعه بمراسم حداد كاملة لتجنب ما يوصف طب نفسياً بالأسى المرضي.

انواع الاضطرابات العقلية بعد الولادة

1. اضطرابات مزاجية عابرة وذهان النفاس واكتئاب ما بعد الولادة

  • من غير المثبت علمياً أن لطريقة الولادة، طبيعية كانت أم قيصرية، أي تأثير سلبي على الصحة النفسية للطفل أو الأم أو العلاقة بينهما.
  • يصيب اضطراب المزاج العابرة (Blues) ما يقارب نصف إلى ثلثي النساء المنجبات، وخصوصاً في اليومين الثالث والرابع بعد الولادة.
  • تقتصر على سرعة الاستثارة وسهولة البكاء، وتفاوت المزاج بين الشعور بالنشوة حتى الشعور بالبؤس.
  • غالباً ما تصيب هذه الاضطرابات النساء بعد المولود الأول، وتصيب على وجه الخصوص النساء اللاتي سبق وأن عانين من أعراض الاكتئاب والقلق أثناء الفصل الثالث للحمل، ومن عانين عادة من توترات الدورة الشهرية.
  • يُعتقد أن للاختلاف الهرموني المفاجئ بُعيد الولادة دوراً مهماً في نشأة هذه الأعراض والتي عادةً ما تزول بشكل تلقائي، وهي بحاجةٍ إلى التفهم وليس إلى العلاج.

2. ذهان النفاس

  • فأعراضه تشبه أي مرض ذهان آخر وتشتمل على الهلوسات والضلالات وفقدان الرشد.
  • يؤدي بواحدة من كل خمسمائة امرأة منجبة إلى الدخول إلى مستشفى الأمراض النفسية، وهو أكثر انتشاراً في الدول النامية، وعادةً ما يبدأ في الأسبوع الثاني بعد الولادة، وغالباً ما يكون وجدانياً وأحياناً فصامياً.
  • هذا ومن الضروري جداً تقييم أفكار الأم الذهانية حول وليدها في فترة المرض للتأكد من عدم إلحاق أي مكروه به من جراء ضلالات الأم.
  • فمثلاً تعتقد الأم التي تصاب بالذهان الكآبي بأن الطفل مريض جداً وبأنه سيتعذب من شدة الفقر وصعوبة الحياة فتُقْدمُ على قتل وليدها لتجنيبه المعاناة.
  • أما الضلالات الفصامية فقد تُصوِّر لصاحبتها أن الطفل مخلوق شرير وشيطاني وأنه جالب للنحس مما يؤدي بها أيضاً إلى التخلص منه.(إقرأ أيضاً: اضطراب الفصام أكثر الأمراض النفسية خطورة)
  • في كلتا الحالتين قد تُقْدم الأم على الانتحار فور استعادة رشدها وإدراكها لما فعلت.
  • لذا يجب إبقاء الأم الذهانية تحت الملاحظة وعدم خلوتها بطفلها إلى أن يتم شفاؤها من كل الضلالات.

مما هو جدير بالذكر أن للصدمات الكهربائية دوراً مهماً جداً في علاج تلك الأمهات ليتمكنّ من معاودة العناية بأطفالهن بأسرع وقت ممكن. بالعلاج، يتعافى معظم هؤلاء الأمهات، وقد يعاود المرض ما يقارب 30% منهن في ولادات مستقبلية، لذا ينصح بمتابعتهن من قبل طبيب نفسي قبل الولادة لضمان السيطرة على أعراضهن النفسية قبل تفشيها.

3. الاكتئاب

تصيب الكآبة متوسطة الشدة ما يقارب 10% من النساء في الأسابيع الأولى بعد الولادة.

أعراض الكابة بعد الولادة

  • التعب.
  • القلق.
  • الشعور السلبي تجاه الوليد والمخاوف المرضية.
  • قد تستمر هذه الأعراض مدة تتراوح بين 2-6 أشهر، وتكشف قلة النوم والإرهاق وصعوبة التأقلم على دور حياتي جديد، كدور الأم، عن الاستعداد الوراثي للإصابة بمثل هذا النوع من الأمراض.
  • قد يصاب الآباء أيضاً بهذه الأعراض نتيجة لنفس الأسباب، بالإضافة إلى انشغال الزوجات عنهم بالوليد الجديد.(إقرأ أيضاً: الاكتئاب.. اضطراب نفسي قد يكون قاتلاً)

إن للعلاج النفسي والدوائي أثراً فعالاً في علاج هذه الأمراض وتفادي انعكاساتها على الطفل وتطوره الإدراكي والعاطفي، لكن للأسف لا يتم اكتتشاف كثير من حالات اكتئاب ما بعد الولادة مما يؤدي إلى أن يصبح هذا المرض مزمناً ويُظنُّ خطأً أنه تغيرٌ طبيعيٌ في شخصية المرأة بعد الولادة.(إقرأ أيضاً: )

4. الصحة النفسية واعراض الدورة الشهرية

  • من ملحقات الحديث عن الصحة النفسية والإنجاب ما يتعلق بأعراض الدورة الشهرية، وهي تشتمل على أعراض نفسية وأخرى جسمية، متل التوتر وتدني المزاج والارتباك والرغبة القوية في تناول الطعام.
  • يلعب العامل النفسي دوراً في حدة الأعراض الجسمية المصاحبة للدورة الشهرية كآلام البطن واضطراب الجهاز الهضمي.
  • تصيب هذه الأعراض فئةً كبيرةً من النساء، وتعزى للاضطراب الهرموني والتكوين النفسي العصابي للمرأة.(إقرأ أيضاً: الاضطرابات النفسيه خلال فتره النفاس ودور الهرمونات في ذلك)
  • كذلك فإن لبلوغ "سن الأمل" كما أفضل أن أسميه، وما يترتب على التغيير الهرموني المصاحب لانقطاع الدورة الشهرية تأثيراً مهماً على الأداء النفسي للمرأة مما يعرّضها لأعراض الكآبة والقلق، خصوصاً وأن هذه الفترة تتزامن في الغالب مع تغيرات اجتماعية مثل خروج الأبناء من المنزل أو مرض الوالدين أو تغير العلاقة مع الزوج.(إقرأ أيضاً: أعراض سن الأمل: الهبات الساخنة)

كل ما سبق من شأنه أن يفسر تعرض النساء للإصابة ببعض الأمراض النفسية بنسبة أكبر من الرجال، مما يسترعي انتباهاً خاصاً لصحة المرأة النفسية وخصوصاً في مراحل التغير الفيزيولوجي وما يترتب عليه من تغيرات في الدور الاجتماعي. والحقيقة أن لزملائنا في طب النساء والولادة وطب الأطفال وطب العائلة الدور الأكبر في اكتشاف الأمراض النفسية لدى النساء سواءً عند المعاينة لهن أو معاينة الأطفال حديثي الولادة، خصوصاً وأن الطفل في هذه المرحلة مرآة لحال أمه، ويستطيع هؤلاء الأطباء معالجة الحالات السهلة من هذه الأمراض وتحويل ما استعصى منها إلى الطبيب النفسي دون تأخر.

إقرأ أيضاً:

سيكولوجية الحمل وتأثيراتها على الزوجين

الامهات كبيرات السن اكثر احتمالا للاصابة بالاضطرابات النفسية

حياة المرأة الحامل وما يُرافقها من تغيرات نفسية وفيسيولوجية

نساء مكلومات: مشاكل عائلية تؤدي إلى اضطرابات نفسية