لا شك في أن هناك محاولات مستمرة من قبل الباحثين للتعرف على طرق الوقاية من مرض فيروس كورونا، وآلية انتشار الفيروس. وتشدد معظم الإرشادات الصادرة عن المؤسسات المعنية بالصحة العامة على أهمية تطبيق الإجراءات الوقائية الهادفة إلى الحد من انتشار المرض، ونقله.
ويعتبر بعض هذه التوجيهات معروف وشائع، مثل غسل اليدين بشكل متكرر، والالتزام بالتباعد الجسدي بين الأشخاص خصوصاً في أماكن التجمعات، وارتداء الكمامات وقفازات اليدين. كما يعد أخذ الجرعات المحددة من لقاح كورونا أحد أكثر الطرق فاعلية في مواجهة انتشار الجائحة بين الناس، وهي السلاح الأول حالياً ضد ظهور سلالات جديدة من فيروس كورونا.
وسنتعرف في هذا المقال على آلية انتشار فيروس كورونا، وأكثر الأماكن التي يحتمل تواجد الفيروس عليها، وفترة بقاء الفيروس عليها، وبعض الوسائل والمواد المستخدمة في التعقيم والتطهير.
ما هي فترة بقاء فيروس كورونا المستجد في الرذاذ المتطاير؟
من المعروف أن الطريقة الرئيسية لانتقال فيروس كورونا المستجد المعروف باسم كوفيد-19 (بالإنجليزية: COVID-19) هي الرذاذ المتطاير (بالإنجليزية: Aerosols) من الأنف أو الفم بعد سعال أو عطاس شخص مصاب بالفيروس أو أثناء حديثه. ورغم الاحتمالية الكبيرة للإصابة بعذه الطريقة، فإن رذاذ التنفس العادي ثقيل ولا يقطع مسافات طويلة؛ إذ لا تتجاوز المسافة أكثر من مترين في العادة. لذلك، ينصح بالتباعد الاجتماعي لمسافة متر واحد على الأقل للوقاية من الإصابة بالفيروس.
وقد تبقى جزيئات الرذاذ عالقة في الهواء لعدة دقائق أو ساعات. أما في المناطق المغلقة ضعيفة التهوية، فإن تلك الجزيئات تتكثف بما يكفي لنقل الفيروس للموجودين في ذلك المكان، حتى بعد مغادرة المريض للغرفة. ويسمى ذلك انتقال الفيروس بالهواء. وقد تبين أن فيروس كورونا المستجد قادر على العيش في الرذاذ المتطاير لمدة 3 ساعات.
وعلقت منظمة الصحة العالمية أن هذا الوقت لا يعبر عن فترة بقاء الفيروس في الرذاذ المتطاير من السعال أو العطاس، وذلك لأن هذا الوقت تم تحديده من خلال تجارب مخبرية، وتم استخدام أجهزة أقوى لإطلاق هذا الرذاذ.
اقرأ أيضاً: هل ينتقل فيروس الكورونا عن طريق الهواء؟
ما هي فترة بقاء فيروس كورونا المستجد على الأسطح؟
لا يبقى فيروس كورونا معلقاً في الهواء لفترات طويلة، بل يسقط على الأسطح، مما قد يسبب العدوى في حال لمس شخص ما سطح ملوث ثم انتقل الفيروس إلى داخل جسمه بعد لمسه للعين، أو الأنف، أو الفم. وهنا تكمن أهمية غسل اليدين جيداً بالماء والصابون بعد لمس أي سطح أو شخص.
ولا تزال الأبحاث قائمة حول مدة بقاء الفيروس حياً على الأسطح العديدة المنتشرة حولنا. وقد تبين أن الفيروس يمكن أن يبقى على الأسطح لمدة تتراوح بين عدة ساعات إلى عدة أيام. ومن غير المرجح أن ينتشر الفيروس عن طريق لمس الأسطح الشائعة بعد 3 أيام من لمسها من قبل شخص مصاب بفيروس كوفيد-19.
وتختلف قدرة عيش الفيروس باختلاف نوع السطح. فمثلاً، لوحظ أن فترة بقائه حياً على الأسطح البلاستيكية والفولاذية المقاومة للصدأ وصلت إلى 72 ساعة، وكانت أطول من فترة بقائه حياً على الكرتون التي وصلت إلى 24 ساعة، أو النحاس التي وصلت إلى 4 ساعات.
