يشكو ملايين الناس حول العالم من نوبات صداع متكررة، ويلجأ كثيرون منهم للحل السهل وهو ابتلاع مسكن للألم.

وكانت هيئة رقابة صحية بريطانية حذرت من تناول جرعات زائدة من مسكنات الألم الخاصة بالصداع بصورة مستمرة، وأن الافراط في تناولها يمكن أن يقلل نجاعتها ويزيد حساسية الدماغ للألم وقابليته للإصابة بالمزيد من الصداع. فما أفضل الوسائل لعلاج هذا المرض؟

يقول أطباء بريطانيون مرموقون إن الإجابة عن هذا السؤال تتطلب أولاً معرفة الإجابة عن التساؤل التالي:

كيف تميز الصداع النصفي (الشقيقة)؟

يقول الأطباء إن الحبوب أو العقاقير ليست دائماً ما يحتاجه الناس، لأن الصداع الذي تعانيه قد يكون من نوع الشقيقة وليس من النوع العادي المعتدل. ويضيفون أن نصف حالات صداع الشقيقة لا يتم اكتشافها ورصدها.

ولمعرفة ما إذا كنت ضمن خانة من يعانون صداعاً كامناً، ينصحك الأطباء بتسجيل عدد الأيام التي لا تعاني فيها من أي صداع في كل شهر بما فيها الأيام التي لا تعاني فيها حتى صداعاً خفيفاً أو تشوشاً ذهنياً أو دواراً.

فإذا كانت الأيام التي لم تعاني فيها أي صداع خلال الشهر (25 يوماً أو أكثر)، يفترض أن تعينك مسكنات الألم لأن المشكلة التي تعاني منها، مشكلة عرضية. وفي هذه الحالة يكون الأيبوبروفين والباراسيتامول ناجعين، وكذلك الأسبيرين السائل الذي يمتصه الجسم بسرعة أكبر.

وإذا كان عدد الأيام التي لا تشكو فيها من أي صداع -أو من عرض مشابه له- أقل من 25 يوماً في الشهر، فستكون على الأرجح من المصابين بصداع نصفي خفي، بدون أن تدرك ذلك وستكون بحاجة لعلاج أكثر تركيزاً.

وعليك أن تنتبه أيضاً إلى أن ما تعتقد أنه صداع جيوب أنفية ربما يكون صداعاً نصفياً.

ويقول الاطباء، ان هناك إفراطاً في تشخيص الإصابة بالجيوب الأنفية في حين أن الألم يكون في الأغلب ناجماً عن صداع نصفي.

والتشخيص غير الدقيق يؤدي لمنح المريض علاجاً خاطئاً، مثل المضادات الحيوية أو التدخلات الجراحية النفاذية التي تهدف لتنظيف الجيوب الأنفية، والتي في الأغلب لن تعود بفائدة تذكر على المريض.

التثاؤب قد يكون مؤشر تنبيه على وجود مشكلة صحية:

يقول الأطباء إن 20 % فقط من المصابين بالصداع النصفي يختبرون الأعراض التقليدية التي تسبق نوبة هذا النوع من الصداع، والتي تتلخص في:

اعراض الصداع النصفي

  • الغثيان،
  • حساسية الضوء
  • حساسية الصوت،
  • تعب
  • رؤية خطوط متعرجة،

تدوم أعراض الصداع النصفي حوالي ساعة قبل النوبة.

مقدمات الإصابة بالصداع النصفي تشمل:

  • الميل للتثاؤب المتكرر،
  • دوار السفر،
  • تزايد الحساسية التي تسبق الدورة الشهرية عند النساء.

وينظر الأطباء للصداعات المرتبطة بالقلق والتوتر والتي تعرف بـ"الصداعات التوترية" على أنها نسخة أخرى -أقل وضوحاً- من مرض الصداع النصفي.

والتعرض لصداع مفاجئ ناجم عن ضغوط العمل، أو ضوضاء المكتب أو من تناول سكريات يعد أيضاً من مقدمات أو أعراض الإصابة بالصداع النصفي.

علاقة الموز و الأجبان بالصداع:

يقول الأطباء إن مادة الكافيين تعد من مثيرات الصداع التقليدية، ولذلك ينبغي عليك تجنب الشوكولاته والكولا والشاي.

وإذا امتنعت عن تناول الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على كافيين، قد تتعرض لأعراض الكافيين الانسحابية التي قد تدوم خمسة أيام، بيد أن نوبات الصداع تقل بعد ذلك.

وبجانب الكافيين يرى الأطباء أن الأجبان تعد أيضاً من مثيرات الصداع الشائعة.

ويقول الدكتور أندي داوسون، مدير وحدة الصداع في مستشفى كلية كينغز بلندن: "إن الرغبة في تناول شوكولاته أو جبن قد تكون في الواقع، مجرد نزعة اشتهاء للسكر، واشتهاء السكر قد يكون علامة على قرب التعرض لنوبة صداع".

ويقترح الدكتور داوسون تناول كربوهيدرات، مثل الموز، لأنها ستبعد الأعراض بالمحافظة على توازن سكر الدم.

ويقول الدكتور داوسون: "إن تجنب أطعمة معينة لا يكفي لمنع النوبات لأن عوامل تهييج وإثارة الصداع النصفي يمكن أن تتشكل بمرور الوقت وتتحد مع بعضها لكي تسبب هذا المرض".

