جراحة العمود الفقري بالتداخل المحدود (بالإنجليزية: Minimally Invasive Surgery)، هي نوع متقدم من أنواع جراحة العمود الفقري، والتي يتم فيها إجراء عمليات علاج الديسك وتثبيت الفقرات وغيرها من مشاكل العمود الفقري، عن طريق جرح صغير في الجلد.
تعتمد جراحة العمود الفقري بالتداخل المحدود على عمل فتحة صغيرة في الجلد، يتم من خلالها توسيع العضلات باستخدام أسطوانات خاصة، ثم استخدام الميكروسكوب الجراحي وأدوات مخصصة لإجراء العملية من خلال الأسطوانة.
تعرف في المقال على فوائد واستخدامات الجراحة بالتداخل المحدود.
تمثل عمليات التداخل المحدود نوعاً متقدماً من العمليات الجراحية يتم فيه إحداث جرح صغير في منطقة العملية يقدر بعدة ملليمترات، ثم يقوم الطبيب بإدخال المنظار عبر إحدى الشقوق الصغيرة لرؤية منطقة العملية، ومن ثم إدخال الأدوات الجراحية عبر ثقب آخر لإجراء العملية.
يساعد الاعتماد على شقوق جراحية صغيرة في عمليات التداخل المحدود على تقليل الألم وتقليل خسارة الدم لدى المريض، بالإضافة للتعافي بشكل أسرع، وتقليل المضاعفات بعد العملية، والتقليل من ظهور الندوب في منطقة العملية.
في المقابل، تتم العمليات الجراحية التقليدية بعمل جروح كبيرة تصل إلى 15-20 سم ليتمكن الجراح من إجراء العملية ورؤية الأنسجة، مما يعني فصل عضلات الظهر مع أوتارها عن الفقرات وإتلاف ترويتها الدموية والعصبية، وهذا يزيد من النزيف أثناء العملية ويسبب آلاماً شديدة بعدها، ويؤخر عودة المريض لحياته اليومية والعملية.
اقرأ أيضاً: جراحة العمود الفقري تزيد من خطر فقدان الدم
فوائد جراحة العمود الفقري بالتداخل المحدود
يساعد مبدأ توسيع العضلات بدون الحاجة لقطعها في الحفاظ على ترويتها الدموية والعصبية، وتحقق عمليات التدخل الجراحي المحدود الفوائد التالية:
- تخفيف الآلام بعد العملية.
- تقصير مدة بقاء المريض في المستشفى، وبالتالي تقليل احتمالية تعرض المريض للالتهابات.
- تسريع عودة المريض لحياته اليومية وعمله.
- تقليل النزيف أثناء عمليات الجراحة بالتداخل المحدود.
- تقليل الضرر الذي يلحق بالعضلات والجلد، والحصول على نتائج تجميلية أفضل.
حالات إجراء عمليات التدخل المحدود
متى يتم إجراء عمليات التدخل المحدود لعلاج العمود الفقري؟ تشمل الحالات المرضية ومشاكل العمود الفقري التي يمكن علاجها من خلال عمليات التدخل المحدود ما يلي:
- الديسك أو الانزلاق الغضروفي
تعتبر عملية الديسك أو الانزلاق الغضروفي منأبسط العمليات التي يمكن إجراؤها بالتدخل الجراحي المحدود، وتتم تحت بنج موضعي أو عام من خلال فتحة بمقدار 1.5 سم وتجرى كحالة يومية، حيث يستطيع المريض المشي ومغادرة المستشفى خلال ساعات، وتتجاوز نسبة نجاح عمليات علاج الديسك 90% بإذن الله ويعود المريض لعمله خلال أسبوعين.
اقرأ أيضاً: علاج الديسك او الانزلاق الغضروفي
- تضيق قناة النخاع الشوكي
تتم عملية توسيع تضيق قناة النخاع الشوكي (بالإنجليزية: Spinal Stenosis) أيضاً من خلال فتحة صغيرة بمقدار 1.5 سم، ويغادر المريض المستشفى غالباً في اليوم التالي من الجراحة بالتداخل المحدود.
