وجد باحثون كنديون أن الفحوص الروتينية التي يُجريها الرجال لا تُسهم بالضرورة في تقليل أعداد وفياتهم بسبب سرطان البروستاتا، بل قد تكون على النقيض من ذلك ضارة. وأفادوا أن الاختبارات التي يخضع لها الرجال في منتصف العمر قد تكون مؤذية، فضلاً عن تسببها بالوفاة.
وقال هؤلاء إن شخصاً من بين خمسة آخرين يتم تشخيص إصابته بالمرض بشكل غير صحيح، وإن اختبارات الدم ساهمت بتشخيص نحو 20 % من الرجال بالمرض بشكل خاطئ. و من جهة ثانية وجدت دراسة لباحثين في جامعة ولاية كولورادوا بدنفر الأمريكية أن أشعة الشمس قد تمنع سرطان البروستاتا من النمو. حيث وجدوا أن فيتامين د الذي يتم إنتاجه عند تعرض الجلد لأشعة الشمس، يعزز جيناً يمكنه كبح مادة كيميائية تعرف بقدرتها على تحفيز نمو الأورام الخبيثة. وبينوا أن الفيتامين هو المسؤول عن تخفيف العدوى في الأنسجة المصابة بسرطان البروستاتا.
يؤكد الأطباء أن اكتشاف سرطان البروستاتا في مراحله المبكرة، يوفر فرصة أفضل وأكبر لنجاح العلاج. وذلك من خلال الفحص الدوري للبروستاتا. ولا يوجد برنامج محدد لأوقات إجراء الفحوص، ففي فترة العشرينات والثلاثينات من العمر، ليس من الضروري عموماً القيام بفحص سنوي ما لم يكن للمريض تاريخ صحي عائلي بحالات اعتلال البروستاتا، أو كان يعاني أعراضاً مرتبطة بغدة البروستاتا. ولكن مع بلوغ العقد الرابع، يجب إجراء فحص البروستاتا سنوياً مدى الحياة.
يختلف مضمون الفحص العادي اعتماداً على السن والطبيب، إضافةً إلى التاريخ الصحي العائلي ونتائج الفحوص، ويخضع معظم الرجال لفحص البروستاتا أثناء الفحص الجسدي السنوي. فإضافةً إلى الإجراءات والفحوص العادية التي يشتمل عليها هذا الفحص، كفحص ضغط الدم والرئتين، ينصح الخبراء الطبيب أن يجري بعضاً أو كلاً من الفحوص التالية:
فحص المستقيم بالإصبع:
- وهو فحص أساسي وسهل للكشف عن اعتلال البروستاتا، غير أنه يعتبر من أكثر الفحوص الجسدية إرباكاً؛ نظراً للإحراج أو الإزعاج الذي يسببه لكثير من الرجال.
- ولإجراء الفحص، يرتدي الطبيب قفازاً ويضع مزلّقاً على سبابته، ثم يطلب من الرجل الانحناء على طاولة الفحص ويدخل إصبعه بلطف في المستقيم ويتحسس الجدار الخلفي لغدة البروستاتا (للتأكد من عدم وجود تضخم أو ألم عند الحس أو كتل أو مناطق صلبة) نظراً لوجود البروستاتا بجوار المستقيم، يستطيع الطبيب أن يتحسس الجدار الخلفي للغدة بإصبعه.
1- فالغدة التي تبدو متضخمة قد تشير إلى فرط تنسج البروستاتا الحميد.
2- أما إن سببت ألماً عند اللمس، فتلك إشارة إلى احتمال التهاب البروستاتا.
3- أضف إلى ذلك فإن 70 % تقريباً من الأورام السرطانية ينمو في الجزء الخارجي من الغدة، وغالباً ما تكون هذه الأورام في مراحلها المبكرة مثل العقد أو البقع الصلبة، وإذا كشف فحص المستقيم بالإصبع وجود شيء غير طبيعي، لا يعني ذلك بالضرورة إصابة المريض بسرطان البروستاتا، بل يعمد الطبيب إلى إجراء مزيد من الفحوص للتأكد من حقيقة الوضع حيث هنالك حالات أخرى من شأنها أن تسبب أعراضاً مشابهة كإنتان البروستاتا أو تكون حصى صغيرة في الغدة.
