تطل علينا أيام شهر رمضان المبارك في هذا العام في أجواء وظروف استثنائية، حيث أن انتشار وتفشي فيروس كورونا الجديد 2019 (بالإنجليزية: Coronavirus Disease 2019)، أو ما يعرف أيضاً بكوفيد-19 (بالإنجليزية: COVID-19)، واعتباره من قبل منظمة الصحة العالمية كوباء، أدى إلىإحداث تغيير كبير في نظام حياة وسلوك الأفراد والمجتمعات.
إن السؤال الآن والذي يتبادر في ذهن الجميع هو "هل يؤثر فيروس كورونا على الصوم والقيام بالشعائر الدينية الأخرى المرتبطة بشهر رمضان؟".في هذا المقال سيتم مناقشة بعض النصائح التي تساهم في الحفاظ على صحة الفرد الصائم ووقايته من الإصابة بفيروس كورونا الجديد (بالإنجليزية: Corona).
الصيام والكورونا
هل يزيد الصيام من خطر الإصابة بفيروس كورونا الجديد؟
إلى الآن لم يتم تنفيذ أية دراسات توضح العلاقة ما بين الصيام وخطر الإصابة بفيروس كورونا الجديد. ولكن يجب التنويه إلى أنه يعتبر الأشخاص الأصحاء قادرين على الصيام أثناء شهر رمضان لهذه السنة كما في السنوات السابقة.
هل يؤثر الصيام على المرضى المصابين بفيروس كورونا الجديد؟
أيضاً إلى الآن لا يوجد أية دراسات تبين تأثير الصيام على المرضى المصابين بفيروس كورونا الجديد. ولكن يمكن للمرضى المصابين بفيروس كورونا الجديد اللجوء إلى الحصول على الفتوى بالإفطار من خلال القيام بسؤال علماء الفقه والدين وذلك بعد التشاور مع الأطباء المشرفين عليهم وفي حال دعت الحاجة إلى ذلك، حيث يمكن التعامل مع الإصابة بهذا المرض، كحال الإصابة بأي مرض آخر يمكن أن يجعل الفرد غير قادر على الصيام.
نصائح خلال شهر رمضان للمحافظة على الصحة الجسم
إليكم بعض النصائح والارشادات للصيام في رمضان مع انتشار الكورونا:
الالتزام بنظام غذائي صحي متوازن
إن الغذاء الصحي والمتوازن يساهم في المحافظة على صحة الجسم ودعم وظائفه المختلفة، حيث أنه يساهم في تقوية الجهاز المناعي مما قد يؤدي إلى الوقاية من العديد من الأمراض المعدية منها فيروس كورونا الجديد. لذلك يجب على الشخص المسلم تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة الطازجة والأطعمة غير المعالجة في كل من وجبة السحور وجبة الإفطار. أيضاً والجدير بالذكر أن الصيام لساعات متواصلة قد يزيد من فرصة إصابة الجسم بالجفاف، لذلك ينصح الفرد المسلم بشرب كميات وفيرة من الماء، بحيث يقوم بشربها على فترات متفاوتة خلال الفترة الزمنية الممتدة من موعد الإفطار وحتى موعد السحور.
اقرأ أيضاً: الغذاء وفيروس الكورونا الجديد (كوفيد-19)
المحافظة على النشاط البدني
بالرغم من أنه تم تقييد حركة العديد من الأشخاص بسبب انتشار فيروس كورونا الجديد، وذلك من خلال فرض العزل المنزلي، إلا أنه يجب الحرص على القيام بالأنشطة البدنية وتجنب الكسل والخمول. والجدير بالذكر أنه يوجد العديد من التمارين الرياضية التي يمكن القيام بها داخل المنزل أو في حديقة المنزل بحيث لا يحتاج الشخص لوجود مساحة واسعة من أجل القيام بها منها نط الحبل، تمرين الضغط، رياضة الجري أو القفز في نفس المكان. كما أنه يوجد العديد من البرامج التلفزيونية أو الحصص عبر الإنترنت والتي يتم من خلالها تعليم الأفراد عدداً من التمارين الرياضية وتقوم بتشجيعهم على القيام بها.