وبينما استطاعت الدراسات الكشف عن الفترة الزمنية التي يستطيع فيها الفيروس التسبب بالعدوى بعد وضعه على أسطح مختلفة على درجة حرارة 22 درجة مئوية، ونسبة رطوبة 65%، إلا أن هذه النتائج لا تعكس واقع تصرف هذا الفيروس على الأسطح التي نتعرض لها في حياتنا اليومية، وذلك بسبب الظروف المخبرية التي تم وضعها لإجراء الدراسات.
للمزيد: هل يمكن تعقيم القفازات والكمامات بعد استخدامها من فيروس كورونا؟
وقد تم التوصل إلى أن فترة بقاء الفيروس تعتمد على نوع السطح، وتزداد كلما كان السطح أملس، وتقل مع مرور الوقت. ولكن يجب الأخذ في عين الاعتبار أن قدرة الفيروس على العيش تتأثر بعوامل أخرى كالعوامل البيئية التي عادة ما يتم تحديدها مسبقاً في التجارب المخبرية. وكانت النتائج تشير إلى ما يأتي:
- البلاستيك: تتواجد مادة البلاستيك حولنا في العديد من الأصناف كعلب تغليف الطعام، وزجاجات المياه، وعلب الحليب، والبطاقات الائتمانية، وأجهزة التحكم عن بعد، ومفاتيح الإضاءة، والكمبيوتر، والفأرة، وأزرار أجهزة الصراف الآلي، ومعظم ألعاب الأطفال. ويستطيع فيروس كورونا المستجد العيش على هذه الأسطح لفترة تتراوح بين 3-7 أيام.
- الفولاذ المقاوم للصدأ: ومن الأمثلة عليه مقابض الأبواب، والثلاجات، والمفاتيح، والمعدات الصناعية وغيرها. ويعتقد أن فيروس كورونا قادر على العيش عليها لمدة تتراوح بين 3-7 أيام.
- الكرتون: يمكن لفيروس كورونا أن يبقى حياً على كراتين الشحن، ومغلفات الطعام لمدة تصل إلى 24 ساعة.
- النحاس: ومن الأمثلة عليه العملات المعدنية، وأدوات المطبخ، والمجوهرات، وأسلاك الكهرباء. ويعتقد أن الفيروس أقل قدرة على العيش على الأسطح النحاسية من الأسطح الأخرى، إذ يستطيع أن يبقى حياً لمدة 4 ساعات فقط.
- الأوراق: تنتشر الأوراق حولنا في العديد من الأصناف كالمناديل الورقية، والمناديل الخاصة بالحمام أو المطبخ، بالإضافة للمجلات والكتب، والعملات الورقية. ويمكن لفيروس كورونا أن يبقى حياً على الأوراق لمدة 3 ساعات، باستثناء الأوراق النقدية التي يمكن للفيروس أن يعيش عليها لمدة 4 أيام.
- الخشب: يستطيع فيروس كورونا البقاء حياً على الأشياء الخشبية كالأثاث والأرفف وغيرها لمدة قد تتراوح بين 2-4 أيام.
- الزجاج: يمكن لفيروس كورونا المستجد أن يبقى حياً على الأشياء الزجاجية الموجودة حولنا كالشبابيك، والمرايا، والأكواب، وشاشات الهواتف، والتلفاز، والكمبيوتر لمدة تصل الى 4-5 أيام.
- السيراميك كالأطباق، والأواني، والأكواب: يعتقد أن فترة بقاء الفيروس حياً على هذه الأسطح قد تصل إلى 5 أيام.
- الألمنيوم: يبقى الفيروس حياً على الأدوات المصنوعة من الألمنيوم كعلب المشروبات الغازية لمدة تصل إلى 2-8 ساعات.
ما هي طرق حماية المنزل من فيروس كورونا؟
هناك العديد من الخطوات التي يمكن اتباعها لتطهير المنزل وتعقيمه لتقليل انتشار فيروس كورونا، وتشمل:
- تنظيف وتطهير الأسطح الأكثر لمساً، مثل الطاولات، ومقابض الأبواب، والأثاث، ومفاتيح الإضاءة، وأسطح المكاتب، والمراحيض، وصنابير الماء، وأحواض المغاسل.
- تنظيف وتطهير المنزل باستمرار خاصة إذا كان أحد سكان المنزل من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بأعراض خطيرة للمرض، أو إذا كان في المنزل شخص ثبتت إصابته بالفيروس.
- فتح النوافذ حين يكون ذلك ممكناً لتحسين التهوية، والتأكد من تدفق الهواء بشكل جيد في المنزل عند استخدام المعقمات، أو المطهرات، أو المواد الكيماوية الأخرى.
