يسبب الارتجاع المريئي المعدي أعراض هضمية مختلفة قد تؤثر على جودة الحياة، لكن لا تقتصر الأعراض على الجهاز الهضمي فحسب، إذ من الممكن أن يسبب أيضاً بعض الأعراض النفسية، مثل القلق.
في المقابل، قد تسبب أو تفاقم بعض العوامل النفسية من شدة الارتجاع المريئي وأعراضه. [1]
يتناول هذا المقال أعراض ارتجاع المريء النفسية، وكيف يمكن أن تؤثر بعض العوامل العاطفية والنفسية على أعراضه المرضية الأخرى.
أعراض ارتجاع المريء النفسية
ترتبط الأعراض النفسية التالية مع مرض الارتجاع المريئي المعدي بكونها سبب أو نتيجة، وفيما يلي توضيح ذلك:
القلق والاكتئاب
يوجد اتصال وثيق ما بين الجهاز الهضمي والدماغ، لذلك، كثيراً ما ترتبط أمراض الجهاز الهضمي بتدني الحالة النفسية لدى الأشخاص المصابون بأحد الأمراض الهضمية، بما في ذلك ارتجاع المريء. وعلى العكس، فكثيراً ما تكون الضغوطات النفسية، مثل التوتر الشديد أو القلق سبباً في أعراض مرضية هضمية، مثل ارتجاع الحمض. [2]
تم إجراء العديد من الدراسات للتحقق من هذه الصلة، إحدى هذه الدراسات تمت في عام 2019 بهدف تحديد معدل انتشار القلق والاكتئاب بين مرضى الارتجاع المريئي، وشارك في هذه الدراسة 258 من المرضى؛ منهم من يعاني من آلام في الصدر الذي يعد من أعراض ارتجاع المريء، ومنهم من لا يعاني من هذا العرض. وكانت النتائج كما يلي: [2]
- 41.4% من المرضى يعانون من الاكتئاب.
- 34.4% من المرضى يعانون القلق.
- 27.13% من المرضى يعانون من الاكتئاب والقلق معاً.
- ارتفاع معدل الإصابة بالاكتئاب والقلق بين المرضى الذين يعانون من آلام في الصدر نتيجة مرض الارتداد المريئي المعدي، مقارنةً بالمرضى الذين لا يعانون من آلام الصدر.
وضحت الدراسة السابقة أن القلق أو الاكتئاب ظهرا كنتيجة، أي كأحد أعراض ارتجاع المريء النفسية. بينما هناك دراسات أشارت إلى ظهور أو تفاقم أعراض ارتجاع المريء كنتيجة، أي كأحد أعراض القلق أو الاكتئاب. منها دراسة نشرت في عام 2015، وكان الهدف من إجرائها تحديد مدى تأثير بعض الاضطرابات النفسية على مرض الارتجاع المريئي المعديوعلى المرضى المصابين به. وأشارت نتائجها إلى ما يلي: [3]
- يلعب كل من القلق والاكتئاب دوراً في الإصابة بارتجاع المريء، خاصة مرض الارتجاع غير التآكلي (بالإنجليزية: Non-Erosive Reflux Disease (NERD))، وهو نوع من مرض الارتجاع المعدي المريئي لا ينتج عنه تآكل أو إصابة في الغشاء المخاطي للمريء بسبب حمض المعدة.
- انخفاض جودة الحياة على نحو عام لدى مرضى الارتجاع المريئي الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب.
تشمل الأسباب المحتملة التي تفسر ظهور ارتجاع المريء بسبب العوامل النفسية والقلق ما يلي: [4]
- تسبب القلق بارتخاء العضلة العاصرة السفلية للمريء على نحو غير طبيعي؛ يسمح بعودة تدفق الحمض من المعدة إلى المريء، مما ينتج عنه حرقة المعدة.
- تأثير الإجهاد الناتج عن القلق على انتظام الانقباضات في عضلات المريء المسؤولة عن دفع الطعام تجاه المعدة، مما يؤدي حدوث الارتجاع.
- تسبب التوتر والقلق في ارتفاع معدل إنتاج حمض المعدة.
الأرق واضطرابات النوم
تعد العلاقة بين مرض الارتجاع المعدي المريئي واضطرابات النوم علاقة تبادلية، إذ يؤثر الارتجاع المريئي سلباً على النوم وجودته، كما تؤثر قلة النوم سلباً على الارتجاع المريئي وشدة أعراضه. [5]
تشمل أعراض ارتجاع المريء النفسية المرتبطة باضطرابات النوم ما يلي: [6][7]
- الأرق (بالإنجليزية: Insomnia).
