قد يتبادر إلى أذهاننا في بعض الأحيان سبب تناولنا للطعام. ولا توجد إجابة موحدة لهذا التساؤل؛ إذ تختلف دوافعنا وراء هذا التصرف.
فمن الطبيعي أن يتناول الإنسان الطعام من أجل الحصول على الطاقة نتيجة الشعوربالجوع، ولكن في بعض الأحيان قد نتناول الطعام من أجل الشعور بالتحسن والراحة النفسية؛ أي من أجل تلبية احتياجاتنا العاطفية، وهذا ما يسمى بالأكل العاطفي.
ويعد تناول الطعام نتيجة الشعور بالجوع المرتبط بالتوتر أحد أشكاله؛ فعند شعور الشخص بالتوتر والإجهاد يبدأ في تناول الأطعمة السكرية والوجبات السريعة للتخفيف من التوتر والشعور بالراحة المؤقتة. وعادةً ما ينتهي هذا النوع من الجوع بالشعور بالذنب لما تم تناوله من كميات كبيرة من الطعام غير الصحي وغير الضروري دون الشعور بذلك.
هل الإحساس بالجوع له علاقة بالتوتر؟
توجد علاقة وثيقة بين الشعور بالجوع ومستويات التوتر عند الإنسان، وعادةً ما تسبب هذه العلاقة زيادة تناول الطعام واكتساب الوزن، ولكن في بعض الأحيان قد تسبب العكس تماماً. والسبب الرئيسي وراء هذه العلاقة هو زيادة إفراز بعض الهرمونات داخل الجسم.
فعلى المدى القصير، يمكن للتوتر والضغط النفسي أن يقلل من الشهية والجوع عند الشخص، وذلك بسبب إرسال الجهاز العصبي إشارات إلى الغدة الكظرية الموجودة فوق الكليتين لإفراز هرمون الإيبنيفرين أم ما يسمى بالأدرينالين. ويساعد هذا الهرمون على بدء حالة فسيولوجية مؤقتة في الجسم تقل خلالها شهية الشخص.
أما في حال استمرار توتر الشخص لفترات طويلة، سيدفع ذلك الغدة الكظرية لإفراز هرمون آخر وهو الكورتيزولالذي يزيد من الشهية، وبالتالي من والشعور بالجوع والحاجة إلى تناول الطعام. ومن الجدير بالذكر إلى أنَّ مستوى الكورتيزول يبقى مرتفعاً في حال عدم التكيف أو التخلص من مسببات التوتر، أو أصبح التوتر جزءً من طبيعة الشخص.
ولا تقتصر العلاقة بين التوتر والشعور بالجوع على التغيرات الحاصلة في مستوى الهرمونات، بل يعتقد أن النساء تلجأ إلى تناول الطعام أكثر عند الشعور بالتوتر كآلية دفاع وتأقلم ضد التوتر، بينما يلجأ الرجال إلى التدخين أو شرب الكحول.
اقرأ أيضاً: الكورتيزون وزيادة الوزن
وتجدر الإشارة إلى أنَّ زيادة الشعور بالجوع نتيجة التوتر ترتبط عادةً بزيادة الوزن، ويعتقد بأن مقدار زيادة الوزن يرتبط بالعوامل التالية:
- مقدار ارتفاع هرمون الكورتيزول كاستجابة للتوتر.
- مستوى الإنسولين لدى الشخص مرتفعاً، فمثلاً لوحظ أنَّ زيادة الوزن بعد تناول الأكل المرتبط بالتوتر لدى الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد أو السمنة كان أعلى من غيرهم.
اقرأ أيضاً: العلاقة بين الإكثار من الأكل والتوتر خلال فترة الحجر الصحي
ما هي أنواع الأطعمة التي يفضل الشخص تناولها عند الشعور بالتوتر؟
يفرز الجسم هرمون الكورتيزول بالتزامن مع شعور الشخص بالتوتر والضغط النفسي، مما قد يسبب شعوره بالجوع. الأمر الذي يدفعه بالتفكير الفوري لتناول الأطعمة. وعادةً ما يلجأ الشخص لتناول الأطعمة المريحة (بالإنجليزية: Comfort Foods) التي تجلب الهدوء والسكينة للنفس لارتباطها بذكريات جميلة ومرحة مرتبطة عادةً بطفولة الشخص. وتضم هذه الأطعمة في الغالب الأطعمة السكرية، أو الدهنية، أو المالحة، ذات السعرات الحراراية العالية، وفائدة غذائية قليلة.
والسبب وراء تناول هذه الأطعمة، هو أنّ الدماغ يعتقد بأنّه يحتاج إلى المزيد من الطاقة والوقود داخل الجسم لمحاربة هذه التوتر. كما أنّ تناول هذا النوع من الأطعمة يقلل أيضاً من الغضب وردود الأفعال السلبية الناتجة عن التوتر، ويوفر للشخص جرعة من النشاط والفرح. كما أنها تشغل الشخص عن التفكير في سبب شعوره بالتوتر، وطرق مواجهتها.
