الندبة هي الأثر الذي يبقى بعد التئام الجروح الناتجة عن العمليات الجراحية، أو إصابات الحوادث، أو الحروق، أو الجروح غيرها، أو قد تنتج عن أمراض مثل حب الشباب، فبعد الإصابة يحدث نشاط في بعض الخلايا التي تحاول الدفاع عن الجسم، فتقوم هذه الخلايا بإفراز مواد كيميائية محفزة تنشط بعض الخلايا والألياف في الجلد مكونة ما يعرف بالندبة، وهي نتيجة طبيعية لعملية الالتئام، وكلما كانت الإصابة شديدة تكون مدة الالتئام أطول، وتزيد فرصة تكون ندبة أوضح وأكبر، مما يؤدي إلى تكون الندبات الجلدية.
تتكون الندبات من الأنسجة الضامة وبخاصة ألياف الكولاجين، وتكون ندبات الجلد أكثر صلابة وأقل مرونة من الجلد الطبيعي، كما لا تحتوي الندبات على غدد دهنية، ولا غدد عرقية، ولا بصيلات الشعر.
بدء تكون الندبة
يبدأ الأثر على شكل احمرار فى منطقة الجرح أو الإصابة، مع زيادة في سمك الجلد، وزيادة قساوته وتصلبه، كما تظهر أحياناً فقاعات تحتوي على سوائل خاصة بعد الإصابة بالحروق، ثم يبدأ الجلد بالالتئام.
يكون شكل الندبة أسوأ ما يمكن في الفترة الممتدة من ثالث أسبوع وحتى الشهر الثالث بعد الإصابة، ولكن غالباً ما يتحسن الوضع مع تقدم الوقت.
العوامل التي تؤثر في شكل الندبات وتكونها
هناك العديد من العوامل التي تؤثر في شكل الندبات وتكونها، منها:
عمر المريض
يعتمد تكون وشكل الندبات على عمر المصاب، ففي مرحلة الشباب يتفاعل الجلد بشكل شديد مع الإصابة ويترك أثراً أوضح من الأثر الذي تتركه الإصابة في مرحلة الشيخوخة.
لون البشرة
تتأثر الندبات بلون البشرة، بحيث يكون الأشخاص داكني البشرة هم الأكثر عرضة لذلك.
مكان الإصابة
يتأثر ظهور الندبة بمكان الإصابة، حيث أن اتجاة الشد وكميته تختلف من منطقة إلى منطقة فى الجسم، فنجد أن جلد منطقة الصدر مشدود أكثر، ويتعرض بصفة مستمرة للتمدد والانكماش بسبب عمليتي الشهيق والزفير اللتين لا تتوقفان.
طريقة إزالة الندبات نهائياً
لا بد أن يترك أي جرح أثراً و ندبة مكانه، ولا يمكن إخفاء الندبات إخفاء كاملاً مهما تم استعمال كريمات موضعية، أو مهما تم إجراء العمليات الجراحية، ولكن يمكن تجميل وتحسين شكل الندبة وجعلها أقل ظهوراً ولفتاً للنظر، و لكل ندبة طريقة أو عدة طرق لعلاجها.
أنواع الندبات
- الندوبات المخلبية (بالإنجليزية: Keloid = Claw-like): تكون الندبات المخلبية سميكة ومرتفعة عن سطح الجلد، وقد يصل ارتفاعها عن سطح الجلد إلى سنتيمتر واحد أو أكثر، وبها احمرار أكثر من المعتاد، ويكون ملمسها أكثر قساوة من الجلد الطبيعي، كما أن بها حكة شديدة، وهذا النوع من الندبات هو الأكثر نشاطاً وعدوانية من بين كل الندبات؛ حيث تستمر فى النمو، ومع مرور الوقت قد تتجاوز حدود الإصابة الأصلية، وقد تعوق الحركة إذا كانت بجوار أحد المفاصل، وقد تكون هناك أسباب وراثية لتكون هذه الندبات، حيث وجد أنها تكثر فى الأشخاص ذوي البشرة الداكنة، وهي تحدث عادة فى أماكن معينة من الجسم مثل الصدر، والكتفين، وحلمة الأذن.
