تعددت النظريات بشأن عدوانية الأطفال، فبعضها يلقي اللوم على التربية المنزلية، في حين يرجح آخرون هذا الأمر إلى البيئة المحيطة من أصدقاء وأقارب، والآراء حول المسألة تجمع على أن الأطفال العدائيين لم يولدوا بهذه الحال. وأكثر من يدعم هذه النظرية هم معلمو الأطفال، الذين غالباً ما يقضي الأطفال معهم أوقاتاً طويلة. ويؤكد المعلمون أن هذا الأمر يكاد يكون واضحاً، إذ أن سلوك الأطفال العدواني يكاد يختفي إذا عولجت المشكلة السلوكية من جذورها.

حقائق عن عنف الاطفال في المدارس

من أهم الحقائق المتعلقة بالعنف المدرسي عند الأطفال ما يلي:

  • يواجه معلمي المدارس الابتدائية في المدرسة أطفالاً شديدي العدائية، يتعاملون بعنف مع زملائهم في الصف، مشيراً إلى أن مظاهر العنف تتنوع بين الضرب والايذاء وتخريب مقتنيات زملائهم أو اخفائها، اضافة إلى التحريض.
  • أستاذ المرحلة الابتدائية اكتسب خبرة على مدى الأيام، وبات على يقين بأن مواجهة عنف التلاميذ، تأتي عبر تحليل المشكلة الكامنة وراء هذا السلوك.
  • يلجأ المدرس إلى مناقشة حالة التلميذ العنيف مع المرشد الطلابي في المدرسة لمعرفة أوضاعهم الأسرية.
  • أكثر ما يبعث على الحزن أن غالبية الأطفال العدوانيين يعيشون أوضاعاً عنيفة داخل أسرهم، ويتعرضون للتعنيف من الوالدين أو ممن يقوم مقامهما.
  • غالباً ما تكون أوضاع الأطفال الأسرية مشحونة بالخلافات والأجواء المتوترة، ما يجعلنا نؤمن أن العنف لا يولد إلا مزيداً من العنف.
  • يؤكد الطبيب النفسي كينيث شور أن الطالب الذي يسبب القلق والخوف لزملائه يستحق الاهتمام، لأن سلوكه يدل الى أنه طفل مثقل بالمشكلات، ما يجعله منبوذاً بين أقرانه، الأمر الذي قد يزيد من عدوانيته.
  • لا شك في أن الأطفال العدائيين يمثلون تحدياً حقيقياً لمعلميهم داخل المدرسة، فهم يشيعون جواً من الخوف داخل الفصول الدراسية، ويثيرون القلق والإزعاج لبقية زملائهم، وتعتبر هذه العدائية نذيراً لظهور مشكلات في حياة هذا الطفل خلال مرحلتي البلوغ والمراهقة.
  • كثير من الأمهات يتساءلن عن الأسلوب الذي يسمح لأولادهن بمواجهة المواقف الحرجة في مثل عمرهم، وتعليمهم طرق الدفاع عن أنفسهم من دون تحويلهم الى شرسين أو ساديين.
  • أجواء المدرسة أحياناً تجعل من بعض الصغار كائنات عنيفة في ظل تسلط الكبير على الصغير، الذي يتخذ أشكالاً عديدة منها أسلوب النبذ أو عدم السماح للتلميذ الجديد بالاندماج في جو الصف، بحيث يبقى وعلى امتداد سنوات الدراسة داخل جيتو معزولاً محتقرا من قبل الشلل المشاغبة والمتسلطة.
  • تلعب الظروف الحياتية الصعبة دوراً لا يستهان به في تحويل الحياة المدرسية الى كابوس بالنسبة لمن يعيش في الأصل اوضاعاً حرجة كأن يعاني من الفقر أو اليتم، أو عاهة، أو من السمنة وغير ذلك من الأمور.
  • فقد ينبري طفل، وبأسلوب بعيد كل البعد عن البراءة، ليقول لطفل آخر وامام الجميع: سيأتي والدي ليأخذني اما انت فقد مات والدك أو هو لا يحبك لأنه تركك وطلق امك.
  • يمكن أن تقف فتاة لتتباهى بقوامها الجميل وتعير زميلتها السمينة أو القصيرة أمام بقية البنات أو تسخر من ثيابها أو من تسريحة شعرها.
  • قد تتجاوز كمية العنف الكلام لتصل الى الفعل، اذ لا يتوانى بعض المتسلطين عن تأليف شلة مهمتها التربص بتلميذ يمكن تصنيفه في خانة الضحية، ويستفردون به فيوسعوه ضرباً، أو يأخذون اغراضه عنوة ويهددونه، إذا حاول الشكوى، بأن يزيدوا عيارهم في المرة المقبلة، الأمر الذي يجعله يتعذب بصمت.
  • إزاء هذه الأوضاع هل يستطيع الأهل مساعدة أولادهم لتجنبهم المعاناة وتبعاتها، إذ قد يتحول الضحية في بعض الأحيان إلى محترف ماهر في إيذاء الآخرين، وهو ما يعتبر رد فعل مباشراً على ما يتعرض له، وذلك خلال المرحلة الانتقالية بين الطفولة والمراهقة؟
  • أما وسائل العنف فهي متوفرة وبكثرة في أيامنا هذه من دون حسيب أو رقيب، ويمكن للولد والمراهق أن يتعلمها بسهولة من خلال التلفزيون أو ألعاب الكمبيوتر.

