يمر الشخص في حياته بعدد من المراحل العمرية، إلا أن فترتي الطفولة والمراهقة لهما خصوصية، وذلك لأنها تموج بالعديد من المتغيرات والاضطرابات، التي ربما تعصف بهما.
وتؤثر هذه التغيرات، بشكل كبير، في جميع مراحل حياة الانسان التالية، حتى الشيخوخة، ولا يمكن القول إن العقل يستطيع السيطرة على هذه الفترة، بل إن المشاعر والعواطف هي المسيطر والمحرك الرئيسي للمراهق.
وتتسم تعاملات المراهق بعدم الحيادية، فهو يحب ويكره الشيء نفسه، وكذلك يميل إلى الانطواء كلما وجد الظروف غير مناسبة لتحقيق رغباته، وهنا يبرز أخطر الأمراض، التي تكثر في هذه المرحلة؛ وهو الاكتئاب.
اكتئاب المراهقين
يمكن تفهم الوضع، الذي يعانيه المراهق، والذي يتسم بقدر كبير من التناقض والتخبط، من خلال النظر إلى مجموعة الضغوط، التي تحيط به، مع قلة الخبرة والشعور بالضعف، وعدم القدرة على التأثير في الأحداث.
ويجد المراهق نفسه مثلاً فريسة للاستهزاء من أقرانه، الذين يميلون إلى إشعاره بالضعف أو الفقر، من خلال معايرته بحالته المادية.
ويكون الأهل في الكثير من الحالات سبباً لتدهور حالة أبنائهم النفسية، خصوصاً في هذه المرحلة، بقصد أو دون قصد. ويضاف إلى ذلك العديد من الأسباب، التي تجعل المراهق يميل إلى العزلة، ويشعر برفض المجتمع إلى أن يتدارك الآباء هذه المشكلة.
اقرأ أيضاً: ارتباط الاستماع الى الموسيقى بالاكتئاب لدى المراهقين
أسباب اكتئاب المراهقين
ورصد أطباء النفس أسباباً عديدة للاكتئاب لدى المراهقين أبرزها:
التخبط والسلبية
تتعدد الأعراض التي يمكن من خلالها النظر إلى المراهق على أنه مصاب بالاكتئاب، وأول هذه الأعراض عدم الانسجام مع البيئة المحيطة، وكذلك الشعور بعدم التقبل المتبادل مع البيئة، ومن يشاركه الحياة فيها من زملاء وأقران.
ويدفعه ذلك الأمر إلى الهرب ذاتياً، من خلال الانطواء على الذات، مع تغذية أحاسيس القهر أو السطحية، وقلة الذات التي تدفع المراهق دفعاً إلى الاكتئاب، الذي يمكن وصفه بالحدة والشراسة.
وتختلف الأعراض الاكتئابية في مرحلة المراهقة من شخص لآخر، بحسب معطيات بيئته والظروف الأكثر ضغطاً عليه، فربما كان فقيراً، ومشكلته ضيق ذات اليد لدى أهله، والآخر ربما يكون غنياً، ولكن لا يبالي به أحد، وآخر يعاني الضعف، وثالث مشكلته خوف الآخرين منه.
ويمكن تحديد بعض الأعراض، التي تتسم جميعها بعدم التناسق، أو لا تحمل في الغالب مبررات مقنعة، إلا أنها تدل على وقوع المراهق في شباك الاكتئاب، مثل: البكاء بشكل فجائي، أو بصورة تحمل قدراً كبيراً من الحرقة والمرارة، وكأن هناك صراعاً داخلياً لديه يريد أن يظهر للعلن.
التقلبات المزاجية
تتميز فترة المراهقة بمحاولات كثيرة لإظهار التبرم والغضب لأسباب واهية، ربما يمكن وصفها بأنها ستارة تخفي الاكتئاب، الذي يعانيه، ولا يمكنه البوح به، إلا من خلال العنف، والغضب، والبكاء.
ويتراكم على قلب المصاب شعور باليأس من التغيير للواقع، الذي يراه مريراً وأسود. وربما كان هذا اليأس هو الحجة التي يبرر بها كل انحراف يركن إليه.
ويفقد بسبب ذلك الرغبة في المحافظة على النظام أو ممارسة الأنشطة، لتحقيق أهدافه، ويدافع عن الفوضى التي يراها رداً طبيعياً تجاه ما يعتري نفسه من آلام.
