تصيب أمراض العيون النادرة عدد قليل من الناس على مستوى العالم وعادة ما تؤثر على بنية العين ووظيفتها، وعلى الرغم من ندرة حدوثها، إلا أنها قد تسبب آثارًا خطيرة على الرؤية وجودة الحياة. غالبًا ما يرتبط حدوث العديد من أمراض العيون النادرة بالوراثة والطفرات الجينية، وتمثل تحديًا في التشخيص والعلاج. [1][2]
تعرف في هذا المقال على بعض من أمراض العين النادرة، وأعراضها، وكيفية التعايش معها.
أمراض العيون النادرة
نذكر فيما يلي أمثلة لبعض أمراض العيون النادرة:
التهاب الشبكية الصباغي
التهاب الشبكية الصباغي (بالإنجليزية: Retinitis Pigmentosa) هو مجموعة من أمراض العين الوراثية النادرة التي تصيب الشبكية، عادة ما تبدأ في مرحلة الطفولة وتتفاقم بمرور الوقت. [3]
يحدث في هذا المرض تحلل لشبكية العين تدريجيًا ببطء نتيجة وجود خلل في بعض الجينات التي تنتقل من الآباء إلى الأبناء، وتظهر أعراض المرض في صورة صعوبة الرؤية ليلًا في البداية، ومن ثم يضيق مجال الرؤية وتبهت الألوان، وفي النهاية يفقد معظم المرضى بصرهم بالكامل. [3]
لا يوجد علاج لالتهاب شبكية العين حتى الآن، لذا يقتصر الأمر على برامج إعادة التأهيل البصري واستخدام أجهزة تساعد على الرؤية. [3]
التهاب العصب البصري
يعد التهاب العصب البصري أحد أمراض العيون النادرة، وقد يؤدي إلى حدوث فقدان مؤقت أو دائم للرؤية. [4]
غالبًا ما يتربط التهاب العصب البصري بمرض التصلب المتعدد ويعد أول أعراضه، وهو مرض يتسبب في التهاب أعصاب المخ والحبل الشوكي. [4]
يوجد أيضًا أمراض أخرى قد تؤدي إلى التهاب العصب البصري، منها: [4]
- أمراض المناعة الذاتية، مثل الذئبة، والتهاب النخاع والعصب البصري.
- عدوى فيروسية، مثل الهربس، والحصبة، والنكاف.
- عدوى بكتيرية، مثل الزهري.
- الساركويد.
يؤدي العصب البصري إلى حدوث مشاكل في الرؤية، كالآتي: [4]
- رؤية وميض أو أضواء ساطعة.
- عدم وضوح الألوان.
- ضعف الرؤية.
- ظهور بقعة عمياء في مجال الرؤية.
- فقدان البصر في عين واحدة غالبًا.
- ألم حول العين يزداد سوءًا عند تحريك العين.
عادة ما يشفى التهاب العصب البصري تلقائيًا في غضون أسابيع أو أشهر ويستعيد الشخص بصره مرة أخرى، ولكن في بعض الحالات قد يكون فقدان البصر دائمًا. [4]
اقرأ أيضًا: أمراض العيون الشائعة
متلازمة آشر
تعد متلازمة آشر (بالإنجليزية: Usher Syndrome) من أمراض العيون النادرة التي تؤثر على حاستي البصر والسمع، ويعود سبب الإصابة بها إلى عوامل وراثية تنتقل من الآباء إلى أبنائهم. [5]
تنطوي متلازمة آشر على الإصابة بضعف في السمع وربما فقدانه، وكذلك فقدان البصر جزئيًا أو كليًا نتيجة حدوث التهاب الشبكية الصباغي، علاوة على أن بعض المصابين بها قد يعانون من مشاكل في التوازن أيضًا. [6]
لم يكتشف حتى الآن علاج لهذه المتلازمة، لذا يقتصر العلاج على استخدام وسائل للتعايش مع ضعف السمع والبصر، مثل استخدام أجهزة تساعد الأطفال على السمع كالمعينات السمعية وغرسات القوقعة الصناعية، وكذلك استعمال وسائل تحسن الرؤية مع الخضوع لبرامج إعادة التأهيل البصري. [6]
الثلامة
الثلامة أو الكولوبوما (بالإنجليزية: Coloboma) هو عيب خلقي تكون فيه بعض أنسجة العين مفقودة نتيجة عدم إغلاق الشق البصري بالكامل أثناء تكون الجنين، ويعد من أمراض العيون النادرة التي يبدأ تطورها في الجنين في مراحله الأولى. [7]
تظهر الثلامة في صورة ثقب أو فجوة في إحدى العينين أو كلتيهما، وقد تحدث في أجزاء مختلفة من العين: مثل: [7]
- القزحية.
