تعتبر رائحة الفم الكريهة مصدر إحراج للعديد من الأشخاص، فهي مشكلة شائعة تواجه الكثيرين. وعادةً ما تكون رائحة الفم الكريهة ناتجة عن عوامل متعددة، بما في ذلك بعض الأمراض الحادة أو المزمنة، ويعتبر الكشف عن السبب الرئيس لهذه الرائحة الكريهة أمرًا مهمًا لاختيار العلاج الفعال.
سنلقي الضوء في هذا المقال على أبرز الأمراض التي تسبب رائحة الفم الكريهة.
أمراض تسبب رائحة الفم الكريهة
تنشأ رائحة الفم الكريهةبشكل أساسي من الفم، وغالبًا ما تكون نتيجة إهمال النظافة الفموية، مما يسمح للبكتيريا بالتكاثر والتغذية على بقايا الطعام بين الأسنان وعلى اللسان، وهذا يؤدي إلى إطلاق مركبات كبريتية تسبب الرائحة الكريهة. تساهم هذه البكتيريا أيضًا في تكوينطبقة الجير، والتي تؤدي إلى أمراض اللثة والتهاباتها المسببة لرائحة الفم الكريهة. [1]
ومع ذلك، لا تعد البكتيريا السبب الوحيد لرائحة الفم الكريهة، حيث يمكن لبعض الأمراض أيضًا أن تسبب رائحة الفم الكريهة. وفيما يلي نذكر أهم أمراض تسبب رائحة الفم الكريهة.
أمراض الفم
قد تكون رائحة الفم الكريهة علامة تحذيرية لأمراض محتملة في الفم واللثة، حيث يمكن أن تنجم هذه المشاكل عن تراكم البلاك وتآكل الأسنان، نتيجة لإطلاق البكتيريا أحماضًا تسبب تآكل طبقة المينا، مما يؤدي إلى تكون التجاويف في الأسنان. وتسبب هذه التجاويف المزيد من رائحة كريهة في الفم نتيجة لاحتباس بقايا الطعام فيها لفترات طويلة. [2]
إلى جانب تسوس الأسنان والالتهاب اللثة، يوجد أيضًا مرض معدي نادر يؤثر على أنسجة اللثة ويحدث بسبب العدوى البكتيرية، ويعرف باسم التهاب اللثة التقرحي الناخر الحاد (بالإنجليزية: Acute Necrotizing Ulcerative Gingivitis). يسبب هذا المرض رائحة فم قوية ونتنة، بالإضافة إلى أعراض أخرى، مثل: التقرحات الفموية المؤلمة في أنسجة اللثة. [2]
ومن بين الأمراض الفموية التي تسبب رائحة الفم الكريهة أيضًا هو جفاف الفم، الذي يحدث نتيجة لعدم إفراز الغدد اللعابية كمية كافية من اللعاب. لا ينحصر عمل اللعاب فقط على منع جفاف الفم، بل إن له وظائف أخرى، مثل: التخلص من الخلايا الميتة وبقايا الطعام المتراكمة على اللسان وبين الأسنان، لذلك، فإن عدم إفراز كمية كافية كافية من اللعاب سيؤدي إلى تراكم بقايا الطعام العالقة في الفم وانبعاث الرائحة الكريهة من الفم. [3]
أمراض الحلق والجيوب الأنفية
بعد استثناء أمراض الفم كسبب لرائحة الفم الكريهة، تعتبر الأمراض التي تصيب الحلق والجيوب الأنفية المتهم الثاني لحدوث هذه المشكلة. وتشمل أبرز الأمراض التي تسبب رائحة الفم الكريهة من هذه المجموعة ما يلي: [3][5]
- حصوات اللوزتين.
- التهابات الجيوب الأنفية.
- الحساسية.
وتسبب هذه الأمراض رائحة الفم الكريهة بعدة طرق، منها: [2][3]
- يمكن أن تتشكل حصوات صغيرة من البكتيريا وبقايا الخلايا الميتة داخل اللوزتين المتواجدتان في الجزء الخلفي من الحلق والتي يمكن أن تنتج رائحة الفم الكريهة.
- يتراكم المخاط في الجزء السفلي من الحلق، نتيجة الإصابة بحساسية شديدة أو نتيجة الإصابة بنزلات البرد، والذي تلتصق به العديد من الجسيمات الغريبة ونتيجة للتنقيط الأنفي الخلفي ستصل هذه الجسيمات إلى الفم وتستقر على سطح اللسان لتتسبب فيما بعد برائحة الفم الكريهة.
- تتسبب بعض أنواع البكتيريا المسببة لأمراض الجهاز التنفسي بحد ذاتها برائحة كريهة للفم.
- تتحول التهابات الجيوب الأنفية إلى التهابات بكتيرية، مما ينتج عنه إفراز مخاط مسبب لرائحة كريهة تشبه رائحة القيح.
- تسبب بعض الأمراض، مثل: الحساسية والتنقيط الأنفي الخلفي، انسداد الأنف، ما يسبب التنفس عبر الفم وجفافه، الذي يعد إحدى أسباب رائحة الفم الكريهة.