- انقطاع التنفس أثناء النوم (بالإنجليزية: Sleep Apnea).
- قصر مدة النوم، مما قد ينتج عنه النعاس أثناء النهار.
- صعوبة النوم.
- الاستيقاظ مرة أو أكثر أثناء النوم.
- انخفاض جودة النوم بشكل عام.
من الأسباب وعوامل الخطر التي تفسر تسبب ارتجاع المريء بالأرق هو الاستلقاء الذي يسبق النوم، والذي يعد محفزاً لأعراض الارتجاع المريئي، مثل السعال، والشعور بالاختناق، وارتداد الحمض من المعدة إلى المريء وحتى الحلق أو الفم. كل هذا قد يؤدي في النهاية إلى الأرق وصعوبة النوم. كما قد يسبب ارتداد الحمض أثناء النوم إلى الاستيقاظ عدة مرات في الليل. [5][6]
أما من الأسباب التي تفسر ارتباط الحرمان من النوم أو قلته بزيادة خطر المعاناة من ارتجاع المريء أو تفاقم أعراضه ما يلي: [5][6]
- تحفز قلة النوم حساسية المريء تجاه حمض المعدة، كما قد تكون سبباً في زيادة وقت تعرض المريء للحمض.
- يعد الانتقال من مرحلة النوم إلى الاستيقاظ في الصباح أحد عوامل خطر الارتجاع المريئي.
- يعد النوم الضحل، مثل نوم القيلولة من العوامل المحفزة للارتجاع المريئي.
- يزيد اضطراب انقطاع النفس النومي أو التنفس السطحي أثناء النوم من خطر الإصابة بمرض الارتجاع المعدي المريئي.
انخفاض جودة الحياة
سواء كانت أعراض ارتجاع المريء النفسية السابق ذكرها سبباً أو نتيجة فإنها في الغالب تقلل من جودة الحياة لدى المرضى، جنباً إلى جنب مع أعراض ارتجاع المريء الجسدية، والتي تتضمن: [7][8]
- الحموضة المعوية، والتي تسبب ألم أو حرقة في منتصف الصدر وأحياناً في الحلق.
- الغثيان.
- مشاكل في البلع.
- رائحة الفم الكريهة.
للمزيد: أعراض ارتجاع المريء ومحفزاتها ومدة استمرارها
علاج أعراض ارتجاع المريء النفسية
يوصى جميع المرضى الذين يعانون من أعراض ارتجاع المريء النفسية أو الجسدية باستشارة الطبيب حول خيارات العلاج.
في بعض الحالات، يمكن لبعض التغييرات في نمط الحياة والنظام الغذائي أن تكون كافية للسيطرة على أعراض ارتجاع المريء النفسية والجسدية. من هذه الأمثلة على هذه التغييرات ما يلي: [6][8]
- عدم تناول الطعام لمدة ساعة على الأقل قبل الذهاب للنوم أو الاستلقاء.
- النوم على وسائد مرتفعة قليلاً أو تعديل مستوى ارتفاع رأسية السرير، وذلك لرفع مستوى الرأس والصدر قليلاً عن مستوى البطن، الأمر الذي يقلل من خطر ارتداد الحمض أثناء النوم.
- تقليل استهلاك الكافيين.
- ممارسة بعض تقنيات الاسترخاء، مثل، اليوجا، أو التأمل، أو رياضة التاي تشي.
في الحالات الشديدة، قد يتطلب علاج أعراض ارتجاع المريء النفسية السيطرة على ارتجاع المريء باستخدام الأدوية، أو اللجوء إلى خيارات علاجية للسيطرة على الأعراض النفسية بحد ذاتها. فيما يلي بعض خيارات العلاج التي قد يتم وصفها: [6][8]
- أدوية للسيطرة على ارتجاع المريء، مثل مضادات الحموضة، وحاصرات مستقبلات الهيستامين 2، ومثبطات مضخة البروتون.
- الخضوع لجلسات علاج معرفي سلوكي.
- تناول بعض الأدوية الموصوفة حسب توجيهات الطبيب، لعلاج الأرق أو القلق والاكتئاب، مثل البنزوديازيبينات (بالإنجليزية: Benzodiazepines).