يعاني الكثير من الناس من تأثير صورة الجسم السلبية على نفسيتهم وعلى ثقتهم بأنفسهم خصوصاً النساء في الوقت الذي تنتشر فيه الإعلانات والصور في التلفاز ووسائل التواصل الإجتماعي لما يجب أن يكون عليه الشخص حتى يكون مقبولاً في المجتمع، مما يحصر الجمال بصورة نمطية معينة تنطبق على فئة قليلة فقط من المجتمع.
أوجه تشكل صورة الجسم لدى الإنسان
تتشكل صورة الجسم (بالإنجليزية: Body image) لدى الإنسان من خلال عدة أوجه هي:
- صورة الجسم الحسية: وتتمثل في كيفية رؤية الإنسان لجسده.
- صورة الجسم العاطفية: وتتمثل في كيفية شعور الإنسان تجاه جسده.
- صورة الجسم المعرفية: تتمثل في كيفية تفكير الإنسان نحو جسده.
- صورة الجسم السلوكية: تتمثل في الطريقة التي يتصرف فيها الإنسان نتيجة للصورة الحسية، والعاطفية، والمعرفية المتكونة لديه.
عوامل تساعد في تكوين صورة الجسم الإيجابية
يعد بناء صورة للجسم بطريقة ايجابية وسيلة لمساعدة الأشخاص في تعزيز ثقتهم بأنفسهم والتأقلم مع ما يفرضه المجتمع من صور نمطية تدفعهم لمقارنة أنفسهم بها.
حدد علماء النفس عدة عوامل أو مكونات تساعد في تكوين صورة الجسم الإيجابية وهي:
- احترام الذات: أن يقدر الإنسان ذاته وأن يؤمن بأهميته لدى الآخرين، وتقديرهم له، و رغبتهم في قضاء الوقت معه. للمزيد إقرأ: الثقة بالنفس وتقدير الذات.
- اتخاذ موقف إيجابي في الحياة: أن يتقبل الإنسان ذاته بعيوبها ومميزاتها وأن يبتعد عن سلوكيات سلبية مثل السعي نحو الكمال، ورفع المعايير للنفس بطريقة يستحيل الوصول إليها، ومقارنة الشخص نفسه مع الآخرين في محيطه الإجتماعي أو في وسائل التواصل الإجتماعي، وكثرة انتقاد الشخص لنفسه وللناس من حوله.
- الاستقرار العاطفي: تتمثل في قدرة الإنسان على التعامل مع مشاعره الداخلية بشكل صحي من جهة والتعامل مع مشاعر الآخرين وفهمهم والتأقلم معهم من جهة أخرى.
يعتبر من حق الجميع الشعور بالراحة والتصالح مع النفس، حيث تجعل الصورة الإيجابية للجسم الإنسان قادراً على تقبل، واحترام، وتقدير جسمه والشعور بالثقة في النفس، وتجعله يرى العيوب ونقاط الضعف التي يراها المجتمع سلبيات فيه كشخص نقاط قوة تميزه وتزيده تفرداً فيرى نفسه كاملاً كما هو وليس كما يريده الآخرون.
اقرأ أيضاً: القليل من النرجسية قد لا يضر
ومن أجل تحسين صورة الجسم وتحويلها إلى صورة إيجابية هنالك العديد من الأمور، والنشاطات، والنصائح التي يمكن القيام بها واتباعها من قبل الفرد والمجتمع ومن أهمها:
- التحدث بطريقة إيجابية عن الجسم أمام الآخرين، واستخدام عبارات إيجابية، والابتعاد عن الإنتقاد الذاتي الذي يظهر غير مؤذي في الوقت الراهن ولكن يمكن أن ينعكس سلباً على الإنسان على المدى الطويل.
- التركيز على وظائف الجسم بدل التركيز على مظهره الخارجي وتذكير النفس دائماً بأن الجمال الحقيقي هو الجمال الداخلي.
- الالتزام بنظام غذائي صحي يساعد في تحسين المزاج وتقليل التوتر. للمزيد إقرأ: الأطعمة المناسبة لتقليل القلق والضغط النفسي.
- القيام بمجهود بدني ونشاط رياضي من شأنه أن يحسن المزاج ويساعد في تقليل الوزن وبالتالي خلق صورة ايجابية للجسم.
- اللجوء إلى مساعدة من الأخصائيين النفسيين في حال لم يستطع الشخص السيطرة على صورة الجسم السلبية لديه.
- التركيز على اللحظات المهمة والذكريات عند التقاط الصور بدلاً من التركيز على محاولة جعل الصور مثالية من ناحية المظاهر الخارجية للأشخاص الموجودين فيها.
- الممارسة للنشاطات التي تخفف التوتر مثل التأمل، واليوغا، والخضوع للتدليك من قبل أشخاص مختصين.
- الزيادة للوقت الذي يقضيه الشخص مع العائلة والأصدقاء.
- القيام بإحاطه الشخص نفسه بأشخاص إيجابيين مما ينعكس إيجاباً عليه وعلى نظرته لنفسه ولجسمه.
- الارتداء للملابس المناسبة والمريحة التي تشعر الإنسان بالثقة والسعادة.
- التركيز على المهارات التي يتقنها الإنسان والهوايات وتنميتها بدل إضاعة الوقت في تحسين المظهر الخارجي المبالغ فيه.
