تعد عملية الولادة (بالإنجليزية: Birth) من أهم العمليات الحيوية في حياة البشر، والتي تضمن بقاء النوع وحفظه من الاندثار، وما فيها من فرحة غامرة للوالدين وما تعنيه من وصول خليفة لهما على هذا الكوكب.
ومع هذه الأهمية البيولوجية والاجتماعية للولادة، يُدلي الأهل والأصحاب بدلوهم في إبداء النصائح، والتي تحمل بين طياتها في كثيرٍ من الأحوال خرافاتٍ توارثتها وتناقلتها الناس بلا أي سندٍ يُحاجون به من يُنكر عليهم خرافاتهم.
وفي هذا المقال سنُعرّج على بعض هذه الخرافات والحقائق المرتبطة بها في فترة الحمل، ما قبيل الولادة وعقبها مباشرة.
الخرافة: الإكثار من المشي يُسرّع من عملية الولادة
الحقيقة أن المشي يجعل السيدة الحامل تشعر بتحسن عامة ولكن لا يوجد أي نشاط- عادي وليس عنيفاً - يسرع من عمليةالمخاض، كذلك الحال بالنسبة لخرافة تناول زيت كبد السمك لتسريع المخاض.
الخرافة: تناول الأطعمة الحارة (الحريّفة) يُسرّع من عملية الولادة
عند فوات ميعاد الولادة ولم تظهر أي إشارات للمخاض، فإن كثيراً من السيدات الحوامل تبدأن بتناول أطعمة من عينة الفلفل أو الكاري، متوسمين في ذلك أن تبدأ على أثره عملية الولادة، وسُجل ذلك في دراسة استطلاعية جرت في الولايات المتحدة.
للمزيد: الأطعمة الغنية بالتوابل الحارة؛ مفيدة أم ضارة للصحة؟
المبدأ الذي تستند إليه الغالبية أن الأطعمة الحارة تزيد منتقلصات القناة الهضمية، وعليه، فبالتالي ستنتقل التقلُصات إلى الرحم. ولكن الحقيقة أن تتابع تقلصات الرحم عقب تقلصات القناة الهضمية لم يتم تأكيده بشكل علمي. حتى مع وجود استجابة في بعض الحالات بعد تناول الأطعمة الحارة، إلا أنه متفاوت التأثير من حالة لأخرى تبعاً لتأثيره على الأمعاء لكل حالة.
الخرافة: الامتناع عن ممارسة الجنس في الأيام الأخيرة للحمل
من خرافات الحمل الشهيرة، أن ممارسة الجنس تسرع من عملية الولادة، والحقيقة أن ممارسة الجنس أثناء الحمل وقبيل الولادة ليس لها أي تأثير على الحمل الصحي.
توصلت معظم الدراسات والأبحاث إلى أن ممارسة الجنس في فترات الحمل المختلفة بما في ذلك قُبيل الولادة لا تزيد من خطورة الولادة قبل أوانها. رغم أن في بعض الحالات قد سُجلت مضاعفات ممكنة وإن كانت غير مؤكدة.
وفي حالاتٍ نادرة جداً قد يوجّه الطبيب الحامل بالإمتناع عن ممارسة الجنس، وهذه الحالات خاصة جداً، فعلى سبيل المثال، حدوث نزيف في فترة ما أثناء الحمل، كذلك للحوامل الذين يعانين من مشاكل في المشيمة أو قصر عنق الرحم.
اقرأ أيضاً:الجماع أثناء الحمل
الخرافة: الطفل الأول يولد متأخراً
على الرغم من أن أكثر من 80% من الأطفال الأوائل يولدون متأخرين عن ميعاد ولادتهم وأن 4 % فقط قد ولدوا في الوقت المحدد لولادتهم، وذلك بحسب المسح الذي أجراه عالم الحاسب الآلي " ألين داوني " من كلية " أولين " للهندسة بالولايات المتحدة، والذي أجراه عام 2002 وأظهر تحليله تأخر المواليد الأوائل عن أقرانهم في الولادات التالية، ولكن لمدة زمنية لا تزيد عن ستة عشر ساعة فقط.
