تم الإبلاغ مؤخراً عن ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا المستجد (بالإنجليزية: Corona) انتشرت بسرعة وبشكل كبير في لندن وجنوب شرق إنجلترا، وقد أطلقت منظمة الصحة العالمية على هذه السلالة اسم متغير كوفيد-19 (بالإنجليزية: SARS-CoV-2 Variant) ويشار إلى هذه السلالة أيضاً باسم (SARS-CoV-2 VOC 202012/01) أي المتغير أو المتحول الأول لفيروس كورونا 2 المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة الذي ظهر في ديسمبر 2020، أو سلالة كورونا N501Y، أو سلالة كورونا B.1.1.7.
تحمل سلالة كورونا الجديدة طفرات جينية غير موجودة في فيروس كوفيد-19، وبناء على هذه الطفرات من المتوقع أن يكون الفيروس قابل للانتشار بسرعة أكبر من فيروس كوفيد-19 (بالإنجليزية: Covid-19)، ولكن هذه الحقائق وحدها لا تعني أن سلالة كورونا الجديدة يمكن أن تكون أكثر عدوى، أو يمكن أن تسبب جائحة مثل جائحة كورونا، ولا يزال العمل جاري على فهم هذه السلالة، ومدى سهولة وسرعة انتقالها، وتأثيرها على البشر.
في هذا الوقت لا توجد أدلة على أن السلالة الجديدة من فيروس كورونا قد تسبب مرضاً أكثر خطورة، أو قد تزيد من خطر الوفاة، كما أن الخصائص الفيروسية، والوبائية، والسريرية لهذه السلالة ظهرت بسرعة، مما يعني أن هناك حاجة لمراقبة هذه السلالة عن كثب لتوفير معلومات كافية عن السلالة الجديدة لفيروس كورونا المستجد.
فيم تختلف السلالة الجديدة لفيروس كورونا عن فيروس كورونا المستجد؟
تحمل السلالة الجديدة من فيروس كورونا14 طفرة جينية (الطفرة هي التغير في الشيفرة الجينية)، وقد أدت هذه الطفرات إلى حدوث تغيرات في الأحماض الأمينية للفيروس، وحدوث 3 عمليات حذف في المادة الوراثية للفيروس الأصلي، مما أكسب الفيروس صفات جديدة، وقد تؤثر هذه الطفرات على قدرة انتقال الفيروس بين البشر، وتشمل الطفرات التي تحملها السلالة الجديدة ما يلي:
- الطفرة N501Y التي تسببت بتعديل في الأحماض الأمينية لحسكات الفيروس التي تشبه الأشواك، ويستخدم الفيروس هذه الحسكات للارتباط بالخلايا ودخولها من خلال الارتباط بمستقبلات توجد على سطح الخلايا تعرف بمستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 ليتمكن من التكاثر، وقد أدت هذه الطفرة إلى تقارب الحسكات أكثر من بعضها البعض، مما قد يزيد من فرصة العدوى وانتشار الفيروس، ولكن لا تزال النتائج الملاحظة حول هذه الطفرة محصورة ضمن النماذج الحيوانية.
- الطفرة P681H في حسكات الفيروس، وقد لوحظ أن هذه الطفرةزادت من إمكانية دخول الفيروس إلى النسيج الطلائي التنفسي الذي يبطن القنوات الهوائية لدى الحيوانات.
- يؤثر الحذف في الموقع 69/70 للمادة الوراثية للفيروس على أداء بعض فحوصات تفاعل البوليمراز المتسلسل (بالأنجليزية: polymerase chain reaction or PCR)، ولكن لن يكون لهذا التغيير تأثير كبير على الفحص بسبب وجود أهداف متعددة يمكن أن يستهدفها الفحص للكشف عن الفيروس، ولكن قد تؤثر هذه الطفرة على قدرة الفيروس في التهرب الاستجابة المناعية للجهاز المناعي لدى الإنسان.
- الطفرة D614G تمنح الفيروس قدرة على الانتشار بسرعة بين البشر.
