تطور الطب بشكل كبير في العصور الإسلامية، إذ اعتبرت مساهمات العلماء المسلمين أساسات الطب الحديث. كما طور العرب والمسلمون أيضاً طرقاً عديدة لتعريف وتمييز وعلاج إصابات العظام، مثل الكسور والخلع والإصابات الأخرى. ويوجد العديد من العلماء العرب والمسلمين، الذين تخصصوا في مجال الجراحة مثل الزهراوي، وأبو بكر الرازي، وابن سينا الذي شرح بالتفصيل كسور العظام، وأنواعها، وطرق علاجها.

تعرف على أهم إنجازات العرب والمسلمين في مجال جراحة العظام.

إنجازات الزهراوي في جراحة العظام

يعتبر الزهراوي أعظم العلماء المسلمين في مجال الجراحة، وقد ألف كتاب التصريف الذي يتكون من 30 مجلداً حول الجراحة بشكل عام، يتخصص آخر مجلد منها بالجراحة، ويتضمن هذا المجلد أيضاً طرق جراحة كسور العظام وعلاجها.

قام الزهراوي أيضاً بتطوير طريقة لإعادة زرع السن الساقط من الفم، وتصميم أسنان صناعية مصنوعة من عظام الأبقار.

كما كان أول من استخدم القطن لإيقاف النزيف داخل الفم بعد العمليات السنية، وهذه الطريقة تستخدم إلى يومنا هذا، وصمم جبائر كسور العظام من القطن أيضاً. [1] [2]

اقرأ أيضاً: ما هي أسباب كسور كبار السن؟

إنجازات ابن سينا في جراحة العظام

يعتبر ابن سينا من أهم العلماء المسلمين الذين قاموا بوصف أنواع كسور العظام، وطرق التعامل معها. ألف ابن سينا كتاب القانون في الطب، والذي يتألف من خمسة مجلدات، يتخصص المجلد الرابع منها في وصف وشرح أنواع كسور العظام.

ويشرح المدخل الأول من هذا المجلد الكسور وعلاجها بشكل عام، ثم يتخصص المدخل الثاني في شرح الكسور في كل عظم على حدة.

نذكر فيما يلي أهم شروحات ابن سينا في مجال كسور العظام. [3]

المدخل الأول: كسور العظام بشكل عام

عرّف ابن سينا كسر العظم بدايةً بأنه انفصال العظم عن بعضه، وبين أنواع الكسر وأعراض الكسور بشكل عام، وذكر أن المريض يعاني عادةً من ألم، وتورم، وتشوه مظهر العضو المتضرر كالقدم أو الساعد مثلاً.

كما بين ابن سينا أن شفاء العظم قد يتأثر بموضع الكسر، بالإضافة أن الحركة بعد الشفاء قد تتغير وتحتاج إلى علاج فيزيائي. وذكر ابن سينا أيضاً أن وقت شفاء الكسور عند الأطفال أقل من الوقت الذي يحتاجه البالغون عادةً.

اقرأ أيضاً: اصابات الكسر والخلع والالتواء

وشرح ابن سينا في هذا المدخل أساسيات تجبير الكسور، وذكر الأمور التي يجب أن ينتبه إليها الطبيب أو المعالج أثناء العناية بكسور العظام. وبين أهمية عدم المبالغة بشد الجبيرة لمنع الإصابة بالغرغرينا. كما بين أيضاً أهمية العناية بالكسور المعقدة والكسور التي تترافق مع جرح مفتوح، والذي يتطلب العناية بالجرح المفتوح قبل العناية بالكسر، وطريقة التخلص من الكيس الدموي في حال تكونه.

