لا يعتبر القيء أو ما يدعى الاستفراغ مرضاً بحد ذاته، إنما هو أحد الأعراض المصاحبة لحالات صحية أخرى مثل الالتهابات والأمراض المزمنة، ويعرف بأنه الطرد القسري لمحتويات المعدة ومحتويات الأمعاء الدقيقة في بعض الأحيان، وتشترك فيه المعدة والمريء والأمعاء الدقيقة.
ليس من الضروري إيلاء الاستفراغ الذي يستمر لأقل من يومين أهمية كبرى لأنه غالباً ما ينتج عن تهيج الأمعاء أو كرد فعل طبيعي من جسم الإنسان للتخلص من بعض المواد الضارة، ولكن عند تكرار الاستفراغ كثيراً واستمراره لفترة طويلة يصبح من الضروري علاجه.
يعتمد علاج الاستفراغ على الأسباب المؤدية له والتي من الممكن الاستدلال عليها من خلال ملاحظة لون القيء.
يشير غالباً لون القيء إلى محتويات المعدة التي تم استفراغها أو إلى المدة التي استمر خلالها، ويختلف لونه أيضاً باختلاف سببه أو باختلاف مرحلة المرض الذي أدى له، وسنتعرف معاً فيما يلي على الوان القيء ودلالاتها المرضية.
القيء الشفاف أو القيء الذي لا لون له
يمكن أن يحدث القيء الشفاف الذي لا لون له بعد الاستفراغ لأكثر من مرة متتالية يتم تفريغ المعدة من محتوياتها تماماً وذلك في عدة حالات مثل الإصابة بالغثيان، أو انفلونزا المعدة، أو التسمم الغذائي أو الصداع النصفي.
كما يمكن أن يؤدي انسداد المعدة بالقرحة أو الأورام، وبالتالي عدم وصول الطعام والشراب لها أو إصابات الرأس الشديدة التي تؤدي إلى تلف الدماغ إلى اتخاذ القيء لوناً شفافاً.
للمزيد: التسمم الغذائي وتدابيره الوقائية والعلاجية
القيء الأبيض
يؤدي تناول الأطعمة ذات اللون الأبيض كالحليب والبوظة إلى اتخاذ القيء هذا اللون.
وقد يحدث القيء الأبيض المصحوب بالرغوة عند وجود غازات في المعدة بسبب الارتجاع الحمضي، أو التهاب المعدة.
القيء الأخضر أو الأصفر
يفرز الكبد مادة تساعد على هضم الدهون في الأمعاء الدقيقة ويعمل على تخزينها في المرارة، وعند استفراغ هذه المادة التي تسمى العصارة الهاضمة يصبح لون القيء بلونها وهو اللون الأخضر أو الأصفر. الاستفراغ المتكرر الذي أدى إلى تفريغ المعدة من محتوياتها بالكامل سيؤدي في النهاية إلى استفراغ العصارة الهاضمة وتلوين القيء باللون الأخضر أو الأصفر. ومن أسباب استفراغ القيء الأخضر نذكر ما يأتي:
- يحدث القيء الأخضر لأحد الأسباب التالية:
- انسداد الأمعاء بسبب الفتق أو حصوة المرارة، ويصاحب الاستفراغ في هذه الحالة أعراض أخرى مثل فقدان الشهية، والإمساك، وألم البطن.
- بعض الأطعمة والبهارات مثل الخضراوات الورقية ذات اللون الأخضر، وعصير الفواكة، والجزر، والكاري، والكركم.
- بعض الأدوية المتوفرة على شكل شراب.
- ارتجاع العصارة الهاضمة من الأمعاء إلى المعدة واختلاطها بالطعام، ويحدث هذا لعدة أسباب متعلقة إما بالمعدة كإزالة جزء منها جراحياً، أو لأسباب متعلقة بالأمعاء أو بالمرارة.
وقد يحدث استفراغ القيء الأخضر من معدة فارغة للأسباب الآتية:
- الغثيان الصباحي في الحوامل.
- القلق والتوتر.
- صداع الشقيقة.
- التسمم الغذائي.
- بعض الأدوية مثل: الأسبرين، ومضادات الاكتئاب، والمضادات الحيوية، والمورفين.
القيء البرتقالي
يكون لون القيء برتقالياً في ساعات الاستفراغ الأولى، وقد يبقى القيء بهذا اللون إذا استمر الشخص المصاب بتناول الطعام بين نوبات القيء، حيث يمثل اللون البرتقالي لون الطعام المهضوم بشكل جزئي.
ومن الأمراض التي تسبب القيء البرتقالي نذكر ما يلي:
- التسمم الغذائي: ويصاحب القيء في هذه الحالة أعراض أخرى مثل الإسهال، والحمى، وألم البطن.
- التهاب الأمعاء الفيروسي: ويصاحبه ارتفاع طفيف في درجة حرارة الجسم وآلام المفاصل والعضلات. تحدث الإصابة بهذا المرض نتيجة التعامل مع الأشخاص المصابين به أو بعد تناول الأطعمة والمشروبات الملوثة بالفيروس.