فهل تعتبر الستة عشر ساعة تأخيراً، مع الأخذ في الاعتبار الأخطاء الواردة في العمليات الحسابية منذ بدء الحمل وحتى تاريخ الولادة؟ وهنا نستطيع الإجابة عندما نعقد المقارنة بين تلك المدة الزمنية المتأخرة، وبين الحالات التي سجلت تأخيراً فعلياً وصل لعدة أيام أو أسبوعاً كاملاً عن موعدها المحدد؟
والحقيقة أنه بعيداً عن احتمالية الخطأ في العمليات الحسابية، فهناك الاختلافات الفردية بين الحوامل، فعند قياس مستويات الهرمونات في عينات البول والدم لتحديد الوقت المحدد لحدوثالتبويض، وحساب فترة الحمل بدقة، وجد أنها تختلف لفترة تصل إلى خمسة أسابيع كاملة وهي فترة كبيرة مقارنة بالستة عشر ساعة تأخير في موعد الولادة للطفل الأول.
وقد ذهب الكثير من الباحثين لعدم التدقيق في موعد الولادة أصلاً، وبدلاً من ذلك تُمنح الحامل وقتاً مفتوحاً بحلوله ستحدث عملية الولادة، وهو مدخل لكي نُنقذ الأزواج من الضغط الواقع عليهم عند تجاوز التاريخ المحدد للولادة.
الخرافة: كمية نزول الماء عند الولادة يجب أن تكون كبيرة
إن الدراما رسّخت في أذهان الناس أن الماء ينزل بشكل كبير أثناء الولادة، ثم يلي ذلك حدوث الانقباضات. وفي واقع الأمر ففي كثير من الحالات لا يحدث الأمر بهذه الكيفية.
الحقيقة أنه في حالات كثيرة قد تبدأ الانقباضات قبل نزول الماء، بل وقد لا ينزل الماء أصلاً إلا بعد أن يقوم الأطباء بفعل ذلك أثناء عملية التوليد، أي أن السائل الموجود بالكيس الأمنيوسي لا ينزل لعدم انفصال الكيس من الأساس. وقيل أن " سيجموند فرويد " كان من هؤلاء الأطفال الذين ولدوا دون انفصال هذا الكيس.
وليس بالضرورة أن يندفع الماء أصلاً كثيراً أو قليلاً، كما يتوقعه البعض. بل بالعكس يخرج السائل من الكيس بشكل تدريجي وبطيء بدلاً من اندفاعه السينمائي.
الخرافة: الطفل الأكبر هو الطفل الأفضل
ويُقصد هنا بالطفل الأكبر أي الطفل الأكبر حجماً، لكننا أمام حقيقة علمية تقول إن الأطفال المتوسطون يزِنون حوالي سبعة ونصف رطل. وعليه، فإن الأطفال الأكبر وزناً من ذلك، فإنهم أكثر عُرضة للمعاناة لاحقاً من أمراض السكري أو منالسمنة.
الخرافة: شُرب الشعير بكثرة يُسهل مجيء حليب الأم
الحقيقة أنه من الممكن أن يُساعد الشعير في هدوء الأم والعمل على استرخائها، وبالتالي يساعد في نزولحليبها وليس للشعير نفسه علاقة بنزول لبنها.
الخرافة: إعداد الحلمات ضروري للرضاعة الطبيعية
تقول الحقيقة أنه لا يوجد هناك أي دليل علمي على الحاجة لتحضير الثدي أو الحلمات لتشجيع نزول اللبن.
للمزيد: التغيرات التي تصيب الثديين خلال فترة الحمل
الخرافة: بعض الكريمات تساعد في إزالة علامات تمدد البطن
في الحقيقة ليست هناك أبحاث أو تجارب تُثبت أن أي مستحضر طبي قدرته على إزالة هذه العلامات، والتي ستزول لاحقاً وتختفي دون تدخل. اقرأ أيضاً: تعانين من ظهور علامات تمدد الجلد
حساب موعد الولادة التقريبي(بسيط) تستعمل هذه الحاسبة لتحديد موعد تقريبي لتاريخ الولادة، وتعتمد في ذلك على عمر الحمل المرتبط بآخر دورة شهرية.
يتم تحديد عمر الحمل المرتبط بآخر دورة شهرية عن طريق حساب عدد الأيام المنقضية منذ أول يوم من آخر دورة شهرية، كما يمكن تحديد تاريخ الولادة المتوقع عن طريق إضافة 280 يوم (40 أسبوع) إلى تاريخ اليوم الأول من آخر دورة شهرية.