- عدم التركيز على أعضاء معينة في جسده وإنما ينظر لجسمه على أنه وحدة واحدة.
- الاستثمار للوقت المصروف في القلق والتفكير السلبي في مساعدة الآخرين وفي نشاطات غير متعلقة بالمظاهر الخارجية.
- المحاولة لتطوير الذات عن طريق الاعتراف بالعيوب الموجودة في الإنسان ومحاولة إصلاحها.
اقرأ أيضاً: نصائح لتحسين النظرة الايجابية للجسم
دور المجتمع في تحسين صورة الجسم لدى الأفراد
يتضمن دور المجتمع في تحسين صورة الجسم لدى الأفراد ما يلي:
- عمل حملات تشجع على الأكل الصحي وممارسة الرياضة بهدف تحسين صورة الجسم لجميع الفئات وتجنب التطرق إلى الوزن كمحور أساسي في الحملات مما يساعد في خلق بيئة تشجع التفكير الإيجابي و تقلل من الشعور بالخزي وعدم الثقة من صورة الجسم لدى الأفراد.
- قيام الشركات بمراعاة التنوع في الصورة الجسدية التي تظهر في الإعلانات التي تقوم بها للترويج لمنتجاتها لتشمل فئة كبيرة من الأعراق، والأجناس، والأعمار، والأحجام، وأن لا يكون المحتوى الإعلامي يرتكز على إبراز صورة الجسد والوزن وإنما على المنتج بحد ذاته.
- سعي الشركات والجهات المسؤولة إلى الشفافية في إعلاناتها عن طريق وضع ملاحظات في حال كان هناك تعديلات تمت على صور الأشخاص داخل الإعلانات بحيث تبقى هناك صورة واقعية لما هو حقيقي وكيف ينعكس على نفسية الأفراد وأفكارهم تجاه أجسامهم.
دور الأهل والمدرسة في تنمية صورة جسم ايجابية لدى الأطفال
يتضمن دور الأهل والمدرسة في تنمية صورة جسم إيجابية لدى أطفالهم ما يلي:
- يجب على الأهل أن يمثلوا قدوة حسنة في التفكير الإيجابي نحو أجسادهم وعدم انتقاد مظهرهم وأوزانهم أو مظاهر الآخرين الخارجية أمام أولادهم واتباع نظام غذائي صحي والقيام بنشاط رياضي للمحافظة على صحتهم، وبالتالي عكس صورة صحية عن الجسم لدى أطفالهم.
- يجب على الأهل مدح الأطفال على صفاتهم وتصرفاتهم التي لا علاقة لها بالمظهر الخارجي وتعليمهم بأن قيمة الإنسان تنبع من تصرفاته وأخلاقه وليس شكله الخارجي وأن احترام الآخرين وتقديرهم غير مبني على مظاهرهم الخارجية وأوزانهم.
- يجب على الأهل دعم الأطفال حتى يعبروا عن مشاعرهم وأفكارهم تجاه أجسادهم.
- يجب على الأهل مساعدة الأطفال في التعامل مع التعليقات التي تواجههم تجاه مظهرهم، وعدم وضع توقعات غير منطقية نحو المظهر الخارجي.
- يجب أن تخلق المدرسة مساحات داعمة لأنشطة الطلاب التي تحفز التفكير الإيجابي تجاه صورة الجسم.
- يجب على الأهل والمدرسة التطرق إلى أثر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال وتوفير وسائل حماية لإبعاد الأطفال عن المواقع التي تؤثر سلباً على منظورهم الشخصي لأنفسهم ولصورة الجسم لديهم.
دعم الأشخاص ذوي الإعاقة والأمراض المزمنة في تكوين صورة إيجابية نحو الجسم
تتضمن أساليب دعم الأشخاص ذوي الإعاقة ودعم المرضى أثناء وبعد تلقيهم العلاج لتكوين صورة إيجابية نحو أجسامهم ما يلي:
- شرح الآثار الجسدية والنفسية المحتملة الناتجة عن العلاج للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل مرضى السرطان وتأثيرها على صورة الجسم.
- استخدام العلاج بالحركة والرقص، حيث أثبتت الدراسات أن استخدام العلاج بالحركة والرقص لدى الأشخاص الذين يعانون من مرض طيف التوحد وصعوبات التعلم يساعد في زيادة الوعي لديهم وتكوين صورة إيجابية لصورة الجسم.
- عمل موازنة بين آثار الأدوية السلبية وتأثيرها على نمط الحياة من جهة وفعالية الأدوية من جهة أخرى لمرضى الأمراض العقلية.
أثر وسائل التواصل الاجتماعي في تحسين صورة الجسم
أثبتت الدراسات أنه ليس مجرد استخدام وسائل التواصل الإجتماعي يؤدي إلى النظرة السلبية للشخص تجاه جسمه، وإنما استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي تروج للمظهر الخارجي مثل الإنستجرام، مما يجعل الأفراد يقارنون أنفسهم بالصور المثالية المنشورة عليه.
يمكن استثمار الحملات والصور التي تتضمنها وسائل التواصل الإجتماعي لخدمة زيادة الوعي لدى الأفراد بالصورة الصحية للجسم وإظهار التنوع في أنواع الجسم.
اقرأ أيضاً:
اضطراب التشوه الوهمي للجسد، ألم حقيقي يدفع بالكثيرين لعمليات التجميل.