مثل معظم فيروسات السارس، يؤثر فيروس كورونا المستجد (بالإنجليزية: COVID19) على الجهاز التنفسي بشكل أساسي، ويصيب الرئتين في المقام الأول، وفي الحالات الشديدة، قد يتسبب فيروس كورونا في آثار جانبية مزمنة بالرئتين حتى مع انتهاء المرض.
مشاكل الرئة بعد كورونا
يعاني العديد من الأشخاص الذين يتعافون من فيروس كورونا من أعراض طويلة الأمد بالرئة، بما في ذلك:
- ضيق التنفس.
- السعال الجاف.
- صفير الصدر.
مما يؤدي إلى الشعور بالتعب، وصعوبة القيام بالمهام اليومية أو ممارسة الرياضة.
كما يمكن أن يؤدي فيروس كورونا المستجد إلى التهاب في الرئتين بسبب العدوى ورد فعل الجهاز المناعي لها. قد يتحسن الالتهاب بمرور الوقت ، لكنه يستمر في بعض الأشخاص.
مرض الرئة الخلالي
في الحالات الشديدة، قد تتندب الرئتان. يسبب التندب تيبساً في الرئتين، مما قد يجعل التنفس صعباً، ويؤثر على وصول الأكسجين إلى مجرى الدم، مما يؤدي إلى ضيق التنفس على المدى الطويل. يسمى هذا الالتهاب والتندب في الرئتين مرض الرئة الخلالي (بالإنجليزية: Interstitial Lung Disease).
مرض الرئة الخلالي هو مجموعة من أمراض الرئة. تؤثر جميع أمراض الرئة الخلالية على النسيج الخلالي، وهو جزء من الرئتين.
النسيج الخلالي عبارة عن شبكة من الأنسجة تمتد عبر كلا الرئتين، وتقوم بدعم الأكياس الهوائية الصغيرة في الرئتين، والتي تسمى الحويصلات الهوائية. عادةً ما يكون النسيج الخلالي رقيقاً للغاية بحيث لا يظهر في الأشعة السينية أو الأشعة المقطعية.
تشمل أعراض مختلف أشكال مرض الرئة الخلالي ما يلي:
- ضيق التنفس: والذي يمكن أن يزداد سوءًا بمرور الوقت.
- السعال، وعادةً ما يكون جافاً بدون مخاط.
- فقدان الوزن.
يعتمد علاج مرض الرئة الخلالي على نوع المرض وسببه. ويكون العلاج بأحد الخيارات التالية:
- المضادات الحيوية: تساعد المضادات الحيوية في علاج معظم حالات الالتهاب الرئوي الخلالي. غالباً ما تتحسن الالتهابات الرئوية الناجمة عن فيروس من تلقاء نفسها، أما الالتهابات الرئوية التي تسببها الفطريات فتكون نادرة، ويتم علاجها بالأدوية المضادة للفطريات.
- الستيرويدات القشرية: في بعض أشكال مرض الرئة الخلالي، يسبب التهاب في الرئتين ضرراً وتندباً، ويكون العلاج بالستيرويدات القشرية لتقليل كمية الالتهاب في الرئتين وبقية الجسم.
- استنشاق الأكسجين: وذلك في حالة انخفاض مستويات الأكسجين بسبب مرض الرئة الخلالي، فقد يساعد استنشاق الأكسجين في علاج الأعراض.
- زرع الرئة في مرض الرئة الخلالي المتقدم الذي أضر بالرئة بشدة، قد يحتاج المريض إلى زرع الرئة لتحسين الحالة.
للمزيد: كيف يغزو فيروس كورونا الجديد جميع أعضاء الجسم
متلازمة الضائقة التنفسية الحادة
هناك علاقة مباشرة بين فيروس كورونا المستجد ومتلازمة الضائقة التنفسية الحادة (بالإنجليزية: Acute Respiratory Distress Syndrome). تؤدي الحالات الشديدة من عدوى كورونا إلى متلازمة الضائقة التنفسية الحادة والالتهاب الرئوي، والتي يمكن أن تهدد الحياة.
تتسبب متلازمة الضائقة التنفسية الحادة في مجموعة من الأعراض، وأهمها:
- السعال الجاف.
- صعوبة في التنفس.
- زيادة معدل ضربات القلب.
في معظم الأفراد الأصحاء الذين لا يعانون من مشاكل أساسية، تظهر أعراض فيروس كورونا الخفيفة، والتي يمكن علاجها بالأدوية وفي النهاية يتعافى المرضى.
أما في الحالات الشديدة، حيث يعاني الشخص المصاب من ضعف في المناعة بسبب الظروف الصحية الأساسية لديه، يمكن أن تتطور العدوى بسبب فيروس كورونا المستجد إلى متلازمة الضائقة التنفسية الحادة.
بمجرد أن تتطور حالة المريض إلى متلازمة الضائقة التنفسية الحادة، فإنه يؤدي في النهاية إلى الالتهاب الرئوي.
يؤثر فيروس كورونا بشكل مباشر على الرئتين، ويدمر الحويصلات الهوائية الصغيرة التي تقوم بنقل الأكسجين إلى الأوعية الدموية. تحمل هذه الأوعية الدموية أو الشعيرات الدموية الأكسجين إلى كرات الدم الحمراء التي توصل الأكسجين في النهاية إلى جميع الأعضاء الداخلية في الجسم.
يعمل الفيروس عن طريق إتلاف جدار وبطانة الحويصلات الهوائية، والشعيرات الدموية، وحينها يتراكم الحطام الناتج عن التلف على جدار الحويصلات الهوائية ويثخن البطانة وهو بروتين البلازما.
