لا تقتصر قلة النوم على كونها حالة مزعجة تسبب التعب والإرهاق، ولكنها أيضًا يمكن أن تؤثر على وظائف الدماغ وصحته، فما هو مدى تأثير قلة النوم على صحة الدماغ؟
سنتناول الحديث في هذا المقال عن أضرار قلة النوم على الدماغ، وسنقدم بعض النصائح للحصول على نوم كافٍ للمحافظة على الصحة العقلية والإدراكية.
كيف تؤثر قلة النوم على الدماغ؟
يمر الفرد أثناء النوم العادي بثلاثة مراحل لحركة العين وهي: حركة العين غير السريعة، ثم يتبعها فترة من حركة العين السريعة كل 90 إلى 120 دقيقة، وتتكرر هذه الدورات عدة مرات خلال الليل.[1]
تحدث تغيرات كثيرة في الدماغ والجسم خلال هذه الدورات التي تتوافق مع مراحل النوم الفردية، وخلال هذه العملية، يتم تنشيط وتثبيط مواد كيميائية مختلفة في الدماغ لتنظيم عمليات الراحة والتعافي.[1]
لكن عند الحصول على كمية غير مناسبة من النوم، يؤثر ذلك سلبًا على وظائف الدماغ الطبيعية، ونظرًا لعدم وجود فرصة للتعافي، تصبح الخلايا العصبية في الدماغ مرهقة وتفقد القدرة على الأداء الوظيفي الأمثل من حيث التفكير والإدراك.[1]
كذلك تتسبب قلة النوم على المدى القصير في ضرر الدماغ والإدراك نتيجة الاستيقاظ المتكرر خلال الليل، ويعاني الأشخاص الذين لديهم اضطرابات النوم المزمنة من تأثير سلبي مستمر على أداء المهام اليومية، وقد تؤدي قلة النوم إلى زيادة خطر التدهور العقلي والخرف على المدى الطويل.[1]
أضرار قلة النوم على الدماغ قصيرة المدى
يمكن أن تؤثر قلة النوم على الأداء العقلي، والإبداعي، والإنتاجي في مجال العمل، بل يمكن أن تؤدي إلى مخاطر تتعلق بالسلامة، مثل الشعور بالنعاس أثناء القيادة، وتتضمن الآثار الأخرى المحتملة لقلة النوم على المدى القصير مجموعة واسعة من المشكلات، تشمل ما يلي:[1] [2]
- النعاس المفرط: يشعر الشخص بالنعاس والتعب خلال النهار، ويمكن أن يحدث ما يسمى بالنوم الدقيق، حيث يغفو الشخص لبضع ثوان دون قصد.
- قلة التركيز والانتباه: تؤدي قلة النوم إلى ضعف الانتباه، ومهارات التعلم والتفكير السريع.
- التأثير على القدرة التنفيذية: تؤثر قلة النوم على القدرة على تنفيذ التعليمات، والتخطيط، واتخاذ القرارات.
- انخفاض القدرة على التكيف: يمكن أن تعيق قلة النوم المرونة الإدراكية والقدرة على التكيف في الظروف المختلفة.
- ضعف القدرة العاطفية: يمكن أن تؤثر قلة النوم على القدرة على فهم المواقف العاطفية والتعامل معها بشكل صحيح.
- ضعف الحكم: تزيد قلة النوم من احتمالية اتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر، والتركيز على النتائج بدلاً من تجنب الجوانب السلبية.
- التأثير على المزاج والصحة العقلية: يمكن أن تؤثر قلة النوم بشكل كبير على المزاج والحالة العاطفية، مسببة سرعة الغضب والتوتر المستمر، حيث ذكرت مؤسسة العلوم الوطنية أن المشكلات المتعلقة بنقص النوم يمكن أن تؤدي إلى سرعة الغضب في المواقف المحتدمة، مثل حركة المرور، والخلافات مع الآخرين، كما أن الأشخاص الذين يعانون من نقص النوم عادة ما يكونون أقل استعدادًا لممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي، والمشاركة في الأنشطة الترفيهية، وممارسة الجنس بسبب الشعور بالنعاس والتعب.
