الذاكرة هي القدرة على تخزين المعلومات واسترجاعها، وهناك العديد من أنواع الذاكرة المختلفة التي تسمح للجنس البشري بالتفاعل في العالم الذي نعيش فيه. أحد أنواع الذاكرة الرئيسية هي تلك التي يطلق عليها العلماء "الذاكرة العرضية".
وفقا لموسوعة العلوم العصبية فإن الذكريات العرضية هي عبارة عن ذكريات مستعادة بوعي تتعلق بأحداث قد عايشها الشخص من قبل. ومع ذلك، لا يمكن لأي شخص أن يتذكر جميع أنواع الذكريات العرضية بصورة متساوية.
اقرأ أيضا: أطعمة مفيدة لتقوية الذاكرة
تتمثل إحدى الطرق لتوضيح ذلك في التفكير في الخلافات بين الأزواج: بينما قد يفسر أحد الشركاء أنه منزعج من حدث معين من الماضي، فإن الشريك الآخر قد لا يتذكر حتى أن هذا الحدث قد حدث.
يمكن أن تؤثر العديد من العوامل على قدرة الشخص على تذكر الذكريات العرضية، من بينها التدهور المعرفي المرتبط بالعمر والانخفاض المعرفي المرتبط بالخرف.
علاوة على ذلك، أشارت دراسة نشرت في المكتبة الوطنية الأمريكية للطب عام 2016 إلى أن خيارات نمط الحياة تؤثر أيضًا على وظائف الذاكرة، مثل التدخين ومدة النوم الطويلة.
ومع ذلك، قد يلعب الجنس البيولوجي للشخص أيضًا دورًا، حيث أنه وفقًا لدراسة صادرة عن معهد كارولينسكا في سولنا بالسويد، حللت الدراسة أدلة من مئات الدراسات التي تبحث في كيف يتذكر أعضاء من الجنسين المعلومات العرضية.
تشير النتائج، التي تم نشرها عام 2019 في مجلة النشرة النفسية (Psychological Bulletin) إلى أن النساء أفضل في تذكر أنواع معينة من الذكريات العرضية أكثر من الرجال.
أجرى الباحث البارز البروفيسور أجنيتا هيرليتز وفريقه تحليلاً لـ 617 دراسة أجريت في الفترة 1973-2013، بما في ذلك أكثر من 1.2 مليون مشارك بشكل عام.
وقد أظهرت النتائج أن هناك قدرة للإناث في استرجاع الذكريات العرضية، وتختلف هذه القدرة اعتمادًا على الأشياء التي يجب تذكرها، على وجه التحديد، أظهرت النتائج أن النساء أفضل في تذكر الكلام، والأحداث التي شاهدتها في الأفلام، وهن أيضا أكثر قدرة في تذكر الوجوه والصور الحسية. من ناحية أخرى، يبدو أن الرجال أفضل في تذكر المعلومات المجردة والبيانات الملاحية، كما تتذكر النساء بشكل أفضل عندما يتعلق الأمر بتذكر المعلومات الشفهية، مثل الكلمات والجمل والنصوص، وكذلك مواقع الأشياء، في حين أنه يمكن للرجال أن يتذكروا الصور المجردة بشكل أفضل.
اقرأ أيضا: أسباب فقدان الذاكرة
تشير دراسة أخرى تم نشرها عام 2013 في مجلة (Science Psychological)، وهي مجلة تابعة لجمعية العلوم النفسية إلى أنه بالمقارنة مع الرجال، فإن النساء يمتلكن موهبة التركيز على عيون وأنف وفم شخص قابلته للتو. يقول الباحثون إن هذا الاتجاه قد يجعل النساء أفضل في تذكر الوجوه.
خلال هذه الدراسة، تم عرض عشرات الصور من الوجوه المختارة عشوائيا مع أسماء مرفقة لهذه الوجوه على الرجال والنساء الذين خضعوا للدراسة وقيل لهم أن يتذكروا كلا منهم.
لاختبار قوة استرجاعهم، أظهر الباحثون من جامعة ماكماستر الكندية للمشاركين مجموعة عشوائية أخرى من صور الوجه وأمروهم بالإشارة إلى الأشخاص الذين رأوهم من قبل. تم اختبار مجموعة واحدة خلال يوم واحد، وقال الباحثون إن النساء في التجربة التي استمرت ليوم واحد لديهن ذاكرة أفضل بكثير للوجوه التي شاهدنها مقارنة بالرجال.
تم استخدام تقنية تتبع العين خلال الاختبارات لتفسير الاختلافات بين الجنسين، حيث وجد الباحثون أن النساء في الدراسة قد ركزن على ملامح الوجه أكثر بكثير من الرجال في الصور المعروضة عليهم.
أوضحت الباحثة جينيفر هايس أن الطريقة التي يوجه بها الشخص عيونه تجاه وجه فرد جديد تؤثر على قدرته على إدراك ذلك الشخص لاحقًا، كما أوضحت أن الدراسة كشفت أن النساء يُدِمنَ النظر إلى الوجوه الجديدة أكثر من الرجال، مما يسمح لهن بإنشاء ذاكرة أكثر ثراءً وتفوقًا.
باحث آخر في الدراسة، ديفيد شور، وهو أستاذ علم النفس في مكماستر، قال إن هذه المهارة لاشعورية لدى النساء لأن الأفراد لا يلاحظون عادة مكان ثبات عيونهم.
وقال شور في تقريره أن "النتائج تفتح إمكانية أن يؤدي تغيير نمط حركة العين لدينا إلى ذاكرة أفضل." "قد تثبت زيادة المسح أنها استراتيجية بسيطة لتحسين ذاكرة الوجه في عموم البشر، وخاصةً بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من ضعف الذاكرة مثل كبار السن."
اقرأ أيضا: تنشيط الذاكرة و وظيفة الدماغ بالغذاء الصحي
في إحدى الدراسات في مجلة (Vision Research) عام 2012، وجد الباحثون اختلافات بين الجنسين في الطريقة التي يركز بها الناس في المحادثة، حيث يميل الرجال إلى التركيز على فم الشخص الذي يتحدثون إليه، في حين تميل النساء إلى تبديل نظراتهن بين عيون المتحدث ووجهه.
قد تساعد كل هذه النتائج في تسليط الضوء على الأسئلة طويلة الأمد حول السبب الذي يجعل بعض الأشخاص يتذكرون الوجوه بسهولة بينما ينسى الآخرون بسرعة وجه شخص قابلهم للتو.
اقرأ أيضا: إحدى عشرة طريقة لتحسين أداء الذاكرة