الحد من التدخين
يعد التدخين من الأمور التي لا ينصح بها بأي حال من الأحوال، حيث إن التدخين قد يؤدي إلى إصابة الشخص بالعديد من الأمراض منها أمراض الرئة وأمراض الجهاز التنفسي. والجدير بالذكر أن التدخين قد يزيد من فرصة الإصابة بفيروس كورونا، وذلك لأن عند قيام الشخص بالتدخين سوف يقوم بلمس شفتيه بشكل متكرر وذلك إما بالسيجارة نفسها أو بأصابع يديه، مما قد يزيد من فرصة دخول الجراثيم والفيروسات، والتي قد يكون من ضمنها فيروس كورونا الجديد، عبر الفم ووصولها إلى الجهاز التنفسي.
تعزيز الصحة النفسية
على الرغم من وجود التقييد في العديد من الممارسات والشعائر المرتبطة بالشهر الفضيل بسبب انتشار فيروس كورونا الجديد، إلا أنه من المهم طمأنة المؤمنين بأنه لا يزال بإمكانهم القيام بأداء الشعائر الدينية في منازلهم مثل أداء الصلاة، والدعاء، وقيام الليل، والتهجد. كما يمكن مشاركة أفراد العائلة بهذه الطقوس والشعائر، فمثلاً يمكن للأب القيام بصلاة الجماعة مع زوجته وأولاده. أيضاً يمكن الاستعانة بالبرامج التلفزيونية، وإذاعة الراديو، ووسائل التواصل الإجتماعي من أجل بث العديد من الدروس الدينية التي قد تساهم في طمأنة الإنسان المسلم والتحسين من صحته النفسية.
اقرأ أيضاً: فيروس كورونا الجديد: نصائح لمعالجة القلق والتوتر النفسي
أخذ قرارات حاسمة بخصوص التجمعات الدينية والاجتماعية
يتميز شهر رمضان المبارك بالتجمعات الاجتماعية والدينية، حيث قد تتجمع العائلات والأصدقاء وذلك إما بعد غروب الشمس من أجل تناول الإفطار معاً أو قبل الفجر أثناء تناول السحور. أيضاً قد يزيد الكثير من المسلمين من ارتيادهم وذهابهم للمساجد خلال هذا الشهر حيث يتجمعون من أجل القيام بالصلاة خاصة صلاة التراويح، كما قد يجتمعون من أجل قيام الليل والتهجد خصوصاً خلال الأيام العشر الأواخر من شهر رمضان.
في يومنا هذا تتخذ البلدان في جميع أنحاء العالم مجموعة من التدابير المختلفة والتي تساهم في السيطرة على انتشار فيروس كورونا الجديد والوقاية من الإصابة به. ومن ضمن هذه التدابير هي إلغاء التجمعات، وفرض العزل المنزلي، والمحافظة على التباعد الإجتماعي. لذلك توصي منظمة الصحة العالمية باتخاذ قرارات جدية بخصوص تقييد أو تأجيل أو إلغاء هذه التجمعات الاجتماعية والدينية، حيث يجب أن تكون هذه القرارات جزء لا يتجزأ عن النهج الشامل الذي تتبعه السلطات والحكومات الوطنية للتصدي لهذا الوباء والحد من انتشاره والذي يتم وضعه بناء على مدى انتشار وتفشي فيروس كورونا في المنطقة.
أما بالنسبة للنداء إلى الصلاة فهو وكما اعتاد المسلمون خلال الشهرين الماضيين قد شهد اختلافاً فرضته قيود الدول على التجمعات الاجتماعية، حيث أن النداء في جميع مساجد العالم أضيفت إليه عبارة (صلوا في بيوتكم)، ومع حلول هذا الشهر الفضيل أصبح هذا التغيير على النداء أكثر تأثيراً على النفس.
كما والجدير بالذكر أنه يجب أن يشارك علماء الدين والسلطات الدينية في صنع هذه القرارات، وذلك حتى يتمكنوا من المشاركة وبشكل فعال في إيصال وتوضيح أسباب هذه القرارات التي قد تؤثر على الأحداث المرتبطة بشهر رمضان المبارك. أيضاً في حالة إلغاء هذه التجمعات الاجتماعية والدينية، يوصى بالعمل على استخدام البدائل الافتراضية مثل التلفزيون، وإذاعة الراديو، ووسائل التواصل الاجتماعي من أجل بث البرامج والدروس الدينية ومن أجل القيام بالتواصل والاتصال مع الأهالي والأقارب والأصدقاء. أما في حال تم السماح لإقامة هذه التجمعات الرمضانية، عندها يجب الأخذ بالتدابير الوقائية التي تساهم في للحد من خطر انتقال وانتشار فيروس كورونا الجديد، حيث يكون المصدر الرئيسي لهذه التدابير الوقائية هو السلطات الصحية الرسمية في الدولة.