اقرأ أيضًا: أسباب قلة النوم
أضرار قلة النوم على الدماغ طويلة المدى
ترتبط قلة النوم غالبًا بتدهور القدرات الإدراكية والاضطرابات العقلية، كذلك هناك ارتباط بين قلة النوم وتشخيص حالات الخرف لدى الأشخاص الذين تم تشخيصهم بالفعل بهذا المرض، ولذلك فإن قلة النوم تزيد من خطر الإصابة باضطرابات إدراكية على المدى البعيد، مثل:[1][3]
مشكلات الذاكرة
يمكن أن تؤثر قلة النوم على تكوين الذكريات قصيرة وطويلة المدى، تعمل كلًا من حركة العين غير السريعة وحركة العين السريعة على تحسين الذاكرة وتعزيزها، حيث أن حركة العين غير السريعة مرتبطة بالذاكرة التقريرية، وهي الذاكرة المستخدمة لتخزين المعلومات الأساسية والإحصائيات، كذلك تعزز حركة العين السريعة الذاكرة الإجرائية، التي تشمل القدرة على تذكر سلسلة من الخطوات أو الإجراءات.[1][3]
كذلك أشارت الدراسات التي أجريت بكلية الطب في سنغافورة إلى أن قلة النوم تؤثر سلبًا على الذاكرة عن طريق إعاقة العملية الطبيعية التي تعتمد على حركة العين غير السريعة وحركة العين السريعة في بناء الذكريات وتثبيتها، كذلك أشارت إلى أن الأشخاص الذين يعانون من قلة النوم قد يكونون عرضة لتخزين ذكريات غير حقيقية.[1][3]
مرض الزهايمر
يساعد النوم الدماغ على أداء وظيفته الأساسية الحيوية، مثل التخلص من بروتينات بيتا أميلويد التي يعتقد أنها ضارة، وفي حالة مرض الزهايمر، يتراكم بروتين بيتا أميلويد في تجمعات تسمى لويحات، وهذا يؤدي إلى تدهور الوظائف الإدراكية، حيث يمكن أن يؤدي قضاء ليلة واحدة فقط دون نوم إلى زيادة تراكم بروتين بيتا أميلويد في الدماغ.[1][3]
وجدت دراسة بكلية الطب بجامعة ييل، نيوهافن ارتفاعًا ملحوظًا في خطر الإصابة بمرض الزهايمر عند الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في النوم، إذ يعزى ما يصل إلى 15٪ من حالات الإصابة بمرض الزهايمر إلى قلة النوم.[1][3]
اقرأ أيضًا: علاج الأرق وقلة النوم
نصائح لتحسين النوم وأداء الدماغ
إذا كان الشخص يعاني من ضعف إدراكي أو نعاس مفرط أثناء النهار، يجب عليه الحصول على استشارة الطبيب، لمساعدته في تحديد سبب هذه الأعراض واستبعاد أي اضطرابات أخرى، مثل اضطرابات النوم التي قد تكون السبب الرئيسي لذلك، كذلك يمكن للطبيب وصف بعض الطرق لتحسين جودة النوم.[1]
توجد العديد من الطرق التي يمكن اتباعها لتحسين النوم والحصول على نوم صحي، تشمل ما يلي:[1]
- تحسين بيئة غرفة النوم.
- تغيير العادات والروتين اليومي للمساعدة في تجاوز العوامل التي تؤثر على جودة النوم.
- تحديد مواعيد نوم منتظمة.
- تجنب تناول المشروبات الكحولية والمنبهات، مثل الكافيين قبل النوم.
- تقليل استخدام الأجهزة الإلكترونية في غرفة النوم.