ويرى المراهق الذي يعاني الاكتئاب الآخرين دائماً سبباً في فشله، أو عائقاً أمام رضاه عن نفسه، خصوصاً المتميزين منهم، فيأخذ تجاههم جانباً عدائياً، وفي بعض الحالات يرى أن سقوطهم وتأخرهم مصدر سعادته، وكنوع من التعويض النفسي والتفريغ لحالة الاكتئاب، التي تشل كل تفكيره وتحتل كل كيانه.
اقرأ أيضاً: أساليب التربية وعدوانية المراهقين
الرؤية الخاطئة
يرى المصاب بالاكتئاب نفسه أنه ضحية، وهو غير مقصر أبداً، وأن الجميع يجني عليه، وإذا اتسم بنوع من المصداقية عاد باللائمة على نفسه، كنوع من الشعور بالذنب وجلد الذات، الذي يستمر لفترات طويلة.
ويقود التفكير الظلامي لحالة الاكتئاب لدى المراهق إلى الكراهية للحياة، ومن الممكن أن يفكر أو يحاول الانتحار كسبيل للخلاص، نظراً لأنه يرى في نفسه العجز التام عن التفكير أو الإنجاز، أو التقدم في أي مجال أو دراسة، في حين يتفوق الآخرون.
وتنتابه مجموعة من التغيرات الصحية مثل: الضعف، وفقدان الوزن، وعدم الرغبة في الأكل، وربما ضعف الرؤية، جرّاء التفكير الزائد والهرب من خلال النوم الطويل، ويمكن أن يتخذ الاكتئاب شكلاً مضاداً، من خلال الإفراط في الأكل والشرب، والسهر، والضحك الهستيري.
اقرأ أيضاً: ألعاب الفيديو تساعد المراهقين على التغلب على الاكتئاب
التشابك النفسي والجسماني
لا يمكن فصل التشابك بالنسبة للأسباب التي تؤدي إلى اكتئاب المراهقة، من حيث الأسباب الفسيولوجية والنفسية، لأن كل واحدة منهما تساعد في إبراز الآخر وتأكيده واستمراره، كما أنه لا يمكن القطع بسبب محدد للاكتئاب في مرحلة المراهقة، نظراً لأن المراهق ربما كان صاحب رؤية عالية الوضوح، فيقبل العديد من أسباب الاكتئاب ولا ينفعل لها.
ويبرز في النواحي الصحية كسبب من أسباب هذه الحالة العامل الوراثي، وضعف المناعة الذاتي، وكذلك حدوث مشكلات في الدماغ، كالالتهابات أو حدوث تغير كيميائي معين، أدى لفرط الإحساس بالحزن والضيق، وكذلك الإصابة بالأمراض المزمنة، والتعرض للحوادث أو مشاهدتها، كعامل من عوامل الإصابة بالاكتئاب.
وتضاف إلى ذلك المشاكل الأسرية التي تعد من أكبر أسباب الاكتئاب، مثل العنف الأسري من أحد الوالدين أو كليهما، وكذلك حالات الطلاق والعنف بين الزوجين، والمستوى الاجتماعي الذي يعيش فيه الطفل.
وتساعد كل هذه العوامل على ظهور الاكتئاب للعلن، إلى جانب الحرمان العاطفي، ورهاب الامتحانات والمذاكرة، والتعرض لمرات رسوب، وكذلك التعرض لمواقف السخرية من الآخرين.
التدمير الذاتي
يسعى المراهق بعد إصابته بالاكتئاب إلى تدمير ذاته دون قصد، ويسمى البعض ذلك في بعض الأحيان هروباً من الذات، حتى لا يستمر في التذكير بالأمور المؤلمة، وهذه من المضاعفات الخطرة.
ويتسبب الاكتئاب في أن يرمي المراهق نفسه في أحضان المخدرات والمسكرات، حتى يصنع عالمه الخاص، الذي يعبر فيه عن كل ما لا يستطيع البوح به في الواقع، إلا تحت تأثير المخدر.
وتتعدد المضاعفات الخطرة لاكتئاب المراهقة، بأن يصير علامة بارزة في إحداث المشكلات مع زملائه وأصدقائه، مع التأخر في مستواه الدراسي عامة، والسلوكي والصحي على المستوى الشخصي.
وتظهر كذلك الانحرافات الأخلاقية، والرغبات الجانحة إلى الاعتداء، ما يجعله مصدر قلق للمحيطين به، سواء الأقارب وغيرهم.
