يعتبر التسمم الغذائي من المشاكل الصحية الشائعة لدى الأطفال، وتماماً مثل البالغين، يحدث نتيجة تناول الطفل طعام أو شراب ملوث بأحد أنواع الجراثيم المسببة للأمراض. لكن، قد يعاني الأطفال من أعراض ومضاعفات أكثر شدة قليلاً.
يعد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات أكثر عرضةً للإصابة بالتسمم الغذائي، إذ يكون جهاز المناعة المسؤول عن محاربة الجراثيم والعدوى ما زال في تطور النمو لديهم، كما أنهم يملكون كمية أقل من حمض المعدة الذي يلعب دوراً في قتل الجراثيم التي قد تصل إلى الجهاز الهضمي بسبب تناول غذاء ملوث أو فاسد. [1][2]
يتناول هذا المقال أعراض التسمم الغذائي عند الأطفال، ومخاطره، وعلاجه.
أعراض التسمم الغذائي عند الأطفال
كثيراً ما تتشابه أعراض التسمم الغذائي عند الأطفال بأعراض التهاب المعدة والأمعاء الفيروسي أو ما يعرف باسم إنفلونزا المعدة، مما يجعل تمييزها ليس بالأمر السهل. لكن، إذا ما ظهرت الأعراض ذاتها لدى الطفل ومجموعة من الأفراد الآخرين في ذات الوقت وبعد تناول الطعام نفسه، فمن المرجح أن تكون الأعراض مؤشراً على الإصابة بالتسمم الغذائي. [1][3]
في معظم الحالات، تظهر أعراض التسمم الغذائي عند الأطفال في غضون 2-48 ساعة من بعد تناول الطعام الملوث، وتستمر لمدة يوم أو يومين، لكن في بعض الحالات الشديدة قد تستمر لأسبوع أو أكثر. فيما يلي أبرز علامات التسمم الغذائي لدى الأطفال: [1]
- القيء.
- الإسهال.
- تشنجات أو ألم في البطن.
- الغثيان.
- الحمى.
- القشعريرة.
- الصداع.
يجدر الإشارة إلى أن الأعراض السابق ذكرها تمثل الأعراض الشائعة للإصابة بالتسمم الغذائي، لكن قد يعاني بعض الأطفال من أعراض أخرى، وذلك بالاعتماد على نوع البكتيريا، أو الفيروسات، أو الطفيليات التي كانت سبباً بالإصابة. فيما يلي نذكر أمثلة على بعض مسببات التسمم الغذائي لدى الأطفال والأعراض التي قد تمتاز بها كل منها: [3]
- بكتيريا الشيغيلا (بالإنجليزية: Shigella): من أعراضها الإسهال الدموي وارتفاع درجة الحرارة.
- بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية (بالإنجليزية: Staphylococcus Aureus): من أعراضها الإسهال المائي، وقد تسبب الحمى في بعض الأحيان.
- بكتيريا السالمونيلا (بالإنجليزية: Salmonella ): من أعراضها الإسهال المائي، والحمى، وآلام البطن.
- بكتيريا الإشريكية القولونية (بالإنجليزية: Escherichia coli (E. coli)): من أعراضها الإسهال الدموي، وتقلصات شديدة في المعدة، وقد تسبب ارتفاع طفيف في درجة حرارة الجسم.
- بكتيريا العطيفة (بالإنجليزية: Campylobacter): من أعراضها الإسهال المائي، والحمى، وتشنجات البطن، وآلام العضلات، وصداع الرأس.
أعراض التسمم الغذائي الشديد عند الأطفال
تشمل أعراض التسمم الغذائي عند الأطفال في الحالات الأكثر حدة ما يلي: [2]
- استمرار القيء لأكثر من 3 أيام.
- دم في البراز أو القيء.
- انتفاخ البطن أو ملاحظة أن البطن قاسي عند الضغط عليه.
للمزيد: أعراض التسمم الغذائي
أعراض التسمم الغذائي الخطيرة عند الأطفال
يعد الجفاف (بالإنجليزية: Dehydration) من أعراض ومضاعفات التسمم الغذائي عند الأطفال الأشد خطورة، وقد يحدث نتيجة الإسهال والقيء الشديدين. فيما يلي أبرز أعراض الجفاف الخفيف إلى المتوسط عند الأطفال: [2][4]
- جفاف الفم، واللسان، والشفتين.
- قلة الدموع عند البكاء.
- انخفاض كمية البول.
- تغير لون البول إلى اللون الأصفر الغامق.
- الخمول.
- ضعف الجسم على نحو عام.
- العيون الغائرة.
أما أعراض الجفاف الشديد عند الأطفال فتشمل: [4]
- شحوب الجلد.
- برودة اليدين أو القدمين.
- انعدام أو انخفاض معدل عدد مرات التبول.
- التنفس السريع.
يجدر الإشارة إلى ضرورة وأهمية استشارة الطبيب على وجه السرعة في حال الشك بإصابة الطفل بالجفاف، وطلب الرعاية الطبية على الفور في حال ملاحظة أحد أعراض الجفاف الشديد. فيما يلي بعض فئات الأطفال الأكثر عرضةً للإصابة بالجفاف: [2][4]
- الأطفال أصغر من عام واحد، وخاصة الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر.
- الأطفال أصغر من عام واحد، والذين يعانون من انخفاض الوزن عن المعدل الطبيعي.
- الأطفال الرضع الذين يعتمدون على حليب الثدي في تغذيتهم، وقد توقفوا عن الرضاعة الطبيعية أثناء فترة الإصابة بالتسمم الغذائي.
