يُتيح إجراء تجميد الأجنة الاحتفاظ بالأجنة لاستخدامها لاحقًا في حال كان يأمل الزوجان بحدوث الحمل في المستقبل، وهو إجراء غير حديث، حيث قد حدثت أول حالة لحمل ناجحة ناتجة عن تجميد جنين سليم في الثمانينات. ومنذ ذلك الحين، قام العديد من الآباء والأمهات بتجميد الأجنة واستخدامها لاحقًا. [1]
نناقش في هذا المقال كل ما يخص عملية تجميد الأجنة، بما في ذلك كيفية إجرائها، والفوائد المرجوة منها، ونسب نجاح الحمل بعد زراعة الأجنة المجمدة، والمخاطر المحتملة لذلك.
ما هو تجميد الأجنة؟
يتم خلال عملية تجميد الأجنة (بالإنجليزية: Embryo Freezing) الاحتفاظ بالأجنة الناتجة عن تلقيح البويضة، وعادةً ما يستخدم مصطلح الجنين على البويضة المخصبة منذ لحظة بدء انقسام الخلايا بعد الإخصاب وحتى الأسبوع الثامن من الحمل. [1]
هناك تشابه كبير ما بين خطوات عملية تجميد الأجنة وتجميد البويضات، إلا أن تجميد الأجنة يحتاج إلى خطوات إضافية حيث يتم تخصيب البويضة بعد الحصول عليها ومن ثم يتم تجميدها، أما بالنسبة لعملية تجميد البويضات فيتم فيها تجميد البويضات بعد الحصول عليها من المرأة. [1][2]
فوائد تجميد الأجنة
يُعد إجراء تجميد الأجنة خيارًا مناسبًا للأزواج الذين يرغبون بحدوث الحمل في المستقبل إلا أن لديهم في الوقت الحالي أسباب أو عوامل يمكن أن تؤثر على صحة البويضات أو الحيوانات المنوية وقدرتهم على الإنجاب في المستقبل، ويتضمن ذلك ما يلي: [1][2][3]
- المعاناة من اضطرابات وراثية تؤثر على الإنجاب.
- تلقي العلاج الكيماوي أو العلاج الإشعاعي.
- تلقي العلاج الهرموني.
- تناول الأدوية التي تؤثر على الخصوبة.
- الخضوع لعملية جراحية تتسبب بالعقم، مثل: استئصال المبيضين.
كما يمكن الاستفادة من إجراء تجميد الأجنة في حال كان هنالك خطر للإصابة بمتلازمة فرط تحفيز المبيض، وهي حالة نادرة وربما خطيرة يمكن أن تنشأ نتيجة تلقي المرأة لهرمونات محفزة لزيادة إنتاج البويضات لديها ويمكن أن تزداد سوءًا في حال تم إرجاع الأجنة مباشرة وحدث الحمل. فتجميد الأجنة هنا سيتيح للطبيب الانتظار لفترة زمنية مناسبة لحين أن تهدأ الحالة ويختفي التحفيز في المبيضين. [1][3]
أيضًا، ينصح أحيانًا بهذا الإجراءللمساعدة في زيادة فرصة الحمل إذا كانت مستويات هرمونات معينة مرتفعة جدًا لدى المرأة خلال خضوعها للعلاج بالتلقيح الاصطناعي. [3]
ويمكن للطبيب أيضًا القيام بتجميد الأجنة لحين أن يتم فحصها بالكامل والتأكد من خلوها من أية اضطرابات وراثية، حيث سيتم إزالة بضعة خيوط من الحمض النووي واختبار الكروموسومات، ومن ثم سيتم نقل الأجنة التي تحتوي على كروموسومات طبيعية، وبذلك يمكن التقليل من خطر إصابة النسل المستقبلي بالأمراض الوراثية. [1][3]
وفي بعض الحالات التي يستعين بها الأزواج بتقنيات المساعدة على الحمل يمكن أن يتم الحصول على عدة أجنة بعد إجراء التخصيب للبويضة داخل المختبر، وهنا يمكن أن يتم استخدام بعض الأجنة وإعادتها إلى الرحم وتجميد الأجنة المتبقية لحين الحاجة إليها في المستقبل. [1][3]
خطوات تجميد الأجنة
تتضمن عملية تجميد الأجنة عدة خطوات ومراحل، والتي تبدأ بتحفيز المبيض لدى المرأة وتنتهي بإعادة الأجنة المجمدة إلى الرحم. وفيما يلي نوضح هذه الخطوات:
الحصول على البويضات
من أجل إجراء تجميد للأجنة، يجب أولًا الحصول على البويضات حيث ستقوم المرأة بأخذ العلاجات الهرمونية للتأكد من حدوث الإباضة في الموعد المحدد، ومن ثم ستتناول أدوية الخصوبة لزيادة عدد البويضات المنتجة لديها. بعد ذلك سيقوم الطبيب باستخراج البويضات باستخدام جهاز الموجات فوق الصوتية. [1][3]
تخصيب البويضات
يتم تخصيب البويضة عادة من خلال تقنيتين، وهما: [1][2]
- عملية التلقيح الصناعي، حيث يتم تعريض البويضات للحيوانات المنوية وتركها في المختبر حتى تتم عملية الإخصاب والحصول على الأجنة. ومن ثم سيقوم أخصائي الأجنة بمراقبة تطور الأجنة خلال الأيام الستة المقبلة، بعد ذلك سيتم الاحتفاظ بالأجنة السليمة من أجل تجميد.
