تعتبر الإنفلونزا الموسمية من أكثر أمراض الشتاء انتشارا، فهي تصيب نحو 100 مليون إنسان في أميركا وأوروبا واليابان، بالإضافة إلى منع الملايين من الناس من مزاولة أعمالهم، أو الذهاب إلى مدارسهم. كما تعتبر الإنفلونزا من أخطر وأشرس الأمراض، فهي تسبب وفاة نحو 20 ألف شخص في العالم سنويا.

ويرجع أصل كلمة "إنفلونزا" إلى اللغة الإيطالية، وهي تعني تأثير البرد. وفي عام 1703 أصبحت كلمة "إنفلونزا" تطلق على المرض المتعارف عليه اليوم، وهو عبارة عن عدوى فيروسية تصيب الجهاز التنفسي وتنتشر بسهولة بين البشر، وتحدث الإصابة بها على شكل أوبئة سنوية تبلغ ذروتها خلال فصل الشتاء.

وأوضحت د. لقاء صالح نتو، استشارية أنف وأذن وحنجرة في مستشفى الملك فهد بجدة، الفروق بين المصطلحات الشائعة التي يتداولها الناس في هذه الأيام وهي الإنفلونزا والزكام أو الرشح. وأشارت إلى أن الزكام أو الرشح هو التهاب فيروسي (تسببه مجموعة من الفيروسات المختلفة) تصيب الجهاز التنفسي العلوي، وخاصة الأنف والبلعوم، وتكون أعراضه أقل حدة من الإنفلونزا. ويمكن للإنفلونزا أن تتسبب في حدوث حالات مرضية وخيمة، أو أن تؤدي إلى الوفاة إذا ما ألمت بإحدى الفئات الأكثر تعرضا للأخطار.

ويبدأ موسم الإنفلونزا سنويا في شهر ديسمبر (كانون الأول) ويستمر حتى شهر مارس (آذار) إضافة إلى فترة الحج من كل سنة. وللفيروس فترة حضانة محددة تمتد من يوم إلى يومين تقريبا.

الأعراض:

يبدأ المرض بارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة مع صداع، وسعال جاف، وآلام شديدة في العضلات، وإرهاق، وفقدان للشهية وأحيانا غثيان وقيء وإسهال، خاصة عند الأطفال.

وتحدث العدوى عند استنشاق هواء ملوث بالفيروس عن طريق سعال أو عطاس شخص مصاب، أو لمس أيدي أو أدوات شخص مصاب.

ومن العوامل المساعدة في انتشار المرض، الازدحام في المدارس، رياض الأطفال، البيوت والمستشفيات، سوء التغذية، مما يؤدي إلى نقص المناعة.

وتؤكد الدكتورة لقاء نتو أن هناك حالات معينة إذا تزامن وجودها مع الإصابة بالإنفلونزا وجبت زيارة الطبيب، مثل:

  • إحساس بألم في الصدر أو صعوبة في التنفس.
  • استمرار ارتفاع درجة الحرارة لأكثر من ثلاثة أيام واستمرار أعراض الزكام أكثر من عشرة أيام.
  • آلام في عظام الوجه (احتمال التهاب الجيوب الأنفية).
  • ألم أو إفرازات من الأذن (احتمال التهاب الأذن الوسطى).
  • الإحساس بألم في الحلق (البلعوم) دون وجود أعراض زكام (احتمال الإصابة بالتهاب اللوزتين).
  • طفح جلدي.

المضاعفات:

  • سعال لا يمكن السيطرة عليه.

تحدث المضاعفات عادة وبنسبة أكبر عند الأطفال الذين لم يبلغوا عامين من العمر، وعند كبار السن الذين بلغوا 65 عاما فما فوق، وأصحاب الأمراض المزمنة مثل الربو، أمراض الصدر المزمنة، داء السكري، أمراض القلب، أمراض الكلى، ووهن الجهاز المناعي، مثل حاملي فيروس "إتش آي في" HIV أو الذين يستخدمون الكورتيزون لفترة طويلة والأشخاص الذين أجريت لهم عملية استئصال الطحال. ومن أبرز المضاعفات التي يكثر حدوثها الالتهاب الرئوي ونوبات التشنج عند الأطفال نتيجة ارتفاع درجة الحرارة.

