أصبح الطب، وما يتعلق به من موضوعات بحثية، أو أكاديمية، أو تطبيقية من أهم المجالات التي تجذب اهتمام وسائل الإعلام الشعبية، حيث تمتلك جميع الصحف الكبرى أقساماً صحية منفصلة وفرق للتحقيق والبحث الطبي، وقد يتطور الأمر إلى إنشاء محطات إخبارية للبث المباشر في منازل الأطباء، ومع الانتشار الواسع والمتشعب للمدونات والمنشورات على الإنترنت، أصبح العالم الطبي ومعلوماته أكثر تداولاً بين الناس عن أي وقت مضى.
اقرأ أيضاً:ما هي مميزات تطبيقات الاستشارات الطبية عبر الإنترنت؟
يحمل البث المستمر للمادة الطبية -المعلوماتي منها والخيالي- عدداً من العواقب التي تتجاوز إعلام الجمهور وتثقيفه، حيث يؤثر تجسيد وتصوير العلوم الطبية باستمرار، بشكل مباشر على نظام الرعاية الصحي، وما يتلقاه المستمع العادي من معلومة وقدرته على استخلاص النصيحة، مما يدفع بالجميع إلى ضرورة دراسة طبيعة العلاقة المتزايدة بين الطب والإعلام، والبعد الأخلاقي لها، ومدى تأثيرها على العامة.
للمزيد: الاستشارات الطبية عبر الإنترنت
عند النظر بإمعان إلى الفوائد المتبادلة بين التواصل الإعلامي الطبي، يتبادر إلى الأذهان تساؤل عن جدوى هذه العلاقة؟ وهل هي دائماً مفيدة للمجال الطبي؟ أم أن أهداف الصحافي تتعارض أو قد تدحض أهداف الطبيب؟ نظراً لكونها قد لا تتحرى الدقة والتوقيت المناسب لتغطية خبر أو بحث ما، فقد يندفع الصحافي إلى إعلام الجماهير بأحدث أخبار الطب التي قد لا تكون استوفت اختباراتها السريرية والمعملية بشكل كاف، والذي قد يمثل سبقاً صحافياً يُقدر بالملايين أحياناً، مما يضع الوعي الجمعي في حالة من البلبلة والتخبط غير المبرر.
اقرأ أيضاً:دور الإعلام في الوقاية من الانتحار
من هنا بدأ التوجه إلى تكليف العاملين بالمهن الطبية أنفسهم بتغطية الأخبار، والاكتشافات، وكل ما يتعلق بالبحث العلمي الطبي، كونهم أكثر دراية بما يجب نقله إلى الجماهير، وإلى أي حد يمكنهم أن يتمادوا في الشرح والإيضاح، مع القدرة على تبسيط العلوم، ولكن تطلب ذلك تدريبهم على عدد من المهارات التي يفتقدونها مثل كيفية التعامل مع وسائل الإعلام، ودراسة علم نفس الجماهير، بالإضافة إلى عدد وافر من مهارات التواصل والخطاب.
اقرأ أيضاً: أسس العلاقة بين الطبيب والمريض
أهم الشروط الواجب توافرها بالطبيب الإعلامي
أفادت مجلة الجمعية الطبية الأمريكية (بالإنجليزية: JAMA or Journal Of The American Medical Association)، في تقريرها عام 2017 عن الشروط الواجب توافرها، والتوصيات التي يجب أن تحيط بالطبيب العامل بالإعلام، للدفع نحو تخصص إعلامي أفضل للأطباء، نذكرها في النقاط التالية:
- يجب أن يضع الطبيب دائماً أخلاقيات مهنته الطبية الأساسية نصب عينيه، وأن يرفع من شأن قيم، وأعراف، وعوامل السلامة المتعلقة بالمهنة الطبية.
- ينصح الطبيب العامة بالتوجه إلى اختصاصيين، لطلب المشورة الطبية الصائبة، التي تتغير تبعاً لحالة كل مريض، والتأكيد على أن ما يقدمه هو نصيحة عامة قد لا تنطبق على الجميع. للمزيد: العلاقة المشتركة بين الطبيب و المريض
- يجب على الطبيب أن يكون واعياً عن كيفية استخدام مؤهلاته، وخبراته، وبرامجه التدريبية، ونصائحه من قبل المنتديات الطبية، وآلية توصيل تلك المعلومات إلى الجمهور، دون حدوث لبس أو سوء فهم.
- يتحرى الطبيب الدقة عند تعامله مع الأوساط الإعلامية، حيث سيعامل الطبيب كصاحب سلطة فيما يتعلق بإفادته الطبية.
- يمتنع الطبيب عن تقديم أي تشخيص سريري أو منح أي توصيات طبية، لمن لم تسنح لهم الفرصة للخضوع إلى فحص جسماني دقيق، مثل متصلين بالبرنامج، أو بعض العاملين ممن يجرون معه التحقيق الصحافي، وغيرهم.
اقرأ أيضاً: تحدث مع مريضك واسأله بماذا تفكر !
- يحمي الطبيب خصوصية المريض وأسراره عن طريق الامتناع عن مناقشة معلومات تعريفية، من السهل الوصول إلى صاحبها، ما لم يحصل على تصريح محدد بذلك من المريض المعني. للمزيد: الكرامة والحقوق للمرضى النفسيين
- يتجنب الطبيب أي تضارب في المصالح والمواقف التي قد تؤدي به إلى تعارضات محتملة، تدفعه إلى انحياز اضطراري.
وبناءَ على النقاط السابقة، يتبين أنه من المفيد لتحقيق التخصص الإعلامي الأفضل للأطباء أن يتحدث الطبيب في مجاله فقط أو فيما هو متعلق باختصاص خبرته من العلوم الطبية، فهكذا نجد أن التزام الطبيب العامل بالإعلام بالبعد الأخلاقي، يمد المجتمع بوجهات النظر الطبية الفعالة التي تعمل على تدعيمه ليصبح أكثر صحة واستنارة، بالإضافة إلى تلبية التوقعات المتزايدة من العاملين بالمهن الطبية كمصادر تثقيفية موثوق بها، ومستشارين للمرضى، وممثلين للقطاع الطبي.
اقرأ أيضاً: صفات الطبيب في كتب التراث الطبي العربي الإسلامي
مصادر معلومات الأطباء
على صعيد آخر، يزداد إقبال الأطباء على الإنترنت يوماً بعد يوم، شأنهم شأن جميع الفئات. فمن أين يستقي الأطباء معلوماتهم؟ وما هي أكثر المواقع التي يقبلون عليها؛ من أجل تجديد معارفهم والبقاء على اتصال مع أحدث الاكتشافات والبحوث؟
أثبتت الدراسات أن معظم الأطباء يقبلون على مواقع معينة بعينها، بدلاً من استخدام محركات البحث بكافة أنواعها، كونهم لا يعتبرونها مصدراً دقيقاً، حيث يتجه الغالبية العظمى منهم إلى استخدام مصادر المعلومات الثانوية المحررة كمصدر لاسترجاع المعلومات الطبية الأساسية، كما يلجأ الكثير إلى قواعد بيانات البحوث المرتبطة بمنشورات المجلات العلمية، والبعض الآخر يستخدم المواقع التي تخدم المنطقة الخاصة بهم، والقليل يجد ضالته في بوابات المواقع الطبية.
اقرأ أيضاً: أعراض إدمان الإنترنت، آثاره وعلاجه
إدارة الأغذية والعقاقير
تمثل إدارة الأغذية والعقاقير (بالإنجليزية: FDA or Food and Drug Administration)، منبراً هاماً من أجل تعليم وتثقيف العاملين بالمجال الطبي، حيث تتمتع بقدرة هائلة على التواصل مع عدد كبير وهائل من مصادر المعلومات، التي تقدمها على موقعها الإلكتروني، والمخصص لمساعدة الأطباء. ليس فقط للإجابة على الأسئلة المتعلقة بالغذاء والدواء، ولكن يتواجد أيضاُ الكثير من المعلومات حول مستحضرات التجميل، والأجهزة الطبية، واللقاحات، والتبغ ومشتقاته، وحتى العلاجات البيطرية، لذا فإن تصفح الموقع كفيل بأن يمنح الأطباء فكرة مبسطة عن الذي يدور في خلفية صناعة الدواء وتطويره، بالإضافة إلى تثقيفهم عن الاستخدام الآمن للدواء، واستخدامات الأجهزة، ومعلومات الأمان المحدثة، وأحدث الأخبار الطبية.
اقرأ أيضاً: الاستخدام الآمن للدواء