الخرافة: بعد ولادة الطفل يزيد الإكتئاب
الحقيقة أن معظم السيدات حديثي الولادة يعانون من حالات مزاجية متقلبة، وتتزامن هذه الحالات من الأمزجة الحزينة أو المكتئبة حتى مع مرور عدة أيام من وضع المولود، وتتفاوت استمرارية الفترة من سيدة لأخرى.
وتُسمى بأعراض ما بعد الولادة، ويُرجع العلماء هذه الإنفعالات، للتغيرات الهرمونية بعد الوضع، وهي في الغالبية لا تزيد عن أسبوعين والكل يتعافى منها، بينما لتشخيص الاكتئاب يجب أن تتجاوز المدة فترة أطول بكثير من مجرد أسبوعين، رغم تسجيل حالات قليلة أو نادرة لأمهات أقدمن على الانتحار أو قتل صغارهن.
اقرأ أيضاً:اكتئاب ما بعد الولادة وتدابيره العلاجية
الخرافة: لا يسمح للنفساء بالاستحمام أو حتى لمس الماء
يوصى بغسل شعر الأم بالماء المغلي فيه الزنجبيل، الحقيقة من المنطقي عدم الالتفات لمثل هذه المعتقدات، فالنظافة العامة والاستحمام يضمن للجسم الراحة، بعد الرحلة الطويلة أثناء فترة الحمل والولادة، غير أنه يحد من فرصة الإصابة بالأمراض الجلديةوالتقرحات السريرية.
الخرافة: لا يمكن شرب الماء العادي نهائياً أثناء الرضاعة
والحقيقة أنه أثناء فترة الرضاعة الطبيعية من الأفضل أن تقوم الأم بشرب كميات كبيرة من السوائل، وعليه، ستقوم الكُلى باستخلاص المزيد من البول بعد ولادة الطفل وبخاصة في الأيام والأسابيع الأولى. والتي ستُزيل كل السوائل الزائدة والتي تراكمت خلال أشهُر الحمل.
الخرافة: ينصح بتناول كميات من الكبد واللحوم فقط
تختلف فترة الحمل عن فترة الولادة جسدياً، فمتطلبات كل فترة تتباين، وما تعرضت له الأم في الولادة من فقدان للدم، وما يحتاجه الجسم ليكون مستعداً لعملية الرضاعة الطبيعية، رسخ في الأذهان اعتقاداً لزيادة الحاجة للبروتين، والمعروف تواجده بكثرة في اللحوم وبعض الأطعمة الحصرية لتلك المرحلة.
والحقيقة أنه بعيداً عن صحة أو خطأ هذا الطرح، فإنه من الخطأ الاعتماد كلياً على نوع محدد من الغذاء، بل يجب أن يشمل الغذاء نظاماً متكاملاً متوازناً من الأطعمة المتنوعة. حتى في الحالات الخاصة ببعض الأشخاص النباتيين، حيث يجب عليهم تناول المكملات الغذائية التي تحتوي على الحديد وبعضالفيتامينات.
الخرافة: عدم تعرض الأم أو الطفل لتيارات الهواء أو التكييف
الحقيقة أنه ليست هناك مشكلة في الحصول على الراحة من خلال جو رطب ومنعش، سواء من خلال الهواء الطبيعي أو حتى من خلال المراوح أو المكيفات الهوائية. بل إن ذلك يقي الطفل من الطفوح الحرارية الجلدية وبخاصة في المناخات الحارة عالية الرطوبة.
الخرافة: الاستزادة من استهلاك الزيوت والأعشاب للتخلص من غازات البطن
على الرغم من عدم وجود أضرار من الاستهلاك المعتدل لهذه المواد، إلا أن الحقيقة تقول، لا حاجة طبية أيضاً لزيادة معدلات تناولها. بل عند الإفراط في تناولها، فإن تأثيرها السلبي يفوق بكثير نفعها. بل تظل الخطورة الأكبر في تسربها في لبن الرضاعة للطفل مؤثرة على كبد الرضيع بخاصة في حالة وجود كحول أو أي مادة متخمرة أخرى.