من الممكن أن يكون هناك علاقة بين الأدوية والضعف الجنسي، إذ أن عدداً من أدوية الأمراض المزمنة، وبعض الأدوية التي يمكن الحصول عليها دون وصفة طبية يمكن أن تؤثر على الشهوة الجنسية عند الرجال والنساء.
إن مصطلح المشاكل أو الاضطرابات الجنسية (بالإنجليزية: Sexual Dysfunction) يدل على وجود مشكلة ما في أحد مراحل العملية الجنسية التي تؤدي إلى هزة الجماع (بالإنجليزية: Orgasm)، والذي يعيق أحد طرفي العلاقة الجنسية أو كلاهما من الوصول إلى الرضا والإشباع عند ممارسة العلاقة الحميمة. قد يكون أسباب المشاكل الجنسية إما أسباب جسدية أو أسباب عاطفية، بالإضافة إلى مساهمة تناول بعض أنواع الأدوية إلى حدوث العجز الجنسي.
أنواع الاضطرابات الجنسية
تقسم اضطرابات الضعف الجنسي إلى أربع أقسام أساسية، والتي تتضمن ما يأتي:
- اضطراب الرغبة الجنسية، والتي تتمثل بانعدام الرغبة الجنسية وعدم الاهتمام في ممارسة العلاقة الحميمية، مع انعدام الشعور باللذة والمتعة المرافقة لها.
- اضطراب النشوة، والتي تتمثل بالتأخر في الوصول إلى هزة الجماع والتي تعرف بالنشوة، أو عدم القدرة على بلوغها.
- اضطراب الإثارة، والتي تتضمن عدم القدرة على تحقيق الإثارة الجنسية خلال العملية الجنسية، كانعدام القدرة على انتصاب القضيب لدى الرجل أو الحفاظ على انتصاب لفترة كافية وهو ما يعرف بضعف الانتصاب.
- اضطراب الألم، وهي الشعور بالألم أثناء العملية الجنسية أو الجماع، وتعد النساء الأكثر عرضة للإصابة به.
اقرأ أيضاً: الضعف الجنسي لدى الرجال- أسبابه، أعراضه و كيفية تشخيصه
يوجد العديد من الأدوية التي قد تؤدي إلى الإصابة بالضعف الجنسي لدى بعض الرجال كإحدى أعراضها الجانبية، منها ما يصرف بدون وصفة طبية، مثل المسكنات والأدوية المثبطة لمستقبلات الهيستامين، أو ما يصرف بوصفة طبية، مثل الأدوية الخافضة للضغط والأدوية المضادة للاكتئاب والأدوية النفسية.
مضادات الهستامين والضعف الجنسي
يوجد نوعان من مضادات الهيستامين. يختلف استخدام كل منهم عن الآخر. وتستخدم حاصرات الهيستامين بشكل عام لمنع تأثير مادة الهيستامين في الجسم، وهي المادة المسؤولة عن الاستجابة التحسسية، والتي تعد عاملاً مهماً في عملية انتصاب القضيب، لذلك تؤثر هذه الأدوية سلباً على القدرة الجنسية وتسبب العجز الجنسي.
مضادات مستقبلات الهيستامين 2 (بالإنجليزية: H2 blockers)، والتي تستعمل في علاج عدد من مشاكل الجهاز الهضمي مثل الارتجاع المريئي، وقرحة المعدة، وغيرها، يمكن أن تؤدي، مع الاستعمال على المدى الطويل وبجرعات عالية إلى العجز الجنسي، وهو الأمر الأكثر شيوعاً مع دواء السيميتدين (بالإنجليزية: Cimetidine)، مقارنة بالأدوية الأخرى في هذه المجموعة.
الأدوية الخافضة للدهنيات والضعف الجنسي
تستعمل أدوية الستاتين مثل دواء الأتورفاستاتين (بالإنجليزية: Atorvastatin)، والفايبرات مثل دواء الفينوفيبرات (بالإنجليزية: Fenofibrate) في علاج ارتفاع الكوليسترول، وعلاج ارتفاع الدهون الثلاثية.
تعمل هذه الأدوية على التقليل من نسبة الكوليسترول، والذي يعد أحد اللبنات الأساسية في البناء الهرموني، مما قد يؤدي إلى تدخلها في عملية إنتاج هرمون التيستوستيرون، و الأستروجين، والهرمونات الجنسية الأخرى.
إن استعمال الستاتين والفايبرات يمكن أن يؤدي إلى تطور ضعف الانتصاب، كما أن الرجال والنساء الذين يستعملون أدوية الستاتين يعانون من صعوبة أكبر في الوصول إلى هزة الجماع.