- الإنفلونزا.
- الشقيقة إذ حيث يشعر الشخص بالرغبة في الاستفراغ مع بلوغ الألم ذروته.
- الاستفراغ المصاحب للحمل.
يمكن أن يحدث الاستفراغ باللون البرتقالي ثم يتحول إلى لون آخر، ويعود ذلك للأسباب التالية:
- التهابات الأذن الداخلية.
- التهاب الزائدة الدودية.
- دوار الحركة (الإنجليزية: Motion Sickness).
- بعض الأدوية مثل أدوية العلاج الكيميائي.
القيء الزهري أو الأحمر
يشير هذا اللون من القيء إلى استفراغ الدم، ويتطلب غالباً زيارة الطبيب لتحديد سببه وعلاجه.
وتختلف أسباب استفراغ الدم بين الأطفال والبالغين كما يلي:
- أسباب استفراغ القيء الأحمر في الأطفال
- الحساسية المفرطة تجاه الحليب.
- بعض أمراض تجلط الدم.
- ابتلاع الدم الناتج عن إصابة الفم أو الأسنان.
- العيوب منذ الولادة.
اقرأ أيضاً: القيء الحملي المفرط
- أسباب استفراغ القيء الأحمر في البالغين
- تضرر الحلق أو الفم أو اللثة بسبب الاستفراغ أو السعال المتكرر الذي قد يؤدي إلى احتواء القيئ على كمية كبيرة من الدم أحياناً أو يبدو القيء كتفل القهوة، الأمر الذي يستدعي زيارة الطبيب على الفور.
- القرحة الهضمية (بالإنجليزية: Peptic Ulcer) أو تمزق الأوعية الدموية اللذان يؤديان إلى النزيف في الفم، والمريء، والمعدة، والأمعاء الدقيقة.
- الداء النشواني.
- فشل الكبد.
- متلازمة مالوري وايس (بالأنجليزية: Mallory-Weiss Tear) الذي يحدث فيها تمزق للمريء بسبب تكرار الاستفراغ العنيف.
القيء البني
يأخذ القيء اللون البني إما بسبب استفراغ الدم الناتج عن الداء النشواني أو القرحة المعدية على سبيل المثال ويكون مشابهاً لتفل القهوة، أو بسبب الإمساك وتكون رائحته في هذه الحالة كرائحة البراز، يصاحب القيء البني عادةً انتفاخ وآلام البطن.
القيء الأسود
تؤدي الأمراض والحالات الصحية نفسها التي تعمل على احتواء القيء على الدم واتخاذه اللون الزهري إلى اتخاذه اللون الأسود أيضاً، لكن الأمر المختلف في هذه الحالة أن اللون الأسود يدل على تعرض الدم للأكسدة بأحماض المعدة، وهذا يعني أن النزيف قد توقف أو أن كميته صغيرة.
في حالات نادرة يؤدي الالتهاب الفطري المعروف بالفطار الغبسي (بالأنجليزية: Phaeohyphomycosis) إلى ملاحظة قيء لونه أسود.
يعتبر الأشخاص الذين أجريت لهم عملية زرع النخاع أو الأعضاء الأخرى أو الأشخاص الذين يتعاملون مع التراب خلال الزراعة مثلاً أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من الالتهاب.
للمزيد: التقيؤ المتكرر عند الرضيع
طرق علاج وتخفيف القيء
يمكن علاج القيء من خلال التشخيص المناسب للسبب، ومن ثم علاج السبب والسيطرة عليه، وغالباً ما يزداد التقيؤ سوءاً عند حدوث الجفاف، وبذلك يصبح من اللازم تعويض السوائل المفقودة عن طريق توفير السوائل بالوريد، و ينبغي على المريض الاتصال بالطبيب على الفور في حال لاحظ رؤية كميات كبيرة من الدم في القيء بحيث يظهر بشكل أحمر أو أسود، كما قد يكون القيء الأخضر أو الأصفر دلالة على الحالات الأكثر خطورة.
يمكن التخفيف من نوبات القيء في المنزل باتخاذ بعض التدابير الوقائية التالية:
- شرب الكثير من السوائل.
- تناول أغذية مريحة للمعدة مثل الأرز والحبوب.
- تجنب الروائح القوية مثل روائح الطبخ والعطور والدخان.
- تجنب الأطعمة الدهنية والحارة.
- تناول الأدوية التي تقلل من القيء خاصة في حال الخروج في رحلة للأشخاص الذينيعانون من دوار الحركة.
مراجعة الطبيب
يتوجب مراجعة الطبيب بشكل فوري في الحالات التالية:
- استمرار القيء لمدة 48 ساعة مع عدم تحسنه.
- عدم القدرة على تعويض السوائل المفقودة من القيء.
- ظهور علامات الجفاف، بما في ذلك الدوخة أو الصداع.
- فقدان الوزن بسبب القيء.
- في حال كان المريض مصاباً بمرض السكري، حيث قد يؤثر القيء المتكرر على مستويات السكر في الدم.
- الشعور بألم شديد في الصدر، مما يشير إلى الإصابة بنوبة قلبية.