للمزيد: فوائد أخذ لقاح كورونا
هل السلالة الجديدة لفيروس كورونا معدية أكثر؟
تشير التقارير الأولية من المملكة المتحدة إلى أن السلالة الجديدة من فيروس كورونا قابلة للانتقال أكثر من السلالات الأخرى، ولكن لا توجد معلومات حول ما إذا كانت هذه السلالة مرتبطة بأي تغيير في شدة المرض أو الاستجابة للأجسام المضادة.
لا يزال من السابق لأوانه أيضاً القول بأن السلالة الجديدة لفيروس كورونا يمكن أن تتسبب في زيادة عدد الحالات، إلا أن الإحصاءات أظهرت تغيراً وازدياد في عدد الحالات، وزيادة كبيرة في قابلية الانتقال بالمقارنة مع فيروس كوفيد-19.
هل السلالة الجديدة لفيروس كورونا أكثر خطورة؟
غالباً ما تظهر سلالات من الفيروسات أو تختفي، وقد يكون التحول الذي حدث للفيروس قد حدث ليساعده على الانتشار بشكل أفضل بين البشر، وقد أثار هذا التغير السريع للفيروس وتحوله من سلالة نادرة إلى سلالة شائعة قلق العلماء، مما دفعهم للعمل بسرعة على تقييم خصائص السلالة الجديدة من فيروس كورونا، والمرض الذي يمكن أن تسببه، ولكن تشير الدلائل لإمكانية تطور نتائج أسوأ مع هذه السلالة من الفيروس، خاصة إذا كانت لدى السلالة الجديدة القدرة على الارتباط بشكل أكبر بمستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 على سطح الخلايا.
اقرأ ايضاً: اهمية لقاح الانفلونزا خلال زمن كورونا
هل لقاحات كورونا فعالة ضد سلالة كورونا الجديدة؟
لا يوجد دليل حالياً على أن السلالة الجديدة لفيروس كورونا يمكن أن تكون مقاومة للقاحات المضادة لفيروس كوفيد-19، وقد أشار البروفيسور رافي جوبتا بروفيسور علم الأحياء الدقيقة السريرية في جامعة كامبردج إلى أنه من غير المرجح أن تفلت السلالة الجديدة من فيروس كورونا من اللقاحات، لأن اللقاحات المتوفرة حالياً تثير استجابة الخلايا التائية (نوع من خلايا جهاز المناعة) واستجابات الأجسام المضادة، وكلا الاستجابتان تستهدفان حسكات الفيروس في أجزاء متعددة.
أشارت شركة بيونتك إلى أنها واثقةمن أن اللقاح الموافق عليه لمحاربة عدوى كوفيد-19 سيكون فعال في محاربة السلالة الجديدة من فيروس كورونا، ولكن أشارت الشركة إلى أنه لا تزال هناك حاجة للمزيد من البحث قبل تأكيد هذه الفعالية للقاح.
وفقاً لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC قد تكون قدرة السلالة الجديدة من فيروس كورونا على التهرب من المناعةالتي يسببها اللقاح مصدراً للقلق، لأن تلقيح الكثيرين باللقاح سيولد ضغطاً مناعياً على الفيروس، مما يمكن أن يدفعه إلى تطوير طفرات تساعده على التهرب من المناعة التي يسببها اللقاح، ولكن لا توجد أدلة على أن مثل هذه الطفرات موجودة حالياً لدى السلالة الجديدة من فيروس كورونا، ويعتقد الكثير من العلماء أنه من غير المرجح أن تظهر مثل هذه الطفرات وفقاً لطبيعة الفيروس.
هل كان من المتوقع أن تظهر السلالة الجديدة لفيروس كورونا؟
ليس من المستغرب أن تطور الفيروسات طفرات، فعلى سبيل المثال تتحور فيروسات الإنفلونزا الموسمية كل عام لتنتج سلالات جديدة.
تتحور الفيروسات دائماً، لذا كانت الطفرات والتغيرات التي حدثت لفيروس كورونا وأدت لظهور السلالة الجديدة متوقعة جداً، كما أن التغيرات الأخيرة على الفيروس أظهرت أنه لا تزال هناك مفاجئات وتحديات ستواجه العالم من فيروس كوفيد -19 نتيجة للطفرات التي تغير من صفات الفيروس.