- الندبات المتضخمة النشيطة (بالإنجليزية: Hypertrophic Scars): وتسمى أيضاً التضخمات الجلدية، وهي تتشابه مع الندبات المخلبية، إلا أن نموها يتوقف عادة بعد 6 شهور أو بعد سنة كحد أقصى من بعد الإصابة أو الجراحة، وعادة لا تتجاوز الحدود التشريحية للجرح أو الإصابة الأصلية.
- الندبات المتقلصة (بالإنجليزية: Contractures): وتحدث حين تكون الإصابة (الحروق في الغالب) بجوار أحد المفاصل، حيث يؤدي تكون الندبة إلى تقلص أو انكماش فى الجلد، ويتسبب فى إعاقة حركة المفصل القريب منه، وقد يحدث تيبس للمفصل وضمور للعضلات والأوتار مع الوقت.
- الندبات المنخفضة أو الغائرة (بالإنجليزية: Depressed Scars): والتي تنتج عادة عن أمراض جلدية مثل مرض الجدري الكاذب أو حب الشباب النشط ، وتكون على شكل حفر متفاوتة العمق، ويمكن تمييز عدة أنواع منها مثل الندبات المقعرة، وتكون واسعة وذات جوانب نصف دائرية، ويمكن تشبيهها بالأودية في الجلد.
- الندبات المضلعة: وتكون منخفضة عن سطح الجلد وذات جوانب محددة وعمودية.
علاج الندبات
لا بد أن نعرف في البداية أن الهدف من العلاج ليس إزالة الندبة؛ فلا توجد تقنية سحرية يمكن أن ترجع الندبة إلى شكل الجلد الطبيعي، وإنما الهدف من العلاج هو تحسين الندبة وتجميلها بحيث تكون أقل وضوحاً، وتتفاوت نسبة إخفاء الجرح تبعاً لعدة عوامل منها نوعية البشرة، ونوعية الجرح، ودرجة وطريقة تفاعل الجسم مع الجروح، وفي معظم الحالات يمكن تحسين شكل الندبة بنسبة كبيرة تصل إلى 70%، لكن لا يمكن إزالة الأثر نهائياً.
إن تعدد وسائل العلاج هو دليل واضح عن عدم كفاية وسيلة واحده لتحقيق نتائج طيبة في جميع الأحوال، مما يتطلب من لطبيب اختيار الوسيلة أو الوسائل التي يراها مناسبة لكل مريض على حدة، كما قد تتعدد الوسائل لنفس المريض على عدة مراحل للوصول إلى النتيجة المرجوة، ولذلك فإن المريض الذي يعاني من آثار جروح يجب أن يكون مؤهلاً لفترة علاج قد تطول، ووسائل علاج مختلفة ومتتابعة للوصول بالجرح إلى أفضل ما يمكن تحقيقة.
اقرأ أيضاًً: هل يمكن الوقاية من اثار الجروح والندبات
التوقيت الأفضل لعلاج الندبات
يختلف توقيت التدخل حسب سبب الندبة؛ ومبدأ الوقاية خير من العلاج ينطبق على الندبات؛ ففي رتق الجروح الناتجة عن الإصابات أو العمليات الجراحية يجب مراعاة إجراءات وقائية لتقليل فرصة تكون ندبات نشطة، ومن هذه الإجراءات تنظيف الجرح جيداً قبل رتقه، واستخدام نوعية مناسبة من الخيوط الجراحية، واتباع إجراءات الوقاية من التلوث والعدوى، وكذلك استخدام المراهم والكريمات الموضوعية، والمتابعة المستمرة بعد الجراحة.
في معظم الحالات يفضل أن ننتظر فترة 6 أشهر على الأقل قبل المراجعة الجراحية للندبات، وذلك لنعطى فرصة للتحسن التلقائي الذى يحدث للجروح مع مرور الوقت، وفي هذه الأثناء تستخدم بعض المراهم الموضعية التي تساعد على تحسن الجروح، وخلال الأشهر التي تلي الإصابة يجب تجب وصول ضوء الشمس المباشر إلى الجرح، لأن ذلك يعمل على زيادة احمرار الجرح، مما يجعله أكثر ظهورا، وفي حالة التعرض للشمس يجب تغطية الجرح أو استعمال كريمات موضعية واقية من أشعة الشمس.