اسباب العنف المدرسي عند الاطفال

يرد اختصاصي التربية أسباب وقوع الأطفال ضحايا العنف الى عوامل عدة، أبرزها ما يلي:

تغير نمط الحياة

يعد تغير نمط الحياة من أهم أسباب عنف الاطفال في المدارس، ويتمثل بما يلي:

  • وسائل الرفاهية الزائدة التي أصبح الأهل يوفرونها للطفل بسخاء، لا سيما إذا عاش الأب أو الأم حرماناً في فترة من فترات حياتهم.
  • هذه الرفاهية المقرونة بالحماية المبالغ بها تضر بمناعة الطفل النفسية وصلابة شخصيته وتحد من قدرته على مواجهة الحياة.
  • أسلوب الحياة الحالي يحول الطفل الى كائن هش مقارنة بالماضي، حيث كان يخرج في الشارع مع اقرانه أو في المناطق الريفية ليلعب ويركض، الأمر الذي يمنحه قوة بدنية وقدرة على مواجهة المجهول في المدرسة.
  • تساهم الرعاية الزائدة والسعي لتجنب الألم في تحويله الى كائن اتكالي عاجز عن الشعور بمسؤوليته لحماية نفسه ومواجهة مشاكل الحياة.
  • يزيد الأمر سوءاً إذا كانت السلطة الابوية غائبة عن المنزل، سواء بسبب سفر الوالد، أو لأن الوالد عاجز أو مريض أو ضعيف أو عاطل عن العمل.
  • غياب هذه السلطة يؤدي إلى إحساس الطفل بنقص في بنيته النفسية واستقراره، فيسهل على رفاقه الإيقاع به واستخدامه كضحية لفرض تسلطهم وسطوتهم على غيره.

السلطة والنفوذ

الأولاد الذين وصلوا إلى مناصب عالية بالواسطة والقوة وامتلكوا نفوذاً من دون كفاءة أو تدريب، يتصرفون في المدرسة والشارع كما يتصرف أهلهم ويستبيحون كل شيء ولا يقبلون اية ملاحظة أو معاملة بالمثل من رفاقهم، متكئين على سلطة اهلهم.

للمزيد: البيئة المدرسية الصحية المعززة للتعليم

الفشل في الدراسة

يتمثل الفشل الدراسي من الأسباب المؤدية للعنف المدرسي، والذي يتمثل بما يلي:

  • يشكل التلميذ الفاشل في دراسته نموذجاً للعنف، ذلك أن التقصير المدرسي يؤدي غالباً إلى احتمالات ثلاثة، أولهاالهروب إلى اللامبالاة وتهميش الحضور. ثانيها الخضوع لوضعه ككسول وضعيف. الثالثة اللجوء إلى العنف والمشاغبة ليلحق الأذى بالتلميذ الهادىء والمجتهد.
  • في هذه الحالة ينبغي على الأهل وللمدرسة متابعة وضعه لأنه يعاني من اضطرابات نفسية يمكن معالجتها قبل ان تتحول إلى أمراض مستعصية تنسف مسيرته الدراسية، وتعزز وضعاً يستحيل تقويمه في مراحل الدراسة الثانية.
  • الاستهانة بالعنف المتبادل بين الأطفال تؤدي إلى نهايات خطيرة، في بعض الأحيان، إذ سجلت حالات انتحار طفولية نتيجة هذه الظاهرة في عدد من البلدان، كما شملت انحرافات نفسية وسلوكية خطيرة.