- الأطفال والرضع الذين يعانون من إسهال أو قيء شديد؛ بمعدل 5 مرات أو أكثر خلال 24 ساعة.
- الأطفال الذي لم يتلقوا سوائل تعويضية بسبب رفضهم لها أو لأي سبب آخر.
علاج التسمم الغذائي عند الأطفال
يوصى دائماً باستشارة الطبيب في حال الشك بإصابة الطفل بالتسمم الغذائي، وبناءً على تقييم الطبيب فقد تشمل خيارات العلاج ما يلي: [2]
- الاكتفاء بمراقبة أعراض الطفل جنباً إلى جنب مع الرعاية المنزلية.
- وصف بعض الأدوية والعلاجات الفموية.
- إدخال الطفل إلى قسم الرعاية العاجلة لحصوله على سوائل تعويضية عن طريق الوريد.
علاج التسمم الغذائي عند الأطفال بالأدوية
بعد استشارة الطبيب، يمكن أن يتم إعطاء الطفل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين لعلاج الحمى، والصداع، وتخفيف الألم. لكن يجب عدم إعطاء الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 عام أدوية لإيقاف الإسهال (الأدوية المضادة للإسهال)، لما قد تسببه لهم من من آثار جانبية ومضاعفات. [4]
في بعض الأحيان، يتم وصف المضادات الحيوية أو مضادات الطفيليات لعلاج التسمم الغذائي. من الحالات التي تتطلب العلاج بالمضادات الحيوية ما يلي: [4]
- تأكيد الإصابة ببكتيريا الليستيريا عن طريق أخذ عينة من البراز تحليلها في المختبر.
- تأكيد إصابة الطفل الذي يبلغ من العمر أقل من 6 أشهر ببكتيريا السالمونيلا.
- تأكيد إصابة الطفل بعدوى الجيارديا، أو الكوليرا، أو عدوى الأميبا.
- ضعف الجهاز المناعي لدى الطفل بسبب العلاج الكيميائي أو فيروس نقص المناعة البشرية أو لأسباب أخرى.
أيضاً، قد يتم تقديم العلاج الوريدي للطفل في حال ظهور أعراض الجفاف لديه، حيث يساعد العلاج عن طريق الوريد على تعويض السوائل التي تم فقدها بسبب الإسهال والقيء، واستعادة توازن الكهارل في الجسم. [1]
علاج التسمم الغذائي عند الأطفال في المنزل
تشمل إرشادات الرعاية المنزلية للأطفال المصابين بالتسمم الغذائي ما يلي: [1]
- الحفاظ على رطوبة جسم الطفل من خلال تقديم الكثير من السوائل المناسبة.
- تجنب استهلاك الطفل للكافيين، والحليب، والمشروبات الغازية، ويمكن الاستعاضة عنها بأحد المشروبات التالية:
- حليب الثدي أو الحليب الاصطناعي، وذلك بالنسبة للرضع.
- الماء أو العصير أو المشروبات المنكهة الأخرى، وذلك بالنسبة للأطفال الصغار (ليس الرضع).
- تجنب استهلاك الطفل للأطعمة الصلبة إلى حين استقرار المعدة.
- تناول الطفل الطعام بكميات صغيرة وعلى نحو بطيء. من الأمثلة على الأطعمة المناسبة الحبوب الجافة، والبسكويت، والخبز المحمص، والأرز. يوصى بتجنب الأطعمة الدهنية والسكرية.
- الحرص على أخذ الطفل قسط كاف من الراحة.
مضاعفات التسمم الغذائي عند الأطفال
يمكن أن تسبب الإصابة بالتسمم الغذائي بعض المضاعفات والمشاكل الصحية، وخاصة لدى الأطفال الصغار أو الأطفال الذين يعانون من أمراض صحية مزمنة.
تشمل مضاعفات التسمم الغذائي المحتملة عند الأطفال ما يلي: [4]
- الجفاف واختلال توازن الأملاح في الجسم. يعد من أكثر مضاعفات التسمم الغذائي شيوعاً.
- المضاعفات التفاعلية، والتي تشير إلى تفاعل أجزاء أخرى من الجسم مع عدوى الأمعاء، ومن الأمثلة عليها التهاب المفاصل، والتهاب الجلد، والتهاب العين.
- انتشار العدوى من الجهاز الهضمي إلى أجزاء أخرى من الجسم، مثل العظام، وغشاء السحايا الذي يحيط بالدماغ والحبل الشوكي. يعد من أندر مضاعفات التسمم الغذائي. في حال الحدوث، تكون الإصابة بالتسمم في الغالب ناتجة عن الإصابة ببكتيريا السالمونيلا.
- سوء التغذية (بالإنجليزية: Malnutrition).
- عدم تحمل اللاكتوز الثانوي أو المكتسب، والذي قد يحدث لفترة مؤقتة من الوقت بعد الإصابة بالتسمم الغذائي، وذلك نتيجة نقص إنزيم اللاكتاز بسبب تضرر بطانة الأمعاء.
- متلازمة انحلال الدم اليوريمية (بالإنجليزية: Haemolytic Uraemic Syndrome)، وهي أحد المضاعفات نادرة الحدوث، لكنها خطيرة، إذ قد تسبب انخفاض في عدد الصفائح الدموية والفشل الكلوي. ترتبط عادةً بحالات التسمم الغذائي الناتجة عن عدوى الإشريكية القولونية.
- انخفاض فعالية بعض الأدوية التي يتناولها الطفل لعلاج مشاكل صحية أخرى، مثل الصرع. وتنخفض الفعالية نتيجة انخفاض كمية الدواء التي يمتصها جسم الطفل بسبب خروج معظم الدواء عن طريق القيء أو الإسهال.