يجمع الحب والشراكة بين شخصين اختارا المضي في تجربة الزواج وبناء عالم مشترك مليء بالأمل والتفاؤل، وبناء عائلة مستقرة. ولكن، هل كيف يمكن أن يكون هذا الزواج عندما يكون أحد الزوجين مصابًا بإحدى الحالات النفسية المعقدة؟ وكيف يمكن أن يتأثر توازن العلاقة عندما يكون يعاني أحد الزوجين من اضطراب ثنائي القطب؟
إن هذا الاضطراب هو حالة نفسية تتسم بتقلبات حادة في المزاج، والذي قد يتسبب في بعض الأحيان بتحديات كبيرة في العلاقات الزوجية.
يطرح هذا المقال كيف يمكن أن يؤثر اضطراب ثنائي القطب على العلاقة بشريك الحياة، والتحديات المتوقعة، كما يقدم النصائح لمساعدة الأزواج في تخطي هذه الصعوبات وبناء علاقة صحية.
ما معنى أن يكون شريك حياتك مصابًا بثنائي القطب؟
معاناة شريك الحياة من اضطراب ثنائي القطب، لا يعني بالضرورة أن هذا الأمر سيكون عقبة أمام بناء علاقة زواج صحية. يمكن أن يتعامل الأزواج مع هذا الاضطراب في حال كان أحدهما يعاني منها والتغلب على التحديات التي ترافقه من خلال دعم الطرف الآخر ومحاولة فهمه.
وعادة ما تكون مشاكل العلاقة التي قد تظهر عند شخص يعاني من اضطراب ثنائي القطب نتيجة لأعراض الاضطراب نفسه، وهناك أساليب عديدة لعلاجه، حيث يمكن أن يقلل الجمع بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي بنجاح من تلك الأعراض. [1]
يتأثر الزوج أو الزوجة الذين يعيشان مع شريك مصاب بثنائي القطب بأفعال شريكهم وأعراض مرضه، مما يتسبب في تغييرات في سلوكهم وتقبلهم للوضع العائلي الذين يمرون فيه. ومن ناحية أخرى، قد يشعر الشريك الآخر الذي يعاني من اضطراب ثنائي القطب بالمسؤولية تجاه شريكه وأسرته، مما قد يؤدي إلى شعوره بالإرهاق، وأن هذا المرض يثقل كاهله، ويؤثر سلبًا على أسرته. [2]
الحالات التي يمر بها مصاب ثنائي القطب وتؤثر على الزواج
يمكن للأشخاص المصابين بثنائي القطب أن يمرّوا بفترات طويلة من الاستقرار المزاجي عند استخدام العلاج المناسب، أو قد تكون لديهم أعراض طفيفة فقط، والتي على الأغلب لن تؤثر بشكل كبير على علاقاتهم. وفيما يلي ملخص لأنواع الحالات التي يمكن أن يمر بها الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب، وكيف يمكن أن تؤثر تلك الحالات على العلاقة الزوجية: [1]
- حالات الهوس: يمكن أن تجعل حالات الهوس الشخص المصاب بثنائي القطب أكثر عصبيةً وميلاً إلى الخلاف مع شريكه في حالة عدم العلاج الفعّال، وقد يتورط أيضًا في سلوكيات ضارة مثل الإنفاق الزائد أو تناول الكحول بكميات كبيرة، وهذه أحد أكبر المشاكل في الزواج من المصاب باضطراب ثنائي القطب.
- حالات الاكتئاب: قد يصبح الشخص أقل اتصالًا أثناء فترة الاكتئاب، وقد يصبح أيضًا معرضًا للبكاء، أو يشعر باليأس والتشاؤم، وهذا بالتأكيد يؤثر على متانة العلاقة بين الزوجين كون هذه الحالة تقلل بشكل كبير من التواصل بينهما.
- حالات الاكتئاب المختلطة: يصاب الشخص بأعراض هوس وأعراض اكتئاب في نفس الوقت في بعض الأحيان. وهذا قد يكون مربكًا للشريك، الذي قد لا يعرف كيفية التعامل مع هذه التقلبات المزاجية.
وفي حال تم التعامل بفعالية مع هذه الأعراض وتقديم الدعم المناسب، يمكن للأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب وشركائهم بناء علاقات صحية تتحدى التحديات.
اقرأ المزيد: طرق علاج اضطراب ثنائي القطب
مشاكل الزواج من المصاب باضطراب ثنائي القطب
تظهر بعض المشاكل المحورية في حال كان أحد الزوجين مصابًا باضطراب ثنائي القطب، ومن هذه المشاكل:
مشاكل في ممارسة العلاقة الحميمية
عندما يكون أحد الزوجين مصابًا بمرض اضطراب ثنائي القطب، يمكن أن تظهر مشاكل تؤثر على العلاقة الحميمية والجنسية بينهما. قد يرغب الشخص المصاب بشدة في ممارسة الجنسأثناء فترات الهوس، حيث يقوم الشريك بالمبادرة للتفاعل الحميمي بشكل أكثر تكرارًا من السابق، وقد يكثر من العادة السرية، أو يزيد من استهلاك المواد الإباحية بشكل ملحوظ. [3]
على الجانب الآخر، قد يتجنب الشريك التواصل الجنسي تمامًا خلال فترات الاكتئاب. هذا السلوك يمكن أن يكون مربكًا، ويشعر الشريك الآخر بأنه تم رفضه، وهذا خاصة إذا مضت فترة قصيرة من الزمن منذ أن كان هناك اهتمام ملحوظ بالنشاط الجنسي أثناء فترة الهوس. يجب الانتباه إلى أن العديد من الأدوية المستخدمة لعلاج اضطراب ثنائي القطب قد تسببانخفاض الرغبة الجنسية أيضًا. [3]
مشاكل في الالتزام بعمل
يعد الالتزام بالعمل جزءًا أساسيًا من حياة الزوجين، فهو يمكّنهم من تحقيق استقرار مالي وضمان تلبية احتياجات أسرتهم. ومع ذلك، قد يكون لاضطراب ثنائي القطب تأثير كبير على قدرة أحد الشريكين على أداء عمله بفعالية.
