يُعرف النيكوتين (بالإنجليزية: Nicotine) على أنه نوع منشّط من الأدوية، يُستخدم بغرض تسريع انتقال الإشارات العصبية بين الدماغ والجسم، ويدخل في تركيبة منتجات التبغ المختلفة، وبعض سوائل السجائر الإلكترونية، ويتميّز بكونه مادة تُسبب الإدمان بشدة، فما تأثير النيكوتين على الدماغ؟ [1] [2]
تأثير النيكوتين على الدماغ
يؤثر النيكوتين على أجهزة الجسم ككل بما في ذلك الدماغ؛ إذ يُحفز العديد من التفاعلات الكيميائية في الدماغ، ما يزيد من خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية كاضطراب الاكتئاب الشديد (بالإنجليزية: Major Depressive Disorder)، والاضطراب ثنائي القطب (بالإنجليزية: Bipolar Disorder)، وغيرها من الحالات الصحية، وفيما يلي توضيح للآلية التي يؤثر من خلالها النيكوتين على الدماغ: [3] [4] [5] [6]
- يتنقل النيكوتين إلى الرئتين بمجرد تدخين السجائر التي تحتوي عليه، ثم تبدأ عملية امتصاصه، ويستغرق وصول النيكوتين للدماغ في هذه الحالة ما يُقارب 20 ثانية، علمًا أنه قد يحتاج وقتًا أطول بعض الشيء عند مضغ بعض أنواع منتجات التبغ التي تحتوي على النيكوتين أو استخدام السجائر الإلكترونية.
- عندما يصل النيكوتين إلى الدماغ، فإنه يرتبط بالمستقبلات العصبية المخصصة للأسيتيل كولين (بالإنجليزية: Acetylcholine)، ويتبعه عدد من التفاعلات الكيميائية، منها:
- تحفيز الغدد الكظرية التي تبدأ في إطلاق كميات كبيرة من الأدرينالين (بالإنجليزية: Adrenaline)، والذي يُسبب ارتفاع معدل ضربات القلب والتنفس، يتبعه ارتفاع ضغط الدم، وكذلك ارتفاع نسبة السكر في الدم، والجدير بالذكر، أن مدخني النيكوتين يعانون من تثبيط إفراز هرمون الأنسولين؛ ما يؤدي لارتفاع مستويات سكر الدم لديهم.
- ارتفاع مستويات الناقل العصبي الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine)، والذي يُسبب الشعور بالمتعة والرضا والسعادة.
- زيادة إفراز مادة الإندورفين (بالإنجليزية: Endorphin)؛ وهي مواد كيميائية تساعد على تخفيف التوتر والألم، وتحسين المزاج.
- يؤدي التعرّض المتكرر للنيكوتين إلى تغيير أجزاء الدماغ التي تساعد على إدارة مشاعر التوتر، والقلق، والتعلّم، وضبط النفس، بالإضافة إلى فقدان حجم الدماغ، وارتفاع خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وكذلك السرطان.
تأثير النيكوتين على الوظائف المعرفية والعقلية
كما أُسلف الذكر، يؤثر النيكوتين في الدماغ كثيرًا من خلال عدد من التفاعلات الكيميائية، وفيما يلي توضيح للآثار الجانبية التي يُخلفها النيكوتين على الدماغ:
التدهور المعرفي
من الطبيعي أن تنخفض القدرات المعرفية للشخص مع التقدم في السن، ومع ذلك يعاني مستخدمو النيكوتين من انخفاض وتدهور معرفي أسرع من غير المدخنين. [6]
زيادة خطر الإصابة بالخرف
يعاني مستخدمو النيكوتين من ارتفاع خطر الإصابة بالخرف مقارنةً بغيرهم، ويُعرف الخرف بأنه حالة صحية يمكن أن تؤثر على الذاكرة، وقدرات التفكير، والمهارات اللغوية، والحكم، والسلوك. [6]
اقرأ أيضًا: مرض الخرف بين التشخيص والعلاج والمضاعفات
فقدان حجم الدماغ
أشارت دراسة أجريت عام 2017، ونُشرت في مجلة (بالإنجليزية: Drug and Alcohol Dependence) أنه كلما زادت فترة التدخين، زاد خطر فقدان حجم الدماغ المرتبط بالسن، وقامت الدراسة على قياس كمية المادة البيضاء في الدماغ باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي لـ 43 شخص غير مدخن و 40 شخص مدخن تتراوح أعمارهم بين 22 - 70 عام، ووجد الباحثون أن التدخين يؤثر سلبًا على السلامة الهيكلية لمناطق الدماغ تحت القشرية، كما أن المدخنين لديهم كميات أكبر من فقدان حجم الدماغ المرتبط بالسن في عدة مناطق من الدماغ مقارنةً بغير المدخنين. [7]
ارتفاع خطر الإصابة بالسكتة الدماغية
وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (بالإنجليزية: Centers for Disease (Control and Prevention - CDC، فإن المدخنين أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية من غير المدخنين بمقدار 2 - 4 مرات لدى كل من الرجال والنساء، ويزداد الخطر كلما زاد عدد السجائر. [6]
ارتفاع خطر الإصابة بالسرطان
من المحتمل أن تتسبب المواد الكيميائية السامة التي تدخل في تركيبة منتجات التبغ في الإصابة بسرطان الدماغ وغيره من أنواع السرطان الأخرى التي تُصيب أجهزة الجسم، ويعود ذلك للتغيرات الجينية التي تُسببها هذه المواد السامة في تركيبة الدماغ، والرئتين، والحلق. [6]
تأثير النيكوتين على دماغ صغار السن
نظرًا لانتشار التدخين كثيرًا بين الشباب في فترة المراهقة، فيجدر الحديث عن تأثيره على أدمغتهم، ووفقًا للأبحاث يُعد النيكوتين مادة ضارة للأدمغة النامية، ويؤثر تعاطيه خلال فترة المراهقة في بنية الدماغ وأجزائه التي تتحكم في الانتباه والتعلم وغيرها، وفيما يلي توضيح لتأثير النيكوتين على دماغ صغار السن: [8]
- يؤثر استخدام النيكوتين للشباب على مستقبلات الدماغ الرئيسية، الأمر الذي يزيد من فرصة إدمانهم عليه.
- يزيد تدخين السجائر الإلكترونية التي تحتوي كذلك على النيكوتين من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
- يمكن أن يؤدي استخدام النيكوتين إلى تفاقم أعراض القلق والتوتر.
النيكوتين والاكتئاب
يرتبط الاكتئاب بزيادة الميل للتدخين والتعرض للنيكوتين؛ إذ إن البالغين الذين يعانون من الاكتئاب هم أكثر ميلًا للتدخين بمرتين مقارنةً بالبالغين الذين لا يعانون من الاكتئاب، والجدير بالذكر أن النيكوتين يُحفز إطلاق مادة الدوبامين في الدماغ، والتي تتسبب في الشعور بالرضا والمتعة والسعادة، وغالبًا ما تكون مستوياتها منخفضة لدى الأشخاص المصابين بالاكتئاب، والذين قد يستخدمون السجائر لزيادة إفرازها مؤقتًا. [9]
نصيحة الطبي
ينبغي الانتباه جيدًا لمدى تأثير النيكوتين على الدماغ، والتعرف على الأضرار والتأثيرات السلبية الصحية والنفسية التي قد تنتج عن استخدامه، علمًا أن الإقلاع عن التدخين، وطلب يد العون من الأصدقاء أو العائلة أو الأطباء المختصين يمكن أن يقلل من فرصة حدوث هذه الأضرار.