- تختلف الآراء بين المؤسسات الطبية حول السن الذي يجب أن يبدأ فيه الرجال بإجراء فحص المستقيم بالإصبع، فبعضهم ينصح بالبدء من سن الخمسين، بينما يستحسن البعض الآخر البدء من سن الأربعين، أما أطباء الجهاز البولي في مركز مايو كلينك الأمريكي فيتفقون مع توصية الجمعية الأمريكية لأطباء الجهاز البولي على مباشرة الفحوص الدورية من سن الأربعين.
فحص البول:
- يتحرى هذا الفحص عن الظواهر غير الطبيعية في البول التي قد تشير إلى اضطراب ما، فإذا احتوى البول على عدد من الكريات البيضاء يتجاوز المعدل الطبيعي، فإنه يشير إلى احتمال وجود إنتان في غدة البروستاتا أو القناة البولية. أما كريات الدم الحمراء في البول فتشير إلى إمكانية إصابة البروستاتا بالالتهاب أو بالورم. وثمة حالات أخرى، بما فيها التهاب الإحليل أو مشكلات المثانة، من شأنها أن تسبب ظهور دم في البول.
- وفي حال شك الطبيب بإصابة البروستاتا بفرط التنسج الحميد فإن نتيجة تحليل البول الطبيعية يمكن أن تساعد الطبيب على تأكيد التشخيص.
فحص الدم:
- تسحب عينة من الدم من الذراع ويتم تحليلها بحثاً عن مادة تدعى مستضدّ البروستاتا النوعي (PSA) ويتم إنتاج هذا المستضد بشكل طبيعي في غدة البروستاتا للمساعدة على زيادة سيولة السائل المنوي، إلا أنّ كمية صغيرة منه تدخل في مجرى الدم. وفي حال تجاوزت هذه الكمية المعدل الطبيعي، فقد تكون تلك إشارة إلى إصابة البروستاتا بالالتهاب أو التضخم أو السرطان.
- يجري معظم الرجال هذا التحليل للمرة الأولى بين سن الأربعين والخمسين.
فحص مستضد البروستاتا النوعي PSA:
- بعد سحب عينة من الدم من الذراع، ترسل عينة الدم إلى مختبر يتم تحليلها فيه وفقاً لعملية تسمى المقايسة المناعية الكيميائية. ويحدد هذا التحليل كمية مستضد البروستاتا التي تجري في الدم. وتتراوح الكمية الطبيعية بين 0 و4 نانوغرام/مل. ولكن نظراً لميلها إلى الزيادة مع التقدم في السن، فقد وضعت بعض المراكز الطبية معايير تتناسب مع السن.
ملاحظة: في حال تجاوزت كمية مستضدّ البروستاتا النوعي لديك المعدل الطبيعي، فإن ذلك لا يعني بالضرورة إصابتك بسرطان البروستاتا. ذلك أنّ معدل هذا المستضد يكون مرتفعاً لدى بعض الرجال حتى ولو كانت الغدة سليمة. كما أن ثمة أمراضاً أخرى غير سرطان البروستاتا من شأنها أن تزيد كمية مستضد البروستاتا النوعي في الدم.
- يعد تضخم البروستاتا غير السرطاني من أبرز الحالات المؤدية إلى ارتفاع معدل مستضد البروستاتا في الدم. فمع نمو خلايا البروستاتا، تفرز الخلايا الموجودة في الأنسجة كمية من مستضد البروستاتا النوعي تفوق المعدل الطبيعي، وتصل أحياناً إلى ثلاثة أضعاف هذا المعدل. ومن شأن تهيج البروستاتا الناجم عن التهاب أو عن إنتان أن يدفع خلايا الغدة إلى إفراز كميات مضاعفة من مستضد البروستاتا.
- قد تقوم الخلايا السرطانية الموجودة في البروستاتا بإنتاج كميات إضافية من مستضد البروستاتا النوعي. بالتالي، يشير ارتفاع معدل المستضد إلى احتمال إصابة خلايا البروستاتا بالسرطان.
ومن العوامل الأخرى التي ترفع معدل مستضد البروستاتا في الدم حسب الخبراء:
- الدفق (القذف): مع التقدم في السن، تصبح غدة البروستاتا أكثر ميلاً إلى تسريب مستضد البروستاتا النوعي في الدم أثناء قذف السائل المنوي. إذ يزداد مستوى المستضد بنسبة قد تصل إلى 40 % لدى الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين خمسين وثمانين عاماً بعد أقل من ساعة من عملية الدفق. ويمكن لهذا الارتفاع أن يستمر لمدة 48 ساعة. مما يعني أنه يتوجب الامتناع عن ممارسة الجنس ليومين على الأقل قبل إجراء اختبار مستضد البروستاتا النوعي لضمان الحصول على نتائج دقيقة.
