تشير الصحة النفسية للرّضع، أو ما يسمّى أيضاً بالصحة العقلية للطفولة المبكرة (بالإنجليزية: Early childhood mental health) إلى الصحة العقلية والنفسية للأطفال الصغار منذ ولادتهم وحتى سن الخامسة، حيث يحتاج الأطفال إلى الكثير من المساعدة من آبائهم والأشخاص الآخرين من حولهم في تعلّم كيفية التعبير عن عواطفهم وكيفية التعامل معها بالطرق الصحيحة، ولهذا السبب، تلعب علاقة الوالدين بأطفالهم دوراً مهماً جداً في المحافظة على الصحة العقلية والنفسية لهؤلاء الأطفال.
غالباً ما يقلق الآباء بشأن كل ما يقومون به لصالح أطفالهم، ويتساءلون عمّا إذا كانوا يقومون بأدوارهم على أكمل وجه، أم أنهم مقصّرون في بعض النواحي، حيث من الممكن للآباء دعم الصحة العقلية لأطفالهم عن طريق القيام بعدّة أمور بسيطة، تؤدي في النهاية إلى بناء علاقات وطيدة وثقة عالية مع أطفالهم، مثل التحدّث إلى أطفالهم، والاستجابة لابتسامتهم أو صراخهم، وحمايتهم، ومنحهم الشعور بالأمان عند الخوف.
اقرأ أيضاً: سلامة أطفالنا مسؤوليتنا
علاقة الطفل مع الأشخاص من حوله
يمكن للرّضع والأطفال الصغار بناء علاقات وتكوين روابط عاطفية وثيقة مع العديد من الأشخاص من حولهم، ولكن في الأغلب تكون الرابطة أقوى بين الطفل والشخص الذي يقضي معظم الوقت معه، حيث من الممكن أن يكون هذا الشخص هو الأب، أو الأم، أو الجد، أو أي شخص آخر، ومن العلامات التي تدل على قوّة العلاقة الناشئة بين الطفل والشخص الآخر ما يلي:
- لجوء الطفل إلى هذا الشخص عندما يُصاب بأذى، أو يحتاج لمساعدة، أو يشعر بخوف.
- إظهار الطفل للمودة تجاه هذا الشخص.
- استقبال الطفل لهذا الشخص بهتافات وفرحة غامرة، وتوديعه بأسى وحزن.
- حرص الطفل على النظر إلى عيني الشخص باستمرار حتى أثناء انشغاله باللعب.
- شعور الطفل بالراحة أثناء تواجده مع هذا الشخص.
أهمية تعزيز الصحة العقلية للطفل
تؤثر الصحة العقلية على الطريقة التي يفكر بها الطفل، بالإضافة إلى تأثيرها على نفسيته، وعواطفه وتصرفاته، ولا تقل رعاية الصحة النفسية للطفل عن أهمية الرعاية الجسديه له، ويكون دور الآباء هنا هو تعزيز الصحة العقلية لطفلهم من خلال انتباههم لكل ما يقولونه أو يفعلونه أمامه، والحرص على توفير بيئة منزلية آمنة له، وفي حال كان لديهم أية مخاوف بشأن الصحة العقلية والنفسية لطفلهم، أو بشأن علاقتهم به، فبإمكانهم التحدث إلى طبيب العائلة واستشارته.
عوامل خطر إصابة الطفل بالمشاكل النفسية
فيما يلي بعض الدلائل التي تشير إلى إمكانية أن يكون الرضيع عُرضة لخطر الإصابة بالتحديات التي تتعلق بالصحة العقلية:
- تحدّيات تتعلق بالآباء:
- تعرّض الآباء للاعتداء أثناء طفولتهم.
- إصابة أحد الوالدين أو كلاهما بمرض نفسي، بما في ذلك اكتئاب ما بعد الولادة.
- إدمان أحد الوالدين أو كلاهما على تعاطي المخدرات أو شرب الكحول.
- وجود مشاكل في العلاقة بين الأم والأب.
- اتصاف أحد الوالدين أو كلاهما بالعدوانية أو العنف.
- نقص حصول الوالدين على الدعم من قبل الأصدقاء والأشخاص المقرّبين.
- زواج الوالدين خلال فترة المراهقة أو في أعمار صغيرة.
- المرور بتجربة ولادة صعبة ومخيفة.
اقرأ أيضاً: اكتئاب ما بعد الولادة يصيب الرجال أيضاً
للمزيد: اكتئاب ما بعد الولادة وتدابيره العلاجية
- تحديات تتعلق بالطفل نفسه:
- وجود مشاكل في النوم أو التغذية لدى الطفل.
- تعرّض الطفل للأذى.
- تعرّض الطفل لأشخاص غرباء.
- ضعف الرابطة بين الطفل ووالديه.
