على الرغم من مرور أكثر من 40 عاماً على أول عملية زراعة قلب أجراها كريستيان برنارد الشهير في جنوب أفريقيا، إلا أن القليل جداً منها ما كان ينجح في أوائل الثمانينات، وبفضل التقدم الطبي المستمر والأدوية المتاحة أصبحت الحاجة إلى زراعة القلب أقل مما كانت عليه سابقاً، ولكن مازال هناك بعض الحالات التي تستدعي هذا الإجراء والذي يصعب إجراؤه نظراً لقلة المتبرعين، وسنتحدث في هذا المقال عن زراعة القلب الصناعي، ومضاعفات عملية زراعة القلب، ونسبة نجاح عملية زراعة القلب.

ما هي زراعة القلب؟

تعد زراعة القلب (بالإنجليزية: Cardiac Transplantation) عملية جراحية كبيرة يستبدل فيها قلب فشل في تأدية وظيفته بقلب سليم من متبرع، وتستخدم لعلاج المراحل النهائية من قصور القلب التي لا تستجيب للعلاج بالأدوية، أو العمليات الجراحية الأخرى، ومن المتوقع وفاة المريض خلال سنة في حالة عدم خضوعه لعملية زراعة قلب سليم.

ما هي الحالات التي تحتاج زراعة القلب؟

تتمثل الحالات التي تحتاج زراعة القلب في حالات قصور القلب التي فشل علاجها بالوسائل الأخرى، ويعد اعتلال عضلة القلب، وأمراض القلب الخلقية أكثر الأسباب شيوعاً عند الأطفال، ومن أشهر الأسباب التي تؤدي إلى قصور القلب في البالغين:

  • عدم تجاوب عضلة القلب للعلاج في حالات الذبحة الصدرية المستعصية، واضطراب نبضات القلب المزمن.
  • ضعف عضلة القلب مثل تمدد عضلة القلب، واحتشاء عضلة القلب.
  • أمراض القلب الخلقية التي لا يمكن علاجها.
  • اعتلال صمامات القلب.
  • داء النشواني.
  • أمراض الشرايين التاجية.
  • عدم انتظام ضربات القلب البطيني التي لا تستجيب للعلاجات الأخرى.
  • وجود ورم سرطاني يقتصر على عضلة القلب.
  • قصور أذيني لا يستجيب للعلاج.
  • انخفاض قدرة ضخ الدم لأقل من 20%.
  • انخفاض مقاومة الأوعية الدموية الرئوية إلى أقل من وحدتين.

اقرأ أيضاً: ما هي أسباب تشوهات القلب الخلقية؟

أسباب تمنع إجراء زراعة القلب

توجد عدة أسباب تمنع إجراء عملية زراعة القلب حتى في حالة وجود متبرع مثل معاناة المريض من السرطان، أو أي مرض يؤثر على حياته ويمكن أن يسبب وفاته مثل الحالات المتقدمة من أمراض الكلى والكبد والرئة، أو وجود عدوى في الجسم، أو تقدمه في العمر وضعف إمكانية تعافي جسمه بعد زراعة القلب، أو عدم قدرته على تغيير نمط حياته للمحافظة على القلب السليم المزروع مثل الاستمرار بالتدخين، وشرب الكحول، أو معاناته من السمنة المفرطة.

الصفات الواجب توافرها في المتبرع لكي يصلح لزراعة القلب

توجد بعض الصفات الواجب توافرها في المتبرع لكي يصلح لعملية زراعة القلب مثل:

  • يكون قلبه خالياً من العيوب الخلقية والأمراض.
  • لا يقل عمره عن 65 سنة.
  • لا يوجد أي تاريخ لاستخدام المخدرات.
  • لا يوجد أي تاريخ للتدخين، وفي حالة إن كان مدخناً لابد من معرفة المدة التي قضاها بالتدخين.
  • لا يعاني من وجود أي عدوى مثل فيروس نقص المناعة المكتسبة، والتهاب الكبد الوبائي.