- الحقن المجهري، أو ما يعرف بحقن الحيوانات المنوية داخل السيتوبلازم، حيث يتم حقن حيوان منوي واحد مباشرة في البويضة. ويتم ذلك في حال كانت هناك مشكلة في الحيوانات المنوية أو إذا لم تنجح محاولات التلقيح الاصطناعي السابقة.
وينتج عن عملية الإخصاب في كثير من الأحيان أكثر من جنين، وهنا يمكن للطبيب تجميد الأجنة جميعها والاحتفاظ بها. [1]
اقرأ أيضًا: كل ما تريد ان تعرفه عن الاخصاب الاصطناعي (IVF) او اطفال الانابيب
تجميد الأجنة
إن الهدف الرئيسي من تجميد الأجنة هو الحفاظ عليها لاستخدامها لاحقًا، ويُعد التحدي الأكبر خلال هذه العملية هو وجود الماء داخل الخلايا، فعندما يتجمد هذا الماء، يمكن أن تتشكل بلورات وهذا ما سيؤدي إلى انفجار الخلية وخسارة الجنين. [1][4]
ولمنع حدوث ذلك، سيتم أولًا استبدال الماء الموجود في الخلية بمادة أخرى تسمى بالمادة الواقية من البرد (بالإنجليزية: Cryoprotectant). وبعد إزالة معظم الماء، سيتم تبريد الجنين ومن ثم تجميده من خلال إحدى الطريقتين التاليتين: [1][4]
- التجميد البطيء: والذي يتضمن وضع الأجنة في أنابيب مغلقة، ثم خفض درجة حرارتها ببطء. ومن فوائد هذه الطريقة أنها تمنع خلايا الأجنة من التقدم في العمر ويقلل من خطر تعرضها للتلف. إلا أن التجميد البطيء يستغرق وقتًا طويلًا ويتطلب آلات باهظة الثمن.
- التزجيج (بالإنجليزية: Vitrification): يتم في هذه العملية تجميد الأجنة بسرعة كبيرة باستخدام النيتروجين السائل بحيث لا يكون لدى جزيئات الماء المتبقية داخل الخلايا الوقت الكافي لتكوين بلورات الثلج. وهذا يساعد على حماية الأجنة ويزيد من معدل بقائها على قيد الحياة أثناء الذوبان.