طرق علاج الندبات
- الدهانات الموضعية: حيث يتم تدليك الندب بكريمات أو مراهم موضعية مرطبة ومغذية للجلد، حيث يقلل ذلك من بروز الندبة، ويقلل سمكها واحمرارها، كما يقلل إحساس الحكة إن وجد بالندبة، وتكون طريقة تدليك المرهم من الأمور المهمة أيضاً، فالتدليك في حد ذاته يساعد كثيراً في علاج الندبات.
- ضمادات ضاغطة: توضع الضمادات بعد الدهانات الموضعية، حيث يساعد الضغط على تقليل سمك وبروز الندبات، لكنه يحتاج لعدة أشهر حتى يؤتي بثماره، كما يمكن استعمال اللاصقات الموضعية المصنعة من السيليكون، حيث أنها تساعد على تقليل الاحمرار، والسمك، والإحساس بالحكة، أو الألم فى الندبات التضخمية والمخلبية.
- حقن الكورتيزون الموضعي: يتم حقن الكورتيزون الموضعي داخل الندبات البارزة، والتضخمات الجلدية، أو الكيلويد عن طريق مسدس خاص للحقن، أو عن طريق سرنجة بلاستيك بأبرة انسولين، و يعتبر هذا من أنجح الطرق لتقليل بروز الكيلويد والتضخمات الجلدية، كما أنه يساعد في علاج الأعراض المصاحبة لها من حكة واحمرار، حيث أثبتت دراسات عديدة أن حقن الكورتيزون داخل التضخمات الجلدية والندبات البارزة يعمل على تليين قساوتها، كما يؤدي إلى تصغير حجمها وتسطحها.
- العمليات الجراحية: تعتمد العمليات الجراحية للندبات على قابلية تمدد الجلد الطبيعي مع الوقت، بحيث تعتمد على إزالة الندب وإعادة رتق الجلد بطريقة مثالية مما يقلل حجم الندب، ويتم ذلك من خلال استئصال الندبات الواسعة، ويعاد رتق الجرح من خلال طبقتين من الغرز ليصبح الجرح أقل عرضاً، وتساعد الغرز الداخلية على تخفيف الشد الواقع على البشرة، مما يقلل فرصة حدوث الندبات النشطة مرة أخرى. وهناك عدة طرق جراحية للتحسين من شكل الآثار فأحياناً يتم تعديل اتجاه الأثر ليكون مع اتجاه التجاعيد الطبيعية لتقل ملاحظته، وأحياناً يتم إخفاء الأثر عن طريق تحريكه لمكان يمكن إخفائه فيه مثل خط الشعر في الآثار التي في الجبهة، أو في زاوية مثل الزاوية بين الأنف والخدين، وأفضل نتائج يمكن الحصول عليها عند إزالة أثر هو بالتقليل من الشد على حواف الجلد.
- السنفرة: تستخدم هذه الطريقة في علاج آثار حب الشباب أو الجدري، ويتم فيها إزالة الطبقة العليا من الجلد بطرق مختلفة مع التركيز على المناطق المرتفعة ثم تركها لتلتئم تلقائياً، مما ينتج عنه تحسن شكل الندبات، ويمكن القيام بذلك من خلال أشعة الليزر، أو بطريقة يدوية، أو باستعمال بعض الأجهزة، ومن مزايا العملية أنها تحقق نتائج عالية مع دمج الآثار مع الأنسجة المحيطة، أما العيوب فتتمثل في حدوث اضطرابات صبغية بزيادة الصبغة أو إنقاصها خاصة في البشرة القمحية.
- السنفرة بالليزر: يتم إزالة طبقات الجلد العليا عن طريق حرقها وتدميرها باستخدام الطاقة العالية التي يصدرها شعاع الليزر، ومن عيوب هذه الطريقة استمرار الاحمرار وتغير اللون لفترة طويلة من الزمن، لذلك يلجأ بعض الجراحين لتقسيم العلاج على جلسات، ومن الجدير بالتنويه أن السنفرة بكل أنواعها تحسن من مظهر الأثر فقط، ولا تزيله تماماً، وأحياناً يحتاج الأثر لعدة جلسات للوصول لأفضل نتيجة.