وتصل حدة المضاعفات إلى أوجها بتبلور فكرة الانتحار في ذهن المراهق، وليست كلها من باب الرغبة في الموت، بل ربما تكون استخفافاً بالموت، ورغبة في مواجهته.
علاج اكتئاب المراهقين
يجب أن يتنبه الآباء خاصة والمجتمع عامة إلى أن الشباب هم المستقبل، وعلى قدر قوتهم تكون قوة المستقبل، والعكس صحيح، لهذا لابد من العناية ونشر الوعي بملاحظة المراهقين، للعمل على معرفة الوقت الذي يجب فيه التدخل ولو طبياً لإنقاذهم من الاكتئاب.
ولا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يحدث، لو تمكن الاكتئاب وكره الذات من مراهق لا يعي أبعاد الحياة، ولا يقدر الأمور في نصابها الصحيح، فربما يرى المكتئب والده الذي يلزمه بالمذاكرة بأنه أب متسلط، ويجب التخلص منه، وإن كان تصرف الأب له ما يبرره، إلا أن الابن في هذه المرحلة لا يعي، ولا يرى الأمر بالصورة الشمولية.
ويمكن اللجوء إلى الطبيب النفسي في هذه الحالة، مع العلم أن معالجة مثل هذه الأمراض يحتاج إلى وقت طويل، كي يستعيد المراهق توازنه وثقته بنفسه.
ويعتمد العلاج على رغبة القائمين على رعاية المراهق في شفائه، مع تأكيد أهمية تحمل كل تصرفاته، وعدم تعريضه للنقض.
وينبغي كذلك مراقبته للتعرف إلى الأنشطة التي يقضي من خلالها وقته، والتأكد من أنه لم يلجأ إلى المواد المخدرة أو المسكرات، للخروج من ضائقته، ويمكن التعرف إلى ذلك عن طريق أصدقائه، الذين يحرصون على أن يتجاوز صديقهم أزمته.
ويمكن أن تعمل الأدوية المضادة للاكتئاب على تقليل المشكلة، مع الحرص على التوازن الغذائي المناسب الذي يوفر للمراهق جواً صحياً يزيد من تفاؤله.
ويجب العمل على حل المشكلات الأسرية، التي كانت يوماً سبباً في اكتئابه، أو مساعدته على تقبلها ولو تدريجياً.
إظهار المشاعر
وينصح الأطباء النفسيون الآباء بإظهار الاهتمام بمشاعر المراهق، لأن هذا الأمر يتيح له معرفة أن هناك من يهتم به، وينقذه من حالة الاكتئاب.
كما يساهم في تجاوز هذه المشكلة مساعدته في تعزيز التقدير لذاته، من خلال الثناء عليه، وملاحظة ما يحققه من نجاحات، سواء في الدراسة أو ما عداها من مجالات كبعض الهوايات.
ويفيد تشجيع المراهق على تكوين الصداقات الجيدة، والعلاقات الإيجابية في تعزيز ثقته بنفسه، ومساعدته على التواصل مع المجتمع المحيط به، وتجنيب العلاقات مع بعض الأفراد الذين تؤدي مواقفهم أو سلوكاتهم إلى تفاقم الاكتئاب.
وتساعد الألعاب الرياضية والأنشطة المدرسية في المحافظة على تركيز المراهق على كل ما هو إيجابي، وتجنب السلوكات السلبية. وتشير الدراسات إلى أن ممارسة المراهق للرياضة تقيه كثيراً من المخاطر.
ويجب التأكد من أنه يتناول وجبات صحية بانتظام؛ وذلك عبر توفير الأطعمة المتنوعة من خضراوات وفواكه وغيرها في المنزل، ولابد من أن يحصل على كفايته من النوم، بتجنب السهر وما يترتب عليه من أضرار.
اكتئاب الأطفال
وبخصوص اكتئاب الأطفال يتساءل كثير من الآباء هل يصاب الأطفال بهذا المرض؟
كان في اعتقاد الخبراء أن الاكتئاب مرض يصاب به البالغون والكبار فقط، إلا أن الإحصاءات كشفت أن الاكتئاب يصيب حتى الأطفال الصغار، وهو الأمر الذي يتطلب منهم الحصول على علاج.
وبحسب الإحصاءات فإن ثلاثة من أصل 100 طفل صغير وتسعة من أصل 100 مراهق يعانون من درجات مختلفة من الاكتئاب، ولا يزال العديد من الأطفال الصغار لا يحصلون على العلاج الذي يحتاجون إليه، ويعود ذلك إلى وجود صعوبات في تمييز الاكتئاب عن الحالات المزاجية فقط.