اقرأ أيضًا: أسباب رائحة الفم الكريهة
أمراض الجهاز التنفسي
أيضًا تعتبر أمراض الجهاز التنفسي من العوامل الأخرى التي تسبب رائحة الفم الكريهة، ومن هذه الأمراض ما يلي: [1][4][5]
- توسع القصبات (بالإنجليزية: Bronchiectasis)، وهي حالة مزمنة تسبب توسع الشعب الهوائية أكثر من المعتاد، مما يسمح بتراكم المخاط الذي يؤدي إلى رائحة الفم الكريهة.
- الالتهاب الرئوي الشفطي (بالإنجليزية: Aspiration Pneumonia)، وهو حالة تورم أو عدوى في الرئتين أو الشعب الهوائية، تنتج عن استنشاق القيء، أو اللعاب، أو الطعام، أو السوائل ودخول أي منها إلى الجهاز التنفسي.
- انقطاع التنفس أثناء النوم (بالإنجليزية: Sleep Apnea)، هو حالة تؤثر على التنفس أثناء فترات النوم. يتسبب انقطاع التنفس أثناء النوم والشخير بمعاناة الشخص من صعوبة التنفس عبر الأنف، مما يجعلهم أكثر عرضة للتنفس عبر الفم، وهو أحد الأسباب التي تسبب رائحة فم كريهة في الصباح.
كيف انزل ضغط الدماغ؟ فقد أخبرني الطبيب أن هناك ارتفاع في ضغط الدماغ وأنا خائف أن يسبب لي مشاكل خطيرة
الأمراض الهضمية
ترتبط مجموعة من أمراض الجهاز الهضمي ارتباطًا وثيقًا برائحة الفم الكريهة، لذلك بعد استبعاد الأسباب المتعلقة بالأسنان والأنف والأذن والحنجرة يجب النظر إلى أمراض الجهاز الهضمي لتشخيص مسببات رائحة الفم الكريهة. [4]
وتشمل أمراض الجهاز الهضمي التي تسبب رائحة الفم كريهة:
- انسداد الأمعاء
يمكن أن يتسبب انسداد الأمعاء في صعوبة انتقال الطعام المهضوم والفضلات عبر الجسم، مما ينتج عنه انبعاث رائحة كريهة عبر الفم تشبه رائحة البراز، خاصةً في حالات التقيؤ المستمر لفترات طويلة. ويحدث انسداد القناة المعوية إما نتيجة للعمليات الجراحية، أو بسبب حالات طبية أخرى، مثل: الفتق. [3]
- الارتداد المريئي
يعد الارتجاع المريئيحالة مزمنة تحدث في الجهاز الهضمي عندما تتدفق محتويات المعدة، التي تحتوي على الحمض، إلى المريء. يمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى تأخير أو منع هضم الطعام بكفاءة في المعدة، حيث يتم تحلل الطعام داخل المعدة بدلاً من هضمه، مما ينتج عنه انبعاث رائحة قوية تشبه رائحة الكبريت من الفم. [3][5]
بالإضافة إلى ذلك، يسبب الارتداد المريئي رائحة فم كريهة نتيجة لتعرض الأسنان للحمض الراجع من المعدة ومواد أخرى، مثل: الصفراء، حيث عندما تتعرض الأسنان لهذه المواد بشكل مستمر، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تسوسها. [2]
- القرحة الهضمية وعدوى جرثومة المعدة
تعتبر عدوى جرثومة المعدة، التي تسبب القرحة المعوية، واحدة من أكثر أنواع العدوى المزمنة شيوعًا. وترتبط هذه العدوى برائحة الفم الكريهة نتيجة لإنتاجها مركبات عضوية تؤدي إلى ظهور رائحة كريهة للفم. كما يجب التنويه إلى أن هذه البكتيريا يمكن أن تتواجد في فم المرضى الذين يعانون من مرض الارتجاع المريئي. ولا داعي للقلق، فغالبًا ما يلاحظ أن رائحة الفم الكريهة وغيرها من الأعراض تختفي فور تلقي العلاج المناسب لجرثومة المعدة. [4]
- أمراض هضمية أخرى تسبب رائحة الفم الكريهة
تشمل أمراض الجهاز الهضمي التي يمكن أن تتسبب برائحة الفم الكريهة أيضًا ما يلي: [4]
- أمراض الأمعاء الالتهابية، مثل: التهاب القولون التقرحي، ومرض كرون.
- الرتج المريئي.
- سرطان المعدة.
- سرطان المريء.
