﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، إن الدستور الذي ينهل منه المسلمون وهو القرآن الذي يزخر بالكثير والكثير من الآيات التي توضح وتبين أن هذا الدين يُسر، وأن الخالق سبحانه وتعالى رحيم ولطيف بعباده. وان غاية العبادة السامية، ليست في التشدد، وليست في إهمال وإلقاء النفس إلى التهلكة. والسنة النبوية المُطهّرة، بها ما يُريح الحيارى، والخائفين أن يفوّتوا فرائضهم.
﴿إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ﴾. وفي الصلاة وحدها آيات وعبر، تُدلل على يُسر هذا الدين، والفقه الإسلامي، به ابواب كاملة عن الصلاة قعوداً، والصلاة وقوفاً، وصلاة المسافر، وصلاة الخوف. ومابين الحاجة إلى إتمام الفرائض، وبين إتيان الرُخص، يظل الإنسان ساعياً للوصول إلى مبتغاه.
إن أكبر المعضلات التي واجهت الأطباء، وأخصائيي العلاج الطبيعي، أثناء وبعد فترة التعافي وإعادة التأهيل من عمليات استبدال مفصل الركبة الصناعي، كانت القدرة على العودة الكاملة لممارسة النشاطات الحياتية اليومية دون عوائق. تتركز معظم هذه النشاطات، في عالمنا العربي والإسلامي، على القدرة على الصلاة بركوع وسجود وجلوس كامل، كذلك في القدرة على استخدام الحمامات الشرقية قديمة الطراز.
بعد مراجعات عديدة حدثت مع مرضى قاموا بإجراء جراحة استبدال مفصل الركبة الصناعي، تأكد بنسبة كبيرة زوال الألم ولكن لا يزال العجز عن تلك الممارسات التي أشرنا إليها قائماً. حتى باتت الأبحاث ترصد ردود فعل مختلفة من قارة إلى قارة أخرى، مثلاً هناك ردود أفعال مختلفة بين قارة أوروبا و قارتي آسيا وأفريقيا ويرجع ذلك لاختلاف الثقافات، والعادات، والممارسات اليومية بين كل قارة وأخرى وبين كل شخص وآخر.
بعد سنوات من البحث والتقصّي، صار التحدي الأكبر أمام أصحاب المصانع، والقائمين على العمليات الجراحية، بل والمجتمع العالمي كله، كي يتجاوز هذه العقبات. وبعد تجارب ومحاولات كثيرة، ظهر للنور، مفصل الركبة الصناعي الخاص، والذي تصل فيه زاوية الانثناء حتى 155 و165 درجة، بما يتوافق مع القدرة على الثني الكامل للركبة، محققاً مطالب الكثير من المصابين في العالم على اختلاف شعائرهم وعقائدهم.
غير أن هذا المفصل الذي يحلو للبعض تسميته المفصل الإسلامي أو الآسيوي، لا يكون نافعاً مع كل المرضى في العموم، إذ يُستثنى من استعماله، أصحاب التلف الكامل في عظام الركبة أو من يعانون من السمنة المفرطة.
استبدال مفصل الركبة إلى مفصل الركبة الإسلامي
إن عملية استبدال مفصل الركبة، إجراء جراحي، المقصود به، إزالة الركبة التي بها إصابة، ووضع ركبة أخرى صناعية. وبنظرة سريعة على وصف هذه الركبة الصناعية، نجد أنها عبارة عن خليط من سبيكة معدنية مع البلاستيك. تستغرق هذه الجراحة وقت قليل، لا تزيد عن ساعتين، ولكن تستغرق وقتاً طويلاً في إعادة التأهيل والتأقلم مع الوضع الجديد.
لإجراء جراحة استبدال مفصل الركبة، يضع الأطباء في اعتبارهم، المرحلة السنية، ومستويات نشاط، ووزن المريض، قبل الشروع في إجراء الجراحة.