طرق الوقاية من نوبات الصداع النصفي :

  • تناول وجبات منتظمة للمحافظة على اتزان سكر الدم،
  • شرب 2-3 ليترات من السوائل يومياً لتجنب الجفاف، الذي يجعل نسيج الدماغ يتقلص، مسبباً الألم.
  • وينصح الأطباء أيضاً، بالاستيقاظ في وقت محدد كل يوم، لأن الصداع النصفي يستثار في الغالب بإرباك الروتين.
  • وكثيراً ما يشار للصداعات النصفية باعتبارها صداعات العطلة الأسبوعية، لأنها في الغالب تنتاب المصاب في صباحات العطل الأسبوعية.

ويقول الدكتور داوسون: "تغييرك المفاجئ لروتين نومك يحدث تأثيراً دراماتيكياً على منطقة الهيبوثالامس في الدماغ (منطقة تقع أسفل المهاد في الدماغ) وهي مسؤولة عن موازنة الهرمونات، وهذا التأثير السلبي يثير ويحرك نوبة الصداع".

ويحض الأطباء على النوم في غرفة مظلمة لزيادة إفراز هرمون الميلاتونين الذي يساعد على النوم. وينصحون بتجنب مشاهدة التلفزيون في الفراش، لأن ذلك من شأنه أن يزيد من استثارة الدماغ. وإذا لم تجد هذه التكنيكات، تحدث مع طبيبك بشأن الأدوية والعلاجات الخاصة بمنع أو الوقاية من الصداع النصفي.

أجلس باستقامة لتخفيف الصداع:

إذا كنت مصاباً بصداع، يكون الارتماء في أحضان المقعد أسوأ شيء تفعله.

وحينما نكور جسدنا في شكل حرف C، نميل أو نسقط رأسنا نحو الأمام، وهذا الوضع يسهم في تمديد أو "مط" العنق وضغط الأعصاب، وبالتالي التعرض لنوبات الصداع.

وينصح الأطباء بجعل الأرجل مسطحة على الأرض مع الحرص على استقامة الفخذين والركبتين، والنظر إلى الأمام. وتجنب إحاطة نفسك بشموع الاسترخاء المعطرة أو الورود. والروائح القوية مثل العطور قد تحفز منظومة الأعصاب المرتبطة بألم الدماغ وتسبب الصداع النصفي.

متى تكون القهوة مفيدة:

القهوة قد تثير وتحرك الصداع النصفي، ولكن إذا كنت لا تعاني إلا نوبات صداع عرضية، ففي هذه الحالة يمكن لكوب من القهوة أن يسهم في نجاعة مسكن الألم الذي تستخدمه.

لا تأخذ الجرعة القصوى:

قد يرد في النشرة المرفقة مع عبوة الدواء، ملاحظة مفادها أن تناول ست حبات باراسيتامول- على سبيل المثال- في اليوم يعتبر آمناً. بيد أن الأطباء يقولون إن أخذ جرعتين من مسكن ألم في أسبوع، يزيد من فرص تعرضك لمزيد من نوبات الصداع.

ولتفادي التعرض لهذه الآثار الجانبية، لا تأخذ أكثر من عشر جرعات في الشهر من مسكنات الألم المعيارية، أو العادية، أو 15 جرعة من عقار معالجة الصداع النصفي تريبتان triptan.

ويقول الدكتور داوسون: "إن الاستخدام الكثيف لمسكنات الألم يمكن أن يزيد إثارة الممرات الهوائية في الـ"هايبوثالامس" وهي المنطقة الدماغية التي تتحكم في درجة حرارة الجسم، وفي الإحساس بالجوع والعطش وتتحكم في النوم وفي وظائف أخرى ذكرناها سابقاً".

تصرف بسرعة لكي تحد من تفاقم نوبة الصداع:

يقول الأطباء إن الصداع النصفي إذا تم رصده في مرحلة مبكرة، يمكن لفعالية مسكنات الألم العادية أن تكون مماثلة لفعالية علاجات وأدوية الصداع النصفي. ويروا أن الأيبوبروفين يعمل بصورة أفضل، لأنه يعمل كمضاد للالتهاب. لكنه لا يعالج الدوار، الذي يعد من الآثار الجانبية الشائعة، ولذلك قد ترغب في مسكن ألم بخواص مقاومة للدوار

وينصحك الأطباء بأخذ مسكنات الألم في مرحلة مبكرة من نوبة الصداع.

وإذا لم تفلح العقاقير العادية في معالجة هذه النوبة، جرب استخدام أدوية محددة للعلاج النصفي

عندما يشعر الطفل بألم في معدته فهو في الحقيقة يكون مصاباً بصداع نصفي:

شقيقة المعدة هي نوع من أنواع الصداع النصفي الذي يحدث فيه الألم في المعدة - وليس في الرأس - وهو في الغالب يصيب الأطفال، خصوصاً أولئك الذين يتسمون بتاريخ أسري للصداع النصفي.

قد لا يكون الألم شديداً، بيد أن الأعراض المصاحبة يمكن أن تشمل القيء، الشحوب، ظلال سوداء تحت العيون وعدم مقدرة على الأكل.

وألم المعدة يمكن أن يستمر فترات غير محددة (من ساعة وحتى ثلاثة أيام) والأدوية التي تصرف للأطفال في هذه الحالة، ينبغي أن تكون موصوفة من قبل اختصاصي أطفال.

(بالنسبة للبالغين، تعالج شقيقة المعدة بنفس الطريقة التي يعالج بها الصداع النصفي التقليدي).