عند الإصابة بمرض جسدي، لا نتردد في وضع احتمالية نقص فيتامين معين كأحد الأسباب للإصابة بهذا المرض. لكن هل توجد علاقة بين الفيتامينات والأمراض العقلية التي تصيب الإنسان؟
في هذا المقال سنتناول أهمية الفيتامينات لصحة الجهاز العصبي، وللوقاية من الأمراض العصبية والنفسية.
ما هي الفيتامينات الضرورية التي يحتاجها الجسم؟
تحتاج أجسامنا إلى 13 نوع من الفيتامينات، وهي:
- فيتامين سي (بالإنجليزية: Vitamin C).
- مجموعة فيتامين ب المركب (بالإنجليزية: Vitamin B Complex)، والتي تشمل الثيامين، والرايبوفلافين، والنياسين، وحمض البانتوثينيك، وفيتامين ب6، والبيوتين، وفيتامين ب12، وحمض الفوليك.
- فيتامين أ (بالإنجليزية: Vitamin A).
- فيتامين د (بالإنجليزية: Vitamin D).
- فيتامين هـ (بالإنجليزية: Vitamin E).
- فيتامين ك (بالإنجليزية: Vitamin K).
توجد للفيتامينات أهمية عظيمة في الحفاظ على صحة أجسامنا، ويمكن لنقص مستوياتها في الدم أن يسبب اختلالاً في عمل أجهزة الجسم المختلفة. ومثال على ذلك، أن الفيتامين أ قد يساعد في الوقاية والتقليل من الإصابة بالعمى الليلي، كما أن الفيتامين سي قد يساهم في الحماية من الإصابة بفقر الدم.
بإمكاننا أن نحصل على الفيتامينات المختلفة بشكل طبيعي من غذائنا ومن خلال تناول الأطعمة الغنية بها، فبعض الفيتامينات مصادرها حيوانية مثل فيتامين ب12، وأخرى مصادرها نباتية. ومن الممكن أيضاً الإستعانة بتناول المكملات الغذائية خصوصاً إذا كان يعاني الأشخاص من نقص حاد في الفيتامين أو إذا كانت الكميات التي يتم تحصيلها من الغذاء غير كافية. بالإضافة إلى ذلك تمتلك أجسامنا القدرة على تصنيع فيتامين د وفيتامين ك.
اقرأ أيضاً: ما هي أبرز الأطعمة المضادّة للتأكسد التي عليك تناولها؟
ما هو تأثير نقص الفيتامينات على الدماغ وعلى صحة الإنسان العقلية؟
يعتمد مدى تأثير نقص كل فيتامين على وظيفته الأساسية التي يقوم بها وآلية عمله. فمثلاً، إن فيتامين ك له دور مهم باعتباره عامل مساعد (بالإنجليزية: Cofactor) في إنتاج السفينغوليبيدات (بالإنجليزية: Sphingolipids) التي تدخل في بنية الغشاء الحامي للخلية العصبية. وبذلك نجد أنه من المنطق أن نضع بعين الاعتبار احتمالية أن يكون نقص فيتامين ك يلعب دوراً في الإصابة بالأمراض العصبية (بالإنجليزية: Neurodegenerative Diseases) مثل الزهايمر والباركنسون، خصوصاً عند المسنين.
أيضاً تتميز بعض الفيتامينات في أنها تعمل كمضادات أكسدة، حيث قد تقلل من التأثير السلبي للجذور الحرة (بالإنجليزية: Free Radicals) التي تعتبر فضلات ناتجة عن تفاعلات الأكسدة التي يقوم بها الجسم، ومثال على هذه الفيتامينات فيتامين أ، وفيتامين سي وفيتامين هـ. إن للجذور الحرة قدرة على إيذاء الخلايا وبإمكانها أن تعرض الإنسان إلى خطر الإصابة بالأمراض العصبية إذا استهدفت الخلايا العصبية، وهنا تكمن أهمية هذه الفيتامينات في قدرتها على حماية الخلايا من الضرر التأكسدي.