- حقن الدهون والكولاجين والمواد المالئة (بالإنجليزية: Fillers): ويتم من خلال هذه الطريقة حقن مواد ذاتية مثل الدهون، أو مواد عضوية طبيعية مثل الكولاجين، أو مواد كيمائية مثل حمض الهيالورونيك (بالإنجليزية: Hyalauronic acid) في الأماكن المنخفضة من سطح الجلد للتقليل من مظهرها، وتمتاز بسهولتها النسبية، ومناسبتها لجميع أنواع البشرة، وعدم الاحتياج إلى تجنب أشعة الشمس بشكل صارم، أما أبرز عيوبها فتتمثل بتكلفتها العالية لغلاء تلك المواد المالئة المستخدمة، وإمكانية حدوث حساسية أو تفاعل مناعي خصوصاً مع المواد العضوية مثل الكولاجين، لذلك لا بد من إجراء اختبار حساسية للمادة المالئة قبل حقنها، ولا يسمح للأشخاص الذين يعانون من حساسية بالعلاج بهذه الطريقة، ومن الجدير بالذكر حدوث التحسن بعد الحقن مباشرة، إلا أنه يستمر لفترة تترواح بين عدة أشهر لعدة أعوام، وقد يحتاج الشخص لإعادة عملية الحقن بصورة متكررة.
- التقشير الكيميائي: تم التقشير الكيميائي بوضع مادة كيميائية مثل أحماض الفواكه، أو حمض ثلاثي الكلورواسيتي (بالإنجليزية: Trichloroacetic acid TCA) بنسب معينة على الجزء المصاب بندبات غائرة وسطحية، غير أن هذا الإجراء يزيل الطبقة العليا من الجلد لتنعيم الندبات الغائرة وإعطاء الجلد لوناً متناسقاً، وتقتصر فائدته على الندبات السطحية ضحلة العمق.
- كريم تريتينوين (بالإنجليزية: Retin-A): يستعمل كريم تريتينوين مرة يومياً ولعدة أسابيع، ولهذا الكريم تأثير مقشر، كما أنه يحفز خلايا الجلد ، لكنه قد يؤدي إلى احمرار البشرة في بداية العلاج عند بعض المرضى.
- عملية القطع Subcision: تستخدم هذه الطريقة لعلاج الندبات المنخفضة، وهي عملية جراحية بسيطة نسبياً تهدف إلى إزالة الألياف في طبقة الأدمة المؤدية إلى الانخفاضات في سطح الجلد، ويتم ذلك عن طريق إدخال مشرط أو إبرة خاصة لهذا الغرض، كما يؤدي النزف تحت الجلد الحادث إلى تكوين مخدة من الأنسجة الجديدة تحت الآثار المنخفضة، مما يؤدي إلى ارتفاعها والتقليل من مظهرها، وتمتاز هذه الطريقة بسهولتها النسبية، كما أنها لا تستدعي تجنب الخروج من المنزل أو الوقاية من الشمس بشكل خاص، لكن يمكن أن يحدث معها بعض الآثار الجانبية كحدوث نزف جلدي بسيط في مواضع الندبات يظهر كالكدمات الخفيفة ويزول خلال خمسة إلى عشرة أيام بدون أية آثار، وينصح المريض خلالها بالراحة واستعمال بعض الكمادات الباردة للتقليل من الكدمات، كما لا يمنع المريض من مزاولة عمله اليومي إن لم يكن لديه حرج من مظهر الكدمات في الوجه.
- الرفع القطعي للندبات (بالإنجليزية: Punch Elevation): تستخدم هذه الطريقة أيضاً لعلاج الندبات المنخفضة، وخصوصاً الندبات المضلعة، حيث يتم قطع جوانب الندبة بطريقة أسطوانية وإفساح المجال لها للارتفاع مسافة صغيرة بحيث تكون في مستوى سطح الجلد أو أعلى قليلاً ثم تركها لتلتئم، وكثيراً ما يحتاج المصاب بعدها إلى استعمال سنفرة الجلد بالليزر لتسوية الارتفاعات الحادثة، وتمتاز هذه العملية بالسهولة نسبياً، ومن عيوبها الحاجة إلى إتباع العملية بعملية سنفرة للجلد.
للمزيد: الوصول لعلاج ممكن لتقليل الندب