أسباب استخدام مفصل الركبة الصناعي الاسلامي
أهم سبب في الحاجة لاستخدام مفصل الركبة الصناعي هو ما يطرأ على الركبة الطبيعية من تلف بسبب التهابات المفاصل. كذلك الإصابة بمرض هشاشة العظام. على الرغم من انتشار جراحات استبدال مفصل الركبة الصناعي، حيث اشارت الإحصائيات إلى أن في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، ما يزيد عن نصف مليون جراحة استبدال مفصل الركبة سنوياً.
لكن الأطباء لا يتسرعون في اتخاذ مثل هذا القرار إلا بعد فشل محاولاتهم العلاجية الأولى مثل، استخدام المستحضرات الدوائية، وفقدان الوزن لتخفيف الحمل على الركبة، واستخدامات البدائل الدعامية في منطقة الركبة، أو حتى استخدام العلاج الطبيعي. ويظل هذا القرار غير مطروحاً للنقاش مالم تفشل سبل العلاج، أو يكون هناك سبب ضروري في استبدال مفصل الركبة مثل، عدم التحكم في حجم الآلام في الركبة مع القيام بالأنشطة اليومية، أو ينشأ عن إصابة الركبة تشوهات لا يمكن الخلاص منها.
وفي هذا الصدد، تشير الأرقام إلى أن غالبية الأفراد الذين توجّب عليهم استبدال مفصل الركبة الصناعي، هم من تخطوا حاجز الستين عاماً.
إعداد المريض لجراحة استبدال مفصل الركبة الصناعي الإسلامي
لابد من تقييم لحالة المريض المقبل على إجراء جراحة استبدال مفصل الركبة الصناعي، وفي سبيل ذلك يقوم الأطباء، بعمل فحص شامل لجسد المريض، يتضمن الفحص الظاهري، والتصوير بالأشعة السينية، وفي بعض الأحيان طرق تصوير أخرى، وصورة كاملة من تحاليل الدم. كذلك يستمع الأطباء للتاريخ الطبي للمريض كاملاً، إذ أنه من الضروري معرفة ذلك بدقة حتى يتمكن من اختيار بديل تخدير مناسب، ويختلف من شخص لآخر.
يحتاج المريض قبل الجراحة بأسبوعين على الأقل لبعض التعليمات من قبل الأطباء منها:
- التوقف عن تعاطي الأدوية التي تُحدث سيولة في الدم وعلى رأسها الأسبرين، الإيبوبروفين، والنابروكسين.
- التوقف عن تعاطي الأدوية التي لها آثار جانبية على كفاءة الجهاز المناعي.
- يحتاج المرضى أصحاب الأمراض المزمنة مثل مرض السكر، والقلب للتحدث مع الأطباء المشرفين على علاجهم.
- التوقف عن تناول المشروبات الكحولية والتدخين. حتى يتجنب إعاقة التئام الجروح لاحقاً.
للمزيد:مخاطر شرب الكحول والإدمان عليه
إعداد المنزل قبل جراحة استبدال مفصل الركبة الإسلامي
يجب الوضع في الحسبان أن فترة التعافي سوف تستغرق وقتاً طويلاً، ولذلك يجب الاستعداد لهذه الفترة وعمل تغييرات في المنزل، تتناسب مع هذه المرحلة ومنها:
- وضع مقابض في الحمامات وفي الطرقات المؤدية له.
- يفضل توفير كرسي متحرك، أو عصا للاستناد عليها.
- تهيئة الأدوار الأرضية للمعيشة بها في هذه الفترة.
كيفية إجراء جراحة استبدال مفصل الركبة الصناعي الاسلامي
بعد أن تُزال الأجزاء التالفة من الركبة، من عظام، وأربطة، وكذلك نهايات عظمية مفتتة نتيجة الاحتكاك، يبدأ الجراح في استبدال الجزء السفلي من عظام الفخذ، غالباً بجزء معدني، والجزء العلوي من عظام الساق بجزء من المعدن والبلاستيك معاً. بينما تكون الرضفة مصنوعة كلها من البلاستيك القوي.