- العنبية.
- العدسة.
- الشبكية.
- العصب البصري.
- الجفون.
تختلف أعراض الثلامة بناء على مكان الثقب في العين، وقد يكون مرئيًا في بعض الحالات مثل كولوبوما القزحية، ويمكن أن يؤثر على الرؤية خاصة في حالات كولوبوما الشبكية أو العصب البصري. [7]
مرض شتارغاردت
مرض شتارغاردت (بالإنجليزية: Stargardt Disease) هو أحد أمراض شبكية العين الوراثية يتسم بحدوث فقدان تدريجي للبصر عادة في أواخر مرحلة الطفولة أو المراهقة؛ لذا يطلق عليه أيضًا اسم مرض الضمور البقعي اليفعي. [8]
يعد مرض شتارغاردت من أمراض العيون النادرة ويحدث نتيجة تراكم مادة صفراء في منطقة البقعة في الشبكية مسببة تلفًا للخلايا وضعف الرؤية المركزية. [9]
تظهر أعراض هذا المرض تدريجيًا وتشمل في البداية ما يلي: [8]
- ظهور مشاكل طفيفة في الرؤية، مثل تشوش الرؤيةأو بقعة رمادية أو سوداء في وسط مجال الرؤية.
- ضعف الرؤية في الإضاءة الخافتة.
- طول الوقت الذي تستغرقه العين للتكيف مع اختلاف الإضاءة.
- الحساسية للضوء.
- عدم وضوح الألوان.
تزداد الحالة سوءًا بمرور الوقت وفي نهاية المطاف تصبح الرؤية ضعيفة جدًا أو يصاب الشخص بالعمى. [8]
حثل بيتي البلوري
يصنف مرض حثل بيتي البلوري (بالإنجليزية: Bietti s Crystalline Dystrophy) من أمراض العيون الوراثية النادرة التي غالبًا ما تكتشف في مرحلة المراهقة أو الشباب جراء وجود مشاكل في الرؤية. [10]
ينشأ هذا المرض عن تراكم بلورات في شبكية العين والقرنية ويزداد ذلك بمرور الوقت إلى درجة التأثير على الرؤية. [10]
تظهر أعراض مرض حثل بيتي البلوري في صورة: [10]
- تشوش الرؤية.
- ضعف الرؤية في الليل والإضاءة الخافتة.
- فقدان الرؤية المحيطية.
- صعوبة رؤية بعض الألوان.
يؤثر هذا المرض من أمراض العيون النادرة على كلتا العينين وعادة ما تزداد الأعراض سوءًا بمرور الوقت ويفقد معظم المصابين بصرهم في نهاية المطاف.
اقرأ أيضًا: أمراض تصيب العين في الشتاء وطرق الوقاية
الورم الأرومي الشبكي
تشمل أمراض العيون النادرة أيضًاالورم الأرومي الشبكي (بالإنجليزية: Retinoblastoma) وهو نوع من سرطانات العين يصيب الشبكية، وعادة ما يحدث في مرحلة الطفولة. [11]
تعد أبرز علامات الورم الأرومي الشبكي هي ظهور بريق أبيض في حدقة إحدى العينين عند تسليط ضوء ساطع عليها مثل فلاش الكاميرا، وتتضمن الأعراض الأخرى ما يلي: [11]
- كبر حجم العين عن المعتاد.
- ظهور لون أبيض أو غائم في مركز حدقة العين.
- احمرار العين والشعور بألم فيها.
- مشاكل في الرؤية.
- الحول.
يساهم اكتشاف السرطان وعلاجه مبكرًا في الحد من خطر فقدان الرؤية، وقد ينطوي علاجه على استخدام العلاج الكيميائي، أو الإشعاعي، أو العلاج بالتبريد ويمكن أن يلجأ الطبيب في بعض الحالات إلى الجراحة. [11]
متلازمة تشارلز بونيه
تعرف متلازمة تشارلز بونيه (بالإنجليزية: Charles Bonnet syndrome) بأنها حالة يرى فيها المصاب أشياء غير حقيقية (هلاوس) نتيجة فقدان البصر، خاصة في الحالات التي يفقد فيها الشخص بصره فجأة. [12]
تندرج هذه المتلازمة تحت قائمة أمراض العيون النادرة حيث أنها لا تنجم عن اضطرابات نفسية أو الخرف، بل تحدث نتيجة اعتياد المخ على تلقي الإشارات البصرية وعندما تختفي هذه الإشارات يفتعل المخ هذه الهلاوس لتعويضها، ومن أمثلة الحالات التي قد تحدث فيها: [12]
- التنكس البقعي.