اقرأ أيضاً: 5 فوائد صحية لفيتامين أ
أما فيتامين سي، فبالإضافة إلى أهميته المتعارف عليها في زيادة وتقوية مناعة الجسم، فقد يعمل أيضاً كعامل مساعد في إنتاج الهرمونات مثل الأدرينالين (بالإنجليزية: Adrenaline)، والدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine)، والنورأدرينالين (بالإنجليزية: Noradrenaline). حيث تفرز هذه الهرمونات من الغدة الكظرية (بالإنجليزية: Adrenal Gland) كرد فعل للجسم عند تعرضه للتوتر والضغط، فتعمل معاً على التحكم بضغط الدم عن طريق انقباض الأوعية الدموية وزيادة انقباض عضلة القلب. كما تعمل هذه الهرمونات كنواقل عصبية تنقل الإشارة من خلية عصبية إلى أخرى، وقد يؤدي نقصها إلى اضطراب في المزاج وقلة التركيز.
أيضاً قد كشفت دراسات عديدة أن مجموعة فيتامين ب المركب خاصة فيتامين ب1، وفيتامين ب6، وفيتامين ب12 لها فعالية مثبتة في علاج اعتلال الأعصاب المحيطي (بالإنجليزية: Peripheral Neuropathy) الناتج عن الأمراض المزمنة مثل السكري. فمثلاً يقوم الفيتامين ب1 بالتخفيف من إلتهابات الخلايا العصبية وبذلك يقوم بحماية الخلايا من التلف. كما أن فيتامين ب6 لديه القدرة على حماية الخلية العصبية وذلك من خلال الحفاظ على أغطية النهايات العصبية. أما فيتامين ب12 فيتميز بأن له قدرة على تحسين الأعراض لدى مرضى الاكتئاب والقلق، كما أثبتت الدراسات أن نقص فيتامين ب12 قد يعد من أحد الأسباب التي قد تؤدي للإصابة بالاكتئاب، لذا من الضروري أن يقوم المريض بفحص مستوى فيتامين ب12 في الدم، وذلك لاستبعاد أن يكون نقصه هو المسبب للمرض. أيضاً لفيتامين ب12 قدرة على تحسين المزاج والتخلص من الوهن، ورفع الأداء الإدراكي خصيصاً لدى المرضى المصابين بنقص الفيتامين.
اقرأ أيضاً: كل ما تريد معرفته عن فيتامين ب 12
إضافة إلى ذلك، أجريت دراسة تابعة لجامعة كامبريدج البريطانية لتحديد ما إذا كان تناول فيتامين ب12، وفيتامين ب6، وحمض الفوليك له تأثير على تحسين الإستجابة للأدوية المضادة للاكتئاب.، حيث شارك في هذه الدراسة 153 شخص، من ضمنهم 77 شخص تناولوا الأدوية المضادة للاكتئاب مع فيتامين ب المركب، و76 شخص تناولوا الأدوية المضادة للاكتئاب مع علاج وهمي. أظهرت النتائج أنه على الرغم من أن تناول فيتامين ب المركب لم يثبت أنه قد يزيد من التأثير العلاجي للأدوية المضادة للاكتئاب إلا أنه أثبتت إمكانيته في تعزيز الاستجابة للأدوية المضادة للاكتئاب على مدى سنة واحدة من تاريخ الدراسة.
أما فيتامين د فله فوائد عديدة في حفاظه على صحة الجسم، فهو أساسي في الحفاظ على بنية العظام القوية وذلك من خلال تنظيمه لامتصاص الكالسيوم واستغلاله في الجسم. ومن المعروف أن الفئات المعرضة للخطر بسبب نقص فيتامين د تشمل كبار السن، والمراهقين، والأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة، والأفراد المصابين بأمراض مزمنة مثل مرض السكري. وقد لوحظ أن نفس المجموعات التي ذكرت أعلاه معرضة أيضاً لخطر الإصابة بمرض الاكتئاب، مما قد يشير إلى احتمالية وجود رابط بين نقص فيتامين د والإصابة بالاكتئاب.
بالنهاية، لا يمكن أن ننكر أهمية التغذية السليمة في الحفاظ على المستويات الصحية من الفيتامينات في أجسامنا. لكن يوجد مع ذلك سعي متواصل من قبل الأطباء لزيادة عدد الدراسات التي تبحث في فوائد الفيتامينات وأهميتها العلاجية. ومن النصائح المهمة التي يجب اتباعها، أنه لا يجب المبالغة في تناول المكملات الغذائية التي تباع في الصيدليات، لأن الفيتامينات رغم امتلاكها لفوائد جمة، إلا أن الإكثار بتناولها فوق الحد الطبيعي قد يؤدي إلى ضرر أكثر من نفع.
اقرأ أيضاً : نوبات الهلع ونقص فيتامين د وب 6 والحديد