- إنتان المسالك البولية: يمكن لإنتان المسالك البولية أن يؤدي إلى زيادة معدل مستضد البروستاتا شأنه في ذلك شأن إنتان غدة البروستاتا.
- الخضوع لعمليات في البروستاتا مؤخرا: بإمكان العمليات التالية أن تهيّج غدة البروستاتا مؤقتاً وتؤدي إلى التهابها وإلى زيادة إفراز مستضد البروستاتا:
- فبعد إجراء إحدى العمليات السابقة، عليك الانتظار لفترة تتراوح بين أسبوعين وحتى شهرين قبل الخضوع لتحليل مستضد البروستاتا، وذلك لكي تعود كمياته إلى المستوى الذي كانت عليه قبل العملية.
يكشف تحليل مستضد البروستاتا النوعي PSA سرطان البروستاتا في مراحله الأولى في نحو 80 % من الحالات. ولكن النتائج تأتي طبيعية لدى 20 % من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا في المراحل الأولى.
و من مساوئ هذا الاختبار:
1- قد لا يكشف السرطان باكراً لدى رجل من كل خمسة مصابين بالمرض.
2- لا يميز بين السرطان وأمراض البروستاتا الأخرى. فمن بين الرجال الذين يرتفع لديهم معدل مستضد البروستاتا، يكون الثلث فقط مصاباً بالسرطان، بينما يعود ارتفاع معدل المستضد لدى الثلثين الآخرين إلى فرط تنسج البروستاتا الحميد أو إلى التهاب البروستاتا أو عوامل أخرى.
- يوصي أطباء الجهاز البولي في مايو كلينك، بالاتفاق مع الجمعية الأمريكية للأمراض السرطانية والجمعية الأمريكية لأطباء الجهاز البولي، بإجراء تحليل مستضد البروستاتا النوعي سنوياً بدءاً من سن الخمسين، ما لم يكن خطر الإصابة بسرطان البروستاتا كبيراً. فإن كان لديك تاريخ صحي عائلي بسرطان البروستاتا، يستحسن أن تباشر الفحوص في سن الأربعين. و يُنصح بمواصلة الفحوص السنوية حتى سن الخامسة والسبعين، حيث يمكن الاكتفاء بعد ذلك بالفحص المستقيمي الأصبعي السنوي.
تصوير المستقيم بالموجات الصوتية فوق السمعية:
- إذا وجد الطبيب شيئاً غير طبيعي من خلال فحص المستقيم بالإصبع، قد يرغب بإجراء فحص يظهر البروستاتا بشكل أوضح. ويتم ذلك بواسطة التصوير بالموجات الصوتية فوق السمعية (Ultra Sound) عبر المستقيم.
- تستعمل هذه التقنية الموجات الصوتية للنظر داخل الجسد، وتعمل الموجات ما فوق الصوتية مثل الرادار؛ إذ يرسل جهاز التصوير موجات صوتية يتم عكسها أو امتصاصها بدرجات متفاوتة اعتماداً على مكونات العضو. وبما أنّ الأنسجة السرطانية هي أكثر سماكة وكثافة من الأنسجة السليمة، فهي تعكس الموجات بشكل مختلف.
- خلال التصوير بالموجات ما فوق الصوتية عبر المستقيم، يدخل الطبيب مسباراً صغيراً مدهوناً بمادة مزلّقة يرسل موجات صوتية في المستقيم. وتتحول انعكاسات الموجات إلى حاسوب يترجمها ويحولها إلى صورة فيديو. والعملية غير مؤذية بالرغم من أنّ بعض الرجال يجدونها غير مريحة إلى حد ما. وفي حال لم يجد الطبيب أي خطب، تتوقف الفحوص عند هذا الحد، أما إن أشارت نتائج التصوير إلى سرطان في البروستاتا، تؤخذ خزعة لتأكيد وجوده.
اقرأ أيضاً:
عشرة فحوصات منقذة لحياة الرجال
أمراض البروستات وتدابيرها الوقائية
علامات بسيطة لأمراض رجالية معقدة
خمسة أسئلة يتحرج الرجال من سؤالها للطبيب
المصدر:
نُشرت هذه المقالة في مجلة بلسم