- ارتداء القفازات الواقية قبل البدء في عملية التعقيم أو التنظيف، ويفضل استخدام القفازات ذات الاستخدام الواحد، كي يتم التخلص منها فوراً بعد الانتهاء منها. وفي حال عدم وجود أي خيار آخر سوى القفازات القابلة لإعادة الاستخدام، فيجب عدم استخدامها لأية أغراض أخرى.
- غسل اليدين تحت الماء الجاري لفترة مناسبة بعد خلع القفازات المستخدمة في التنظيف. ويعتبر التنظيف بالماء والصابون كافياً لإزالة الأوساخ والتراكمات وتقليل عدد الجراثيم على الأسطح. وبعد ذلك، يمكن وضع مادة مطهرة على تلك الأسطح لإزالة أي جراثيم متبقية.
- غسل اليدين بالماء والصابون جيداً لمدة 20 ثانية على الأقل عند الانتهاء من التسوق والعودة إلى المنزل، وبعد الانتهاء من وضع المشتريات.
- غسل الفاكهة والخضار بالماء جيداً عند شراءها وتركها لتجف، وعدم غسلها بالصابون، أو الكلور، أو المعقمات، أو الكحول، أو أي مواد كيميائية غير مخصصة لغسلهم. ولم يثبت فعالية غسلها بالملح، أو الفلفل، أو الخل، أو عصير الليمون في التخلص من الجراثيم.
- مسح الأغذية المعلبة من باب الاحتياط على الرغم من عدم وجود دليل على احتمال انتقالها على هذه الأسطح.
- عدم استخدام معقمات الأسطح مثل المبيض أو الكلور، أو الأمونيا على المعلبات الكرتونية أو البلاستيكية.
- تعقيم أسطح المطبخ بعد الانتهاء.
اقرأ أيضاً: الغذاء وفيروس الكورونا الجديد (كوفيد-19)
ما هي المطهرات والمعقمات التي يمكن استخدامها؟
نشرت الوكالة الأمريكية لحماية البيئة قائمة بأبرز المطهرات التي يمكن استخدامها ضد فيروس كورونا. وعلى الرغم أن هذه المواد لم يتم اختبارها على هذا الفيروس على وجه التحديد، إلا أنها تعد فعالة جداً ضد أنواع أخرى من الفيروسات الأصعب والأكثر مقاومة.
وتتضمن هذه المطهرات:
- مادة الميثانول.
- بيروكسيد الهيدروجين.
- الأمونيوم الرباعي.
وقبل البدء في استخدام أي منتج، فإنه يجب قراءة تعليمات المنتج بعناية، والالتزام بما جاء فيها مثل الاحتياطات الواجب اتخاذها عند استخدام تلك المنظفات والمواد الكيماوية. كما يجب إبقاء العديد من أنواع المطهرات على الأسطح المطلوب تعقيمها لفترة معينة من الزمن، كي تأخذ مفعولها بالكامل، وهي الفترة التي تسمى فترة التلامس.
ويعد خلط بعض المواد الكيماوية خطيراً جداً. ومع هذا، توجد بعض الطرق الآمنة التي يمكن من خلالها خلط مجموعة من المواد المطهرة لاستخدامها في تعقيم المنزل ضد فيروس كورونا، إذ يمكن عمل محلول مطهر عن طريق مزج نحو 20 مل من مادة الكلور مع نحو لتر من الماء. ولكن، ينبغي اتباع التعليمات، وارتداء القفازات الواقية، والتأكد من تهوية الغرفة بشكل جيد. ولا ينصح بخلط الكلور مع السوائل التي تحتوي على مادة الأمونيا، أو أي منظفات أخرى، إذ يمكن للمزيج أن يصدر أبخرة سامة تؤثر على الأشخاص التي تستنشقها.
اقرأ أيضاً: أفضل المنتجات للتعقيم من فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)
هل ينتقل فيروس كورونا عبر الملابس؟
قد يتساءل البعض عن احتمال انتقال الفيروس عن طريق الملابس. ولم يذكر للآن وجود أي إصابات انتقل الفيروس لها عن طريق الملابس أو الأحذية، لذلك لا يعتقد أنها أحد وسائل انتقال الفيروس ولا خطورة منها.
وعلى الرغم من هذا، يفضل أخذ الاحتياطات والتدابير التالية فيما يخص الملابس:
- تخصيص ثياب معقمة ونظيفة للخروج من المنزل.
- غسل الملابس يومياً وفوراً بعد الانتهاء من العمل للعاملين في القطاع الطبي أو من تتطلب مهمته العناية بالمصابين بفيروس كورونا المستجد.