يعاني الأشخاص الذين يعيشون مع اضطراب ثنائي القطب من تقلبات حادة في المزاج، مما يؤدي إلى صعوبة في الحفاظ على الالتزام بمهام العمل. فخلال فترات الهوس، قد يصبح الشخص متهورًا، ويتخذ قرارات سيئة وغير مدروسة، بينما يمكن أن يؤدي الاكتئاب إلى انخفاض الطاقة وقلة الاهتمام بأداء الوظائف. [3]
يمكن أن تكون ضغوط العمل مصدرًا لزيادة أعراض مرض ثنائي القطب، وتفاقمها لدى الشخص المصاب. إذا لم يكن الشريك قادرًا على الاحتفاظ بوظيفة مستقرة، فإن هذا قد يضع مزيدًا من الضغط على الشريك الآخر لتوفير الدعم المالي، حتى يتمكن الشريك المصاب من إدارة مرضه بشكل جيد. ويتعين على الأزواج أن يفهموا تأثير اضطراب ثنائي القطب على مهنة شريكهم واستقراره المالي. كما يجب أن يتعاونوا في تطوير استراتيجيات لمواجهة التحديات المالية المحتملة وضمان تلبية احتياجات الأسرة. [3]
مشاكل التواصل
يمكن أن يصبح التواصل بين الشريكين تحديًا خلال فترات تقلب المزاج الحادة في حالة وجود شريك مصاب بمرض ثنائي القطب، ولا تخفى أهمية التواصل الفعال بين الزوجين لإنجاح العلاقة حيث يعد التعبير عن المشاعر عنصرًا أساسيًا فيها، ويمكن للطرف الآخر أن يشعروا بالعجز والإحباط خلال فترات عدم استقرار مزاج شريكه المصاب باضطراب ثنائي القطب.
وبالرغم من هذه المشكلة، إلا أن الفهم المتبادل والدعم يمكن أن يساعد في تجاوزها وتعزيز التواصل بين الشريكين. [2]
اقرأ أيضًا: طرق تشخيص اضطراب ثنائي القطب
مشاكل تربية الأطفال
تجربة كون الوالدين لأطفال يمكن أن تكون مليئة بالتقلبات والمواقف المرضية والمحبطة في الوقت نفسه. بالنسبة لأولئك الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب، يمكن أن تسبب المواقف المتقلبة أو المحبطة تقلبات مزاجية تؤثر على العلاقة الأسرية.
فعندما يكون الشخص المصاب غير قادر على مشاركة شريكه في مسؤوليات تربية الأطفال بسبب حالته الصحية، يمكن أن يكون لذلك تأثيرًا نفسيًا وعاطفيًا على الشريك الآخر. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر اضطراب ثنائي القطب حالة معقدة من الصعب جدّا شرحها وإيصالها للأطفال، ولكن ذلك يعتمد على عمر الأطفال ومدى فهمهم. [2]
نصائح للتعامل مع الزوج المصاب بثنائي القطب
يمكن لبعض الخطوات والنصائح أن تسهم في بناء علاقة قوية مع الشريك المصاب باضطراب ثنائي القطب وتقديم الدعم الملائم له، ومنها: [1]
- التعرف على الاضطراب وفهم تجربة الشريك المصاب به.
- تجنب المحفزات التي تزيد من تفاقم الأعراض خلال فترات الهوس أو الاكتئاب.
- التعرف على السلوكيات النموذجية للشريك خلال تلك الفترات.
- دعم عملية علاج ثنائي القطب.
- التواصل بصدق حول المشاعر والتجارب.
- الاعتناء بالصحة النفسية من خلال ممارسة الهوايات والتفاعل مع الأصدقاء والعناية باللياقة وغيرها.
نصيحة الطبي
يتطلب الزواج من المصاب باضطراب ثنائي القطب تفهمًا ودعمًا دائمًا. من المهم التعرف على الاضطراب وفهم تجربة الشريك المصاب به. يجب أيضًا تجنب المحفزات التي تزيد من تفاقم الأعراض خلال فترات الهوس أو الاكتئاب والتعرف على السلوكيات النموذجية للشريك خلال تلك الفترات. كما يجب على الزوجين أن يفهموا تأثير الاضطراب على مهنة شريكهم وضمان توجيه الدعم المالي إذا كان ذلك ضروريًا.
وفيما يتعلق بالتواصل، يجب على الشريكين التحدث بصدق حول المشاعر والتجارب لتقوية العلاقة وتجاوز تحديات المرض، وأخيرًا، ينبغي على الشريك أن يعتني بصحته النفسية من خلال ممارسة الهوايات والتفاعل مع الأصدقاء والعناية باللياقة والبحث عن دعم إضافي إذا كان ذلك ضروريًا.