أصبحت الألعاب الإلكترونية نشاطاً شائعاً بين الأشخاص من جميع الأعمار في العقود الأخيرة، فنجد أن الأطفال يقضون جزءاً ليس بالقليل من يومهم في ألعاب الفيديو.

تباينت الآراء حول ما إذا كانت الألعاب الإلكترونية مفيدة أم مضرة للطفل، فهناك ألعاب تعليمية قد تعود بالفائدة على الأطفال، لكن الألعاب الأكثر شيوعاً هي الألعاب العنيفة التي تحث على العنف وغيره من المشاعر السلبية.

وقد انتشرت العاب الفيديو بمعدلات أعلى في الآونة الأخيرة، حيث استخدمها الأطفال كوسيلة للتواصل مع غيرهم، بعد أن قل التواصل الاجتماعي مع أصدقائهم في المدرسة خلال جائحة كورونا، وقد يكون ذلك أحد اضرار الالعاب الالكترونية على الاطفال، فمن الممكن أن يتواصلوا مع أشخاص غير أسوياء عن طريق تلك الألعاب.

سنتناول في السطور القادمة الحديث عن مختلف اضرار الالعاب الالكترونية على الاطفال، واثر العاب الفيديو على الاطفال إيجاباً وسلباً، وكذلك أضرار الألعاب الإلكترونية النفسية، وأضرارها على الدماغ والتحصيل الدراسي للأطفال.

اضرار الالعاب الالكترونية النفسية

تؤثر الألعاب الإلكترونية بشكل كبير على نفسية الطفل، فيمكن أن تجعله ينعزل عن عالمه المحيط، ويكتسب سلوكيات عدوانية، ويكتسب بعض الصفات السيئة من الإفراط في استخدام تلك الألعاب.

فتشمل اضرار الالعاب الالكترونية على الاطفال من الناحية النفسية ما يلي:

اقرأ أيضاً: لعب الأطفال وسيلة ترفيهية أم حاجة نفسية؟

اكتساب بعض القيم الخاطئة

تحتوي العديد من ألعاب الفيديو التي يكثر استخدامها على عنف مفرط، وممارسات جنسية، وألفاظ تحث على العنف، وتصرفات عنصرية، والعديد من الأشياء الأخرى التي لا يمكن للأطفال أن يفهموها بالطريقة الصحيحة.

وقد ينتهي بهم الأمر إلى محاولة محاكاة نفس السلوك كما تم تصويره في الألعاب، حيث لا تزال بنية أدمغتهم غير ناضجة بشكل كافي ليكونوا قادرين على التمييز بين الصواب والخطأ؛ وهو ما يدفعهم إلى تقليد ما يرونه في الألعاب الإلكترونية.

اقرأ أيضاً: صفات جديدة تضيفها تربية الأولاد على شخصيتنا

الانعزال عن المجتمع

تعد تلك المشكلة من أهم اضرار الالعاب الالكترونية على الاطفال، فقد تتسبب تلك الألعاب في جعل الأطفال منعزلين عن مجتمعهم، فعلى الرغم من وجود ألعاب جماعية، يتشارك فيها الأطفال اللعب مع غيرهم، إلا أنه ينتهي الأمر بمعظم الأطفال بلعبها بأنفسهم في غرفهم الخاصة.

يضعف ذلك مهاراتهم الشخصية في الحياة الواقعية بشدة، وقد يفضلون أن يكونوا بمفردهم ويتفاعلوا فقط خلال هذه الألعاب. وقد يفشل هؤلاء الأطفال في حياتهم بعد ذلك في بدء المحادثات، ويشعرون بالملل بعيد عن غرفهم الخاصة أو في التجمعات الاجتماعية.

ويمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة فرص الإصابة باضطرابات نفسية، مثل: انعدام التكيف، والاكتئاب، والقلق، والتوتر في حياتهم العملية وكذلك الشخصية.

للمزيد: هل تراقب ساعات جلوس طفلك أمام الشاشة

السلوك العدواني

السلوك العدواني هو أشهر اضرار الالعاب الالكترونية على الأطفال، فيمكن أن يتسبب المحتوى العنيف في ألعاب الفيديو في جعل الأطفال غير صبورين وعدوانيين في سلوكهم، فيصبح سلوك الأطفال عنيف تجاه أسرهم، أو زملائهم في الدراسة، أو أصدقائهم، وفي حياتهم الاجتماعية والعملية بعد ذلك.[2]

اضرار الالعاب الالكترونية على الدماغ

قام العلماء مؤخراً بجمع وتلخيص نتائج من 116 دراسة علمية لتحديد كيف يمكن لألعاب الفيديو أن تؤثر على أدمغتنا وسلوكياتنا. نشرت نتائج مراجعتهم في مجلة Frontiers in Human Neuroscience.

