يعد التأمل الواعي عبارة عن تدريب عقلي لتحسين الأداء النفسي والبدني، أصبحت الأيام مشحونة بالمهام والأعباء الحياتية، ووصلت درجة التوتر إلى ذروتها مع ازدياد المسؤولية ما بين أعباء العمل ومهام المنزل، وغياب الوقت اللازم للاختلاء بالنفس أو الترويح عنها، يجري الجميع هنا وهناك محاولاً اللحاق بالوقت وإنجاز أكبر قدر ممكن من المهام.

في خضم كل ذلك ينسى الناس التواصل مع أنفسهم ومع اللحظة التي تمر، ويحدث الانفصال الكامل عن الأنشطة التي يقومون بها في تلك اللحظة، ومن هنا ولدت فكرة التأمل الذاتي أو الواعي، وتصادف الذكرى السنوية للتأمل في 20 من شهر مايو، ويدور التأمل حول ممارسة تركيز الانتباه على اللحظة الحالية وتقبلها دون إلهاء أو إصدار أحكام، عن طريق تلقي العقل تدريباً يتضمن توجيه التفكير إلى ما يحدث في ذلك الوقت نحو جميع ما يمكن أن يختبره الإنسان مثل العواطف، والأفكار، والأحاسيس.

يجري العلماء حديثاَ أبحاثاً علمية حول التأمل الواعي، حيث وجد أنه قد يكون الطريق إلى الحد من التوتر، والقلق، والحزن، وزيادة معدل التركيز والسعادة، يتضمن التأمل والاسترخاء وتمارين لزيادة الوعي بالجسم والعقل، وتمارين التنفس، وتخيل عقلي، واسترخاء الجسم والعضلات.

للمزيد: اليوغا والتأمل لعلاج الوسواس القهري


فوائد التأمل الواعي

ممارسة التأمل له مزايا عديدة، حيث يكون الشخص حاضراً بالفعل ومتصلاً بالكامل مع أياً ما كان النشاط الذي يمارسه بالإضافة إلى الوعي واليقظة إلى الأفكار والمشاعر، نذكر بعضاً من تلك المزايا:

  • التأمل الواعي لتحسين الصحة العامة والمزاج العام.

يسهل التدريب على التأمل الواعي للاستمتاع بمباهج الحياة لحظة حدوثها، ويجعل الإنسان متصلاً بشكل كامل مع الأنشطة التي يمارسها، ويخلق مساحةً أكبر للتعامل مع الأحداث المزعجة، وذلك عن طريق التركيز على ما يحدث هنا والآن.

نتيجة لذلك يصبح الإنسان أقل تعرضاً للتوتر والقلق على المستقبل أو الانغماس في شعور الندم على تصرفات الماضي، وبالتالي يقل الانشغال بتحقيق النجاح الباهر، وإثبات الذات المبالغ به، وتتعمق أواصر العلاقات مع الآخرين.

إقرأ أيضاً: أطعمة وممارسات غذائية لتقليل هرمون التوتر في الجسم.

  • التأمل الواعي لتحسين الصحة البدنية.

تساعد تقنيات التأمل الواعي على تحسين الصحة الجسدية بعدة طرق منها:

  • حماية الجسم من الإصابة بأمراض القلب.
  • خفض ضغط الدم المرتفع.
  • التخفيف من الآلام المزمنة.
  • المساعدة على النوم.
  • التقليل من اضطرابات الهضم ومشاكل الأمعاء، وإزالة التوتر والذي هو سبب أساسي للعديد من الأمراض السابقة.
    • التأمل الواعي لتحسين الصحة العقلية.

    اتجه أطباء النفسية والعصبية في الآونة الأخيرة إلى تقنيات التأمل الروحي كعنصر هام في علاج عدد من المشاكل والأمراض مثل: الاكتئاب، وإيذاء النفس، واضطرابات الأكل، واضطراب الوسواس القهري.

    للمزيد: أهمية التأمل والاسترخاء في تحسين الأداء الجنسي.

    تقنيات التأمل الواعي

    تساعد ممارسة التأمل الواعي الناس على تقبل خبراتهم الحياتية حتى المؤلمة منها، بدلاً من مقاومتها بكل عدائية واشمئزاز، ويوجد العديد من الطرق لممارسة التأمل الواعي، ولكن تشترك كل الطرق في أنها يجب أن تحقق حالة من اليقظة والاسترخاء عن طريق الانتباه الجيد للأفكار والأحاسيس دون إطلاق الأحكام.
    تساعد تلك التقنيات العقل على الغوص في اللحظة الحالية، وتعد كل تقنيات حضور الذهن نوعاً من أنواع التأمل، نذكر منها:

    • التأمل الواعي الأساسي

    يمارس هذا النوع عن طريق الجلوس مع التركيز على معدل وسرعة التنفس أو على كلمة معينة يتم ترديدها سراً، ويسمح للأفكار أن تدخل إلى العقل وتذهب بحرية دون محاولة منعها، مع العودة إلى التركيز على التنفس باستمرار.

    • الحواس الخمس

    عن طريق متابعة الحواس الخمس، التركيز على المشاهد، أو الأصوات، أو الروائح، أو الطعوم، أو الملمس لكل ما يوجد بالبيئة المحيطة.

    • التركيز على الأشخاص

    يعتمد التركيز هنا على وجوه أشخاص معينة، أشخاص محبوبة، أو مكروهة، أو أشخاص مشهورة، أو مؤثرة.

    • العواطف

    السماح للعواطف أن تتواجد وتغزو العقل دون مقاومة مثل: الفرح، أو الغضب، أو اليأس، مع تقبل وجود مثل تلك المشاعر الإيجابية أو السلبية.

    • أحاسيس الجسم

    يكون التركيز هنا على الأحاسيس التي تمر بالجسم بأكمله بداية من الرأس إلى أصابع القدم، مثل الإحساس بالوخز أو الحكاك الجلدي، وكأن الممارس للتأمل يقوم بمسح الجسم بأكمله لرصد أي إحساس.

    • الانعكاس

    يعتمد التركيز هنا على إجابة سؤال محدد يسأله ممارس التأمل لنفسه، وينتبه للمشاعر التي تعتريه أثناء الإجابة.

    للمزيد: اليوغا: فوائدها وكيفية أدائها.

    طرق بسيطة لممارسة التأمل الواعي

    في رحلة تدريب العقل على أن يظل حاضراً، يتم تدريب النفس على الانغماس بالحياة بذهن أكثر وعياً، لذا يمكن ممارسة التأمل الواعي بطرق مستمدة من الحياة اليومية، شرط التركيز والانتباه الشديد مثل:

    • غسل الأطباق.
    • تنظيف الأسنان.
    • القيادة البطيئة.
    • الاسترخاء وقت للنوم.

    في التأمل الواعي، يختار الممارس أن يحول الانتباه بعيداً عن اللغو اليومي الدائر بالعقل إلى ما يفعله الجسم بالفعل، وهنا يمنح العقل القدر الكافي ليركز ويهدأ عن ضجيجه المتواصل.