- أخذ ملابس بديلة وارتدائها في موقع العمل، ونزعها عند دخول المنزل مباشرة قبل التعامل مع أفراد العائلة.
- تعقيم الحذاء من السطح العلوي والسفلي عند الوصول إلى المنزل، وتركه خارجاً في الهواء الطلق أو على مدخل المنزل.
- التقليل من ارتداء الحلي، والمجوهرات، والإكسسوارات للتقليل من فرصه انتقال الفيروس عبرها أيضاً.
كما ينصح بأخذ الأمور التالية في عين الاعتبار عند غسل الملابس:
- استخدام الماء وصابون الغسيل المعتاد، وينصح باستخدام المساحيق التي تحتوي على الكلور، مع الانتباه إلى احتمال تأثيره على بعض الملابس. كما يمكن نقع الملابس بالأمونيوم الرباعي قبل غسلها.
- اختيار درجة حرارة ماء دافئة بين 60-90 درجة مئوية. ويجب الحذر من احتمال تأثر الملابس من درجات حرارة الماء العالية وتقلصها أو تلفها.
- التأكد من تجفيف الملابس تماماً قبل وضعها في الخزانة.
- تعقيم سلة الغسيل بالمعقمات التي تحتوي على 0.1% من هيبو كلوريت الصوديوم أو المعقمات المعتمدة.
- ارتداء القفازات عند التعامل مع الملابس قبل غسلها، أو غسل اليدين فوراً بعد الانتهاء من وضع الغسيل الوسخ وقبل لمس الوجه.
- تنظيف سطح الغسالة والمجفف قبل استخدامهم.
- تجنب تصفيف الملابس في المغاسل العامة.
اقرأ أيضاً: هل ينتقل فيروس كورونا عن طريق الأحذية والملابس؟
هل يجب تعقيم الهاتف المحمول ضد فيروس كورونا؟
ينصح بقراءة تعليمات المصنع حول كيفية تعقيم أو تنظيف الأجهزة الإلكترونية أو الهواتف الذكية. وقد بدأت العديد من الشركات المصنعة حالياً في إصدار نشرات توعوية حول كيفية التعامل مع الأجهزة الذكية بعد انتشار فيروس كورونا.
ويمكن تنظيف الهواتف الذكية باستخدام المحارم المبللة، بشرط أن تحتوي على نسبة كحول لا تتجاوز 70% لأن زيادة تركيز الكحول يمكن أن يؤذي الشاشة أو يتسبب بحدوث تغير في الألوان. وعند تعقيم الهاتف المحمول، فإنه يتم مسح واجهة الهاتف وجوانبه والجزء الخلفي كذلك، مع التركيز على المناطق التي عادة ما يتم وضع الأصابع عليها. وبعد ذلك يترك الهاتف المحمول كي يجف.
وتنطبق خطوات التعقيم السابقة أيضاً على أجهزة الكمبيوتر المكتبية والمحمولة، والأجهزة اللوحية، وأجهزة التحكم عن بعد. وبعد الانتهاء من هذه العملية، يجب غسل اليدين جيداً بالماء والصابون وتعقيمهما.
للمزيد: كيف يتم تنظيف الجهاز المحمول من فيروس كورونا الجديد؟
هل يتأثر فيروس كورونا بتغير درجة الحرارة ورطوبة الجو؟
يتأثر فيروس كورونا المستجد بدرجات الحرارة، إذ يستطيع العيش على درجة حرارة 4 مئوية ولكن بتركيز أقل بعد مرور 14 يوم، بينما يستطيع العيش لمدة 5 دقائق فقط عند رفع درجة الحرارة إلى 70 درجة مئوية.
ويعد وقت جفاف الرذاذ من العوامل المهمة في تحديد احتمالية الإصابة بالعدوى، إذ يدل على الفترة الزمنية التي قد ينتقل فيه الفيروس من الرذاذ إلى شخص تعرض له، وذلك لحاجة الفيروس إلى وسط للعيش فيه.
وقد تبين أن فترة عيش الفيروس تزداد بحوالي 5 أضعاف في الأجواء الرطبة مقارنةً بالأجواء الجافة. كما يتوقع أن زيادة درجة حرارة الجو تقلل من فرص العدوى من الرذاذ بسبب جفافها أسرع. كما أن الفيروس قادر على العيش لفترة أطول في الأسطح الرطبة كشاشات الهاتف، والقطن، والخشب مقارنةً مع الزجاج والفولاذ، وبالتالي يجب تعقيمهم بشكل متكرر أكثر.
اقرأ أيضاً: المطهرات وأشعة الشمس قد تقتل كورونا على الأسطح، ولكنها ضارة بالجسم.