أدوية ارتفاع ضغط الدم والضعف الجنسي
قد يسبب ارتفاع ضغط الدم (بالإنجليزية: Hypertension) بحد ذاته تطور المشاكل الجنسية، إلا أن بعض أنواع الأدوية المستعملة في علاج هذه الحالة قد تؤثر سلباً على الشهوة الجنسية عند كل من الرجال والنساء، حيث أن نقصان التدفق الدموي يمكن أن يقلل من الرغبة الجنسية، ويعيق عملية الانتصاب والقذف عند الرجال، كما يمكن أن يؤدي إلى حدوث جفاف في المهبل ونقصان في الرغبة الجنسية، وصعوبة في الوصول إلى هزة الجماع عند النساء.
وجد أن بعض من الرجال الذي يستعملون أدوية حاصرات بيتا (بالإنجليزية: Beta Blockers) لعلاج ارتفاع ضغط الدم يعانون من ضعف الانتصاب، حيث أنها تسبب الشعور بالخمول، وتعيق النبضات العصبية المرتبطة بالإثارة الجنسية، وتقلل من مستويات التيستوستيرون. من الأمثلة على أدوية حاصرات بيتا دواء الأتينولول (بالإنجليزية: Atenolol)، ودواء اللابيتالول (بالإنجليزية: Labetalol).
كما أن بعض أنواع مدرات البول قد تسبب ضعف الانتصاب لدى الرجال، وذلك لتأثيرها على كمية السوائل داخل الجهاز الدوراني، وتأثيرها على العضلات والتسبب بارتخائها، وبالتالي انخفاض تدفق الدم إلى القضيب وعجزه عن الانتصاب خلال العملية الجنسية، بالإضافة إلى أنها تزيد من تخلص الجسم من الزنك الضروري لتصنيع هرمون التيستوستيرون. من الأمثلة على مدرات البول دواء الكلورثيازيد (بالإنجليزية: Chlorothiazide)، ودواء الفيوروسيميد (بالإنجليزية: Furosemide).
بالإضافة إلى أن بعض الأدوية التي تنتمي إلى شادات أو محرضات ألفا (بالإنجليزية: Alpha Agonist) مثل دواء الكلونيدين (بالإنجليزية: Clonidine) قد تسبب خلالاً في الوظائف الجنسية، وتعد من أقل الأدوية الخافضة لضغط الدم التي تؤثر سلباً على القدرة الجنسية.
تعد الأدوية الأخرى المستخدمة في علاج ارتفاع ضغط الدم أقل تأثيراً على القدرة الجنسية، ولكن قد تؤثر سلباً على بعض الرجال. وتتضمن الأدوية التالية:
الأدوية النفسية والضعف الجنسي
ينتج عن المشاكل النفسية عند الكثير من المرضى مشاكل جنسية يصعب في الكثير من الأحيان التمييز بينها وبين المشاكل الجنسية الناتجة عن الأدوية، إلا أنه من المعروف أن عدداً من الأدوية النفسية قد تسبب تطور المشاكل الجنسية، وتعد الأدوية النفسية من أكثر الأدوية تأثيراً على القدرة الجنسية، وذلك لتأثيرها سلباً على النواقل الكيميائية والهرمونات.
تأثير مضادات الاكتئاب على الشهوة الجنسية
يعد مرض الاكتئاب بحد ذاته أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالضعف الجنسي، وذلك لانخفاض الرغبة للقيام بالعلاقة الجنسية وانعدام المتعة المرجوة من العلاقة الحميمية. كما تساهم مضادات الاكتئاب (بالإنجليزية: Antidepressants) أيضاً في زيادة فرصة الإصابة بالضعف الجنسي، والتي قد تكون نتيجة تأثيرها على بعض النواقل العصبية في الدماغ، إذ تساهم في زيادة مستوى السيروتونين بالجسم والذي يتناسب عكساً بالنشاط الجنسي لدى الرجل مسبباً الضعف الجنسي.
غالباً ما يبدأ ظهور الضعف الجنسي لدى المصاب خلال 1-3 أسابيع منذ بدء العلاج بالأدوية المضادة للاكتئاب. وتتضمن هذه الأدوية ما يلي:
- مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (بالإنجليزية: Selective Serotonin Reuptake Inhibitor)، ومثبطات استرداد السيروتونين والنورابينفرين (بالإنجليزية: Serotonin and Norepinephrine Reuptake Inhibitors)، تقلل من الرغبة الجنسية، وتسبب ضعف في الانتصاب، وجفاف المهبل، كما قد تعمل على منع الوصول إلى هزة الجماع.
