تحتوي السجائر ومنتجات التدخين الأخرى على العديد من المركبات السامة والتي يمكن أن تتسبب بمعاناة الأفراد المدخنين من السعال المزمن والمستمر، والذي يمكن أن يتسبب بالتأثير سلبًا على نشاطهم اليومي. [1][2]
في هذا المقال، سنناقش كل ما يخص كحة المدخن، بما في ذلك الصفات المميزة لها، بالإضافة إلى كيفية التعامل معها.
يشكوا العديد من الأفراد المدخنين من الكحة المزمنة، ووفقًا لدراسة أجريت عام 2010 على عدد من الشباب العسكريين وجد أن أكثر من 40% من المشاركين الذين يدخنون يوميًا و27% من المشاركين الذين يدخنون ما بين الحين والآخر يعانون من السعال المزمن وإنتاج البلغم. [2][3]
لكن، يجب التنويه إلى أنه لا يصاب جميع المدخنين بسعال المدخن، وعادة ما يزداد خطر حدوث ذلك لدى الأفراد الذين يقومون بالتدخين باستمرار وعلى المدى الطويل. [3]
ما هو سبب الكحة عند المدخن؟
تتسبب المواد الكيميائية المتواجدة في دخان التبغ، مثل الفورمالديهايد، بشل حركة الأهداب، وهي عبارة عن هياكل صغيرة تشبه الشعر تبطن الشعب الهوائية من الداخل، ووظيفتها التقاط السموم في الهواء المستنشق وتحريكها للأعلى نحو الفم لمنعها من الوصول إلى الرئتين. [1][2]
وبالتالي، إن التأثير على حركة هذه الأهداب الحساسة بسبب المواد الكيميائية المتواجدة في دخان التبغ، سيجعلها غير قادرة على التقاط السموم وسيقلل من قدرتها على دفع السموم إلى خارج الرئتين. ونتيجة لذلك، ستصل هذه السموم إلى الرئتين، وتتراكم بداخلها مما يؤدي إلى تحفيز الالتهاب في الرئة وحدوث السعال. [1][2]
أيضًا، وكرد فعل طبيعي من الجسم، يمكن أن يقوم الفرد بالسعال بشكل أكثر من المعتاد بهدف إزالة هذه السموم من الرئتين. [1][2]
وحول أسباب حدوث كحة المدخن صباحًا عند الاستيقاظ من النوم على وجه الخصوص، فيعود ذلك لعدم تعرض هذه الأهداب للدخان أثناء النوم، وهذا ما سيعمل على إصلاح الأهداب واستعادة قدرتها على التقاط وإزالة السموم المتراكمة داخل الرئتين أثناء فترة الليل، وهذا ما سيؤدي إلى زيادة السعال عند المدخن بمجرد استيقاظه من أجل التخلص من هذه السموم. [1][2]
كيف يمكن تمييز كحة المدخن؟
يوجد عدد من الصفات التي يمكن أن تساعد على تمييز سعال المدخن عن غيره من أنواع السعال، وتشمل هذه الصفات ما يلي: [2][3]
- كحة مزعجة ومستمرة طوال الوقت، إلا أنها تكون أسوأ صباحًا عند الاستيقاظ من النوم، وعادة ما تميل إلى الانخفاض على مدار اليوم
- كحة تستمر لأكثر من أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.
- يرافقها صوت صفير أو طقطقة في الصدر.
- كحة رطبة، أي يرافقها وجود البلغم. لكن، يمكن أن تكون كحة المدخن جافة في المراحل المبكرة أو عند الأفراد الذين لم يدخنوا لفترات زمنية طويلة.
ومن الممكن أن يختلف لون البلغم المرافق لكحة المدخن، فمن الممكن أن يكون عديم اللون، أو أبيض، أو أخضر، أو أصفر، كما يمكن أن يحتوي على كميات قليلة من الدم. [3]
كما يمكن أن يرافق سعال المدخن التنقيط الأنفي الخلفي. حيث سيتسرب المخاط من الأنف إلى منطقة الحلق، وهذا ما يمكن أن يزيد من شدة وتكرار السعال عند المدخن. [1]
ومن الأعراض الأخرى التي يمكن أن ترافق السعال عند المدخن ما يلي: [3]
- ألم صدر.
- ضيق التنفس.
- إلتهاب الحلق.