للمزيد: الكذب لدى الأطفال

من يرتكب العنف تجاه هذه النماذج الطفولية

قد يأتي الولد الوحيد والمدلل على رأس القائمة لأنه تعود تأمين متطلباته كافة بشكل مبالغ فيه، بحيث يتحول الى كائن أناني ولا يتورع عن أذية رفاقه من دون أي شعور بالذنب أو الندم. هو يعتبر أن كل شيء مباح له ومسموح به وهو دائماً على حق، لا سيما عندما يرتكب الأخطاء ويجد من يبررها له ويلبي رغباته في الحصول على كل شيء مهما كانت الوسيلة.

للمزيد: العنف اللفظي الموجه للطفل سلوك يجهل الأبوين خطره

اساليب علاج العنف المدرسي

تشمل خطة علاج ظاهرة العنف المدرسي ما يلي:

تقييم وضع الطفل

تشمل خطة علاج العنف المدرسي أولاً تقييم وضع الطفل والذي يكون كالتالي:

  • يجب معرفة وضع الطفل الذي يقبل بالتحول إلى ضحية عنف.
  • معرفة وضع الطفل العنيف الذي يفتري على رفاقه.
  • دراسة متأنية للأوضاع النموذجين والاطلاع على الماضي والحاضر وعلى المستوى الثقافي والاقتصادي والاجتماعي للبيئة، حيث يعيش كل منهما لضبط مؤشرات كل ما يتعلق بهما في مستقبله.
  • علاج الحالتين يتشابه ويتقاطع، ويتطلب تنمية مواهب الطفل ليشعر بقيمته ويطرح وجوده بشكل مغاير في محيطه من خلال مساعدته على التأقلم والتخلص من الشعور بالنبذ أو القبول بالتخلي عن صفات السلطة والقوة والترهيب التي تصنع له هالته.
  • مساعدته في هذا الإطار ليعبر عن نفسه ويقدمها بشكل جيد يزيد من رصيده ويشجعه على الاستمرار وينتشله من الشعور باللامبالاة والهروب الى وسائل تضره وتضر غيره.
  • من هذه الوسائل اكتشاف مواهبه الفنية أو الرياضية أو الفكرية واشراكه في نشاطات المدرسة خلال المعارض والمباريات وما شابه.
  • يشير الاختصاصيون إلى ندرة وجود طفل من دون مواهب، لكن المهم هو اكتشافها واقناعه بأهميته من خلالها لتأطير طاقاته بشكل مثمر.
  • هما عنصران كفيلان بإفهامه أن إلحاق الأذى بمن هو في عمره أو اصغر أمر غير مقبول.

للمزيد: رهاب المدرسة.. ظاهرة تقلق الأبوين

السعي الى بيئة مدرسية امنة

  • يتفق التربويون على الخطوط العريضة مع هذه الحالات العدوانية، وتتمثل في السعي إلى جعل الفصل الدراسي ملاذاً آمناً، عن طريق تحقيق مجموعة من الأهداف.
  • توضح للطالب أن النظام المدرسي لا يتسامح مع أي سلوك عدواني.
  • مساعدة الطفل العنيف على تبني أساليب أكثر قبولاً في التعامل مع زملائه، وفي حل المنازعات بينهم، إلى جانب تجنب القسوة معه أو اهانته، لأن التأديب بهذا الشكل يزيد من حدة توتره وإصراره على مواصلة العدوانية والعنف.

وينصح مرشدون اجتماعيون بأن تعالج حالة كل طالب بمعزل عن الآخر، عبر معرفة الظروف المحيطة به، والتقليل من حدتها عليه، والحوار معه بشكل منفرد، ويطلب المساعدة من والديه، عبر تحسين أجواء المنزل، وعدم تعريضه لمشاهد العنف داخل الأسرة أو المعروضة على شاشة التلفزيون. ويشددون على أن تعبير المحيطين بالطفل عن محبتهم له، واشعاره بأن رفضهم موجه لتصرفاته غير الصحيحة، وليس إليه شخصياً، كفيل دائماً بجعله يتخطى سلوكه الخاطئ.

للمزيد:

نصائح لبناء علاقة جيدة بين أهالي الطلاب والمعلمين

كيف اعرف ان ابني تعرض للتحرش؟ وكيف احميه من التحرش؟