فترة ما بعد جراحة استبدال مفصل الركبة الصناعي الإسلامي
من الطبيعي الشعور ببعض الألم بعد الانتهاء من الجراحة، كذلك الشعور بحالة تيبُس في منطقة الركبة. غير أن هذه الآلام سوف تختفي تدريجياً بالأدوية و مرور الوقت. سوف يتابع الأطباء الجرح، وتسجيل أي ملاحظات غير طبيعية، مثل التورم، والاحمرار. في الغالب سوف يعتمد المريض على المضادات الحيوية التي يقررها الطبيب.
اقرأ أيضاً: حقائق هامة حول المضادات الحيوية
تغادر معظم الحالات المستشفى إلى منازلهم، على أن البعض يتجه للمكوث فترة في أماكن مخصصة للعلاج الطبيعي وإعادة التأهيل. وبالحديث عن العلاج الطبيعي، سوف يكون هو بطل المرحلة، إذ يبدأ من اليوم الأول بعد الانتهاء من الجراحة، وذلك لتنشيط الدورة الدموية ناحية مكان الجراحة. ثم برنامج طويل لفترة إعادة التأهيل.
سوف تقتصر معظم الأنشطة في هذه الفترة، على الأنشطة قليلة المخاطر، ويتجنب المريض ممارسة الرياضة التي بها مجهود كبير للركبة، مثل الجري. التنبيه على الأطباء الذين يزورهم المريض بأنه يحمل مفصلاً صناعياً، لتوخي الحذر في المستحضرات الدوائية، أو الإجراءات الجراحية الأخرى، في الأسنان أو المناظير. تتفاوت فترة التعافي وإعادة التأهيل من شخص إلى آخر، لكنها في المتوسط من نصف عام إلى عام كامل.
مخاطر ما بعد جراحة استبدال مفصل الركبة الصناعي الإسلامي
تحتاج كل العمليات الجراحية إلى المتابعة واليقظة مع ظهور أي أعراض عقب الانتهاء من إجراء الجراحة، وذلك لأن العمليات صغيرة كانت أو كبيرة، من الممكن أن تواجه أخطاراً مثل جلطات أو نزيف الدم أو حتى العدوى. وكلها من الأخطار التي يتوقعها الجراحون ويستطيعون السيطرة والتغلب عليها. غير أن بعض المخاطر الأخرى تكون شديدة وتُُعرّض حياة المرضى للخطر مثل: السكتة الدماغية أو النوبات القلبية الحادة، لكنها تظل نسب قليلة جداً من بين كل الحالات.
ويبقى فقط خطر العدوى مؤرقاً للمرضى والأطباء معاً، إذ أنه من الممكن أن يهاجم الجهاز المناعي الجزء الصناعي الجديد، أو تتراكم حوله بعض البكتريا والملوثات الأخري، مما يضطر الجراح لإزالة الركبة الصناعية، وإزالة الملوثات قبل إعادة وضع الجزء الصناعي مرة أخرى.
اقرأ أيضاً: العدوى المكتسبة في المستشفى تهدد حياة الكثير
نتائج جراحة استبدال مفصل الركبة الصناعي الإسلامي
تُسجل حالات استبدال مفصل الركبة الصناعي، نجاحات رائعة، بنسب تفوق التسعين بالمائة، وتتحسن الحالات بشكل كبير في المشي واختفاء الألم تماماً. وتظل مفاصل الركبة الصناعية سنوات طويلة تصل إلى عشر سنوات وفي البعض تصل لضعف هذه الفترة، قبل الحاجة لإعادة استبدالها مرة أخرى.
اقرأ أيضاً: حياة جديدة وبعيدة عن الألم مع استبدال وزراعة المفاصل