كما أن الطفل المصاب يظهر بأعراض مختلفة عن البالغين، ويعرف الاختصاصيون الاكتئاب عند الأطفال بأنه اضطراب شديد في الحالة المزاجية يمكن أن يسلب سعادة الطفل.
والطبيعي أن يكون الطفل متقلب المزاج، كما يمكن التوقع أن يشعر بالحزن بعد موت شخص عزيز عليه أو الانتقال إلى مدينة جديدة، لكن استمرار هذه المشاعر مدة طويلة يمكن أن يشكل علامة على الاكتئاب.
اقرأ أيضاً: إضاءة على الاضطرابات المزاجية عند الأطفال
أعراض الاكتئاب لدى الأطفال
تشبه أعراض الاكتئاب لدى الأطفال نظيرتها لدى البالغين، إلاّ أن الأمر عند الأطفال لا يتطور إلى الاكتئاب الشديد مثل البالغين، ويختلف تعبير الطفل عن معاناته باختلاف العمر.
ففي حالة الأطفال الصغار يمكن أن يعانوا من هلاوس سمعية أو شكاوى جسدية. ولدى الأكبر سناً ومن هم على مشارف سن المراهقة تتسم تصرفاتهم باللامبالاة في أمور الحياة المختلفة، ويتقلص نشاطهم الحركي، ومن الجائز أن يعانوا من ضلالات أو أفكار تدور حول الشعور باليأس.
ويتجلى دور المرحلة العمرية في مدى تفاعل المريض مع الأعراض، فمثلاً إذا خطرت فكرة الموت على ذهن الطفل فمن النادر أن يستطيع وضع خطة لتنفيذ عملية انتحار، عكس المراهق أو الأكبر سناً. ومن الممكن أن يتراوح الاكتئاب عند الأطفال بين المعتدل والحاد.
والطفل الذي يشعر بالحزن الخفيف لمدة عام أو أكثر، يمكن أن يعاني نوعاً خفيفاً، لكنه مستمر يسمى الاكتئاب الجزئي، وتظهر على الطفل المصاب بالاكتئاب عدد من العلامات والأعراض، فتجده سريع الانفعال أو الغضب، ويعاني مشاعر مستمرة من الحزن واليأس ويبكي بسرعة، أو يعاني من الملل معظم الوقت، ولا يجد متعة في الأشياء التي كان يستمتع بها من قبل، ويمكن أن يحدث لديه حالة من عدم الانتظام في النوم، فتجده مصاباً بالأرق أو يكثر من النوم، وكذلك من ناحية الوزن فتجد زيادة في الوزن أو انخفاضاً شديداً واضحاً، كما أنه يشعر بالعجز والتفاهة أو الذنب، وكذلك يجد صعوبة في التركيز والتفكير واتخاذ القرارات، ويمكن أن يفضل الطفل المصاب بالاكتئاب قضاء وقت طويل بمفرده، كما أنه يميل للتشاؤم.
وفي الأطفال الصغار يمكن أن يكونوا خاملين ومنعزلين، ومن الجائز أن يظهروا قليلاً من العواطف، ويظهروا وكأنهم يشعرون بالعجز، كما أنهم يجدون صعوبة في النوم.
ويعاني الأطفال في سن المدرسة من الصداع أو آلام المعدة المتكرر، ومن الجائز أن يفقدوا الاهتمام بالأنشطة التي كانوا يحبونها في الماضي، ويفقدوا كذلك الاهتمام بالأصدقاء، وفي بعض الحالات التي تعاني من الاكتئاب الشديد يمكن أن يرى الطفل المريض أو يسمع أشياء ليست موجودة (الهلاوس) أو يتوهم معتقدات خاطئة.
وعامة فإن الاكتئاب لن يزول دون الحصول على العلاج المناسب، ويرى كثير من الأطباء أنه لا يزال السبب وراء إصابة الأطفال بالاكتئاب غير واضح أو مفهوم، ويمكن أن يرتبط هذا المرض بوجود خلل في توازن المواد الكيميائية في الدماغ ما يؤثر في الحالة المزاجية.