اقرأ أيضاً: علاجات دوائية للوقاية من الاصابة بفيروس نقص المناعة البشرية

عملية زراعة القلب

توجد بعض المعلومات التي يجب معرفتها عن عملية زراعة القلب مثل:

  • تعد زراعة القلب جراحة مفتوحة، وتكون أكثر تعقيداً في حالة إجرائها مسبقاً لنفس المريض، أو إجراء جراحات قلب سابقة.
  • يبحث عن المتلقي المناسب في حالة توافر قلب مناسب من متبرع بناء على حجمه وفصيلة دمه.
  • تجرى مجموعة من الإجراءات الدقيقة على وظائف قلب المتبرع، وفي حالة ثبوت أنه مناسب ينتزع ويخزن، أو يحفظ في الثلج، وينقل سريعاً إلى مركز زراعة القلب.
  • تجرى عملية زراعة القلب خلال فترة تتراوح من 4 إلى 6 ساعات من التبرع بالقلب؛ لصعوبة الاحتفاظ به مدة أطول من ذلك، وبالتالى تعطى الأولوية للمرضى الأقرب مسافة بعد تساويهم ببعض المعايير.
  • يمكن إجراء عملية زراعة القلب بالإضافة إلى عضو آخر متضرر في وقت واحد مثل الكبد، والكلى، ونادراً الرئتين.
  • يسجل المريض على لائحة الانتظار بعد تقييم حالته وإجراء عدة فحوصات.
  • يؤخذ بالاعتبار بعض العوامل قبل إخبار المريض بإمكانية إجراء زراعة القلب: توافر قلب متبرع وعادة ما يكون ميتاً سريرياً، ومدى حاجة المريض لزراعة القلب كما في الحالات الحرجة، وفصيلة الدم وتكون الأجسام المضادة لدى المريض، وحجم قلب المتبرع وتناسبه مع حجم المريض، وفترة الانتظار على لائحة الحاجة للمتبرع
  • ينبض القلب المزروع حوالي من 100 إلى 110 نبضة في الدقيقة أي أسرع من القلب الطبيعي الذي ينبض حوالي 70 نبضة في الدقيقة.
  • تستخدم الأدوية المثبطة للجهاز المناعي على الفور بعد الخضوع لزراعة القلب، ويراقب القلب عن قرب لاحتمال ظهور علامات للرفض.
  • يمكن إعادة تأهيل المرضى بسرعة كبيرة جداً، والعودة إلى المستوى الطبيعي الكامل من النشاط حيث يمكنهم المشاركة في رياضات تنافسية مثل: ماراثون الجري، وتسلق الجبال، والعديد منهم يكونون ملائمين أو يمكنهم العودة إلى العمل.

اقرأ أيضاً: الرياضة الصحية

كيفية إجراء زراعة القلب؟

تجرى زراعة القلب في عدة خطوات كالآتي:

  • يخضع المريض للتخدير العام.
  • يوصل القلب بالرئة؛ لتزويد الدم بالأكسجين، والحفاظ على الدورة الدموية في جميع أجزاء الجسم.
  • يفتح الطبيب صدر المريض ويبعد الأضلاع عن بعضها لكي يتمكن من استئصال القلب التالف باستثناء فتحات الأوردة الرئوية والجدار الخلفي للأذين الأيسر، وزراعة القلب السليم ووصله بالأوعية الدموية، مما يسمح للدم بالتدفق خلال القلب والرئتين.
  • يخيط الطبيب القلب الجديد في مكانه داخل الصدر، وطبقات الجلد لإغلاق الجرح، وفي حالات معينة لا يستأصل القلب التالف ويوصل بالقلب السليم.
  • يبدأ القلب في النبض وضخ الدم عند لحظة امتلائه به أو يصعق كهربائياً لتحفيزه على النبض.
  • تفحص جميع الأوعية الدموية والقلب للتأكد من عدم وجود أي تسرب قبل فصل جهاز القلب والرئتين.
  • ينقل المريض إلى وحدة العناية المركزة بعد الانتهاء من زراعة القلب إلى حين التأكد من استقرار حالته ثم ينقل إلى غرفة أخرى في الجناح الجراحي.
  • يقضي معظم المرضى فترة تتراوح من 1 أو 3 أسابيع في المستشفى بعد خضوعهم لعملية الزراعة بناء على معدل التعافي الذي يختلف من شخص لآخر.
  • يحقن المريض بمسكنات الألم والسوائل وريدياً.
  • يستخدم جهاز مساعد للتنفس، وتوصل أنابيب من الصدر لسحب السوائل حول القلب والرئتين.
  • يراقب المريض للتأكد من عدم وجود أي أعراض رفض مناعي للقلب المزروع.
  • تستخدم مثبطات المناعة والمضادات الحيوية.
  • تجرى فحوصات الدم، وخزعات القلب بواسطة القسطرة، ومخططات صدى القلب شهرياً لمدة عام بعد العملية للتأكد من سلامة وظيفة القلب المزروع، وعدم وجود رفض مناعي، ثم تجرى سنوياً بعد ذلك.
  • يمكن أن تأخذ فترة التعافي مدة طويلة عند بعض الحالات، ويكتمل الشفاء بعد ستة أشهر تقريباً.

