التسمم الغذائي هو حالة مرضية عادة ما تؤثر على الجهاز الهضمي بعدة أعراض كالإسهال والغثيان والتقيؤ، بسبب تناول طعام فاسد أو ملوث أو سام، وهي حالة واسعة الانتشار بين مختلف المناطق في العالم نتيجة سوء تخزين المواد الغذائية، وعدم اتباع قواعد الجودة والسلامة العامة أثناء تحضير الطعام، وضعف الرقابة الغذائية في بعض الأماكن.
من المهم جداً في جميع حالات التسمم الغذائي أن يتم إجراء استقصاء وبائي لمعرفة الجرثومة أو المادة الكيمياوية المسببة للتسمم، حتى يتم في ما بعد اتخاذ الإجراءات الصحية الضرورية من الدوائر المختصة لتلافي حدوث المزيد من الإصابات بين السكان، ومن أهم الاجراءات هي مراقبة نظافة وسلامة وجبات الطعام التي تقدم أو تباع للمواطنين في أي مكان.
مسببات حالات التسمم الغذائي
تنتج معظم حالات التسمم الغذائي عن الكائنات الحية الدقيقة الآتية:
البكتيريا
تعتبر البكتيريا هي السبب الأكثر شيوعاً للتسممات الغذائية، ومن أبرزها البكتيريا الإشريكية القولونية (بالإنجليزية: Escherichia coli)، والليستيريا (بالإنجليزية: Listeria)، والسالمونيلا (بالإنجليزية: Salmonella) التي تعتبر المسؤول الأكبر عن معظم حالات التسمم الخطيرة، بالإضافة إلى البكتيريا المنثنية (بالإنجليزية: Campylobacter)، والكلوستريديوم بوتولينيوم (بالإنجليزية: C. botulinum) التي تعتبر كل منها قاتلة في بعض الحالات، وغيرها مما سيوضح لاحقاً بالتفصيل.
ومن أهم أنواع البكتيريا التي تسبب تسممات غذائية:
- السالمونيلا: وهذه واسعة الانتشار في أمعاء الإنسان وجميع الحيوانات والطيور، ويسهل انتقالها إلى الإنسان بواسطة تلوث لحوم الدواجن والبيض والألبان في المزارع، أو عن طريق تلوث أيدي العاملين والأدوات أثناء تحضير وجبات الطعام في المطاعم والبيوت، أو من خلال تصنيع منتجات الألبان واللحوم الطازجة بطريقة غير نظيفة وصحية.
- بكتيريا ستافلوكوكس الذهبية (بالإنجليزية: S.aureus): ويكثر وجود هذه البكتيريا في مناطق مختلفة من جسم الإنسان وخاصة الأنف وثنايا الجلد والجروح، وتفرز بعض سلالاتها نوعاً من السم البكتيري المقاوم لدرجة غليان الماء (مئة درجة مئوية) ولمدة لا تقل عن 10 دقائق، تفرز هذه البتكيريا سماً أثناء تكاثرها في أنواع الغذاء الغني بالملح والبروتينات، مثل وجبات الطعام التي تحتوي على اللحوم، والأسماك، ومشتقات الألبا،ن والبقوليات مثل الحمص والفول والتي يتم حفظها بعد التحضير في مكان دافئ أو بدرجة عالية.
- الإشريكية القولونية: وهي جزء من مجموعة بكتيريا القولون الطبيعية التي تستقر في أمعاء جميع البشر والحيوانات والطيور منذ الولادة، وتعد ضرورية للمحافظة على عمل الأمعاء بصورة طبيعية. ولكنها على الجانب الآخر تضم سلالات تسبب أكثرها حالات إسهال وأحيانا تسمماً غذائياً بسيطاً نتيجة إفراز سموم في الأمعاء، وغالباً ما يشكو المريض من إسهال بسيط إلى شديد، ومغص في البطن، من الممكن تقيؤ وارتفاع بحرارة الجسم ولمدة لا تزيد على يومين، وتظهر الأعراض المرضية عند الصغار أكثر من الكبار.
ظهرت منذ مطلع عام 1980م سلالات من هذه البتكيريا تسبب بداية إسهالات مائية-دموية، وقد ينتقل السم الذي تفرزه من الأمعاء إلى دم المريض والكلى وتسبب صدمة سمية دموية تؤدي الى عطل الكلى ووفاة المريض إذا لم تتم معالجته بسرعة في المستشفى.
- البكتيريا العصوية الشمعية (بالإنجليزية: Bacillus cereus): تنتشر هذه البكتيريا بكثرة في التربة والغبار كونها تتميز بتكوين الأبواغ المقاومة للجفاف لفترة طويلة أثناء وجودها في الطبيعة، كما أنها تقاوم درجة غليان الماء لفترة لا تقل عن نصف ساعة قبل أن تتلاشى. ولذلك يكثر تلوث محاصيل الأرز والبقوليات بها، وبطبيعة الحال الطعام الذي تحتوي على الأرز واللحوم والأسماك بهذه البكتيريا، وخاصة إذ لم يطبخ الطعام جيداً بدرجة حرارة عالية. وتحدث حالات التسمم بهذا النوع عندما تترك وجبات الطعام في مكان دافئ لساعات عدة.