وتشمل العوامل المؤثرة في توازن هذه المواد الكيميائية أحداثاً مجهدة، مثل وفاة أحد أفراد الأسرة، أو طلاق الوالدين، أو تغيير المدرسة، أو تناول أدوية معينة مثل الأدوية المخدرة المضادة للألم، كما أن الجانب الوراثي يلعب دوراً في الإصابة بالاكتئاب إذا كان هناك تاريخ عائلي.
ويمكن أن يصاب الطفل بالاكتئاب إذا كانت المرأة الحامل مصابة به، وتلعب بعض العوامل النفسية دوراً في الإصابة، مثل قلة الثقة بالنفس والانتقاد الدائم للذات والشعور أنه ليس بإمكانه القيام بأية مهمة، وكذلك من يعاني مشاكل في التعليم يمكن أن تكون نسبة إصابتهم بالاكتئاب أعلى من أقرانهم، ويكون عرضة أكبر للإصابة بالاكتئاب الطفل قليل الحركة أو ذي المستوى الدراسي المنخفض، وكذلك الأطفال المصابون ببعض الأمراض مثل السكري أو الصرع.
اقرأ أيضاً: القلق المرضي لدى الأطفال
علاج اكتئاب الأطفال
تلعب الأسرة والبيئة المحيطة دوراً مهمّاً في علاج الطفل المصاب بالاكتئاب، يختلف عن دورها في علاج الاكتئاب لدى البالغين، وتتفق خيارات العلاج المطروحة في علاج البالغين مع الأطفال، حيث يتضمن العلاج شقين: الأول نفسي والثاني دوائي.
وتشير الدراسات إلى أن الجمع بين الشقين يحقق نتائج أكثر فعالية، غير أن طبيب الأطفال يمكن أن يقترح البدء بالعلاج النفسي أولاً، ويؤجل استخدام الأدوية في حالة عدم نجاح العلاج النفسي في إحداث التقدم الملحوظ، وتتحسن أعراض الاكتئاب بخضوع الطفل المصاب لجلسات العلاج المعرفي السلوكي، التي تهدف لتغيير المعتقدات والأفكار التي تعيقه عن التأقلم مع ضغوط الحياة اليومية، وتعليمه مهارات مواجهة الأمور الصعبة وحل المشاكل بطريقة سلسة، وتعني بصورة أدق، تصحيح الانحرافات والتشوهات المعرفية التي تبناها الطفل المكتئب، مثل الشعور بالإحباط والفشل وأنه لا أمل والنظر لنفسه بنظرة سلبية وغير ذلك.
وتساعد تمارين الاسترخاء في حالات الاكتئاب البسيطة والمتوسطة، وتظهر نتائج الاسترخاء على المدى البعيد، وكلما زادت مدة التمارين شعر المريض بالتحسن، ويمكن أن يحتاج المريض للخضوع فترة طويلة لهذه التمارين.
وتعتبر مجموعة الأدوية التي يطلق عليها مثبطات استرجاع السيروتونين، هي خط الدفاع الأول في الأطفال والمراهقين خصوصاً في الحالات المتوسطة والشديدة، وينصح باستمرار المريض على أدوية الاكتئاب فترة لا تقل عن عام للأطفال والمراهقين الذين بدأت علامات التحسن تظهر عليهم، ويفضل التوقف عن الدواء تحت إشراف طبي، وفي فترة لا يشوبها أي ضغوط عائلية أو نفسية أخرى.
ويعتبر دخول الطفل المستشفى ضرورة في حالة مصاحبة الأعراض لتعاطي المواد المخدرة أو وجود أفكار أو محاولات انتحارية،ويجب على المرأة الحامل الابتعاد عن أية مؤثرات يمكن أن تصيبها بالاكتئاب، حتى لا يتأثر بها الجنين بعد الولادة، وعلى الوالدين أن يستمعا للطفل حتى يعرفا إن كان يعاني من مشكلة ما، ولا يجوز أن يقلّلا من أهمية المشكلة.
وفي حال فشل الوالدين في حل المشكلة التي يعاني منها الصغير، فيجب مراجعة الطبيب المختص للمساعدة في التعامل مع الطفل المصاب بالاكتئاب، وعلى الوالدين الحرص في التعامل مع الطفل، حتى لا ينقلا له قلقهما فذلك يمكن أن يؤثر سلباً عليه، ويجب أن يشعر الطفل أن والديه بجانبه دائماً ويشعر باهتمامهما ويحظى بالحب والاحترام مهما كان سنّه.
اقرأ أيضاً: التدخين السلبي يؤثر على صحة الأطفال العقلية
إعداد: إياد عطا الله