- تنكسات الديسك والفقرات وانزلاق الفقرات
تحتاج مشكلة احتكاك أو انزلاق الفقرات أحياناً لتثبيت الفقرات بالبراغي والأقفاص المعدنية، أو زراعة العظم، وتتم هذه العملية بفتحة صغيرة 2.5 سم على جانبي العمود الفقري. ويتمكن المرضى غالباً من مغادرة المستشفى خلال 3-4 أيام، والعودة للعمل خلال 3-4 أسابيع.
- كسور الفقرات
تنتج كسور الفقرات بسبب الحوادث الكبرى لدى صغار السن، أو بسبب هشاشة العظام لدى الكبار، وفي هذه الحالات يتم دعم الفقرة المكسورة بإبرة الإسمنت الجراحي أو البالون وتثبيت الفقرات المجاورة -عند اللزوم- بالبراغي بدون جراحة كبيرة.
- تقوس العمود الفقري
يتم إجراء عملية تقوس العمود الفقري (بالإنجليزية: Scoliosis) عند الكبار من خلال إجراء جراحة العمود الفقري بالتداخل المحدود بعمل فتحات صغيرة متعددة.
- أورام العمود الفقري
يمكن أن يتم معالجة بعض أورام العمود الفقري بالتداخل الجراحي المحدود بطريقة مشابهة للكسور، مما يساعد بشكل كبير في تخفيف آلام المريض، ويمكنه ذلك من متابعة العلاج الكيماوي أو الشعاعي بدون تأخير.
استخدامات جراحة العمود الفقري
من الحالات الأخرى التي يمكن علاجها عن طريق جراحة العمود الفقري بالتداخل المحدود:
- عدم اتزان العمود الفقري.
- إصابة العمود الفقري بالتهاب ميكروبي.
- تشوهات العمود الفقري.
- انحلال الفقار (بالإنجليزية: Spondylolysis).
جراحة العمود الفقري بالمنظار
تعتبر جراحة العمود الفقري بالمنظار (بالإنجليزية: Endoscopic Spine Surgery) أحد أهم أنواع الجراحات المتقدمة للعمود الفقري، ويتم فيها إحداث جرح صغير (حوالي 2 سم) واستخدام منظار لرؤية منطقة العملية، مما يقلل من خسارة الدم ويسرع من تعافي الجسم.
تستخدم جراحة العمود الفقري بالمنظار لعدة حالات، مثل عرق النسا، والتضيق الشوكي، والحالات الشديدة من الديسك، ولا تستخدم عادة لإزالة أورام العمود الفقري وتحدب الظهر، أو حوادث العمود الفقري.
الفئات الأكثر استفادة من عمليات الجراحة
تعد عمليات جراحة العمود الفقري بالتداخل المحدود مفيدة للفئات التالية من المرضى:
- المرضى المصابين بالسمنة
يستفيد هؤلاء المرضى بشكل كبير جداً من الجراحة بالتداخل المحدود، حيث أنه عند إجراء الطرق التقليدية في الجراحة قد يضطر الجراح لعمل جرح كبير جداً ليتمكن من إجراء العملية، ويصاحب ذلك ارتفاع خطر حدوث الالتهابات، والنزيف، وآلام بعد العملية.
- المرضى الكبار في السن
تستفيد فئة كبار السن بشكل كبير أيضاً من الجراحة بالتداخل المحدود، حيث أن الجروح الصغيرة وآلامها الخفيفة تساعدهم على المشي والحركة بعد العملية، وبالتالي مغادرة المستشفى بأقل فترة ممكنة، وتجنبهم احتمالية الإصابة بالتهابات المستشفيات ومضاعفاتها الخطيرة.
أنواع عمليات جراحة العمود الفقري
هناك أنواع متعددة لعمليات جراحة العمود الفقري بالتداخل المحدود ومن أهمها ما يلي:
- عملية استئصال الصفيحة الفقرية (بالإنجليزية: Laminectomy)، وهي عملية تجرى لتخفيف الضغط عن الحبل الشوكي، وتتم فيها إزالة الصفيحة الخلفية لفقرة أو عدة فقرات من العمود الفقري.
