يُعرّف الباحثون "متلازمة الجمال النائم" أو "متلازمة كلاين ليفين" بأنها اضطراب عصبي، يعاني المصاب بسببها من نوبات متكررة من النوم المفرط، تدفعه إلى النوم بشكل تدريجي، إلى أن يصل الأمر به أن يمضي معظم ساعات النهار والليل نائماً، ولا يستيقظ سوى للأكل أو للذهاب إلى الحمام.
وتستمر هذه النوبات أياماً وأسابيع وشهوراً، حيث تتوقف جميع الأنشطة اليومية، وربما ظل المصاب فترة تصل في بعض الأحيان إلى سنوات، دون أن يعاني من أية أعراض، ثم تعاوده النوبة مرة أخرى دون إنذار مسبق، كما أن النوبات تستمر في بعض الأحيان لمدة عشر سنوات.
تبدأ الإصابة بهذا المرض في الغالب أثناء مرحلة المراهقة، إلا أنه تم الكشف عن صبية مصابين بهذه المتلازمة. وبصفة عامة فإن أعمار المصابين تراوحت بين 10 إلى 60 عاماً، كما تبلغ الإصابة في الذكور أربعة أضعاف الإناث.
للمزيد: متلازمة فرط النعاس الدوري "كلاين ليفين"
أسباب المرض
يجهل الباحثون السبب الرئيسي وراء الإصابة بها، وإن كان البعض يرجعها إلى العامل الوراثي. كما أنها تفتقد إلى علاج فعال، وإنما تعتمد على بعض العقاقير المستخدمة في علاج اضطرابات المزاج.
يرجع بعض الباحثين سبب الإصابة بمتلازمة كلاين ليفين، في بعض الحالات إلى العوامل الوراثية، وذلك لأن العامل الرئيسي وراء الإصابة بها لا يزال مجهولاً، ويوجد عدد من الحالات التي أصابت أكثر من شخص في العائلة ذاتها.
ويمكن أن ترتبط أعراض هذه المتلازمة بوجود خلل في منطقة تحت المهاد، وذلك بسبب تعرضها لإصابة ما، وهذه المنطقة توجد في المخ، وتتحكم في مجموعة من العمليات، ومن ضمنها النوم والشهية ودرجة حرارة الجسم.
الصدمة والمناعة
يمكن أن يؤدي حدوث صدمة في الرأس إلى الإصابة بهذا الاضطراب، غير أن الأمر لا يزال يحتاج إلى مزيد من الدراسة لتأكيد السبب المباشر لهذه المتلازمة.
ويشير بعض الباحثين إلى أن "متلازمة الجمال النائم"، يمكن أن تحدث بسبب اضطراب جهاز المناعة الذاتية لدى المصاب.
ويحدث هذا الأمر عقب الإصابة بأحد أنواع العدوى كالإنفلونزا. وعموماً فإن أمراض المناعة الذاتية تتسبب في مهاجمة جهاز المناعة للأنسجة الجسم السليمة.
أعراض المرض
يُلاحظ أن "متلازمة الجمال النائم" تحدث أعراضها في شكل دورات على مدار السنة، وربما تستمر الدورة من أسبوع إلى شهر، ويعود المصاب إلى الحالة الطبيعية بين الدورات، فلا يشكو من أية أعراض.
ويعاني خلال دورة المرض من فرط النعاس والنوم، فمن الممكن أن ينام من 15 ساعة إلى 21 ساعة يومياً، ولا يستيقظ سوى لأمرين أن يأكل أو يذهب إلى الحمام.
ويترتب على هذه الحالة عدم استطاعته أداء مهامه اليومية، كأن يذهب إلى عمله، أو مدرسته إذا كان ما زال في مرحلة الدراسة.
زيادة الشهية
يلاحظ على المصاب بهذه المتلازمة عدد من الأعراض، مثل زيادة كبيرة في شهيته للطعام، وربما يتناول أثناء ذلك بعض الأطعمة والمأكولات التي لا يتناولها في العادة، ويظهر هذا العرض في حوالي ثلثي المصابين.
وتكون فترة الحلم بالنسبة للمصاب أقل، كما أنه يعاني من الكوابيس أثناء النوبة، ويوجد نسبة من المصابين يسيطر الحلم على معظم فترة النوم، في صورة كوابيس وتخيلات مخيفة.
سلوكيات غريبة
يعاني المصاب عندما يستيقظ من الارتباك وغياب المشاعر والخمول الشديد، ويمكن أن يعاني من بعض السلوكيات الغريبة عليه، كالهلوسة أو العدوانية أو التهيج، والتي يعزوها البعض إلى تناقص تيار الدم الذي يتوجه إلى المخ أثناء النوبة.
ويرجع معظم المصابين إلى نشاطهم الطبيعي بعد انتهاء النوبة، دون أية مشكلات سلوكية أو جسدية، غير أنهم من الممكن أن يتذكروا بعض تفاصيل قليلة لما حدث خلال النوبة.
وتقل حدة هذه الأعراض أو تكاد تختفي مع تقدم المصاب في العمر، ويستمر في الغالب المرض عقداً من الزمن، يتعرض خلالها المصاب لنحو 20 دورة من الأعراض.
وتعد هذه المتلازمة من الأمراض التي يصعب التنبؤ بها، كما أن النوبات تتكرر بصورة مفاجئة، ودون أي سابق إنذار، ويمكن أن تحدث بعد أسابيع أو شهور أو سنوات.