ويجب التنويه إلى أنه عادة ما تزداد أعراض سعال المدخن سوءًا مع مرور الوقت، إلا في حال قام الفرد بالإقلاع عن التدخين. [3]
اقرأ أيضًا: التدخين والحساسية
كيف يمكن التمييز بين كحة المدخن وأعراض سرطان الرئة؟
تتشابه بعض أعراض سرطان الرئة مع أعراض سعال المدخن، مثل الصفير عند التنفس، ومن الممكن أن يكون من الصعب التمييز دائمًا ما بين أعراض سرطان الرئة وسعال المدخن. [1][3]
أيضًا، لا يمكن إنكار العلاقة بين الإصابة بسعال المدخن وتشخيص الإصابة بسرطان الرئة، فتدخين سجائر التبغ، أو السجائر الإلكترونية، أو السيجار، سيؤدي إلى إدخال المواد الكيميائية السامة والمسرطنة إلى داخل الجسم، وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة. [1][4]
ومن الممكن أن تكون كحة المدخن من العلامات الأولية لسرطان الرئة، خصوصًا إن رافقتها الأعراض التالية: [2][4]
- فقدان الوزن غير المقصود والمفاجئ.
- السعال المصحوب بالدم.
- ألم مستمر في الصدر أو المناطق العلوية من الجسم.
- بحة الصوت المستمرة.
- ألم أثناء التنفس.
وعادة ما ينصح بإجراء فحص سرطان الرئة بعد فترة وجيزة من ظهور هذه الأعراض، فذلك يمكن أن يساعد على اكتشاف السرطان مبكرًا والتغلب عليه قبل أن يتفاقم أو ينتشر خارج الرئتين. [4]
كما يمكن أن يوصي الطبيب بإجراء فحص سرطان الرئة لدى المدخن، حتى لو لم يكن لديه أي من هذه الأعراض، وذلك بناءً على مقدار وشدة التدخين لديه. [4]
كيف يمكن علاج كحة المدخن؟
إن أفضل طريقة للتخلص من كحة المدخن هي الإقلاع عند التدخين بأشكاله كلها، أو حتى التقليل منه إن لم يستطع الفرد التوقف عنه كليًا. وبإمكان الفرد استشارة الطبيب حول الطرق المتاحة والتي تساعده في الإقلاع عن التدخين، ويشمل ذلك استخدام بدائل النيكوتين أو تناول بعض أنواع الأدوية، مثل الفارينيكلين أو البوبروبيون. [1][2]
لكن، يجب التنويه هنا أن كحة المدخن تزداد سوءًا بعد الإقلاع عن التدخين، وهو أمر طبيعي للغاية، ويحدث ذلك نتيجة لاستعادة الأهداب قدرتها على إزالة المواد السامة من الحلق والقصبة الهوائية والممرات الهوائية، وهذا ما يؤدي إلى زيادة السعال عند الفرد بهدف إزالتها وإخراجها إلى خارج الجسم. [2][3]
لكن، لا داعي للقلق فسعال الإقلاع عن التدخين هو أمر مؤقت، وغالبًا ما يبدأ بالتلاشي خلال ثلاثة أشهر بعد الإقلاع عند التدخين. [2][3]
للمزيد: السعال بعد الإقلاع عن التدخين
أيضًا، يمكن أن يقوم الطبيب بوصف بعض أنواع الأدوية من أجل تخفيف السعال عند المدخن، ومنها:
- موسعات القصبات الهوائية
تعمل موسعات القصبات الهوائية على استرخاء العضلات المحيطة بالممرات الهوائية، وهذا ما يمكن أن يساعد على تخفيف كحة المدخن. وعادة ما يتم أخذها باستخدام جهاز الاستنشاق. [1]
يوجد نوعين من موسعات القصبات، وهما الموسعات قصيرة المفعول والتي تعمل لبضع ساعات ولا تستخدم إلا عند الضرورة، والموسعات طويلة المفعول والتي تعمل لمدة 12 ساعة على الأقل ويتم تناولها كل يوم. [1]
- الكورتيكوستيرويدات
تساعد الكورتيكوستيرويدات على تخفيف الالتهاب في الشعب الهوائية وهو ما يساعد على تخفيف أعراض الكحة عند المدخن. وغالبًا ما يتم استخدامها جنبًا إلى جنب مع موسعات القصبات الهوائية. [1]
لكن، يجب دائمًا استشارة الطبيب قبل استخدام أي من الأدوية المثبطة للسعال لدى الأفراد الذين يعانون من كحة المدخن. [3]
اقرأ أيضًا: أدوية الكحة: ما أنواعها؟ وكيف تعمل؟
نصائح تساعد على تخفيف كحة المدخن
يوجد عدد من النصائح والتدابير المنزلية التي يمكن أن أن تساعد على تخفيف سعال المدخن، وتشمل ما يلي: [1][2][3]
- الحفاظ على رطوبة الجسم، وذلك بشرب 6 - 8 أكواب من الماء يوميًا، فذلك يساعد على تخفيف البلغم الموجود في الرئتين والحلق.
