من الطبيعي أن يعاني الناس من الحزن والكرب في حال واجهتهم حوادث ومشاكل حياتية صعبة.. لكن متى تعتبر هذه المعاناة معضلة نفسية تستدعي تدخلاً علاجياً؟
أشارت دراسات عديدة أجرتها منظمة الصحة العالمية، إلى أن واحداً من كل أربعة اشخاص يعاني من مشاكل نفسية.
و مع أن هذه النسبة تعتبر مرتفعة (أي أن العديد من أبناء المجتمع الواحد يعانون من مشاكل نفسية) فإن التمييز بحق هؤلاء الأشخاص ما زالت قائمة وشائعة.
و الاعتقاد الخاطئ الذي يفترض أن الأمراض النفسية عائدة إلى ضعف في شخصية الإنسان ما زال موجوداً.
تعريف الصحة النفسية
يعتبر الشخص سليماً من الناحية النفسية في حال استطاع التغلب على المشاكل والمصاعب والضغوطات الحياتية الطبيعية، ومتابعة نشاطاته العادية، ويكون بمقدوره العناية والاهتمام بنفسه (في حال عدم وجود عاهات جسدية).
كذلك يعتبر الشخص سليماً من الناحية النفسية في حال استطاع إدراك إمكانياته وقدراته، والإسهام في تحسين ورفع شأن مجتمعه.
ومع ذلك، فإن صحة الشخص النفسية والشعور بالسعادة، لا تبقى على ما هي عليه دائماً، فهي معرضة للتغيير بفعل ظروف ومراحل الحياة المختلفة.
وأستطيع القول إن كل واحد منا مر، أو سيمر، بفترات قصيرة الأمد من الانفعال، مثل: الكرب والأسى.
غير أن اعراض الأمراض النفسية تدوم لفترة أطول من المعتاد، وهي في الغالب ليست نتاج رد فعل للحوادث والمشاكل اليومية.
وعندما تصبح هذه الأعراض شديدة لدرجة أنها تؤثر سلباً في مقدرة الشخص على القيام بواجباته اليومية، فمن الممكن اعتباره مصاباً بمرض أو اضطراب نفسي بمعنى الكلمة وبحاجة لتدخل علاجي.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، يشعر الشخص المصاب بالاكتئاب بالحزن الشديد والمستمر، و يفقد الحافز للقيام بأي نشاط يذكر، و ينعزل عن محيطه.
و تتطور هذه الأعراض خلال عدة أسابيع أو أشهر (مع أنها قد تحدث في بعض الأحيان خلال مدة أقصر من ذلك).
و تقسم الأعراض النفسية إلى مجموعتين رئيسيتين، هما:
-اعراض عصابية (Neurotic).
-أعراض ذهانية (Psychotic).
والحالات العصابية هي عبارة عن أشكال (ردود فعل) شديدة من التجارب أو المعاناة العاطفية الطبيعية، مثل:
القلق والاكتئاب و الوسواس القهري .
ويصاب بالعصاب نحو شخص واحد من كل عشرة أشخاص (منظمة الصحة العالمية 2012).
وأما في الحالات الذهانية فيصاب الشخص باضطراب الإدراك للحقيقة والواقع وتشوش أفكاره ورؤيته للأمور من حوله (ضلالات وهلوسات). ومن أبرز حالات الذهان، هي:
الفصام والاضطراب ثنائي القطب. ويعاني من الذهان نحو شخص واحد من كل مئة شخص (منظمة الصحة العالمية 2012).
ومما جاء سابقاً أستطيع القول إن الأمراض النفسية شائعة جداً، غير أن معظم المرضى يتعافون منها، أو يتعلمون كيف يجب أن يتعايشوا معها، وبخاصة في حال التشخيص المبكر لمعاناتهم.
أسباب الأمراض النفسية
ما زال السبب الحقيقي الذي يقف وراء الأمراض النفسية غير معروف، غير أنه يعتقد أن مجموعة من العوامل العضوية والنفسية والبيئية مجتمعة تلعب دوراً في نشوء مثل هذه الأمراض.
وأشارت الدراسات طويلة الأمد إلى أن المورثات (الجينات) تلعب دوراً مهماً في جعل الشخص مهيئاً للإصابة بالأمراض النفسية، وأحسن مثال على ذلك الاضطراب ثنائي القطب، الذي يصاب به أكثر من عضو داخل العائلة الواحدة.
وأما العوامل النفسية التي تجعل الشخص عرضة للإصابة بالاضطرابات النفسية، هي:
فقدان شخص عزيز، سوء المعاملة أو الإيذاء الجسدي والجنسي والنفسي والإهمال.
ومن أبرز العوامل البيئية، هي:
-الأمراض الجسدية المزمنة
-الطلاق
-موت شخص عزيز وفقدان وظيفة
-الإدمان على المخدرات
-تفكك العائلة
-الكوارث الطبيعية (زلازل، فيضانات.. )
-الكوارث من صنع الإنسان (حروب، احتلال، وقمع سياسي وعسكري..).
اقرأ أيضاً:
الأمراض النفسية تؤدي إلى القتل
عشرة حلول للتخلص من الإجهاد و التوتر