عادةً ما يلجأ الأشخاص لتدخين أي من منتجات التبغ المختلفة التي تحتوي في تركيبتها على النيكوتين كوسيلة مساعدة للتخلص من الضغط النفسي والتوتر وتحسين الحالة المزاجية، ويعود ذلك لتأثير النيكوتين الفوري على مناطق الدماغ التي تتحكم بالراحة والاسترخاء، وفي هذا المقال سنتحدث بشيءٍ من التفصيل عن التدخين والصحة النفسية، وما إذا كان هناك علاقة تربطهما معًا. [1]
التدخين والصحة النفسية: هل هناك علاقة بينهما؟
نعم، هناك علاقة واضحة تربط كلًا من التدخين بالصحة النفسية؛ إذ إنه على عكس ما يعتقد الكثيرون، فإن التدخين يزيد من مستويات القلق والتوتر، كما أن المدخنين هم أكثر عرضة من غير المدخنين للإصابة بالاكتئاب مع مرور الوقت. [2]
يتمثل السبب الكامن وراء اعتقاد المدخنين أن التدخين يُحسّن من حالتهم النفسية بإمكانية تداخل المواد التي تحتويها منتجات التبغ المختلفة مع بعض المواد الكيميائية في الدماغ، مما ينتج عنه شعور الأشخاص المدخنين بالغضب والانفعال والقلق عند مرور فترة من الزمن دون تدخين، الأمر الذي يجعلهم يشعرون بارتياح وتحسّن في الحالة المزاجية بمجرد التدخين. [2]
في المقابل، يُعتقد أن يكون القلق والتوتر أحد الآثار الجانبية الناتجة عن التدخين ذاته وليس سببًا في تخفيفه، وتشمل الفوائد المتعلقة بالصحة النفسية المرتبطة بالإقلاع عن التدخين ما يلي: [2] [3]
- انخفاض مستويات القلق والاكتئاب والتوتر.
- تحسين نوعية الحياة والحالة المزاجية للشخص.
- الشعور بالرضا الشخصي عند التوقف عن التدخين، وتقدير النفس واحترامها.
- القدرة على الانخراط مجددًا في اللقاءات والمناسبات الاجتماعية.
- إمكانية تقليل جرعة بعض الأدوية المستخدمة لعلاج مشاكل واضطرابات الصحة النفسية المختلفة.
ما العواقب المترتبة على التدخين والمرتبطة بالصحة النفسية؟
لسوء الحظ، يعد التدخين أحد العوامل الأساسية التي تؤثر بشكل كبير في انخفاض متوسط العمر للأشخاص الذين يعانون من حالات ومشاكل نفسية، ويعود ذلك لتداخل المواد الكيميائية التي تحتويها منتجات التبغ المختلفة مع بعض الأدوية النفسية، الأمر الذي يُقلل فعاليتها، ويترتب عليه زيادة الجرعات الموصوفة، وحدوث المزيد من الآثار الجانبية المرتبطة بهذه الأدوية. [4]
بالإضافة لذلك تشير الأدلة إلى أن نصف المدخنين على المدى الطويل سيموتون نتيجة إصابتهم بحالة صحية مرتبطة بالتدخين، وأنه من المتوقع أن تكون هناك مستويات عالية من الوفيات المرتبطة بالتدخين بين الأشخاص الذين يعانون من حالة صحية نفسية ما. [4]
ما الحالات النفسية الأكثر عرضة للتدخين؟
وفقًا للإحصائيات، فإن معدلات التدخين مدى الحياة للأشخاص المصابين بحالات نفسية أعلى من الأشخاص الذين لا يعانون من أي حالة نفسية، وتشمل الحالات النفسية الأكثر عرضة للتدخين ما يلي: [5]
- اضطراب الاكتئاب الشديد (بالإنجليزية: Major Depression Disorder).
- الاضطراب ثنائي القطب (بالإنجليزية: Bipolar Disorder).
- الفصام (بالإنجليزية: Schizophrenia)، والاضطرابات الذهانية الأخرى.
- اضطراب ما بعد الصدمة (بالإنجليزية: Post-Traumatic Stress Disorder - PTSD).
- الاكتئاب، أو القلق، أو القلق المصاحب للاكتئاب.
- القلق الاجتماعي (بالإنجليزية: Social Anxiety).
- اضطرابات تعاطي المخدرات (بالإنجليزية: Substance Use Disorders).
- اضطرابات تعاطي الكحول (بالإنجليزية: Alcohol Use Disorders).
اقرأ أيضًا: ما هي أنواع الاكتئاب؟
هل تتحسن الحالة النفسية بعد الإقلاع عن التدخين؟
نعم، لحسن الحظ تتحسن الحالة النفسية للأشخاص عقب التوقف عن التدخين بمرور الوقت، ويمكن للعديد من النصائح والاستراتيجيات أن تساعد على إدارة الأعراض الانسحابية النفسية للتدخين والتعامل معها، وفيما يلي أبرزها: [6] [7]
- تجربة العلاج ببدائل النيكوتين.
- زيارة الطبيب المختص للتعرف على أدوية الإقلاع عن التدخين التي يمكن استخدامها، وكذلك الأدوية الموصوفة طبيًا والتي قد تساعد على علاج الاكتئاب في حال الإصابة به، وتشير الدراسات إلى أن البوبروبيون (بالإنجليزية: Bupropion)، والنورتريبتيلين (بالإنجليزية: Nortriptyline) يمكن أن يساعدا الأشخاص الذين لديهم تاريخ سابق من الاكتئاب والذين يحاولون الإقلاع عن التدخين.
- تهيئة النفس وتذكيرها بأن أعراض انسحاب التدخين النفسية بما في ذلك القلق، والتوتر، والاكتئاب هي أعراض مؤقتة ستختفي مع الوقت.
- الابتعاد عن المواقف والتجمعات والأنشطة التي يربطها المدخن باستخدام أي من منتجات التدخين المختلفة.
- استبدال السجائر بأي شيء آخر للحد من استخدامها وتذكرها، ويشمل ذلك تناول الفواكه أو الخضار الصحية، أو العلكة الخالية من السكر.
- الحفاظ على النشاط البدني من خلال ممارسة بعض الأنشطة الرياضية كالمشي.
- الحد من أو تقليل استهلاك الكافيين، ومن مصادره القهوة، والمشروبات الغازية، والشاي.
- ممارسة تمارين التأمل أو تقنيات الاسترخاء الأخرى بما في ذلك التدليك، أو الاستحمام في حمام ساخن، أو التنفس العميق الذي يسحب الشخص خلاله النفس من خلال الأنف، ويخرجه من خلال الفم.
- تخصيص بعض الوقت الهادئ لقضائه على انفراد صباحًا ومساءً.
- تخصيص بعض الوقت لقضائه مع الأصدقاء أو أفراد العائلة.
- المشاركة في الأنشطة البدنية مع الآخرين.
- تحديد قائمة بالأشياء التي تسبب الانزعاج وتُحفّز مشاعر القلق والتوتر، والبحث عن الحلول المناسبة لها.
اقرأ أيضًا: أفضل 5 طرق لتحسين الصحة النفسية
نصيحة الطبي
يؤثر التدخين في الحالة النفسية للشخص والعكس صحيح، ما يترتب عليه العديد من الآثار السلبية التي يتطلب بعضها علاجات طبية، ولحسن الحظ يمكن أن تتحسن الصحة النفسية بعد ترك التدخين، والاستعانة ببعض الطرق والاستراتيجيات الصحية، لذا لا تتردد في استشارة طبيبك لمعرفة الأنسب لحالتك.