اقرأ أيضاً: الدليل الشامل حول فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)
نصائح وتدابير وقائية يجب الأخذ بها أثناء التجمعات الرمضانية عند السماح بإقامتها
هناك عدد من الإجراءات التي يجب تطبيقها والأخذ بها خلال أية تجمعات تقام خلال شهر رمضان، وتشمل:
نصائح تتعلق بالمحافظة على النظافة الشخصية لدى الأفراد
بالرغم من أن المسلمين يقومون بشكل مستمر بالوضوء قبل الصلاة، الأمر الذي قد يساعد في الحفاظ على النظافة الشخصية، إلا أنه ينبغي أيضاً النظر في تدابير إضافية قد تساهم في المحافظة على النظافة الشخصية لديهم، والتي قد تشمل:
- التأكد من أن مرافق غسل اليدين مجهزة بشكل كاف بالصابون والماء، بالإضافة إلى توفر معقمات اليدين والذي يجب أن تحتوي على الأقل 70% من كحول وذلك عند مداخل المساجد وبداخلها.
- ضمان توافر المناديل، بالإضافة إلى وجود عدد من سلات المهملات التي تحتوي على أكياس للاستعمال لمرة واحدة، كما يجب ضمان الأخذ بتدابير التخلص الآمن من النفايات.
- تشجيع استخدام كل فرد لسجاد الصلاة الخاصة به، بحيث يقوم بوضعها على سجاد المساجد أو مكان التجمع.
- تقديم عروض وفيديوهات للحاضرين والتي تقوم بطرح نصائح تتعلق بالإبتعاد الإجتماعي، ونظافة اليدين، ونصائح يجب الأخذ بها عند القيام بالعطس أو السعال، وأية تعليمات ونصائح عامة أخرى حول الوقاية من فيروس كورونا الجديد.
نصائح تتعلق بنظافة أماكن العبادة ومواقع التجمعات
- فرض التنظيف الروتيني والمستمر لمواقع التجمعات باستخدام المنظفات والمطهرات، وذلك قبل وبعد القيام بكل حدث.
- الحفاظ على النظافة العامة وتطهير المساجد وأماكن الوضوء فيها.
- استعمال سجادات الصلاة الشخصية وعدم السجود على السجاد العام.
- القيام بالتنظيف وبشكل متكرر للأشياء والأسطح التي يتم لمسها كثيراً مثل مقابض الأبواب، ومفاتيح الإضاءة، وذلك باستخدام المنظفات والمطهرات.
نصائح عامة تتعلق بمكان إقامة التجمعات
- الحرص على إقامة هذه التجمعات في الهواء الطلق في حال أمكن ذلك، أما في حال عدم الإمكانية لذلك فيجب التأكد من وجود التهوية الكافية للمكان.
- الحرص على تقصير مدة هذه التجمعات قدر الإمكان، وذلك للحد من التعرض المحتمل للإصابة بالفيروس.
- يفضل إقامة هذه التجمعات لعدد قليل من الأشخاص، بدلاً من استضافة عدد كبير من الأشخاص.
- الحرص على التزام بالتباعد الإجتماعي، يجب المحافظة على وجود مسافة بين الأشخاص الحاضرين والتي لا تقل عن 1 متر (3 أقدام) وذلك سواء أثناء تناول الطعام، أو القيام بغسل اليدين أو الوضوء، أو أداء الصلاة، وكذلك في المناطق المخصصة لوضع الأحذية.
- القيام بتنظيم عدد وتدفق الأشخاص الذين يدخلون ويغادرون أماكن العبادة أو أماكن وجود التجمعات، وذلك لضمان وجود الابتعاد الإجتماعي الآمن في جميع الأوقات.
- تجنب حضور الأشخاص المشتبه بإصابتهم ممن يعانون من أي من أعراض مرض الكورونا إلى التجمعات أو المناسبات الاجتماعية والدينية، كما ينطبق ذلك على كبار السن وخاصة من يعانون من مشاكل مزمنة، مثل أمراض القلب أو السكري أو السرطان أو الأمراض التنفسية.
- العمل على إيجاد وسائل وتدابير تقوم بالتسهيل من عملية تتبع الاتصال والمخالطة بين الأشخاص، حيث وفي حال تم لاحقاً تشخيص الإصابة بفيروس كورونا لدى أحد الأشخاص الحاضرين لهذه التجمعات يمكن التواصل مع جميع الأفراد المخالطين لهذا المريض وبسهولة.