- الغرغرة بالماء والملح
- تناول الأقراص المستحلبة أو قطرات السعال، فهي تعمل على تهدئة منطقة الحلق.
- رفع الرأس أثناء النوم للتأكد من عدم تجمع المخاط في الحلق.
- ممارسة الرياضة بانتظام بمعدل 30 دقيقة يوميًا، حيث أن التنفس العميق أثناء ممارسة التمارين الرياضية سيعمل على تفكيك المخاط وتسهيل إخراج البلغم عند السعال.
- تجنب شرب القهوة أو الكحول للمساعدة في تقليل شدة السعال عند المدخن، حيث يعمل كل من القهوة والكحول على تجفيف وتهيج منطقة الحلق، وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الكحة عند المدخن.
- استنشاق عدد من الزيوت الطبيعية الأساسية، مثل زيت اليوكاليبتوس أو زيت النعناع.
- شرب المشروبات الساخنة، مثل الشاي الأخضر الغني بمضادات الأكسدة أو شاي البابونج الذي يحتوي على مكونات فعالة تعمل على استرخاء الجسم وتخفيف السعال.
- تناول العسل، وذلك إما بإضافته إلى الشاي الساخن أو الماء الساخن، أو بابتلاع ملعقة صغيرة منه كل يوم، حيث يعمل العسل على تغطية منطقة الحلق ويقلل من التهيج فيها.
- تناول مكملات فيتامين C أو شرب السوائل التي تحتوي على كميات عالية من فيتامين C، مثل عصير البرتقال.
- اتباع نظام غذائي صحي يتضمن الكثير من الفواكه والخضروات الصليبية، مثل البروكلي والقرنبيط.
- استخدام جهاز ترطيب الهواء لإضافة الرطوبة إلى جو المنزل.
كما يمكن أن يساعد تناول بعض أنواع الأعشاب على تخفيف كحة المدخن، بما فيها: [1]
- الأوريغانو.
- الزنجبيل.
- إكليل الجبل.
كم تستمر كحة المدخن؟
تختلف مدة استمرار سعال المدخن من حالة لأخرى، بناءً على شدة التدخين لدى الفرد، فمن الممكن أن تستمر لمدة تتراوح من بضعة أيام إلى بضعة أسابيع، كما يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى. [1]
في حال كان الفرد يدخن سيجارة أو اثنتين بين الحين والآخر، فمن المرجح أن يختفي السعال بعد أيام قليلة من توقفه عن التدخين. أما في حال كان يدخن بشكل منتظم، فمن المحتمل أن يعاني من الأعراض طوال فترة التدخين. [1]
أيضًا، وكما ذكرنا سابقًا يمكن أن يستمر السعال عند المدخن لعدة أشهر، حتى بعد الإقلاع عن التدخين أو تقليله. وفي بعض الحالات، يمكن أن يستمر سعال المدخن لسنوات بعد الإقلاع عن التدخين. [1]
متى تكون كحة المدخن مدعاة للقلق؟
كما ذكرنا من الطبيعي أن تحدث الكحة عند المدخن. لكن، يمكن أن تتطلب هذه الكحة زيارة الطبيب في حال رافقتها الأعراض التالية: [1][3]
- ألم مستمر مع السعال.
- فقدان الوزن بشكل غير طبيعي.
- ألم في العظام.
- الصداع.
- مخاط أخضر أو أصفر اللون.
- عدم القدرة على التحكم في المثانة عند السعال.
- سعال الدم.
- الإغماء بعد نوبات السعال.
فمن الممكن أن تشير هذه الأعراض إلى تطور بعض المشكلات الصحية عند المدخن، بما فيها العدوى في الشعب الهوائية، ومرض الانسداد الرئوي المزمن، ومرض الجزر المعدي المريئي، وسرطان الرئة. [1][3]
نهاية، يعاني المدخن من السعال المستمر والمزعج خصوصًا بعد الاستيقاظ من النوم، والذي يمكن أن يرافقه البلغم ووجود صوت صفير في منطقة الصدر. ويعد الإقلاع عن التدخين أفضل طريقة لعلاج كحة المدخن والتخلص منها، كما أن هناك بعض النصائح التي يمكن أن تساعد في التخفيف منها، مثل الغرغرة بالماء المالح وتناول العسل.
ومن المهم استشارة الطبيب في حال كانت الكحة مزعجة جدًا ورافقها ألم في الصدر أو خروج الدم، فذلك يمكن أن يدل على احتمالية إصابة الفرد بسرطان الرئة.