مع زيادة سمك الجدران، يضعف نقل الأكسجين إلى خلايا الدم الحمراء، وكلما زاد سمك الجدار، زادت صعوبة نقل الأكسجين إلى خلايا الدم الحمراء، مما يسبب صعوبة في التنفس لأن الجسم ينقصه الأكسجين. ويؤدي نقص الأكسجين إلى الأعضاء الداخلية إلى حدوث عجز في الجسم وإعاقة عمل الأعضاء، وفي هذه الحالة، يكافح الجسم لزيادة ضخ الأكسجين.
وأول استجابة للجسم هي تدمير الفيروس ومنع تكاثره، ولكن إذا كان لدى الفرد مناعة أضعف فإن الجسم لا يقدر على إيقاف الفيروس، وهذا ما يسبب تفاقم المشكلة.
عندما تتلف الأكياس الهوائية في الرئة، ويحدث تدفق للسائل الذي يكون في الغالب ملتهباً بالخلايا والبروتين، ويؤدي تراكم السوائل هذا إلى الالتهاب الرئوي. مما يضعف كذلك من امتصاص الأكسجين عن طريق الرئتين ويعيق تبادل الأكسجين.
بسبب حداثة سلالة فيروس كورونا المستجد، لا يوجد علاج فوري للشفاء المباشر من الالتهاب الرئوي لدى مرضى كورونا، وبالتالي يكون العلاج عن طريق تخفيف الأعراض.
يعتبر العلاج بالأكسجين لرفع مستويات الأكسجين في الدم هو العلاج الرئيسي لمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة. يمكن إعطاء الأكسجين من خلال الطرق التالية:
- أنابيب توضع في الأنف.
- قناع للوجه.
- أنبوب يوضع في القصبة الهوائية.
وذلك اعتماداً على شدة متلازمة الضائقة التنفسية الحادة.
قد يستغرق الشعور بالتحسن بعض الوقت بعد الإصابة بالالتهاب الرئوي، ويزداد بالتعب أكثر من المعتاد لفترة من الوقت. ولازالت هناك دراسات حول ما إذا كانت هذه الآثار دائمة أو يمكن أن تتعافى بمرور الوقت.
تليف الرئة
يعد مرض تليف الرئة أحد العواقب المحتملة للالتهاب الرئوي الرئوي الناتج عن فيروس كورونا الجديد، وهو أحد أكثر المضاعفات المقلقة على المدى الطويل. يرتبط التليف الرئوي بخلل وظيفي في الرئة، ولازالت الأبحاث تجرى لفهم تأثير كورونا على الرئة الذي قد يسبب حدوث التليف الرئوي.
على الرغم من عدم وجود سبب محدد وواضح للتليف الرئوي بعد الإصابة بكورونا، إلا أنه كانت هناك بعض العوامل التنبؤية مثل:
- تقدم العمر.
- تدخين السجائر.
في الوقت الحالي، لا توجد خيارات مثبتة ومتاحة لعلاج التليف الرئوي التالي لعدوى فيروس كورونا المستجد، ولازالت هناك دراسات حول الأدوية المناسبة للحالة، ولكن يمكن وصف بعض مضادات الالتهابات لتخفيف الأعراض وتقليل خطر حدوث المضاعفات الحادة بالرئة لحين وجود علاجات مناسبة.
للمزيد: علاج تليف الرئة بالأعشاب
تخفيف آثار كورونا على الرئة
تختلف المدة التي يستغرقها التعافي من فيروس كورونا من شخص لآخر. يشعر الكثير من الناس بالتحسن في غضون أيام أو أسابيع قليلة، ويتعافى معظم الناس تماماً خلال حوالي 12 أسبوع، لكن بالنسبة لبعض الأشخاص، يستغرق التعافي وقتاً أطول.
ولكن يمكن إدارة الأعراض التي تؤثر على الرئة وتخفيفها من خلال مجموعة من الإجراءات، وتشمل:
- ممارسة التحكم في التنفس: وذلك في حالة استمرار صعوبة التنفس، حيث يساعد التنفس العميق في التحسن السريع لمشاكل الرئة.
- تناول كثير من السوائل والأعشاب الدافئة: إن الحفاظ على رطوبة الرئتين باستمرار يضمن تخفيف السعال الجاف المزعج، ويشمل ذلك الماء والأعشاب المفيدة للرئة مثل اليانسون، والبابونج، والزنجبيل.
- استنشاق البخار: يعتبر استنشاق البخار وسيلة فعالة لتهدئة مشاكل الرئة والتنفس، وكذلك تخفيف حدة السعال.
- الحصول على الراحة: وعدم بذل مجهود شديد يؤدي إلى سرعة التنفس، وزيادة ضربات القلب، والكحة، ويفضل تجنب ممارسة التمارين الرياضية التي تتطلب بذل مجهود كبير خلال هذه الفترة.
- النوم جيداً: يساعد النوم في تخفيف الإرهاق الذي يمكن أن يزيد من حدة الأعراض.
- تناول أطعمة صحية: لتقوية صحة الجهاز المناعي وتقليل فرص حدوث عدوى.
أما في حالة استمرار الأعراض وعدم الشعور بتحسن، فيجب التوجه إلى الطبيب لمعرفة سبل إدارة الحالة بشكل أفضل، وإذا ما كان هناك مضاعفات خطيرة بالرئة تستدعي علاجها قبل تفاقم الحالة.
اقرأ أيضاً: كيفية الرعاية المنزلية لمرضى فيروس كورونا