اقرأ أيضاً: أطعمة وممارسات غذائية لتقليل هرمون التوتر في الجسم
كيف يمكن التحكم بالجوع والإفراط في تناول الطعام عند التوتر؟
يجب في البداية التحكم في مستوى التوتر من أجل السيطرة على الجوع المرتبط بالتوتر، وتعلم كيفية التعامل مع المواقف المسببة للتوتر. ومن الخطوات التي تساعد على التحكم والسيطرة على التوتر والجوع المرتبط به ما يأتي:
- التعرف على مسببات التوتر: يساعد تحديد الظروف والعوامل التي تدفع الجسم للتوتر على اتخاذ الخطوات المناسبة من أجل تجنبها أو على الأقل الاستعداد لمواجهتها، وبالتالي التقليل من الجوع المرتبط بالتوتر.
- ممارسة التمارين الرياضية: قد يشكل التوتر عائقاً أمام الشخص ضد ممارسة التمارين الرياضية على الرغم من أنَّ ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تقلل من تعرض الشخص للتوتر، وذلك لأنّ الدماغ يُحدث مجموعة من التغيرات الكيميائية التي تساعد الجسم على مقاومة الشعور بالتوتر. لذلك يُنصَح بمقاومة هذا الشعور، والبدء بممارسة الرياضة، لأنها قد تساعد الشخص على التعامل مع التوتر، كما أنها تزيد من حرق السعرات الحرارية، وتقلل من اكتساب الوزن.
- ممارسة تمارين الاسترخاء والتأمل: تساعد تمارين الاسترخاء كاليوغا، أو التأمل، أو الجلوس في أماكن هادئة على التقليل من التوتر ومن الجوع الناتج عنه. كما يُعتقد أنها تزيد من وعي الشخص بخيارات الطعام التي يتناولها، ويحفزه على ممارسة الأكل الواعي أو اليقظ.
- منح الجسم المزيد من الراحة: وذلك من خلال الابتعاد عن مصادر التوتر لفترة وإشغال النفس بأمور أكثر متعة.
- التفكير بإيجابية: وذلك من خلال وضع الخطط والحلول للمواقف التي تزعج الشخص وتسبب التوتر له.
- طلب المساعدة من الآخرين: تساعد مشاركة المشاعر والعواطف الناتجة عن التوتر مع الأصدقاء والمقربين من العائلة على التغلب على التوتر نتيجة لتقديمهم الدعم المادي والمعنوي له.
كيف يمكن التمييز بين الجوع الحقيقي والجوع المرتبط بالتوتر؟
توجد صعوبة حقيقة في التمييز بين الجوع الحقيقي والجوع المرتبط بالتوتر، ولكن فعل ذلك من خلال بعض المؤشرات المصاحبة لكل منهما. ومن هذه المؤشرات ما يأتي:
- بدء الشعور بالجوع: يشعر الشخص بالجوع الحقيقي تدريجياً، بينما الجوع المرتبط بالتوتر يشعر به الشخص فجأة عند التعرض لأي من محفازت التوتر والضغط.
- الاستجابة للجوع: يجعلالجوع المرتبط بالتوتر صاحبه بحاجة فورية لتناول الطعام، وعدم قدرته على الانتظار لتأخير تناول الوجبة، بينما الجوع الحقيقي يمكن الانتظار لوقتٍ لاحق لتناول الطعام.
- نوع الطعام المرغوب بتناوله: عادةً م يلجأ الشحص الذي يشعر بالجوع المرتبط بالتوتر لتناول الوجبات السريعة أو الوجبات السكرية التي تعطي الشخص جرعة بالنشاط والسرور الفوري عند تناولها، بينما الجوع الحقيقي فعادةً ما يكون صاحبه يفكر بخيارات متعددة لوجبات الطعام سواء كانت صحية كالخضراوات أو غير صحية.
- الوعي عند تناول الطعام: عندما يكون الجوع حقيقياً، يكون الشخص أكثر وعياً بما يتناوله من نوع وكميات للطعام، ولكن الجوع المرتبط بالتوتر يكون صاحبه غير واعي بكمية الطعام الذي يتناوله، فمن الممكن أن يتناول كميات كبيرة دون أن يشعر بالشبع بعد.
- كيفية الشعور بعد الانتهاء من تناول الطعام: يشعر الشخص بعد تناول الطعام نتيجة الجوع المرتبط بالتوتر بالخجل والشعور بالذنب نتيجة تناول كميات كبيرة من طعام غير صحي، على عكس الجوع الحقيقي.
اقرأ ايضاً: الفرق بين الاكل الواعي والاكل العاطفي