إن أغلى ما تملكه المرأة هو جمالها لذلك فليس هنالك ما يثير الرعشة في قلب وتفكير المرأة المثقفة الحضارية أكثر من المساس بجمالها ورشاقتها وأن تتخيل سيقانها وقد غدت شبيهة بسيقان والدتها أو جدتها مليئة بالدوالي البشعة ؟
مرض الدوالي ليس بالمرض النادر وله ميزة خاصة تتمثل بتصدر المرأة لمرتبة الشرف في الإصابة به ، حيث يصيب أكثر من 40% من النساء بعد سن الأربعين .
وتتطلب الإصابة بدوالي الساقين توفُر عدة عوامل أهمها الوراثة والتقلبات الهورمونية نتيجة اضطرابات إفرازات هورموني الإستروجين والبروجسترون خلال فترات الدورة الشهرية والحمل وسن اليأس.
لكن هنالك عوامل أخرى منها زيادة الوزن والوقوف المطول والتعرض المسرف لمصادر الحرارة.
والدوالي عبارة عن أوردة سطحية في الأطراف السفلى ظاهرة للعين تعرضت لتوسع في قطرها وامتداد في طولها واتخذت مساراً متعرجاً .
وهي تنتج عن توسع دائم في قطر الوريد وقصور وظيفي في الصمامات الوريدية وأضرار مزمنة في جدار الوريد مما ينتج عنه زيادة في ضغط الدم داخل الوريد وحدوث انعكاس وارتداد في مسار الدورة الدموية فيحدث احتقان في الدم داخل عضلات الساقين لعدم استطاعته العودة للقلب فتنشأ الأعراض كالانتفاخ والتورم في الساقين والأوجاع والثقل والتشنجات والسخونة .
ومع الزمن وفي غياب العلاج يزداد حجم الدوالي وتنتشر بصورة أكثر فداحة مما يؤدي لحدوث مضاعفات خطرة نشاهدها يومياً بسبب التأخر .
وتتفاوت الأعراض من مريضة لأخرى فقد يكون هنالك دوالي كبيرة دون أعراض فادحة وأحياناً قد يكون هنالك انتفاخ وألم دون دوالي ظاهرة بسبب توسع وقصور الوريد السطحي ومن هنا تكمن أهمية التشخيص بفحص الايكو-دوبلر الملون حيث لا يمكن لا التشخيص الدقيق ولا اختيار الطريقة العلمية المثلى للعلاج بدون هذا الفحص .
ويمثل العلاج المبكر الوسيلة الأفضل للحفاظ على جمال الساقين وتفادي حدوث مضاعفات لاحقاً .
فتكون الدوالي في البداية على شكل توسعات شعيرية صغيرة تكبر تدريجياً وتنتشر في الساقين والفخذين ليصبح حجمها أكبر وأكبر فتبدأ المريضة بالشعور بالثقل والألم والتورم وإن لم تعالجها فتستظهر المضاعفات الجدية كالجلطات الوريدية والتقرحات الجلدية .
الدوالي إذن ليست مشكلة تجميلية فقط بل طبية جدية ومضاعفاتها خطرة على الإنسان مما يستدعي العلاج المبكر المبسط بالأدوية والكلسات والحقن بالإبر أو العلاج الجراحي الذي أصبح اليوم في منتهى البساطة دون تخدير عام ودون مبيت في المستشفى ودون جروح مشوهة .
ويجدر التنويه هنا للأهمية التي تحتلها الجلطات الوريدية خلال السفر لدى من لديهم دوالي لم يعالجوها ولم يستخدموا كلسات ضاغطة واقية خلال الرحلة ، وكذلك فجلطات الحمل ليس بالنادرة في حالة وجود دوالي مهمة لم تعالج ولم يتم اتخاذ تدابير وقائية خلال شهور الحمل الأخيرة .
ويمثل العلاج التصلبي بالحقن بالإبر الطريقة الأفضل لغالبية التوسعات الدوالية والأقل كلفة والأكثر أماناً ، ويتم العلاج في عيادة أوعية دموية على جلسات ولم يعد هنالك أي مضاعفات ومخاطر إن قام بالعلاج طبيب متمرن مستخدماً الادوية الحديثة مثل Lauromacrogol .
وهذه الصورة توضح العلاج المضمون بالحقن
النتيجة المباشرة بعد الحقن
ورغم التطور العلمي واكتشاف طرق حديثة أخرى كالليزر وما يشابهه فقد حافظ علاج الحقن بالإبر على المكانة الأولى في العلاج وتراجع استخدام الطرق الاخرى في البلدان التي يوجد بها رقابة وتعويضات نتيجة قلة جودة نتائجها والاصطباغات الجلدية والحروق التي قد تؤدي اليها ناهيك عن الكلفة الباهظة مقارنة بالعلاج بالإبر .
علاج الدوالي اليوم أصبح مضموناً إن تم بصورة مبكرة وفي عيادة طبيب اختصاص بالأوعية الدموية وتم اختياره بعد تقييم علمي بفحص الايكو-دوبلر واستخدمت العقاقير الاَمنة الحديثة .
لكن المشكلة الرئيسية في بلادنا تنتج عن تأخر العلاج حتى تصاب المريضة بجلطة أو تقرح أو تصبح خجولة من منظر سيقانها وذلك يعود لأقاويل الجارات والحسودات التي فاتهن قطار الجمال ولكن أيضاً بفضل تصرفات بعض الأطباء غير المختصين وغير العارفين بالمرض الذين يرددوا أمامهن معلومات تدل على جهلهم بالموضوع وافتقارهم لأدنى خلفية علمية حتى تحدث المضاعفات المؤسفة .
ملاحظة : المقال نشر في مجلة الطبيب العام – نقابة الأطباء الأردنية - العدد 19-2014 .
لأي معلومات إضافية بإمكانكم مراجعة كتاب " كيف تتخلصين من دوالي الساقين " للدكتور سهيل الصويص- دار السفير –عمان - الأردن
اقرأ أيضاً:
جلطات الأوردة العميقة في الساق وأخطارها