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، تثبط هذه الأدوية الرغبة الجنسية وهزة الجماع، ويختلف تأثيرها مع اختلاف نوع الدواء، حيث يسبب دواء الكلوميبرامين (بالإنجليزية: Clomipramine) صعوبات في الوصول إلى هزة الجماع، بينما يسبب دواء النورتريبتيلين (بالإنجليزية: Nortriptyline) ضعف في الانتصاب دون تأثير واضح على هزة الجماع.
- مثبطات أكسيداز أحادي الأمين، قد تسبب بعض المشاكل الجنسية.
- أدوية أخرى، مثل الفينلافاكسين (بالإنجليزية: Venlafaxine)، و الميرتازابين (بالإنجليزية: Mirtazapine)، تمتلك تأثيرات سلبية متعددة على الوظائف الجنسية.
تأثير مضادات الذهان على الشهوة الجنسية
تستعمل مضادات الذهان (بالإنجليزية: Antipsychotics) في علاج بعض الحالات النفسية. تقوم مضادات الذهان بتثبيط عمل الناقل العصبي دوبامين، المسؤول عن تنظيم الاستجابة العاطفية، والتحكم بمراكز الحوافز والنشوة في الدماغ، الأمر الذي يسبب أيضاً ارتفاع نسبة هرمون البرولاكتين، الذي يمكن أن ينتج عنه ضعف في الانتصاب، ونقص الرغبة الجنسية، وصعوبة الوصول إلى هزة الجماع، بالإضافة إلى أنها تقوم بتثبيط عمل الأسيتيل كولين، الأمر الذي يرتبط بالعديد من المشاكل الجنسية.
من الأمثلة على مضادات الذهان دواء الهالوبيريدول (بالإنجليزية: Haloperidol)، ودواء الثيوريدازين (بالإنجليزية: Thioridazine).
تأثير مضادات الصرع على الشهوة الجنسية
تستعمل مضادات الصرع (بالإنجليزية: Antiepileptic) من أجل التحكم بالنوبات التشنجية التي ترافق مرض الصرع، كما قد تستعمل في علاجات بعض حالات الألم المزمن والشقيقة. تبين أن الأدوية المضادة للصرع تسبب انخفاض في مستوى هرمون التستوستيرون، الأمر الذي يترتب عليه انخفاض الرغبة الجنسية وفشل في تحقيق هزة الجماع لدى كلا الجنسين، بالإضافة إلى حدوث ضعف الانتصاب لدى الرجل.
من الأمثلة على الأدوية المضادة للصرع دواء الجابابنتين (بالإنجليزية: Gabapentin)، ودواء التوبيراميت (بالإنجليزية: Topiramate)، ودواء الفينيتوين (بالإنجليزية: Phenytoin).
تأثير البنزوديازيبين على الشهوة الجنسية
تعتبر البنزوديازيبين (بالإنجليزية: Benzodiazepines)، مثل دواء الزولبيديم (بالإنجليزية: Zolpidem)، من الأدوية المهدئة التي تستعمل لعلاج القلق، والأرق، والوقاية من النوبات التشنجية.
يعتقد أن التأثير التخديري والمرخي للعضلات الناتج عن استخدام البنزوديازيبين يعمل على التقليل من الإثارة واهتمام الشخص بالعلاقة الجنسية، كما تعيق هذه الأدوية عملية إنتاج التيستوستيرون، مما قد يؤدي إلى تطور اضطرابات هزة الجماع، وعسر الجماع، ومشاكل في الانتصاب والقذف.
يمكن اللجوء إلى الطبيب المختص لعلاج ضعف الانتصاب بسبب الأدوية النفسية والمشاكل الجنسية الأخرى الناتجة عنها، لمناقشة إمكانية تبديل الدواء، أو التقليل من الجرع، أو استبدال الأدوية بالعلاج النفسي لوحده إن أمكن، لكن ينبغي الإشارة إلى ضرورة عدم التوقف عن تناول هذه الأدوية، أو تغيير الجرع، أو أوقات استعمالها دون الرجوع إلى الطبيب.
المسكنات الأفيونية والضعف الجنسي
قد يتسبب الاستخدام الطويل للمسكنات الأفيونية (بالإنجليزية: Opioids) بتقليل مستوى التستوستيرون، وضعف الانتصاب، وقلة الرغبة الجنسية. ولكن يعتقد أن هذا التأثير قد ينتج عن الألم أو الاكتئاب الذي يعاني منه من يتناول المسكنات الأفيونية. وعادةً ما يتم علاج هذه المشكلة المصاحبة لتناول المسكنات الأفيونية بوصف أدوية التستوستيرون.