تشخيص المرض
يعد تشخيص "متلازمة الجمال النائم" من الأمور الصعبة، وذلك لأنها ربما تؤدي إلى ظهور أعراض جسدية، تدل على وجود مشاكل نفسية.
ويتسبب هذا في حدوث خلط بين هذه المتلازمة وبين أمراض أخرى، للدرجة التي يتم تشخيص الحالة بطريق الخطأ على أنها اضطراب نفسي. ولأجل هذا من الممكن أن يستمر تشخيص المرض نحو أربع سنوات في بعض الحالات.
ويقوم الطبيب المعالج بإجراء عدد من الفحوصات، التي تهدف إلى استبعاد الأمراض الأخرى، وذلك لأنه لا يتوافر فحص واحد يؤكد تشخيص الحالة، وبالتالي فإن عملية التشخيص هنا عملية استبعاد.
تحليلات مفصلة
تتضمن هذه الفحوصات تحليلاً مفصلاً للدم، ودراسة سلوكيات النوم، وتشمل كذلك التصوير بالرنين المغناطيسي وأشعة مقطعية على الرأس.
ويتمكن الطبيب بواسطة نتائج هذه الفحوصات من استبعاد أمراض السكري، وقصور الغدة الدرقية والأورام والالتهابات، وبعض أمراض النوم، وكذلك بعض الاضطرابات العصبية، ويمكن أن يوجه الطبيب، المصاب إلى إجراء فحص نفسي، لأن كثرة النوم تعتبر أحد أعراض الاكتئاب.
علاج المرض
تفتقد "متلازمة كلاين ليفين" إلى طرق معالجة فعالة، ولا يتوافر دواء بعينه يفيد في هذه الحالة، وذلك لأن العلاج أثناء النوبات يكون محدوداً للغاية.
ويمكن أن يتحسن بعض أعراض النوبة باستخدام الأدوية التي تعالج اضطراب المزاج، حيث يوجد تشابه بين متلازمة الجمال النائم وبعض اضطرابات المزاج، وذلك في بعض الحالات، أو باستخدام أدوية علاج النعاس، إلا أنها يمكن أن تزيد من تهيج المصاب.
ويساعد بعض العقاقير في تقليل مدة النوبة، ومن ذلك الأمنتدين، حيث أثبت تأثيره في نحو 45 في المئة من المصابين، وكذلك ساعد الليثيوم في تعديل المزاج لدى 25 في المئة من المصابين.
ويمكن أن تفيد الحبوب المنشطة بعض المصابين بهذه المتلازمة، بالرغم من أنها ربما تؤدي إلى حدوث انزعاج لهم، ويمكن أن تعزز اليقظة وتحدّ من الشعور بالنعاس.
ويجب الانتباه إلى أن المصاب يعتبر أنه تعافى من "متلازمة الجمال النائم" عندما يمر عليه ست سنوات أو أكثر ولم يتعرض لأي نوبة.
عناصر أمان
يجب توفير عناصر الأمان للمريض خلال الفترات التي يصاب بها بنوبة "متلازمة الجمال النائم"، ومن ذلك تجنب المواقف الخطرة كأن يخرج من المنزل أو يكون قريباً من حمام سباحة. وينبغي على الطبيب المعالج التواصل مع جهة العمل أو الدراسة، لشرح الحالة الصحية التي يعاني منها المصاب، كما يتم بث الاطمئنان في نفوس أهل المريض بأن الحالة تتحسن بتقدم العمر.
وتختفي هذه الأعراض خلال فترة تتراوح بين 8 إلى 12 سنة من بدء ظهورها. ويعتبر من مضاعفات هذا الاضطراب تحفيز الإصابة بالقلق والاكتئاب، وذلك بسبب عدم معرفة ميعاد النوبة التالية أو المدة التي ستبقى فيها.
وتتسبب حالة الشَّرَه التي يصاب بها مريض "متلازمة كلاين ليفين" خلال نوبات المرض، في خطر الإصابة بزيادة الوزن.
اكتشاف المرض
يعتبر أول من تحدث عن "متلازمة الجمال النائم" العالم ويل كلاين، واكتشاف هذا المرض، يعود إلى الربع الأول من القرن الماضي، عندما وصف حالة خمسة مرضى يعانون أعراض نعاس مستمر.
ونشر الطبيب النفسي، ماكس ليفين، عدداً من التقارير المفصلة عن حالات مشابهة بعد أربع سنوات، بما في ذلك حالة كان وصفها كلين.
وقام ماكدونالد كريتشلي بفحص 11 حالة، ومراجعة 15 آخرين، وكتب عن هذا الاضطراب لأول مرة في عام 1942.
وتستمر الإصابة بهذه المتلازمة لدى الذكور في العادة من ثماني سنوات، وحتى 23 سنة، ومن الممكن أن تطول مدة الإصابة عن ذلك لدى الإناث. ويبلغ معدل النوبة مرة كل يومين إلى مرة كل 2.5 شهر.
ويجب على المصاب بمتلازمة الجمال النائم الانتباه إلى أنها ربما كانت سبباً في بعض الإصابات له، أو للآخرين، نتيجة التعرض لأحد الحوادث، ومن ذلك حوادث قيادة السيارات، أو الدراجات البخارية.