الطفيليات
إن التسممات الغذائية الناتجة عن الطفيليات أقل شيوعاً من تلك الناتجة عن البكتيريا ولكنها لا تقل خطورة عنها، ويعتبر التوكسوبلازما (بالإنجليزية: Toxoplasma) أشهر طفيلي مسبب للتسممات الغذائية، والذي عادة ما يعيش طاخل القطط وينتشر بواسطة برازها، ويمكن له أن يعيش داخل الجهاز الهضمي للشخص لسنوات، وغالباً ما تكون النساء الحوامل، وأصحاب المناعة الضعيفة هم الأكثر عرضة للإصابة بها.
الفيروسات
يمكن أن تنتج التسممات الغذائية عن الفيروسات أيضاً كالنوروفيروس (بالإنجليزية: The Norovirus) على سبيل المثال، ونادراً ما تكون خطيرة جداً وهي أقل انتشاراً مقارنة بالتسممات الغذائية الناتجة عن البكتيريا والطفيليات، ويعتبر فيروس التهاب الكبد الوبائي أ (بالإنجليزية: Hepatitis A) أحد الفيروسات الخطيرة التي تنتقل عن طريق الطعام.
تشخيص حالات التسمم الغذائي
عند تشخيص حالات التسمم الغذائي عادة ما يبدأ الطبيب بالسؤال عن الأعراض المختلفة والطعام الذي تناوله المريض مؤخراً للربط بين كليهما، وما إن كان أي فرد من أفراد عائلة المريض أو أصدقائه يعانون من نفس الأعراض، وقد يطلب في بعض الحالات الشديدة فحصاً للدم والبراز، والطعام الذي تناوله الشخص إن أمكن لتحديد المسبب الرئيسي وراء التسمم الغذائي، وقد يلجأ الطبيب في بعض الأحيان إلى طلب فحص للبول لتحديد ما إن كان المريض يعاني من الجفاف نتيجة التسمم.
كما يجب أن يساعد الأطباء المختصون في وبائيات الأمراض المعدية في دراسة كل حالة بدقة، ومتابعة مصدر العدوى ومراحل المرض الخاصة لكل نوع من التسمم الغذائي، ليتم تأكيد النتيجة النهائية لمسبب الحالة، وإبلاغ بتقرير للجهات المختصة عنها، ومن المعروف أن الأعراض والعلامات السريرية للتسمم الغذائي تتشابه وتختلف مع كثير من الحالات والاضطرابات الأخرى، وتحتاج أحياناً الى خبرة واسعة من الطبيب المعالج لتحديد نوع المسبب الحقيقي للمرض، وبعدها قد يتم مخبرياً تشخيص نوع الجرثومة، أو المادة الكيماوية إذا تم أخذ العينات المناسبة من المريض والطعام.
اقرأ أيضا: حقائق عن التسمم الغذائي
انتشار حالات التسمم الغذائي
يعد التسمم الغذائي من أكثر الأمراض التي تنتشر في البلدان النامية والتي تشكو من نقص إمدادات مياه الشرب النقية، وضعف النظافة العامة، وسوء الرقابة على الأغذية. وهناك تقارير من منظمة الصحة العالمية تؤكد حدوث ملايين الحالات المرضية وآلاف الوفيات سنوياً نتيجة التسمم الغذائي في هذه البلدان، ومن المؤكد أن نسبة حالات التسمم التي تسجل رسمياً في البلدان المختلفة لا تمثل سوى نسبة قليلة من عدد الحالات الحقيقة، وذلك بسبب عدم تسجيل الكثير من حالات التسمم الغذائي.
للمزيد: علاج التسمم الغذائي في المنزل
أعراض التسمم الغذائي
تختلف أعراض التسممات الغذائية باختلاف مصدر العدوى ونوع المسبب أيضاً، كما قد يختلف الوقت الذي تستغرفه الأعراض بالظهور بحسب مصدر العدوى أيضاً ويمكن أن يتراوح ما بين ساعة إلى 28 يوماً، وعادة ما تتضمن معظم حالات التسمم الغذائي ثلاثة على الأقل من الأعراض التالية:
ولا بد من الإشارة من إلى أن التقيؤ عادة ما يحدث قبل الإسهال في حالات التسمم الغذائي، والذي قد يستمر عدة أيام بحسب السبب الرئيسي للتسمم.
قد تكون الأعراض أكثر شدة وتهدد حياة المريض في بعض الأحيان، ولا بد من مراجعة أكبر طبيب أو مركز رعاية صحية في حال ظهور أي منها، وهي:
- إسهال يستمر لأكثر من ثلاثة أيام.
- درجة حرارة أعلى من 38.5 درجة مئوية.
- صعوبة في الرؤية والكلام.
- أعراض جفاف شديدة كجفاف الفم، وصعوبة الحفاظ على سوائل الجسم، وكمية قليلة جداً من البول أو عدم التبول من الأساس.
- ظهور دم مع البول.
الوقاية من التسمم الغذائي
أفضل الوسائل لمنع انتشار حالات التسمم الغذائي في المجتمعات أن تقوم أولاً الدوائر الصحية المختصة بمراقبة ذبح وتنظيف وحفظ أنواع اللحوم كافة في المسالخ بصورة مستمرة، وثانياً مراقبة بيع المواد الغذائية الطازجة من منتجات الألبان والعصائر واللحوم، وثالثاً مراقبة نظافة المطاعم والعاملين فيها وسلامة المياه المستعملة، وتأكيد ضرورة حفظ الأغذية المعدة للأكل دائما في الثلاجات الصالحة والتي يجب أن لا تزيد درجة حرارتها الداخلية على ثلاث درجات مئوية، مع الحرص على مطابقة المؤسسات الغذائية والمصانع لنظام ضبط الجودة والسلامة العامة.
للمزيد: التسمم الغذائي للحامل