أمراض الكبد والكلى
يقوم كل من الكلى والكبد على تنقية الجسم من السموم. لكن عند وجود اضطراب في إحدى هذه الأعضاء، فإن قدرتها على إزالة المواد السامة سيتأثر بشكل كبير، مما يؤدي إلى الإصابة برائحة فم كريهة. [3]
أما عن رائحة الأمونيا المنبعثة من الفم، فإنها قد تكون مؤشرًا على إصابة الشخص بالفشل الكلوي. تقوم الكليتان في الحالة الطبيعية بتصفية المواد الكيميائية الضارة من الجسم عبر البول. وفي المقابل، في حالة الفشل الكلوي، تفقد الكليتان القدرة على تنقية الجسم من الفضلات والسموم بشكل فعال، مما يؤدي إلى تراكمها في الجسم واللعاب، وتأثيرها السلبي على الجسم بشكل شبه كامل، وبالتالي الإصابة برائحة النفس الكريهة ومرارة الفم. [6]
أما إذا كانت الرائحة قوية وعفنة، فهذا يدل على وجود أمراض في الكبد وعدم قدرته على تصفية المواد السامة. يطلق الأطباء على هذه الرائحة المميزة اسم نفس الميت، بسبب ارتباطها بمرض الكبد الشديد الذي قد يؤدي إلى الوفاة. [6]
مرض السكري
يرتبط مرض السكري غير المسيطرعليه برائحة الفم الكريهة، ويعود ذلك إلى عدة أسباب: [6]
- يسبب ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم تكاثر البكتيريا الضارة، التي تنتج طبقات تعرف بالبلاك، والتي قد تسبب أمراض اللثة ورائحة الفم الكريهة.
- يؤدي انخفاض مستويات الأنسولين لدى الأشخاص المصابين بمرض السكري إلى عدم قدرة خلايا الجسم على استخدام السكر بشكل صحيح، مما يدفعه لاستخدام مخازن الدهون كمصدر للطاقة. وعندما يتم تكسير الدهون، يتم إنتاج الأجسام الكيتونية وتراكمها في الدم، مما ينتج عنها رائحة فم كريهة لمرضى السكري، وهذا يسبب حالة تعرف بالحماض الكيتوني (بالإنجليزية: Ketoacidosis)، وهي حالة خطيرة قد تهدد الحياة.
أمراض أخرى
إضافة لما ذكر سابقًا، يوجد أمراض أخرى تسبب رائحة الفم الكريهة، وتشمل: [2][6]
- رهاب البخر الفموي (بالإنجليزية: Halitophobia)، المعروف أيضًا باسم رهاب رائحة الفم الكريهة، هو حالة نفسية تسبب الخوف المستمر والاعتقاد المرضي الخاطئ بأن الشخص يعاني من رائحة الفم الكريهة، حتى بعد تأكيد طبيب الأسنان لعدم إصابته بهذه الحالة.
- متلازمة سجوجرن (بالإنجليزية: Sjogren s Syndrome)، وهو اضطراب في الجهاز المناعي يظهر بشكل شائع لدى النساء في منتصف العمر، والذين يعانون من أمراض مناعية ذاتية أخرى، مثل: التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة. يعتبر هذا المرض مثالًا على الأمراض التي تسبب رائحة الفم بسبب تأثيره على إفراز اللعاب وجفاف الفم.
- متلازمة رائحة السمك (بالإنجليزية: Trimethylaminuria)، وهو مرض أيضي وراثي يتسبب في إطلاق الجسم لرائحة الأسماك المتعفنة في البول، والعرق، والتنفس. عادةً ما يقوم الجسم بتحويل مركبات ثلاثي الميثيل أمين (بالإنجليزية: Trimethylamin) إلى مركبات ليس لها رائحة، ولكن عند الإصابة بمتلازمة رائحة السمك، يفشل الجسم في تكسير بعض المركبات الموجودة في بعض الأطعمة، مما يؤدي إلى تراكمها في الجسم وإطلاق رائحة الفم الكريهة.
- فرط ميثيونين الدم (بالإنجليزية: Hypermethioninemia)، وهو اضطراب أيضي وراثي. قد لا يظهر هذا الاضطراب أي أعراض في بعض الأحيان، ولكن قد يعاني البعض من مشاكل عصبية ومشاكل في الكبد، بالإضافة إلى رائحة كريهة للفم، أوالعرق، أو البول والتي تشبه رائحة الملفوف المغلي. تنتج رائحة الفم الكريهة في هذا الاضطراب لسببين، إما نتيجة لعدم قدرة الجسم على تحطيم حمض أميني يسمى الميثيونين، مما يؤدي إلى تراكمه وتسببه بإطلاق رائحة كريهة. أما السبب الثاني، فهو بسبب إصابة المريض بمرض في الكبد.
- الفينيل كيتون يوريا (بالإنجليزية: Phenylketonuria)، التي تعد حالة وراثية تجعل الجسم غير قادر على تحطيم الحمض الأميني الفينيل ألانين.
نصيحة الطبي
قد تشير رائحة الفم الكريهة إلى وجود مشكلة صحية تستدعي العناية الطبية، حيث تلعب الأمراض دورًا مهمًا في التسبب بهذه المشكلة. لذا، ينبغي على الأفراد الذين يعانون من هذه المشكلة معرفة الأمراض التي تسبب رائحة الفم الكريهة، والبحث عن التشخيص والعلاج المناسبين للتخلص من رائحة الفم الكريهة. يمكن التواصل مع أطبائنا المتخصصين الآن للحصول على استشارة عبر الإنترنت على مدار الساعة، والاستفادة من خدمة الاستشارات الطبية الفورية التي يقدمها موقع الطبي.