اقرأ أيضاً: أسئلة وأجوبة حول قسطرة القلب

نسبة نجاح عملية زراعة القلب

  • تعتمد نسبة نجاح عملية زراعة القلب على العمر والصحة العامة ومدى الاستجابة لعملية الزرع للمريض.
  • تعد نسبة نجاح عملية زراعة القلب مرتفعة، حيث تبلغ معدل السنوات التي يعيشها المريض بصحة جيدة في حالة نجاح عملية زراعة القلب فترة تتراوح من 5 إلى 10 سنوات.
  • يمكن أن تفشل العملية بسبب الرفض المناعي، ولكن يمكن معالجته بالأدوية، أو بإجراء زراعة القلب مرة أخرى.
  • ينجو نحو %75 من المرضى من ضيق الشرايين خلال خمس سنوات، ويعيشون على الأقل عامين بعد العملية، وأكثر من 50% سوف يظلون على قيد الحياة لمدة عشرة أعوام، وهناك مرضى يعيشون 20 أو 25 سنة بعد عملية زراعة القلب خاصة المرضى الأصغر سناً.
  • يعود ما يقرب من 85٪ إلى العمل أو ممارسة الأنشطة مثل السباحة أو ركوب الدراجات أو الجري.

اقرأ أيضاً: الضغوطات النفسية وتصلب الشرايين

نصائح للتعايش مع زراعة القلب

تتبع بعض النصائح للتعايش بعد زراعة القلب مثل:

  • الالتزام بالأدوية التي وصفها الطبيب ومواعيد المتابعة بشكل منتظم.
  • الالتزام بنظام غذائي صحي يحتوي على الكثير من الفواكه والخضروات والماء والسوائل، والحبوب الكاملة، واللحوم الخالية من الدهون مثل الأسماك والدواجن، والدهون الصحية مثل الدهون غير المشبعة، ومنتجات الألبان قليلة أو خالية الدسم للحفاظ على الكالسيوم، وتقليل الملح لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم واحتباس السوائل، وتجنب تناول ثمار وعصير الجريب فروت والرمان بسبب التداخل مع الأدوية المثبطة للمناعة.
  • الامتناع عن التدخين وشرب الكحول.
  • ممارسة الرياضة بانتظام لتقليل التوتر، والحفاظ على وزن صحي، وتقوية العظام، ولكن يجب الاستراحة في حالة الشعور بالتعب، والتوقف عن ممارسة الرياضة واستشارة الطبيب عند الشعور بضيق التنفس أو الغثيان أو الدوخة.
  • العناية بالجرح لمنع التهابه، وعدم فركه أثناء الاستحمام.
  • الامتناع عن ارتداء الملابس الضيقة التي تمنع الحركة.
  • ضرورة الدراية بعلامات الرفض أو العدوى واستشارة الطبيب على الفور، ومن أعراضها ضيق التنفس وألم في الصدر، وحمى تزيد عن 38 درجة مئوية، والإرهاق، وقلة عدد مرات التبول، وزيادة الوزن بسبب احتباس السوائل، وارتفاع ضغط الدم، وأعراض تشبه الإنفلونزا مثل الصداع والدوار والغثيان والقيء، وزيادة التعرق، والقشعريرة، والطفح الجلدي، وعدم التئام الجروح، والقرح أو ظهور صديد، والتهاب الحلق، وألم عند البلع، واستمرار السعال، ووجود بقع بيضاء في الفم أو على اللسان.
  • إعادة تأهيل القلب وعادة ما تبدأ قبل الخروج من المستشفى، وتساعد على التعافي بعد عملية زراعة القلب.