- عملية دمج الفقرات، ويتم فيها دمج فقرتين أو أكثر من العمود الفقري لعلاج أعراض بعض الحالات الطبية مثل الكسور، والأورام، وتضيق قناة النخاع الشوكي.
- عمليات استئصال الأكياس الزلالية والتي تسبب ضغطاً على الأعصاب المجاورة.
- عمليات استئصال أورام العمود الفقري.
- عملية إزالة الانزلاق الغضروفي (بالإنجليزية: Discectomy).
- عملية بضع الثقبة، ويتم فيها تخفيف الضغط عن الحبل الشوكي أو جذر العصب عن طريق إزالة المواد المسببة للضغط.
كيفية إجراء عمليات التداخل المحدود
تعتمد عمليات التدخل الجراحي المحدود على استخدام الأشعة والأجهزة المتخصصة لتوسيع العضلات، إضافة إلى الميكروسكوب الجراحي لتكبير مجال الرؤية وتوفير الإضاءة الكافية، وللتوضيح نذكر عملية الديسك كمثال:
يحدد الجراح موقع الديسك بالأشعة، ثم يقوم بعمل فتحة بالجلد بطول 1.5 سم، ثم يستخدم سلسلة من الأسطوانات المفرغة المخصصة لتوسيع العضلات بالتدريج، وصولاً للأسطوانة النهائية بقطر 14 ملم أو 16 ملم، وذلك حتى يتمكن الجراح من رؤية الأنسجة من خلال الاسطوانة الصغيرة، ثم يستخدم الميكروسكوب الجراحي لإزالة الديسك وتحرير العصب.
للمزيد: أمراض العمود الفقري
متى يكون علاج الانزلاق الغضروفي بالجراحة ضرورياً؟
يعد ألم الظهر عرضاً شائعاً لدى الكثيرين، وينتج ألم الظهر عن أسباب عديدة منها الديسك أو الانزلاق الغضروفي، والذي قد يحدث لأسباب وراثية أو بسبب التعرض لإصابة ما. ويعاني المريض في هذه الحالة من آلام، وخدران، وشد في إحدى الساقين أو كليهما، مع أو بدون آلام في الظهر.
يعتمد علاج حالاتالانزلاق الغضروفيعلى شدة الأعراض والمضاعفات الناتجة عنه، وفيما يلي بعض المعلومات حول متى يصبح التدخل الجراحي ضرورياً:
- تخف الأعراض لدى معظم مرضى الانزلاق الغضروفي الحاد وتختفي تلقائياً وبدون جراحة في 80% من الحالات، وذلك خلال الأسابيع الستة الأولى من بداية الأعراض.
- يمكن تخفيف آلام الديسك من خلال بعض الأدوية المسكنة القوية، والتركيز على الحركة والمشي.
- تستمر الأعراض لدى 20% فقط من المرضى لمدة أكثر من ستة أسابيع، ومن المرجح أن تستمر حينها الآلام لتصبح مزمنة، وبالتالي يحتاج عادةً يحتاج هؤلاء المرضى للجوء إلى أحد عمليات التداخل الجراحي المحدود.
- يمكن تخفيف الألم عند مرضى الانزلاق الغضروفي في الأسابيع الستة الأولى من الألم والخدران عن طريق إعطاء المريض إبرة جذر العصب، وهي إبرة بسيطة تعطى تحت بنج موضعي، ويستخدم الجراح جهاز الأشعة ومادة ملونة لتحديد مكان العصب المضغوط، ثم يقوم بحقن مزيج من الكورتيزونوبنج موضعي حول العصب.
- يتحسن حوالي 60% من المرضى لمدة 3 شهور أو أكثر بعد استخدام إبرة العصب، ولكن لا تعتبر الإبرة بديلاً عن العملية، وينصح بالإبرة فقط للمرضى في بداية الأعراض كمرحلة أولى للعلاج وتسكين الألم.
- يوصى غالباً اللجوء إلى جراحة العمود الفقري بالتداخل المحدود لمرضى الانزلاق الغضروفي الذين يعانون من الأعراض لمدة تزيد عن ستة أسابيع، وذلك لكون عملية إزالة الديسك بالتداخل المحدود حلاً جذرياً للألم،