وأشارت نتائج الدراسات إلى أن ممارسة ألعاب الفيديو لا يغير فقط كيفية أداء أدمغتنا ولكن أيضاً تغير من هيكلها، فمن المعروف أن استخدام ألعاب الفيديو يؤثر على الانتباه، حيث تظهر الدراسات الواردة في المراجعة أن لاعبي ألعاب الفيديو يظهرون تحسينات في عدة أنواع من الانتباه، بما في ذلك الادراك المستمر والاهتمام الانتقائي.

اقرأ أيضاً: الهواتف الذكية وأثرها على الأطفال

وأفادت الدراسات أيضاً أن مناطق الدماغ التي تلعب دوراً في الانتباه تكون أكثر فاعلية لدى لاعبي الألعاب الإلكترونية مقارنة بغيرهم، وتتطلب قدراً أقل من النشاط لمواصلة التركيز على المهام الصعبة.

أوضحت الدراسات أيضاً أن ممارسة ألعاب الفيديو تزيد من حجم وكفاءة أجزاء الدماغ المسؤولة عن المهارات البصرية المكانية، وهي قدرة الشخص على تحديد العلاقات المرئية والمكانية بين الأشياء.

لكن هذا لا يمنع أن الألعاب الإلكترونية تؤثر بشكل سلبي على الدماغ، حيث اكتشف الباحثون أن ألعاب الفيديو يمكن أن تسبب ظاهرة تعرف باسم "اضطراب ألعاب الإنترنت".

تتضمن تلك الظاهرة وجود تغييرات وظيفية وهيكلية في نظام المكافأة العصبية، وهو مجموعة من الهياكل المرتبطة بالشعور بالمتعة والتعلم والتحفيز. حيث أن تعريض مدمني ألعاب الفيديو للإشارات المتعلقة باللعبة لفترات زمنية طويلة تسبب لديهم الرغبة الشديدة في العودة لممارستها مرة أخرى.

وعند مراقبة استجابات أدمغتهم وجد أن التغييرات التي تظهر لديهم تشبه أيضاً التغييرات التي تظهر في اضطرابات الإدمان الأخرى.

اقرأ أيضاً: أثر أسلوب التربية على شخصية الطفل الوسواسية

اثر الالعاب الالكترونية على التحصيل الدراسي

تتناقض المتعة التي توفرها ألعاب الفيديو بشكل كبير مع الضغط الذي قد يشعر به الأطفال أثناء اليوم الدراسي، أو وقت أداء واجباتهم المدرسية، أو استذكار دروسهم، فيمكن أن يتسبب ذلك في تفضيل الأطفال لألعاب الفيديو عن أي شيء آخر، مما يدفعهم إلى عدم الالتفات إلى الأنشطة المدرسية.

يمكن أن يؤدي ذلك إلى ضعف تحصيلهم الدراسي، وتراجع درجاتهم، وتعد تلك من أهم اضرار الالعاب الالكترونية على الاطفال، لذلك يجب تقليل وقت الالعاب الإلكترونية قدر الإمكان خاصة في وقت الدراسة، كذلك ينبغي اتباع سبل مختلفة لتحفيز الأطفال على استذكار دروسهم والابتعاد عن ألعاب الفيديو.

اقرأ أيضاً: العاب الذكاء

ارشادات لتجنب اثر العاب الفيديو على الاطفال

قد يكون من الصعب منع الأطفال تماماً عن الألعاب الإلكترونية، لكن يمكن اتباع بعض النصائح والإرشادات لتجنب اضرار الالعاب الالكترونية على الاطفال، والمساعدة على الاستفادة منها، تشمل تلك النصائح ما يلي:

  • اختيار الألعاب المناسبة التي تفيد الطفل.
  • الابتعاد تماماً عن الألعاب التي تتضمن محتوى عنيف يكتسب منه الطفل سلوكاً عدوانياً وتصرفات عنيفة تجاه من حوله.
  • تحديد أوقات معينة لممارسة الألعاب الإلكترونية.
  • تقليل وقت ممارسة تلك الألعاب خاصة وقت الدراسة، فيمكن استخدامها في تحفيز الطفل على المذاكرة ومراجعة دروسه، وجعلها مكافأة له بعد الانتهاء من واجباته المدرسية.

للمزيد: تربية الاطفال المصابين بالتوحد

يمكن أن تكون الألعاب الإلكترونية مفيدة للأطفال في بعض الأحيان، فهي تعلمهم العمل الجماعي وكيفية مشاركة الآخرين، كذلك تجعلهم أكثر جرأة وقدرة على اتخاذ القرارات والاعتماد على أنفسهم، لكن هذا لا يمنع وجود اضرار الالعاب الالكترونية على الاطفال.

لذلك يجب على الوالدين اتخاذ اجراءات حازمة تجاه ذلك لمساعدة أطفالهم على تجنب اثر العاب الفيديو على الاطفال، والاستفادة من مميزاتها.