تشخيص الطفل بالمشاكل العقلية
قد يكون من الصعب جداً تشخيص الطفل الرضيع بالمشاكل العقلية، وذلك لأنه غير قادر على التحدّث عن أفكاره ومشاعره، فعلى سبيل المثال، يمكن أن تسبب ولادة أخ أو أخت جديدة للعائلة الكثير من التوتر لدى الطفل، وهذا من شأنه أن يؤثر على الطريقة التي يتصرف بها، حيث سيلاحظ الطبيب هذا عن طريق التواصل مع الوالدين ومساعدتهم في اتخاذ الإجراءات المناسبة للعلاج.
علامات تدل على وجود مشكلة نفسية عند الطفل
لا يمكن للطفل ان يخبر والديه بأنه يعاني من مشكلة ما، ولكن هناك علامات يستطيع الآباء من خلالها الاستدلال على وجود مشكلة، منها:
- عدم رغبة الطفل بالحمل أو الاحتضان.
- صعوبة التركيز عند الطفل أثناء اللعب، أو القيام بأي نشاط يومي آخر.
- صعوبة خلود الطفل إلى النوم.
- سرعة بكاء الطفل عند انزعاجه من شيء ما.
- إظهار الطفل لردود فعل غير مناسبة للمواقف التي يتعرض لها.
- وجود مشاكل واضطرابات لدى الطفل فيما يخص عادات النوم والأكل.
- شعور الطفل بالانزعاج والضيق لفترات طويلة.
- تجنّب قيام الطفل بالتواصل مع الآخرين بواسطة عينيه.
- عدم تفاعل الطفل مع الأشخاص من حوله.
- فقد الطفل للقدرة على اللعب، أو إصدار أصوات مثل الهمهمة والثرثرة، حيث يبدو أكثر هدوءاً وأقل نشاطاً.
- ظهور عادات سلبية عند الطفل مثل قضم الأظافر، ومصّ أصبع الإبهام، ونتف الشعر.
- تراجع بعض مهارات الطفل التي كان يقوم بها في السابق.
- التأخر اللغوي للطفل.
للمزيد: التأخر اللغوي والطفل ثنائي اللغة
اقرأ أيضاً: حمل الرضيع بطريقة صحيحة دون تعويده على ذلك
حماية الطفل من إصابته بالمشاكل نفسية
يمكن للوالدين القيام بالعديد من الأشياء التي تُحسن صحة الطفل العقلية، منها:
- إظهار الكثير من الحب والمودة للطفل.
- الثناء على الطفل عند قيامه بشيء جيد.
- احترام مشاعر الطفل وتقبّلها.
- إنشاء بيئة منزلية آمنة وإيجابية.
- مراقبة المحتوى الذي يشاهده الطفل عبر وسائل الإعلام بما في ذلك التلفاز، والانترنت، وأجهزة الألعاب.
- الحذر من مناقشة القضايا العائلية الخطيرة مثل الأمور المالية، أو المشكلات الزوجية بالقرب من الطفل.
- توفير وقت للتفاعل مع الطفل وممارسة الأنشطة معه.
اقرأ أيضاً: أضرار وفوائد الأجهزة الذكية للأطفال
علاج المشاكل النفسية عند الطفل
لحسن الحظ، فإن اضطرابات الصحة العقلية عند الأطفال قابلة للعلاج، وهناك العديد من الطرق المختلفة التي من الممكن أن يقوم بها الوالدين لتعزيز الصحة النفسية لطفلهم، مثل مشاركتهم في اجتماعات استشارية عديدة مع أخصائي رعاية الطفل ليتدربوا على كيفية التعامل مع طفلهم، وفيما يلي بعض الفوائد لهذه الاجتماعات:
- تُساعد الآباء على اتخاذ الإجراءات اللازمة في حال ظهرت على الطفل أية أعراض لمشاكل نفسية.
- تُساهم في تعزيز الطريقة التي يتفاعل بها الآباء مع الطفل، وزيادة الارتباط بينهم.
- تُساعد الآباء على تعلّم الإحساس بما يحتاجه الطفل.
- تُعلّم الآباء كيفية التواصل مع الطفل، أو التحدث إليه، أو الغناء له.
- تُعلّم الآباء الاستجابة لاحتياجات الطفل، بالإضافة إلى التعرّف على معنى إشاراته مثل الصراخ، والابتسامة، والضحك.
- تُعلّم الآباء ضرورة توفير احتياجات الطفل الأساسية مثل الطعام والملابس.
- تُعلّم الآباء ضرورة إعطاء الطفل المزيد من الحنان، والعطف، والاهتمام في حال كان مريضاً، أو مصاباً، أو مضطرباُ.
- تُعلّم الآباء ضرورة اهتمامهم بصحتهم الخاصة لئلا تؤثر مشاكلهم النفسية أو الجسدية على طفلهم.