كما ذكر طرق علاج كسور العظام كما يلي:

  • تشخيص وتجبير الكسر: بين ابن سينا أن الطبيب يجب أن يفحص المريض ويشخص الكسر بسرعة، لمنع حدوث مضاعفات للكسر، كما ذكر أيضاً أهمية عدم تجبير الكسر مباشرة، والانتظار حتى يشفى التورم الناتج عن الكسر، والذي يحدث في اليوم الخامس عادةً.
  • علاج الكسور المترافقة مع جروح مفتوحة: شرح ابن سينا بالتفصيل أهمية عدم تجبير الكسور المترافقة مع الجروح المفتوحة، والتي تتطلب في البداية علاج الجرح بشكل مناسب بتطبيق ضمادة مناسبة، والسماح للجرح بالشفاء قبل تجبير الكسر. يذكر أن طريقة ابن سينا تشبه إلى حد كبير طرق العلاج المستخدمة في وقتنا الحالي.
  • علاج الكسور سيئة الالتحام: الكسور سيئة الالتحام (بالإنجليزية: Malunion fractures) هي الكسور التي شفيت مع عدم تصحيح وضعية العظم المكسور، مما يتسبب بتشوه مظهر العضو. ذكر ابن سينا أن الطريقة التي يمكن بها علاج هذا النوع من الكسور هو إعادة كسر العظم في المنطقة المصابة قبلاً، وتصحيح وضعية العظم ثم تجبيره بالطريقة الصحيحة. يتم علاج هذا النوع من الكسور حالياً بالجراحة فقط. [3]

اقرأ أيضاً: استخدام الجبائر وقواعد عامة للتجبير

المدخل الثاني: الكسور في كل عظم على حدة

شرح ابن سينا في هذا الفصل كسور كل عظم في الجسم على حدة، وطرق التعامل معها وعلاجها. ومن الجدير بالذكر أن الكتاب قد ذكر جميع العظام وأنواع كسورها بالتفصيل، لكن سنذكر هنا أكثرها شيوعاً:

  • كسور الجمجمة: ذكر ابن سينا أن كسور الجمجمة لا يجب أن تعالج في حال ظهور كيس دموي، إذ قد يسبب ذلك تنخر العظم. كما ذكر أن الطبيب أن المعالج يجب أن يفتح جرحاً صغيراً في مكان الكسر في حال عانى المريض من الرعشة أو فقدان الذاكرة.
  • كسور الفك: ما زالت تستخدم طرق علاج كسور الفك المذكورة في كتاب القانون في الطب في هذه الأيام، باستثناء الإجراءات الجراحية بالطبع. كما ذكر أيضاً أن كسر الفكر يحتاج لثلاثة أسابيع حتى يشفى، وأن المريض يجب ألا يتحدث، وأن يتناول فقط الأطعمة السائلة حتى يشفى.
  • كسور اليدين: بالطبع ذكر ابن سينا كل عظمة من عظام اليد على حدة، وحدد طرق علاج كل منها بدقة. وذكر أن اليد يجب أن تثبت بشكل زاوي إلى الكتف بحمالة، لمنع حركتها وتسريع الشفاء.

اقرأ أيضاً: الكسر والخلع في الكتف والطرف العلوي

  • كسور الساقين: شرح الكتاب بالتفصيل الفرق بين كسور عظام الساق الثلاث، والوقت الذي تحتاجه كل عظمة لتشفى، وطريقة علاج كل منها.
  • كسور الورك: ذكر ابن سينا في هذا الفصل أن كسور الورك نادرة، وأنها تسبب ألماً شديداً عند المصاب، كما تسبب الخدران في الأطراف السفلية. وقد اقترح أن يقوم المعالج بوضع الطبيب على ظهره، والاستعانة بشخصين قويين ليقوما بسحب فخذي المريض لأعلى قليلاً، ليقوم شخصان آخرين بتصحيح وضعية عظم الورك المكسور وتطبيق الجبيرة. [3]

اقرأ أيضاً: كسور الورك عند كبار السن

في النهاية عزيزي القارئ، نذكر أهمية دور العرب والمسلمين في تاريخ جراحة العظام وتطوير علاج الكسور، والخلع، والإصابات الأخرى، ويوجد بالتأكيد علماء آخرون ساهموا في تطوير مجال جراحة العظام مثل أبو بكر الرازي، لكن تعتبر مساهمة ابن سينا هي الأكبر في هذا المجال. [3]