موانع الحمل والضعف الجنسي
تسبب حبوب منع الحمل (بالإنجليزية: Contraceptives)تقليل نسبة التيستوستيرون، الأمر الذي قد يؤدي إلى التقليل من الرغبة الجنسية عند النساء، إلا أن ذلك يحتاج إلى المزيد من الأدلة العلمية لإثباته.
حقن الميدروكسي بروجيستيرون (بالإنجليزية: Medroxyprogesterone) المستعملة كمانع للحمل يمكن أن تؤدي إلى تطور ضمور في المهبل، الذي ينتج عن نقص في هرمون الاستروجين، بالإضافة إلى عسر الجماع، ونقصان الرغبة الجنسية.
اقرأ أيضاً: نقص الرغبة الجنسية عند النساء، الاسباب والعلاج
أدوية علاج السرطان والضعف الجنسي
تسبب العديد من أدوية السرطان مشاكل جنسية لدى كلا الجنسين، فمثلاً تسبب مجموعة من الأدوية المستعملة لعلاج سرطان البروستات والثدي تعرف بمنشطات الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسلية طويلة المفعول (بالإنجليزية: Long-acting Gonadotropin-releasing Hormone Agonists)، حدوث قصور الغدد التناسلية (بالإنجليزية: Hypogonadism)، الأمر الذي يرافقه نقص في الرغبة الجنسية، وضعف الانتصاب عند الرجال، بالإضافة إلى ضمور المهبل، وعسر الجماع، واضطرابات هزة الجماع عند النساء.
من الأمثلة على منشطات الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسلية طويلة المفعول دواء البسيريلين (بالإنجليزية: Buserelin)، ودواء الليوبرورلين (بالإنجليزية: Leuprorelin).
تأثير أدوية أخرى على الشهوة الجنسية
يمكن أن تؤثر مجموعات أخرى من الأدوية على الشهوة الجنسية، وتتضمن ما يلي:
- مثبطات مختزلة 5-ألفا (بالإنجليزية: 5-Alpha-reductase Inhibitors)، وهي أدوية تستعمل في علاج تضخم البروستات الحميد، مثل الفيناسترايد (بالإنجليزية: Finasteride)، تقلل من مستويات التيستوستيرون، مما يؤثر سلباً على الشهوة الجنسية عند الرجال.
- مضادات الأندروجين، مثل دواء السيبروتيرون (بالإنجليزية: Cyproterone)، ودواء الديجوكسين (بالإنجليزية: Digoxin)، ومدر البول دواء السبيرونولاكتون (بالإنجليزية: Spironolactone)، التي تقوم بإغلاق مستقبلات هرمون الاندروجين، مما يؤدي إلى نقص في الرغبة الجنسية عند كل من الرجال والنساء، ومشاكل في الإثارة والوصول إلى هزة الجماع.
- الستيرويدات، مثل البريدنيزون (بالإنجليزية: Prednisone)، والتي تستعمل في علاج حالات الالتهاب المزمنة، تعمل على تقليل مستوى التستوستيرون، مما يؤدي إلى نقص الرغبة الجنسية، وضعف الانتصاب.
- كابتات المناعة.
- مثبطات البروتياز (بالإنجليزية: Protease Inhibitors).
- أدوية مرض الباركنسون، وتتضمن ليفودوبا، بروموكريبتين، بايبيريدين، ثلاثي الهيكسيفينيديل، بروسيكليدين، بنزاتروبين.
- مضادات الالتهاب اللاستيرويدية، والتي تعد من مسكنات الألم، وتتضمن دواء الإندوميثاسين (بالإنجليزية: Indomethacin)، ودواء النابروكسين (بالإنجليزية: Naproxen).
- مرخيات العضلات.
التعامل مع المشاكل الجنسية الناتجة عن الأدوية
إن الإصابة بالضعف الجنسي قد يدفع المصاب إلى التوقف عن تناول الدواء، متغافلاً عما قد يسببه ذلك من تهديد لحياته. لذلك يستلزم تنبيه المصاب على ضرورة مراجعة الطبيب المختص في حال ظهور هذه المشكلة الصحية. من الطرق التي تساعد في التقليل من آثار الأدوية على القدرة الجنسية ما يلي:
اقرأ أيضاً: