تعد "متلازمة مخرج الصدر" من الأمراض التي تظهر بشكل واضح ومباشر على الشخص المصاب. والاضطراب هو السمة السائدة التي يعبر بها عن حالته، حيث يؤدي انضغاط الأوعية الدموية والأعصاب في الصدر، أو تحديداً في المنطقة والمساحة ما بين الترقوة والضلع الأول، إلى شعوره بالألم في الكتف والرقبة، وكذلك شعور بخدر في الأصابع ما يؤدي إلى صعوبة الحركة أو بطئها.

وتأتي الإصابة بهذه المتلازمة بسبب عوامل عدة، مثل الحوادث التي تؤدي إلى انضغاط الأوعية الدموية قسراً، دون تدخل مباشر من الأشخاص، وهناك أيضاً عوامل ناتجة من النشاط الشخصي للإنسان، الذي يعرضه لانضغاط الأعصاب والأوعية، وتكون النتيجة الإصابة بمتلازمة مخرج الصدر.

ويمكن أن يؤدي للإصابة بهذه الحالة توافر سبب طبيعي من الناحية التشريحية للمريض، كأن يكون هناك ضلع زائد في الجسم يوصل الشخص إلى النتيجة نفسها، وكذلك من عوامل وأسباب الإصابة الحمل لما يصاحبه من تغير في سلوكيات الحامل، حيث يؤدي إلى الضغط على الأوردة والأعصاب. ويمكن القول إن كل عمل يؤدي إلى انضغاط الأوعية الدموية وكذلك الأعصاب، يعتبر سبباً لا يمكن استبعاده.

وتتراوح معدلات الإصابة بمتلازمة مخرج الصدر بصورة أكبر لدى النساء أكثر من الرجال، كما أنها أكثر شيوعاً لدى الشباب البالغين، الذين تتراوح أعمارهم ما بين العشرين إلى نهاية الثلاثينات، ويشير الأطباء إلى صعوبة تحديد السبب الرئيسي للإصابة بمتلازمة مخرج الصدر،وعادة ما يكون العلاج الطبيعي ضمن طرق التداوي لهذه المشكلة، كما يلجأ المصاب في أغلب الحالات إلى مسكنات الألم. وبعد فترة من العلاج الطبيعي يحدث تحسن في الحالة إلى أن يتم الشفاء. وإذا ساءت الحالة يلجأ الطبيب المعالج إلى التدخل الجراحي.


أعراض المتلازمة

ويشير الأطباء إلى أنواع متلازمة مخرج الصدر، وذلك بحسب طبيعة كل متلازمة ومنطقة الانضغاط التي يحدث فيها الألم. كما أن أعراض هذه المتلازمة تختلف اعتماداً على البنى المنضغطة، فعندما تنضغط الأعصاب تتمثل علامات وأعراض المتلازمة في الهزال العضلي بالأصابع، وكذلك وخز وتنمل فيها وفي الذراعين، أو في أحدهما دون الآخر.

ويضاف إلى هذه الأعراض ما يشعر به المريض من ألم ووجع في الرقبة والكتف أو اليد، وهذا ينتج عنه ضعف الإمساك بالأشياء، كما أن اليد يتغير لونها من الطبيعي إلى اللون الأزرق، وتؤدي الجلطات الدموية إلى تورم في الذراع، وتتعدى إصابات هذه الجلطات إلى الأوردة والشرايين في المنطقة العليا من الجسم، ويتحول المنظر العام لمناطق الإصابة إلى الشحوب،كما يضعف النبض لدى المريض، ويمكن أن ينعدم في الذراع إذا كانت إصابتها لازمة.

أسباب المرض

ويرى الأطباء أن عوامل عدة تلعب دوراً في الإصابة بمتلازمة مخرج الصدر، ويعتبر انضغاط الأعصاب أو الأوعية الدموية في مخرج الصدر وأسفل الترقوة، هو السبب الرئيسي وراء هذه الحالة. ولكن كيف ينشأ هذا الانضغاط؟ يختلف سبب الانضغاط، فالتشوهات التشريحية الوراثية التي توجد عند الولادة كعامل ناشئ عن طبيعة خلقة المريض، تؤدي إلى الإصابة بمتلازمة مخرج الصدر، ويكون ذلك في هيئة ضلع إضافي داخل الجسم ينضغط بسببه العصب والوريد، وكذلك إذا حدث شذوذ في الحزمة الليفية الصلبة التي تربط العمود الفقري بالضلع.

ويؤدي سلوك المريض اليومي، وبخاصة إذا كان بشكل خاطئ، إلى الإصابة بهذه المتلازمة، حيث إن وضعية الجسم السيئة، كسقوط وانحناء الكتفين، أو ثبات الرأس في وضع النظر إلى الأمام لفترات طويلة، كل ذلك يؤدي إلى انضغاط منطقة مخرج الصدر، وتعتبر حوادث السيارات من الأسباب المؤثرة أيضاً، وكذا الصدمات التي تنتج منها، حيث من الممكن أن تؤدي إلى تغيرات داخلية تضغط على منطقة مخرج الصدر مسببة الآلام الشديدة، مع العلم بأن الآلام الناتجة من صدمات الحوادث غالباً ما تتأخر بعد الحادث ثم تبدأ بالظهور، ولهذا يجب على المريض أخذ الحذر بعد الحوادث، فلا يباشر حياته الطبيعية إلا عقب الاطمئنان على نفسه، ويجب ألا يستهين بأية عوارض.

ويلاحظ أيضاً حدوث الإصابة بمتلازمة مخرج الصدر للأشخاص الذين تعودوا على أنشطة أو رياضات معينة بشكل متكرر؛ لأن فعل الأشياء بشكل متكرر يؤدي إلى تلف أنسجة الجسم بمرور الوقت. فالشخص الذي تعود نشاطاً معيناً يومياً، حينما يصاب بعدم القدرة على فعل الشيء نفسه، فلابد أن يعلم أن هذا النشاط له دور كبير في الإصابة، وهنا يلزمه التوقف، ويضاف إلى ما سبق من أسباب، العوامل التي تضغط على الأعصاب والأوردة، مثل السمنة والحمل، وذلك بسبب انفكاك المفاصل خلال هذه الفترة. ويمكن أن تظهر أعراض هذه المتلازمة للمرة الأولى أثناء الحمل.

ويعد تلف الأعصاب التدريجي من أكبر المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها من يصاب بمتلازمة مخرج الصدر، وذلك في حالة ما إذا لم يتم علاج الأعراض مبكراً، ويحتاج الأمر في بعض الحالات إلى التدخل الجراحي، حيث يلجأ الطبيب إلى العمليات الجراحية، في حالة عدم تحسن حالة المصاب من خلال العلاجات الأخرى، وتجب ملاحظة أن التدخل الجراحي لا يقضي على المرض بصفة عاجلة أو كاملة، وذلك نتيجة تأخر الحالة، ويكون الهدف من ذلك الحد من المضاعفات، ومحاولة مساعدة المريض على المقاومة حتى يصل إلى بر الأمان والشفاء.

العلاج

يصبح المرضى الذين يتهاونون بمعالجة متلازمة مخرج الصدر في خطر، حيث إنهم عرضة لحدوث أعراض عصبية دائمة، ولهذا يجب الحرص على تجنب ضغط مخرج الصدر، من خلال تجنب الحركات المتكررة من رفع الأشياء الثقيلة، أو الالتزام بحركة ثابتة مثل الكتابة بصورة مستمرة لفترات طويلة. كما يصبح من الضروري إنقاص الوزن لدى أصحاب السمنة والوزن الزائد، وتتمثل الوقاية من متلازمة مخرج الصدر لغير المصابين أو الذين لم يصلوا إلى مرحلة ظهور الأعراض والمرض، في عدم حمل الأشياء الثقيلة، ولو كانت أكياساً تحتوي على حاجات المنزل، سواء كان الحمل على اليد أو الكتف، لأن هذا يزيد الضغط على مخرج الصدر.

ومن الأشياء المفيدة تعوّد الشخص على التمدد بعض الوقت لإراحة الجسم والأعصاب والأوردة، كما ينصح الرياضيون بأداء التمارين التي تريح الكتف والعضلات عموماً، ويحسن المريض صنعاً عندما يعرض نفسه على الطبيب المتخصص، الذي يبدأ بدوره في تحديد الأسباب وتشخيص الحالة، مع العلم أن هناك تبايناً واختلافاً للأعراض والمسببات من حالة إلى أخرى.

ويتم الاعتماد على مهارة الطبيب في تشخيص الحالة، ويتدرج الطبيب أثناء المعاينة للمريض من فحص الأعراض التي تظهر عليه جسدياً وظاهرياً، ثم الانتقال إلى التعرف إلى التاريخ المرضي للحالة، والتعرف كذلك إلى نشاطات المريض كمهنته والرياضة التي يمارسها ويفضلها، ويباشر الطبيب معالجة الحالة من خلال الاختبارات التحفيزية التي يطلب فيها من المصاب تحريك العضو المصاب من جسده، مع ملاحظة ما يعتري الجسم من ألم وتورم وشحوب، ثم يبدأ في الإصابة بمتلازمة مخرج الصدر من عدمها، بواسطة بعض الاختبارات الطبية، مثل الأشعة والفحص من حيث التصوير المقطعي والتصوير بالرنين المغناطيسي، وكذا تصوير الأوردة والشرايين.

ويعد العلاج الطبيعي العنصر الأهم لهؤلاء الذين يعانون متلازمة مخرج الصدر، وذلك بشرط الاكتشاف والعلاج المبكر والسريع للحالة، فالخطوة الأولية للشفاء هي العلاج الطبيعي، ويشمل ذلك تمارين ممنهجة، ويكون الهدف من ورائها تقوية عضلات الكتف وتحسين نطاق الحركة، وهو الأمر الذي يزيل الضغط عن الأوعية الدموية، وبالتالي يسمح بعودة الأمور إلى طبيعتها ولياقتها، ويصف الطبيب في العادة بعض الأدوية المضادة للالتهابات، وكذلك المسكنات التي تساعد المريض على التحمل، ومعها مرخيات العضلات وذلك حتى يقلل من الالتهابات ويحد منها قدر المستطاع.