اقرأ أيضاً: ما هو الفحص السريع لفيروس كورونا الجديد ؟
نصائح وتدابير يجب الأخذ بها عند القيام بالأعمال الخيرية
يولي المؤمنون اهتماماً خاصاً بالأعمال الخيرية وتقديم الصدقات خلال أيام الشهر الفضيل. والجدير بالذكر أنه يجب أخذ الحيطة والحذر أثناء القيام بهذه الأعمال الخيرية ، وذلك لأنه قد تزيد هذه الأعمال الخيرية من فرصة انتشار الفيروس مما قد يؤثر سلباً على صحة القائمين بهذه الأعمال الخيرية أو الأفراد المنتفعين من هذه الأعمال الخيرية. ومن التدابير التي يجب القيام بها خلال القيام بالأعمال الخيرية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد:
- الحرص على اتخاذ جميع التدابير الوقائية أثناء مآدب الإفطار الخيرية، في حال تم السماح بإقامتها، والتي تشمل الالتزام بالتباعد الإجتماعي، المحافظة على النظافة العامة. كما يمكن استخدام فكرة حصص الطعام الفردية والتي يتم تعبئتها وتغليفها مسبقًا.
- الحرص على اتخاذ جميع التدابير الوقائية أثناء تعبئة، وتغليف، وتخزين، وتوزيع طرود الخير.
- الحرص على قيام المنتفعين من طرود الخيرية والصدقات بتطهير وتعقيم محتوياتها قبل الشروع باستخدامها، حيث يمكن أيضاً تزويد هؤلاء المنتفعين ببخاخ مطهر من أجل مساعدتهم في عملية تطهير الطرود.
نصائح لقضاء شهر رمضان بشكل صحي في ظل الحجر الصحي
قدمت وزارات الصحة في مختلف الدول نصائح لقضاء شهر رمضان بشكل صحي في ظل الحجر الصحي، ومنها النصائح التي قدمتها وزارة الصحة العامة في قطر:
- الحفاظ على معنويات عالية والتركيز على ما يوجد لدينا وما يمكننا القيام به بدلاً من التركيز على ما لا نستطيع فعله.
- التواصل مع العائلة والأصدقاء عبر المنصات الرقمية وتقديم الدعم النفسي المتبادل.
- التحضير المسبق للوجبات لتقليل عدد مرات الذهاب للتسوق أو طلب الحاجيات من المنزل والاستفادة من خدمة التوصيل.
- الحفاظ على ممارسة النشاط البدني داخل المنزل.
- المشاركة في المسابقات والأنشطة الرمضانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- استغلال أوقات الجلوس في المنزل لزيادة العبادات.
نصائح للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالكورونا
هناك عدد من العوامل التي تزيد من فرصة إصابة الشخص بفيروس كورونا الجديد مثل:
- تقدم السن.
- الإصابة بالأمراض المزمنة مثل مرض السكري، أو أمراض القلب والأوعية الدموية، أو أمراض الجهاز التنفسي المزمنة.
- الإصابة بضعف مناعة الجسم وذلك إما نتيجة للإصابة بأمراض جهاز المناعة مثل مرض الإيدز أو نتيجة لتناول الأدوية التي تقوم بتثبيط جهاز المناعة مثل الكورتيكوستيرويدات (بالإنجليزية: Corticosteroids) أو العلاج الكيماوي الذي قد يستخدم لعلاج مرض السرطان.
ينصح الأشخاص الذين يتواجد لديهم أحد العوامل التي تزيد من خطر الإصابة لديهم بتجنب جميع التجمعات الإجتماعية والدينية، حيث أن فرصة إصابتهم قد تزداد بوجود الاكتظاظ.
اقرأ أيضاً: مرضى السكري وفيروس كورونا
نظراً لهذه الأوقات العصيبة والتي يشهدها العالم أجمع بسبب انتشار فيروس كورونا، فإنهيجب على الفرد المسلم الأخذ بجميع التدابير الوقائية التي قد تساهم في الحد من انتشار الوباء في مجتمعه، وبالرغم من وقف إقامة الصلاة في المساجد ومنع القيام بأية تجمعات أخرى خلال هذه الشهر الفضيل إلا أنه يوجد العديد من الطرق المتاحة والتي يمكن للفرد من خلالها القيام بالشعائر الدينية. أيضاً يمكن للفرد المسلم استغلال هذه الأيام الفضيلة للتقرب من الله عز وجل، والدعاء من أجل تخليص العالم من هذا الوباء.