الألم النفسي أو الألم العاطفي (بالإنجليزية: Emotional Pain or Mental Pain) هو شعور بألم وضيق غير ناجم عن سبب عضوي، فهو يحدث جراء المرور بخسارة أو حدث مؤلم، أو التعرض لسلوك مسيء من الآخرين، وقد ينجم الألم النفسي عن الإصابة باضطرابات نفسية كالقلق والاكتئاب. [1]
قد يكون الألم العاطفي شديدًا كالألم الجسدي في بعض الحالات إلى درجة تؤثر على حياة الفرد اليومية، بل يمكن أن يؤثر على صحته النفسية والجسدية أيضًا، لا سيما في حالة كبته وعدم علاجه. [1][2][3]
يتناول هذا المقال أسباب الألم النفسي، وعلاماته، وتأثيره على الجسم، وكذلك أفضل الطرق للتعامل معه وعلاجه.
أسباب الألم النفسي
قد يحدث الألم النفسي جراء ما نمر به من مشاعر وأحاسيس وربما بسبب اضطرابات نفسية، وفيما يلي نذكر أسباب الألم النفسي: [1][2]
- الحزن: يعد الحزن من أبرز أسباب الألم النفسي، وهو عاطفة تسيطر على الشخص إثر ما يمر به من أحداث حياتية مرهقة نفسيًا، مثل وفاة شخص عزيز، أو معايشة فشل أو خسارة، وربما التعرض لحدث صادم أو مجرد المتاعب اليومية. قد يتلاشى هذا الحزن بمرور الوقت، ولكن إذا استمر فترة طويلة فقد يشير ذلك إلى احتمالية الإصابة بالاكتئاب.
- القلق: قد يؤدي الشعور بالقلق المزمن إلى ألم نفسي نتيجة إفراز الأدرينالين وهرمون التوتر؛ مما يتسبب في الشعور المستمر بالانزعاج وعدم القدرة على الاسترخاء، الأمر الذي يؤثر على الحالة النفسية.
- الغضب المكبوت: ربما يكون الألم العاطفي ناجمًا عن كبت الغضب وعدم التعبير عنه بطريقة صحية.
- الشعور بالذنب أو الخزي: يمكن أن يؤدي الإحساس بالذنب من أمر ما أو الخجل إلى سوء الحالة النفسية والشعور بضيق شديد.
- الاكتئاب: يعد الاكتئاب من الاضطرابات النفسية التي تسبب الحزن والشعور بألم نفسي.
أعراض الألم النفسي
لا يقتصر الألم النفسي على الإحساس بالضيق، بل قد يصاحبه أعراض أخرى نتيجة ما يمر به الشخص من ألم، ونوضح فيما يلي أبرز علامات الألم النفسي: [1][2]
- الإحساس بحزن عميق وأسى.
- الشعور بالكآبة وضيق شديد.
- الشعور بالتعب والإرهاق.
- تفضيل الوحدة وقلة الاختلاط بالعائلة والأصدقاء.
- الغضب والانفعال.
- قلة الشهية وعدم الرغبة في تناول الطعام.
- الإحباط وقلة الدافع.
- الشعور بالذنب والعجز.
اقرأ أيضًا: أعراض الاكتئاب عند جميع الفئات العمرية
متى ينبغي زيارة الطبيب؟
يشترك الألم النفسي والعضوي في تنشيط نفس المناطق في المخ؛ لذا يعد الألم العاطفي مشابهًا للألم الجسدي ويستدعي مراجعة طبيب نفسي كما هو الحال في الآلام العضوية. [3]
يوصى بمراجعة الطبيب إذا تسبب الألم العاطفي في حدوث الآتي: [3]
- صعوبة أداء المهام اليومية.
- التأثير على علاقة الفرد بنفسه والآخرين.
- تفضيل العزلة وعدم المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
هل يتحول الألم النفسي إلى جسدي؟
يمكن أن يؤدي الألم النفسي الشديد إلى حدوث أعراض جسدية في بعض الحالات، وقد يصل الأمر إلى حد التأثير على حياة الفرد اليومية وقدرته على أداء عمله ومهامه؛ مما يشير إلى احتمالية إصابته باضطراب الأعراض الجسدية (بالإنجليزية: Somatic Symptom Disorder).
[1]
قد تشمل الأعراض الناجمة عن تأثير الألم النفسي على الجسم ما يلي: [1]
- الصداع والدوخة.
- الشعور بالغثيان.
- وجع العضلات.
- اضطراب الجهاز الهضمي والإسهال.
مخاطر الألم النفسي
قد يدفع الألم النفسي صاحبه إلى الانجراف في سلوكيات خطرة في محاولة للهروب من الشعور بالألم والتقليل من وقعه على النفس، ومن هذه السلوكيات: [1]
- العنف والتصرف بعدوانية.