العلاج:

لا يوجد دواء لعلاج الإنفلونزا، لأن مسبب المرض هو فيروس، وبذلك فإن المضادات الحيوية لا تكون مجدية ويبقى الاعتماد على العلاج المنزلي في الدرجة الأولى. وللتغلب على الأعراض يمكن اتباع التالي:

  • شرب كثير من السوائل لتجنب الإصابة بالجفاف.
  • عدم إعطاء الأسبرين للأطفال دون سن 16 سنة.
  • أدوية مزيلة للاحتقان.
  • تناول طعام متوازن.
  • أخذ قسط وافر من الراحة.
  • تجنب التدخين.
  • وعلى الرغم من عدم وجود أي دليل علمي على فعاليتها، فإن فيتامين «سي» وعنصر الزنك وخلاصة البابونغ تساعد على العلاج والوقاية.

تدعيم المناعة:

  • يتم بواسطة لقاح الإنفلونزا، الذي يؤخذ مرة واحدة في العام، وهو متوفر مجانا في المنشآت الصحية، وقد تمت إتاحة اللقاحات المأمونة والناجحة المستخدمة طيلة أكثر من 60 عاما.
  • هناك ثلاثة أنماط للإنفلونزا الموسمية وهي (إيه)، (بي)، (سي). الفيروس (A) يتفرع إلى نمطين فرعيين حسب اختلاف أنواع البروتين السطحي له، وهما H1N1، H3N2 اللذان يدوران حاليا بين البشر.
  • أما حالات الإنفلونزا من النمط (C) فهي أقل حدوثا من النمطين الآخرين، وعليه فإن لقاحات الإنفلونزا الموسمية لا تشمل إلا الفيروسات من النمطين A,B.

وتذكر الدكتورة لقاء أن منظمة الصحة العالمية توصي بتطعيم الفئات التالية:

  • المقيمون في مراكز الرعاية الخاصة (المسنون والمعوقون).
  • المسنون.
  • المصابون بحالات مرضية مزمنة ذكرت سابقا.
  • الحوامل والعاملون الصحيون ومن يؤدي وظائف أساسية في المجتمع، فضلا عن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين ستة أشهر وعامين.

وتؤكد الدكتورة لقاء على حقيقة أن فيروسات الإنفلونزا تتغير بانتظام، وعليه تقوم الشبكة العالمية لترصد الإنفلونزا التابعة لمنظمة الصحة العالمية (وهي عبارة عن شركة قائمة بين مراكز الإنفلونزا الوطنية في جميع أنحاء العالم في 83 دولة) برصد فيروسات الإنفلونزا التي تدور بين البشر. وتوصي المنظمة كل عام باستخدام تركيبة لقاحية معينة تستهدف السلالات الثلاث الأكثر تمثيلا لما يدور من الفيروسات.

اعتقاد خاطئ:

هناك اعتقاد خاطئ بأن اللقاح يسبب آثارا جانبية، أو أنه يسبب الإصابة بالمرض نفسه! والحقيقة أن اللقاح لا يسبب آثارا جانبية، إلا في حالات نادرة، أي أنه لا يوصى به للأشخاص الذين لديهم حساسية شديدة من البيض أو أثناء الإصابة بالإنفلونزا أو بعدوى الجهاز العصبي.

وتتراوح فاعلية اللقاح من شخص لآخر ما بين 70 و90 في المائة، فتحول دون الإصابة بالإنفلونزا، أو تكون مثبطة لمضاعفات المرض عند الإصابة به، أو أنها تخفف من حدة الأعراض ونسبة الوفيات.

لماذا يجب التطعيم بلقاح الإنفلونزا سنويا؟

لا يوجد موسم لم يعان فيه كل شخص تقريبا من الإنفلونزا، والسبب في ذلك التغير المستمر في أنواع الفيروسات، وهذا يأتي نتيجة لتغير جينات الفيروسات. أما السبب الثاني فهو أن الأجسام المضادة تقل بمرور الوقت، ومعدلاتها تصبح منخفضة بعد عام من التطعيم. وعليه وجب أخذ هذا اللقاح سنويا علما بأن وظيفة الأجسام المضادة تبدأ بعد أسبوعين من أخذ التطعيم لتوفير الحماية.