بعد الانتهاء من عملية التجميد، يقوم الطبيب بتخزين الأجنة المجمدة في النيتروجين السائل. [1]
إعادة الأجنة
عند رغبة الوالدين باستخدام الأجنة المجمدة الخاصة بهم سيتم إذابتها ومن ثم نقلها إلى داخل رحم الأم، وهنا يوجد خيارين متاحين، وهما:
- تلقي العلاجات الهرمونية
حيث ستتلقى بالبداية الأم حبوب أو حقن هرمون الاستروجين لبناء بطانة الرحم وذلك لمدة أسبوعين تقريبًا، ثم بعد ذلك سيتم إعطاء الأم حقن أو تحاميل البروجسترون لجعل الرحم متقبلًا للجنين وزيادة احتمالية انغراسه. وهنا سيعتمد موعد نقل الأجنة على وقت بدء علاج البروجسترون، وفي أي مرحلة تم تجميد الجنين. [3][5]
- عدم تلقي العلاجات الهرمونية
حيث سيقوم الطبيب بمراقبة الدورة الطبيعية للمرأة والانتظار لحين حدوث الإباضة لديها ومن ثم يتم نقل الجنين إلى الرحم بعد حوالي خمسة أيام من الإباضة، ويعتمد اختيار الموعد بالتحديد أيضًا هنا بناء على المرحلة الذي تم فيها تجميد الجنين. [3][5]
وعندما يصبح الرحم جاهزًا، سيقوم الطبيب بإدخال قسطرة في المهبل، عبر عنق الرحم، وصولًا إلى داخل الرحم، ومن ثم سيقوم بحقن جنين واحد أو أكثر من الأجنة المذابة داخل مع كمية صغيرة من السوائل. وبعد حوالي 10 أيام من نقل الأجنة المذابة، يتم إجراء اختبار الحمل بالدم للتأكد من حدوث الحمل ونجاح الإجراء. [3]
نسبة نجاح تجميد الأجنة وتذويبها
تتمتع عملية تذويب الجنين المجمد بمعدل نجاح مرتفع نسبيًا، كما أن النساء اللاتي يستخدمن الأجنة المذابة لديهن احتمالية جيدة لإنجاب أطفال أصحاء، فوفقًا لدراسة مقارنة ومراجعة نشرت في عام 2016، لم يظهر الأطفال المولودين من نقل الأجنة المجمدة أي زيادة في تشوهات النمو. [1]
بشكل عام، إن أكثر من 95% من الأجنة المجمدة تنجو من عملية الذوبان. ومن الممكن أن يرتبط تجميد الأجنة بطريقة التزجيج بفرص أعلى لبقاء الجنين على قيد الحياة، سواء في مرحلة التجميد أو أثناء الذوبان، مقارنة بالتجميد البطيء. [1][3]
أما حول نسب نجاح حدوث الحمل بعد تجميد الأجنة، فتعتمد احتمالية حدوث الحمل من نقل الأجنة المجمدة إلى حد كبير على عمر المرأة عند تكوين الأجنة، حيث تتمتع الإجراءات التي تستخدم البويضات المأخوذة من نساء يبلغن من العمر 35 عامًا أو أقل بأعلى فرص حدوث الحمل. [3]
اقرأ أيضًا: تحديات تؤثر على نسبة نجاح اطفال الانابيب بعد الاربعين
أيهما أفضل: الأجنة المجمدة أم الطازجة؟
في دراسة نشرت عام 2016 في المجلة الدولية للطب الحيوي الإنجابي والتي قارنت ما بين الأجنة المجمدة والأجنة الطازجة، حيث أنها شملت أكثر من 1000 حالة من حالات نقل الأجنة الطازجة أو المجمدة، لم يجد الباحثون أي فرق بين أنواع الأجنة، من حيث معدلات الحمل أو صحة الجنين. [1]
وفي دراسة أخرى نشرت عام 2014 وجد فيها أن نقل الأجنة المجمدة يمكن أن يساعد على ارتفاع معدل الحمل والحصول على نتائج أفضل سواء للمرأة أو الطفل المولود. [1]
وفي دراسة نشرت عام 2017 وجد أيضًا أن حالات الحمل يمكن أن تكون أفضل عند استخدام الأجنة المجمدة مقارنة بالأجنة الطازجة. كما وجد الباحثون أن استخدام الأجنة المجمدة يرتبط بانخفاض خطر حدوث الولادة المبكرة، وولادة جنين ميت، وانخفاض الوزن عند الولادة. [4]
مدة الاحتفاظ بالأجنة المجمدة
بشكل عام لا توجد أبحاث طويلة المدى حول تجميد الأجنة، لكن من الناحية النظرية، يمكن أن تبقى الأجنة المجمدة قابلة للحياة لأي فترة من الزمن في حال تم تجميدها بالطريقة الصحيحة، حيث تبقى الأجنة المجمدة في حاويات مغلقة عند درجة حرارة -321 درجة فهرنهايت. [1]
وطالما أن هنالك أمثلة على حالات حمل ناجحة ناتجة عن البويضات المجمدة والمخزنة لمدة تصل إلى 10 سنوات، يمكن أن ينطبق ذلك أيضًا على الأجنة المجمدة. [1]
عادة ما يتم الاحتفاظ بالأجنة المجمدة لحين أن يصبح الزوجان غير قادران على استخدامها أو دفع تكاليف الاحتفاظ بها، فكلما طالت فترة الاحتفاظ بالأجنة المجمدة ستزداد التكلفة على الزوجان. [1]
تكلفة تجميد الأجنة
تُعد عملية تجميد الأجنة من الإجراءات الباهظة جدًا فهي تتضمن العديد من المراحل والتقنيات العلاجية المكلفة، فبالإضافة إلى سعر تجميد الأجنة سيحتاج الزوجان تكاليف أخرى لتغطية ما يلي: [3]
- العلاجات الهرمونية.