اقرأ أيضاً: رياضة الجري او الركض انواعها وفوائدها

مضاعفات عملية زراعة القلب

تتمثل مضاعفات عملية زراعة القلب في:

  • الرفض المناعي للقلب المزروع، حيث يعد الجهاز المناعي خط الدفاع الأول عن الجسم ضد العدوى من خلال تحرك الخلايا المناعية بحثاً عن أي شي غريب أو مختلف عن خلاياه فتتعرف على القلب المزروع كونه مختلفاً عنه وتحاول تدميره والتخلص منه، ولتجنب ذلك تستخدم الأدوية المثبطة للمناعة قبل إجراء عملية الزرع بيوم وبعد ذلك مدى الحياة.
  • الإصابة بالعدوى، حيث يؤدي استمرار تثبيط المناعة إلى سهولة الإصابة بأي عدوى خطيرة تستدعي دخول المستشفى وتحدث عادة في السنة الأولى بعد العملية؛ ولذلك توصف الأدوية المضادة للبكتيريا والفيروسات والفطريات.
  • فشل القلب المزروع في العمل داخل جسم المريض، ويعد ذلك السبب والرفض المناعي والعدوى من أكثر الأسباب شيوعاً للوفاة بعد عملية زراعة القلب.
  • نزيف.
  • اضطرابات نفسية نتيجة استخدام الأدوية الستيرويدية (الكورتيزون).
  • الآثار الجانبية لمثبطات المناعة مثل ارتفاع ضغط الدم ، وهشاشة العظام، والفشل الكلوي، وزيادة خطر الإصابة بالسرطان خاصة سرطان الجلد.
  • ضيق الشرايين في القلب المزروع حيث تصبح جدران الأوعية أكثر سمكاً وصلابة وضيقاً فيقل تدفق الدم إلى الجسم، ويؤدي إلى الإصابة بنوبة قلبية أو قصور القلب أو عدم انتظام ضربات القلب أو الموت المفاجئ بالسكتة القلبية، وتعد أكبر المشاكل التي تحدث بعد مرور سنوات بعد العملية.

اقرأ أيضاً: كيف تعرف اعراض الجلطة القلبية؟

جهاز مساعد البطين

يعد جهاز مساعدة البطين أو جهاز دعم الدورة الدموية الميكانيكي (بالإنجليزية: Ventricular Assist Devices Or VAD) مضخة ميكانيكية مزروعة في الصدر تساعد على ضخ الدم من الغرف السفلية في القلب أي البطينين إلى بقية الجسم، ويمكن زرعته في الحالات الآتية:

  • المعاناة من قصور القلب المؤقت حتى يصبح القلب قادراً على ضخ الدم بكفاءة من تلقاء نفسه.
  • المعاناة من قصور القلب ووجود عدم إمكانية لإجراء عملية زرع القلب كعلاج طويل الأمد.
  • أثناء انتظار عمليات زرع القلب كعلاج مؤقت.
  • أثناء أو بعد إجراء عملية جراحية في القلب لفترة مؤقتة.

اقرأ أيضاً: تغذية مرضى قصور القلب

زراعة القلب الصناعي

تعد زراعة القلب الاصطناعيعلاج بديل قصيرة الأجل يبقي المريض على قيد الحياة حتى يخضع لزراعة القلب، حيث أنه جهاز يحل محل البطينين، وكانت تستخدم مع البالغين وتوضع خارج الجسم لعدة سنوات، وأصبحت تستخدم الآن للأطفال وتوضع داخل الجسم موصولة مع كابل كهربائي خارج من الجلد، ويمكن للمرضى العودة إلى منازلهم وأعمالهم بها، وعلى الرغم من أننا نرى عدداً من المرضى يبدون بصحة جيدة باستخدام القلب الصناعي يظل هناك خطر حدوث عدوى وتجلط الدم؛ وبالتالي لا توجد حتى الآن أية مضخات قلبية أفضل من زراعة القلب.

زراعة القلب والحمل

يتضح أمان الحمل بعد عملية زرع القلب، ولكن لابد من استشارة الطبيب لخطورة تعرض البعض للإصابة بمضاعفات الحمل ورفض القلب المزروع كما أن بعض الأدوية التي تتناول بعد زراعة القلب تسبب مضاعفات الحمل.

اقرأ أيضاً: مضاعفات الحمل في الثلث الثالث من الحمل