- إعتام عدسة العين.
- العمى المفاجئ.
- فقدان البصر في كلتا العينين.
تظهر الهلاوس المصاحبة لمتلازمة تشارلز بونيه بشكل مفاجئ وقد تستمر من بضع دقائق إلى عدة ساعات، وتظهر في صورة: [12]
- خطوط أو أشكال معينة.
- أماكن أو أشخاص أو حيوانات ملونة أو باللون الأبيض والأسود فقط.
عادة ما تقل هذه الهلاوس بمرور الوقت، ويمكن أن تساهم بعض الوسائل في تخفيفها، مثل: [12]
- تغيير الإضاءة عند حدوث الهلاوس سواء بإشعالها أو إطفائها.
- تكرار تحريك العين يمينًا ويسارًا دون تحريك الرأس.
- القيام بأي نشاط مثل المشي أو الاستماع إلى الراديو.
اقرأ أيضًا: النساء أكثر عرضة للإصابة بأمراض العيون الخطيرة
الدموع الدموية
الدموع الدموية (بالإنجليزية: Haemolacria) هي حالة يبكي فيها الشخص دمًا وهذا ليس تعبيرًا مجازيًا بل هو مرض من أمراض العيون النادرة، وفيه تخرج الدموع من العين ممزوجه بدم. [13]
قد تحدث الدموع الدموية دون سبب واضح في بعض الحالات، إلا أنها غالبًا ما تكون عرضًا لأسباب وحالات طبية أخرى، مثل: [13]
- التعرض لإصابة في الملتحمة.
- انسداد القناة الدمعية.
- التغيرات الهرمونية.
- الحيض.
- ارتفاع ضغط الدم.
- أمراض الدم، مثل الهيموفيليا.
عادة ما تختفي الدموع الدموية تلقائيًا بعد فترة قصيرة دون علاج، ومع ذلك ينبغي مراجعة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة. [13]
اقرأ أيضًا: فيتامينات هامة لصحة العين
مرض بهجت في العين
مرض بهجت (بالإنجليزية: Behçet s Disease) هو اضطراب وعائي نادر يحدث فيه التهاب الأوعية الدموية، ويؤثر على العديد من أجهزة الجسم مثل العين، والفم، والأعضاء التناسلية، وكذلك الجلد.
لم يعرف السبب الدقيق وراء حدوث مرض بهجت، ولكن يعتقد أنه ناجم عن تفاعل مناعي ذاتي حيث يهاجم الجسم الأوعية الدموية بالخطأ. [14][15]
يؤثر هذا المرض على القزحية والشبكية في العين، وتظهر أعراضه في صورة: [14][15]
- احمرار العين مع الشعور بألم فيها.
- عدم وضوح الرؤية.
- فقدان البصر في بعض الحالات.
تتضمن أعراض المرض أيضًا ظهور تقرحات في الفم والجلد، وعلى الأعضاء التناسلية، مع الشعور بصداع وألم في المفاصل. [14]
يهدف علاج مرض بهجت إلى الحد من الالتهاب لتخفيف الأعراض، وذلك عن طريق تناول الأدوية التي تثبط مناعة الجسم، مثل الستيرويدات، ومثبطات المناعة، وكذلك الأدوية البيولوجية. [14]
كيف يمكن التعايش مع أمراض العيون النادرة؟
يمكن أن تؤدي العديد من أمراض العيون النادرة إلى ضعف شديد في الرؤية وربما فقدانها بمرور الوقت، ولهذا يفيد استعمال الوسائل المساعدة والتقنيات الحديثة في التأقلم مع ضعف البصر، مثل: [16]
- استخدام الأجهزة التي تساعد على الرؤية كالعدسات المكبرة.
- استخدام برنامج تحويل النص إلى صوت.
- تهيئة المنزل بطريقة تسهل القيام بالأنشطة اليومية، مثل زيادة الإضاءة وإعادة ترتيب أثاث المنزل لتجنب السقوط.
- الخضوع لبرامج إعادة التأهيل البصري التي تجرى تحت إشراف طبي.
اقرأ أيضًا: نصائح ذهبية للتعامل مع التناقص التدريجي للنظر
نصيحة الطبي
يوجد العديد من أمراض العيون النادرة التي قد تصيب الأطفال والكبار وقد تتشابه أعراضها مع مشاكل العيون الأخرى؛ لذلك ينبغي الحرص على مراجعة الطبيب في حال الإصابة بأي تغيرات في الرؤية، وإجراء فحوصات روتينية للعين منذ مراحل الطفولة المبكرة لا سيما عند وجود تاريخ عائلي لأمراض العيون.