- استخراج البويضات.
- تخصيب البويضات.
- نقل الأجنة وزراعتها.
- تخزين الأجنة.
فمثلًا يمكن أن يبلغ متوسط تكلفة عملية نقل الأجنة المجمدة فقط ما بين 3000 - 6500 دولار. [5]
اقرأ أيضًا: الفرق بين الحقن المجهري وأطفال الأنابيب
مخاطر وأضرار تجميد الأجنة
يمكن أن تتضمن مخاطر وأضرار تجميد الأجنة ما يلي:
المخاطر المرتبطة بعملية استخراج البويضات
من الممكن أن تواجه المرأة بعض الآثار الجانبية أثناء استخراج البويضات منها، والتي غالبًا ما تميل إلى أن تكون خفيفة ومؤقتة، وتشمل ما يلي: [1][4]
- التشنجات.
- الانتفاخ.
- الشعور بالشبع.
- النزيف.
- تغيرات في الإفرازات المهبلية.
- العدوى في المبيض أو منطقة الحوض.
- إصابة وتتضرر في المثانة، أو الأمعاء، أو الرحم، أو المبيضين.
- المخاطر المرتبطة بالتعرض للمادة الواقية من البرد
هناك مخاوف من أن التعرض المفرط للمواد الواقية من البرد يمكن أن يكون ضارًا بالأجنة، ويتم دائمًا البحث عن طرق جديدة لتقليل الوقت الذي تتعرض فيه الأجنة لهذه المواد الكيميائية السامة. [4]
كما من الممكن أن يقوم الطبيب بإجراء فحص جيني كامل للأجنة المجمدة لتحديد ما إن كانت طبيعية أم لا، وفي بعض الأحيان يمكن أن يلجأ الطبيب إلى أخذ خزعة منها وفحصها. [5]
المخاطر المرتبطة بنقل الأجنة
ينطوي نقل الأجنة على عدد من المخاطر، بما في ذلك زيادة خطر حدوث الحمل خارج الرحم وخطر ضئيل للغاية للإصابة بالعدوى. كما يمكن أن يكون هناك فرصة لحدوث الحمل المتعدد (الحمل بتوأم)، وذلك اعتمادًا على عدد الأجنة التي يتم نقلها. [5]
- متلازمة فرط تحفيز المبيض
يوجد احتمالية لإصابة المرأة بمتلازمة فرط تحفيز المبيض نتيجة لتناولها الأدوية الهرمونية لزيادة التبويض لديها. في حالات من الخفيفة إلى المتوسطة من متلازمة فرط تحفيز المبيض، يمكن أن تعاني المرأة من الأعراض التالية: [3][4]
- الغثيان.
- الصداع.
- التعب.
- الهيجان.
- ألم الثدي.
- آلام البطن.
وفي الحالات الأكثر شدة، يمكن أن تعاني المرأة من القيء، والجفاف، وضيق التنفس، والجلطات الدموية. [4]
على ماذا تعتمد نسبة نجاح أطفال الانابيب؟ ,ما هي نسبة نجاح طفل الانابيب ؟
نهايةً تُعد عملية تجميد الأجنة من التقنيات التي تتيح إمكانية الاحتفاظ بالأجنة لحين لاستخدامها لاحقًا في المستقبل، والتي تتضمن العديد من الخطوات والمراحل بدءًا من تجميع البويضات وانتهاءً بزراعة الأجنة داخل الرحم. ترتبط عملية تجميد الأجنة بعدد من المخاطر والأضرار إلا أنها ليست خطيرة جدًا، ويمكن أن تكون تكلفتها المرتفعة هي العائق الذي يحول دون القيام بها.