- شرب الكحول أو تعاطي المخدرات.
- اضطرابات الأكل.
- الإفراط في التسوق ولعب القمار.
- القيام بسلوكيات متهورة وتعريض النفس للخطر.
- إيذاء النفس أو التفكير في الانتحار.
كيفية مواجهة الألم النفسي عند حدوثه
قد تساهم بعض الأساليب والتقنيات في تخفيف الألم النفسي عند حدوثه والتعامل معه، منها: [3]
- تجنب التفكير السلبي: يعد من أفضل سبل تخطي الألم النفسي هو تجنب الأفكار السلبية ومحاولة تشتيت الذهن عنها والتفكير بشكل منطقي وواقعي، حيث أن التفكير السلبي وتوقع سيناريوهات سيئة يؤدي إلى زيادة الألم النفسي، وربما يتطور الأمر إلى اكتئاب.
- التعبير عن المشاعر: يفيد أيضًا في مواجهة الألم العاطفي والتخفيف من حدته التعبير عن ما يجول في النفس سواء بالتحدث مع العائلة والأصدقاء، أو في مجموعات الدعم النفسي، أو حتى تفريغ الأحاسيس والعواطف التي تنتاب الشخص بالكتابة. فقد وجدت دراسة نشرت في مجلة علم النفس عام 2007 أن التعبير عن المشاعر بالكلمات ينشط مناطق معينة في المخ تخفف من حدة المشاعر النفسية.
- ممارسة تقنيات التأمل الواعي: تكمن فكرة هذه التقنيات في إبعاد العقل عن التفكير السلبي من خلال تأمل الفرد في كل ما يحيط به وإدراكه للواقع وتركيزه على ما يقوم به خلال اليوم، على سبيل المثال التركيز والتأمل في التفاصيل منذ الاستيقاظ وعند تناول الطعام أو أداء أي مهمة، إذ يساهم التأمل الواعي في تخفيف الألم النفسي والجسدي وتحسين الصحة النفسية بشكل عام.
اقرأ أيضًا: كيف يمكن التعامل مع الضغط النفسي
طرق علاج الألم النفسي
ربما لا يستطيع البعض التعامل مع الألم العاطفي بمفردهم والتغلب عليه؛ لذا ينصح في هذه الحالة بمراجعة الطبيب لتلقي العلاج المناسب لا سيما إذا كان الألم العاطفي يؤثر على الحياة اليومية. [2]
تتضمن طرق معالجة الألم النفسي ما يلي:
- العلاج النفسي
يعمل العلاج السلوكي المعرفي وهو نوع من العلاج بالكلام على تحديد الأسباب وراء الألم النفسي وتعلم كيفية التغلب عليها بتطوير طريقة تفكير الفرد وتغييره من التفكير السلبي إلى نمط تفكير صحي منطقي. [3]
يمكن أن يفيد العلاج النفسي الجماعي أيضًا في مساعدة الفرد على تخطي الآثار النفسية للأحداث الصعبة والمؤلمة في الحياة وتعلم مهارات للتأقلم. [2]
- العلاج الدوائي
قد يصف الطبيب في بعض حالات الألم النفسي أدوية لتحسين الحالة المزاجية والحد من أعراض الألم العاطفي، وتتضمن: [1]
- مضادات الاكتئاب، مثل الفلوكستين (بالإنجليزية: Fluoxetine) وسيرترالين (بالإنجليزية: Sertraline).
- مضادات القلق، مثل الألبرازولام (بالإنجليزية: Alprazolam) والديازيبام (بالإنجليزية: Diazepam).
- تعديل نمط الحياة
تساعد بعض النصائح والإرشادات في الحد من الألم النفسي والتعامل معه بطريقة صحية، مثل: [3]
- ممارسة الرياضة بانتظام.
- ممارسة التقنيات التي تساعد على الاسترخاء، مثل التأمل واليوجا.
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
- الحفاظ على وزن صحي.
علاوة على ذلك، قد يفيد مشاركة الدعابة والضحك مع الأصدقاء في تقليل حدة الألم العاطفي، ولا يعني هذا عدم احترام الألم أو تجاهله، ولكن ذلك يساعد في التخفيف من وقع الألم على النفس وتشتيت الذهن عن الأفكار السلبية. [3]
اقرأ أيضًا: أفضل طرق علاج التوتر والضغط النفسي
نصيحة الطبي
الألم النفسي هو إحساس فعلي بالألم دون وجود سبب عضوي، ينتج عن معايشة الشخص لمواقف وأحداث مؤلمة، أو اضطرابات نفسية، وقد يؤدي إلى ظهور أعراض جسدية في الحالات الشديدة؛ لذا ينبغي عدم التردد في مراجعة الطبيب عند الشعور بألم عاطفي لتلقي العلاج المناسب خاصة إذا كان يؤثر على الحياة اليومية.